icon
التغطية الحية

الجولة السابعة من "محادثات فيينا" النووية.. تبدلت الوجوه والنتيجة واحدة

2021.11.28 | 08:43 دمشق

ap_epa_.jpg
الرئيسان الأميركي جو بايدن، والإيراني إبراهيم رئيسي، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بيينت (AP، EPA)
تلفزيون سوريا - خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

من المقرر استئناف المفاوضات النووية، غداً الإثنين، بين إيران والقوى العظمى، في العاصمة النمساوية فيينا، لإعادة إحياء "الاتفاق النووي الإيراني" (JCPOA) الموقع في عام 2015، بعد الانسحاب الأميركي منه والتخلي الإيراني عنه قبل ثلاث سنوات.

29 من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي، هو موعد الجولة السابعة من "محادثات فيينا"، بعد انقطاع دام خمسة أشهر، وأربعة أشهر على صعود إبراهيم رئيسي إلى الحكم في طهران.

انطلقت هذه المفاوضات بدفع من الاتحاد الأوروبي، في نيسان/أبريل الماضي، وخلال شهرين متتاليين، جرت ست جولات "فاشلة"، لأنها لم تنجح في إقناع الولايات المتحدة وإيران (طرفا النزاع في هذه القضية) في العودة إلى الاتفاق، وذلك بسبب انتظار كل طرف الحصول على تنازلات من الطرف الآخر أولاً.

وانحصرت الشروط التي عرقلت التقدم أو الوصول إلى حل وسط، خلال الجولات السابقة، في طلب إيران رفع العقوبات عنها أولاً مقابل العودة إلى الاتفاق، في المقابل تطلب الولايات المتحدة وقف تخصيب اليورانيوم أولاً مقابل رفع العقوبات.

ويشارك في "محادثات فيينا"، إيران من جهة ومجموعة "4+1" من جهة أخرى، وهي أربع دول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي (بريطانيا وفرنسا وروسيا والصين) إضافة إلى ألمانيا، وبمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة.

حسن النوايا.. ولكن من دون أمل

تأتي الجولة المرتقبة في ظل سقف توقعات منخفض وتشير العديد من التقارير إلى "فقدان الأمل في التوصل إلى اتفاق"، بالرغم من أن جميع الأطراف المعنية عبرت عن رغبتها في العودة إلى طاولة المفاوضات، ولكن من دون أن تترافق هذه الرغبة بمعطيات ملموسة أو خطوات عملية توحي بتوافق ما.

وعبرت واشنطن مراراً عن رغبتها بالعودة إلى الاتفاق، وذلك ترجمة لوعود بايدن الانتخابية، ورغم فشل الجولات السابقة، يصر البيت الأبيض على استخدام الطرق الدبلوماسية للتعامل مع الملف النووي الإيراني.

وقال وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن خلال منتدى المنامة في البحرين، الأسبوع الماضي، إن واشنطن تعود إلى مفاوضات فيينا من باب "حسن نية"، وكذلك عبرت الدول الأوروبية الثلاث المشاركة في محادثات فيينا بأنها تدخل هذه الجولة بـ "حسن نية لاستئناف المفاوضات من حيث توقفت.

في أيلول/سبتمبر الماضي، أبدى الإيرانيون اهتمامهم بالعودة إلى المفاوضات، ولكن من دون أن يعلنوا صراحة عن شروطهم لاستئناف جولة جديدة، فيما إذا سيتمسكون بشرط رفع العقوبات أولاً، ولكنهم تركوا الأمر مفتوحاً هذه المرة.

في حين، أشارت العديد من التقارير ذات الصلة، عن مطالب إيرانية لإعادة نقاش كل النقاط التي شملتها مفاوضات الجولات السابقة.

وفي هذا السياق، تشير مصادر أوروبية إلى أنه حتى بعد جولة اللقاءات التي أجراها مساعد وزير الخارجية الإيراني وكبير المفاوضين الإيرانيين الجديد، علي باقري كني، لم يتضح موقف إيران الجديد من المحادثات، هل ستستمر من النقطة التي توقفت فيها، أو ما إذا كانت ستسعى إيران إلى إعادة فتح القضايا التي سبق بحثها والاتفاق عليها.

jcpoa_1.png
جانب من "محادثات فيينا" لإحياء الاتفاق النووي الإيراني، فيينا، نيسان/أبريل 2021 (رويترز)

 

كما تشير التوقعات إلى أن إيران رغبت بـ "تسجيل موقف" وإبداء مرونة سياسية في إعلانها استئناف المفاوضات، في حين ستفرض شروطا مشددة لكسب مزيد من الوقت، في ظل التقدم الذي أحرزته في مجال تخصيب اليورانيوم.

ومن المتوقع، استناداً إلى العديد من التقارير المعنية بهذا الحدث السياسي، أن تعمد إيران على طلب الرفع الكامل للعقوبات، بما فيها العقوبات التي سبق أن فرضها الرئيسان الأميركيان أوباما وترامب وليس لها علاقة مباشرة بالملف النووي.

الخبير الاقتصاد الدولي مصطفى البزركان، يرى أن الأجواء السابقة للمباحثات ملبدة بالغموض إلى ما ستؤول إليه النتائج، مستبعداً التوصل إلى اتفاق نهائي للعودة إلى الاتفاق القديم.

ويقول البزركان، الذي يدير مركزاً لدراسات الطاقة في لندن، قد تكون هناك اتفاقات مؤقتة أو جولات أخرى، ولكن كل ذلك سيكون فرصة لإيران في كسب مزيد من الوقت للاقتراب نحو حيازة السلاح النووي، الأمر الذي يشكل تهديداً ويثير مخاوف إقليمية ودولية.

ويشدد الخبير في حديثه لموقع "تلفزيون سوريا"، على أن إيران لم تعد تمثل نفسها وقوتها فقط، وإنما تمثل محوراً سياسياً وأمنياً وعسكرياً وثيوقراطياً إقليمياً ودولياً، وليس بمقدور الغرب التخلي عن خدماته رغم طموحات طهران النووية، على حد قول البزركان.

كما تأتي الجولة السابعة المرتقبة في ظل أجواء مشحونة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وسبقت انعقاد الجولة السابعة بأيام زيارة المدير العام للوكالة، رافائيل غروسي، إلى طهران لإجراء محادثات مع القيادة الإيرانية لمحاولة التوصل إلى نتائج جديدة بشأن تجديد التعاون، الذي تم تعليقه بالكامل في شباط/ فبراير الماضي.

وأعقب زيارة غروسي اجتماعاً عقده محافظو الوكالة الدولية للطاقة الذرية، هذا الأسبوع (من 24 إلى 26 من تشرين الثاني/نوفمبر الحالي)، لمناقشة تقريريين أصدرتهما الوكالة بخصوص إيران يؤكدان استمرار تراكم المواد المخصبة إلى مستويات عالية واستمرار منع مفتشيها من مراقبة البرنامج النووي الإيراني.

وتشير التقارير إلى أن زيارة مدير الوكالة واجتماعه بالمسؤولين الإيرانيين لم تحقق أي نتائج، بل أثارت مخاوف من تقدم البرنامج النووي الإيراني والقيود المفروضة على عمليات المفتشين الدوليين.

 

تبدلت الوجوه.. والنتيجة واحدة

يشار إلى أن الوجوه الحاكمة تبدلت في العواصم الثلاثة، الأكثر ارتباطاً وانشغالاً بالنووي الإيراني، في واشنطن صعدت إدارة للديمقراطيين إلى الحكم بقيادة بايدن، المتمسك بالطرق الدبلوماسية وبتخفيف الاهتمام بمنطقة الشرق الأوسط.

وبعد ثلاثة شهور من تسلم بايدن الحكم في البيت الأبيض، انطلقت "محادثات فيينا" بهدف إصلاح الخطوة التي أقدم عليها سلفه ترامب في الانسحاب من الاتفاق النووي.

وفي طهران حكومة جديدة للتيار الديني المحافظ بقيادة إبراهيم رئيسي، يصفها الغرب بأنها متشددة، على عكس حكومة الإصلاحيين السابقة التي وقعت الاتفاق في 2015 مع المجموعة السداسية، والتي بدأت مسار التفاوض في فيينا مع القوى العظمى للعودة إلى الاتفاق.

أما في تل أبيب، على الرغم من أنها ليست طرفاً في محادثات فيينا، إلا أنها تقود رأس الحربة ضد البرنامج النووي الإيراني وعلى عدة مستويات وجبهات، لأسباب تتعلق بإصرار الإسرائيليين في الحفاظ على تفوقهم الإقليمي في المنطقة، وعلى حد زعمهم يشكل امتلاك إيران للسلاح النووي خطراً وجودياً لدولتهم.

ووصلت في أيار/مايو الماضي، حكومة بينيت-لابيد لقيادة إسرائيل، وتتبنى مواقف حكومات نتنياهو السابقة نفسها، وتوصف هذه الحكومة بأنها هجينة لأنها تضم خليطاً حزبياً غير متجانس، ولكنها اجتمعت على هدف واحد هو إسقاط نتنياهو وفي الوقت نفسه لم تتخلَ عن إرثه وسياساته لا سيما في الملف الإيراني.

تجدر الإشارة إلى أن إيران تدخل المحادثات بقوة وهي تمتلك أدوات ضغط، منها معدلات تخصيب اليورانيوم المرتفعة كماً وكيفاً، الأمر الذي يجعل الوقت يعمل لصالحها.

في المقابل، تدخل الولايات المتحدة بقوة أيضاً بعدما نسقت تفاهماً على الساحة الدولية في هذا الخصوص، وذلك خلافاً للإدارة الأميركية السابقة التي عملت منفردةً وانسحبت بشكل أحادي الجانب من الاتفاق النووي في 2018.

في حين تواصل إسرائيل حشد موقف دولي بقيادة واشنطن لإيقاف البرنامج النووي الإيراني، مع التلويح الإعلامي بالخيار العسكري، الذي يستبعده الخبراء لأنه يتعارض مع الظروف الحالية والمصالح الغربية.

7_0.jpg
بايدن ورئيسي وبينيت (أعلى) ترامب وروحاني ونتنياهو (أسفل) (تعديل: تلفزيون سوريا)

الولايات المتحدة

كثفت إدارة بايدن نشاطها الدبلوماسي لاستئناف المحادثات في محاولة لإظهار أكبر قدر ممكن من الإجماع الدولي، بينها وبين شركائها المفاوضين، وبينها وبين مسؤولي الشرق الأوسط من الدول الحليفة.

وفي هذا السياق، عقد الرئيس بايدن اجتماعاً مع قادة فرنسا وألمانيا وبريطانيا نهاية تشرين الأول/أكتوبر الماضي، على هامش قمة العشرين التي خصصت بشكل استثنائي لبحث الملف الإيراني فقط.

كما طرحت القضية الإيرانية في القمة الافتراضية الأولى بين الرئيسين الأميركي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينغ، منتصف الشهر الحالي، وكذلك في محادثات التي أجراها المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران روب مالي مع المسؤولين الروس قبل شهرين.

وزار مالي خلال هذا الشهر حلفاء واشنطن في الشرق الأوسط، إسرائيل والإمارات والسعودية، وفي الأخيرة عقد اجتماع استثنائي بين ممثلين من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وممثلين عن دول الخليج ومصر والأردن، لتنسيق المواقف من النووي الإيراني.

وتحرص الولايات المتحدة على التمسك بالطرق الدبلوماسية وتتعامل بحذر مع الملف النووي الإيراني، لدرجة أنها امتنعت في 20 من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عن الرد العسكري على هجوم شنته إيران على قاعدة أميركية في منطقة التنف بسوريا.

ومن مصلحة الولايات المتحدة الوصول إلى حل دبلوماسي يوقف تقدم إيران في البرنامج النووي. لا سيما بعد التقدم الكبير الذي أحرزه الإيرانيون في مجال تخصيب اليورانيوم عالي المستوى، الذي اختصر على الإيرانيين الجدول الزمني الذي حدده الاتفاق النووي للوصول إلى امتلاك السلاح النووي.

إيران

من جهتها، تستثمر إيران أيضاً في الاستعدادات الدبلوماسية عشية افتتاح المحادثات، وأرسلت مساعد وزير خارجيتها وكبير مفاوضيها، علي باقري كني، إلى أوروبا لإجراء جولة محادثات مع الوسطاء الأوروبيين.

وإضافة للجهود الإيرانية لضمان دعم حليفيها روسيا والصين، تجري إيران حوارات منفصلة مع دول الخليج منها الحوار مع السعوديين برعاية عراقية، وكان آخرها زيارة باقري كني للإمارات قبل أيام.

وبحسب تقرير لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، لا يمكن تقييم ما إذا كانت إيران قد قررت العودة إلى محادثات فيينا بنية حقيقية للتفاوض للوصول في نهاية المطاف إلى اتفاق من شأنه إعادة الوضع إلى ما كان عليه بموجب شروط الاتفاق النووي لعام 2015، أو أن استئنافها للمحادثات هو مجرد استجابة للضغوط التي مورست على طهران لإخلاء مسؤوليتها في حال فشلت المحادثات وإلقاء اللوم في ذلك على واشنطن.

إسرائيل

تفرض إسرائيل نفسها في قلب الصراع ضد النووي الإيراني، وتتقدمه في كثير من الأحيان، وتقود نشاطاً دبلوماسياً كبيراً مع حلفائها في الغرب ودول الخليج، ونشاطاً عسكرياً ضد إيران وأنشطتها في المنطقة في العديد من الساحات أبرزها الساحة السورية والبحرية والإلكترونية (الهجمات السيبرانية).

وذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أن وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لبيد، سيجري عشية الجولة السابعة من "محادثات فيينا" جولة من المحادثات في أوروبا تشمل لقاء في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ثم في باريس مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ونقلت "معاريف" عن مصدر مسؤول في الخارجية الإسرائيلية، لم تذكر اسمه، أنه من المتوقع أن يطلب لابيد من الأوروبيين الضغط على إيران وحثهم على إعداد خطة بديلة في ظل "شبه اليقين" الإسرائيلي في فشل هذه الجولة.

ورفضت إسرائيل مقترحاً أميركياً خلال الأسابيع الأخيرة، حول إبرام اتفاق نووي "مؤقت" مع الإيرانيين، بموجبه تفرج واشنطن عن بعض الأموال الإيرانية المجمدة وتقدم إعفاءات من العقوبات على السلع الإنسانية، مقابل تجميد إيران تخصيب اليورانيوم بالمعدلات المرتفعة، بحسب موقع "إكسيوس".

 

وكانت إسرائيل أخذت وعداً أميركياً بعدم السماح للإيرانيين بامتلاك أسلحة نووية "أبداً"، خلال القمة الأولى التي جمعت بايدن وبينيت في واشنطن قبل ثلاثة أشهر، واتفق الطرفان على اللجوء إلى تفعيل "الخيارات الأخرى" في حال فشلت الطرق الدبلوماسية.

وتحاول إسرائيل دفع الولايات المتحدة نحو "الخطة ب"، المتضمنة إجراءات وعقوبات اقتصادية أكثر صرامة لإجبار إيران على وقف برنامجها النووي، في حين إسرائيل نفسها تلوح مراراً باللجوء إلى الخيار العسكري لضرب المنشآت النووية الإيرانية.

وفي هذه الأثناء، كشف وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، عن أن تل أبيب تعمل على تطوير قدراتها على توجيه ضربة عسكرية ضد برنامج إيران النووي، بالتوازي مع جهودها لتحسين شروط اتفاق مستقبلي محتمل بين القوى العالمية وإيران.

وجاءت تصريحات غانتس، الخميس الماضي، أي قبل أربعة أيام من موعد الجولة السابعة، طالب فيها تضمين المفاوضات النووية ملف الصواريخ الإيرانية وأنشطة طهران التوسعية في الشرق الأوسط.

ويوصي معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي باعتماد نهج أكثر دبلوماسية عند صياغة موقف خاص من استئناف المحادثات النووية، وأن على إسرائيل أن تأخذ بعين الاعتبار المصلحة الأميركية والتنسيق مع موقف الدول الخليجية.

ويوضح تقرير المعهد الإسرائيلي، أن تمسك تل أبيب بموقف ينكر صراحة الحلول الدبلوماسية يقوض علاقتها بالتحركات الدولية ويجعل من الصعب عليها إحباط اتخاذ إجراءات تتعارض مع مصالحها.

وبحسب التقرير، فإن التلويح الإسرائيلي بالخيار العسكري في الظروف الحالية يؤكد هامشيته، أما الخطوة الرئيسية فهي  التنسيق مع الأميركيين ودعم استئناف محادثات فيينا.

وأمام هذه المعطيات التي توحي بانعدام مؤشرات للحل، إضافة للغموض الذي يسبق الجولة المرتقبة وتباعد مواقف الأطراف المعنية، لا سيما أن لا أحد منها عرض حلاً وسطياً، فإن المفاوضات ستستمر في عام 2022 أيضاً.