icon
التغطية الحية

الجهاديون المناهضون لتحرير الشام يطورون وسائل لتفادي الحملات الأمنية ضدهم

2021.09.07 | 06:42 دمشق

al-qaeda-1.jpg
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

طورت التنظيمات والجماعات الجهادية المناهضة لهيئة تحرير الشام في إدلب وسائل الحماية والتخفي لتفادي الحملات الأمنية التي تشن ضدها، وباتت التكتيكات التقليدية التي يتبعها جهاز الأمن العام التابع لتحرير الشام في ملاحقة المطلوبين لا تحقق الأهداف المرجوة منها، وهذا ما يبرر ربما فشل معظم العمليات الأمنية خلال شهر آب الفائت ما عدا العملية الأمنية التي تم من خلالها القبض على سبعة عناصر يتبعون لسرية "أنصار أبي بكر الصديق" مجهولة التبيعة والانتماء حتى وقت قريب، والتي كان من اختصاصها استهداف الأرتال والنقاط العسكرية التركية منذ ظهورها في إدلب منتصف عام 2020، وفي هذا التقرير سيكشف تلفزيون سوريا لأول مرة عن تبعية التنظيم السري.

تكتيكات التخفي

خلال حملتها الأمنية التقليدية، تمكنت تحرير الشام من اعتقال أربعة جهاديين على الأقل خلال شهر آب المنصرم، بينهم عناصر تابعون لتنظيم "حراس الدين" مباشرة ومقربون من التنظيم، ومن بين المعتقلين أبو محمد الجمل أحد قادة الحراس، وتعتبر حصيلة الاعتقالات في صفوف التنظيمات المناهضة لتحرير الشام منخفضة جداً مقارنة بحصيلة أشهر النصف الأول من العام 2021 والذي شهد حملات أمنية هي الأعنف ضد الحراس وجماعات الجهاديين المنشقين والمستقلين، ويرجع ذلك لأسباب عديدة أهمها، تحول الجماعات الملاحقة أمنياً من الحالة التنظيمية التي تعتمد على التمركز المكاني إلى حالة الجماعات المنفصلة، واتباعها أساليب تواصل جديدة فيما بينها، بالإضافة لاتخاذها تدابير حماية وتخفي أكثر أمناً، ومناسبة أكثر لمواجهة الجهد الأمني لتحرير الشام.

شكلت المجموعات والشخصيات الجهادية الملاحقة فيما بينها شبكات تواصل سرية لرصد تحركات الجهاز الأمني في إدلب ومحيطها، وتتبع انتشار الحواجز الأمنية المؤقتة التي يتم نصبها بين الحين والآخر على الطرق الرئيسية والفرعية والزراعية، وتلك المنتشرة على مداخل ومخارج المدن والبلدات والقرى. وتوفر شبكة الرصد معلومات مهمة بالنسبة للملاحقين أمنياً، وتمكنهم من تفادي المرور على الطرق المرصودة وتفادي عمليات الاعتقال.

 

 

وعلى سبيل المثال، تم مؤخراً تداول تعميم داخلي بين الجماعات الملاحقة أمنياً، جاء فيه "نحذر إخواننا المجاهدين عامة وفي سهل الروج خاصة من غدر أمنية الهيئة من خلال الحواجز الطيارة التي أصبحت توجد بشكل شبه يومي نهاراً وفي بعض الأحيان ليلاً، حاجز بير الطيب عند تقاطع معرة مصرين كفر روحين مورين عرب سعيد، وحاجز كفر روحين عند المنشرة، والآن أمنية الهيئة توجد على هذين الحاجزين معاً" وهناك تعميمات أخرى توصي من هم خارج مواقعهم الآمنة باتباع التعليمات التالية "نوصي جميع الإخوة بضرورة تفعيل ميزة حذف المحادثة مع جميع معارفهم لحذف المحادثة خلال ساعات وذلك من خلال تفعيلها للمرة الأولى فقط لا غير تجنباً لحصول الهيئة أو غيرها على المحادثة في حال وقع أحد من إخواننا في الأسر"، غالباً ما يتم استخدام تطبيق تلغرام في عمليات الرصد والتواصل المباشر وغير المباشر.

واتبعت الجماعات والشخصيات الملاحقة طريقة التشهير ببعض الشخصيات الأمنية العاملة مع تحرير الشام، أو تلك التي يصفونها بالمرتزقة والمخبرين الذين يتتبعون تحركات المطلوبين أمنياً لتحرير الشام، والتشهير بالمتعاونين مع تحرير الشام يضعهم في دائرة الاستهداف، ويرهبهم وبالتالي باتت أعداد المتعاونين مع الجهاز الأمني أقل.

جماعات منفصلة

في تعميم داخلي بين عناصر وقادة "حراس الدين" تحديداً، وعموم الجماعات الملاحقة أمنياً من قبل تحرير الشام في إدلب ومحيطها، وردت خطة متكاملة للتحول من الإطار التنظيمي المكاني إلى العمل كمجموعات منفصلة تعمل على الاندماج الشكلي في المجتمعات المحلية لتفادي أي عملية أمنية ضدها، وفي الوقت ذاته تعمل كل مجموعة على حيازة وسائل وأدوات قوة تتناسب مع انتشارها وواقعها الجديد.

وورد في التعميم الداخلي أنه على "كل مجموعة من هذه المجموعات غير المرتبطة ببعضها إلا فكرياً يجب أن تكون قادرة على العمل كجيش لوحدها ترصد وتحلل وتجهز وتعد وتعمل وتنفذ وتمول نفسها بنفسها وتتبنى العمل، وعند وصول مجموعة من المجموعات لهذه القدرة والإمكانية تكون جاهزة لتنطلق إلى هدف نبيل وسامي لتحقق". يضيف "على كل مجموعة تجهيز مستودع أمني وآخر احتياطي، ليتم استعمالها في تخزين المعدات وغيره، وإن كانت معدة بطريقة صحيّة وصحيحة، فيمكن الاختباء فيها في حالات الطوارئ وهذا الأمر ضروري فلقد استحل الظلمة والمنافقون سلاح المجاهدين وأموالهم".

ويوصي التعميم المجموعات المنفصلة بالكف عن النقاشات والجدالات مع الناس بالموضوعات التي تضعهم موضع الشبهة، جاء في التعميم "أعداد رصّاد الظلمة في ازدياد، مثلا في جسر الشغور وحدها يوجد سبعون راصداً لأمنيي تحرير الشام، فما بالك بغيرها من الجهات المحلية والدولية، ولابد لكل أخ نشيط على الأقل أن يستمع لدورة الشيخ عبد الله العدم الأمنية وتطبيق قواعدها وإلا فسيكون عرضة للاعتقال أو التصفية، ولقد تم اعتقال العديد ومطاردة الآخرين بسبب الإهمال الأمني وقلة الانضباط وبسبب التشكيلات الهرمية التنظيمية سهلة الاختراق".

 

ويضيف "إن انتظار أوامر القيادة والتعويل على الأمراء والمتنفذين أمر يُفقد الجميع روح المبادرة وتحديدا في هذه الأثناء حيث يتّبع الخصوم سياسة تصفية وتجميد الشخصيات القيادية أو عزلها من الوسط، ولو نظرنا إلى غالب العمليات الأخيرة الفردية وغيرها نجدها لم تكن صادرة عن أوامر قيادية أو ما شابه، إنما كانت مبادرات وتم إهداؤها لتتبناها الجماعة، ولو سمع نداءنا هذا 100 أخ من المخلصين وأتقنوا عملهم جيدا لتشكل لدينا من 20 إلى 30 مجموعة مجهزة مرتبطة مع بعضها بالفكر لا بالتنظيم، فإن تم استهداف إحداها أو كشفها فلن يتأثر الباقي وسيبقى العمل مستمراً،  وإن نفذت كل مجموعة عملية في السنة فسنحصل على 20 - 30 عملية في السنة، أي شهريا عمليتين وسطيا وهذا جيد، فما بالك بثلاثمئة أو أربعمئة أخ وما بالك إذا نجحت واحدة ذات خبرة من جميع هؤلاء بضرب هدف دولي حساس، كيف ستكون النتائج".

 

التحول المفترض وفر للملاحقين حالة من الاستقرار الجزئي وجنبهم الاعتقال لأن التحول كان بمثابة فك الارتباط، على الأقل من الناحية العلنية، والارتباط التنظيمي كان التهمة الأبرز التي يتم بموجبها ملاحقة جهاديي الحراس وباقي الجماعات المنشقة والمستقلة. كما وفرت تكتيكات الحماية والتخفي الجديدة فضاء آمناً لبعض التنظيمات الناشئة لتتفادى خطر العمليات الأمنية، وسرية أبي بكر الصديق تعتبر من أهم تلك التنظيمات المستفيدة من التكتيك المفترض.

الكشف عن سرية أنصار أبي بكر الصديق

أحدث عملية لسرية أنصار أبي بكر الصديق كانت في 10 من آب/أغسطس الفائت، حيث أعلنت مسؤوليتها عن تفجير عبوة ناسفة على الكورنيش الشرقي لمدينة إدلب، أثناء مرور رتل للجيش التركي، وقالت المجموعة في بيان لها، إنها استهدفت رتلا عسكريا للجيش التركي بعبوة ناسفة عند حاجز قميناس في الجهة الشرقية لمدينة إدلب، وأشارت السرية إلى أن استهداف الرتل جاء ثأرا لقتلى المسلمين في المخيمات والحدود على أيدي الجنود الأتراك.

 

تفجير عربة مدرعة تركية في ادلب.jpg

 

وسبق أن أعلنت السرية في 11 من أيار/مايو الماضي، مسؤوليتها عن استهداف رتل عسكري للجيش التركي بعبوة ناسفة على طريق كفرلوسين – باب الهوى بريف إدلب الشمالي، ما أدى لإعطاب عربة تركية وقتل وإصابة من فيها، وفي 27 من نيسان/أبريل، أعلنت السرية مسؤوليتها عن استهداف رتل عسكري للجيش التركي بعبوة ناسفة على طريق إدلب – أريحا قرب بلدة المسطومة، ما أدى لإعطاب عربة تركية ووقوع إصابات.

 

في 15 من آذار/مارس قالت السرية في بيان نشرته في تلغرام "استهداف رتل لجيش الناتو التركي في مدينة إدلب بعبوة ناسفة دمرت ناقلة وقود عسكرية" وأضافت أن مكان الاستهداف كان "في مدخل المنطقة الصناعية لمدينة إدلب".

 

أحدث عملية لأنصار أبي بكر الصديق في ادلب - 10 اب 2021.jpg

 

ظهرت السرية في منتصف العام 2020، حيث تبنت عملية استهداف الجيش التركي، في آب وأيلول من عام 2020، استهدفت السرية الأتراك للمرة الأولى، في 27 من آب/أغسطس 2020، بتفجير دراجة نارية مفخخة بالقرب من النقطة التركية في مرج الزهور بريف جسر الشغور، وتمكن عناصر الحاجز حينها من تفجيرها قبل الوصول إلى القاعدة التركية، وتبنت السرية، في 6 من أيلول من العام ذاته، عملية إطلاق النار على جنود أتراك ببلدة معترم قرب أريحا جنوبي إدلب، ما أدى إلى مقتل جندي متأثرًا بجروحه وإصابة آخر.

 

بيان حول عملية عاشوراء في سلة الزهور قرب جسر الشغور - سرية أنصار أبي بكر الصديق.jpg

 

 

واضطر الجيش التركي حينها إلى كاميرات مراقبة على الطريق الدولي حلب-اللاذقية (M4)، بعد نشر نقاط حراسة إسمنتية على الطريق، بهدف حماية الجسور على طول الطريق الدولي من التفجيرات، بعد تكرر الاستهداف، وبعد وضع الكاميرات، أُصيب جنديان من الجيش التركي، أواخر الشهر الأول من العام 2021 في نقطة حراسة على الطريق M4″”، أحدهما كانت حالته خطرة، نتيجة استهداف مجهولين يستقلون دراجة نارية نقطة الحراسة قرب سكة القطار غرب بلدة محمبل.

 

ما تزال السرية ونشاطها في إدلب يشكل هاجساً لتحرير الشام، والأرتال التركية التي تجوب المنطقة برغم زيادة وسائل الحماية ودوريات المرافقة، ومنذ ظهور السرية تعددت الروايات حول تبعيتها، فريق توقع أن تكون واحدة من خلايا تنظيم الدولة "داعش"، وفريق آخر رجح تبعيتها لتنظيم "حراس الدين"، على اعتبار أن عمليات السرية تندرج في إطار الانتقام من تحرير الشام ومن خلفها تركيا التي يتهمها التنظيم بالتحريض للقضاء عليه في إدلب، وروايات أخرى تحدثت عن فرضيات تبعية السرية لتحرير الشام أو النظام، وراح فريق آخر لأبعد من ذلك، واعتبر السرية شكلاً مستجداً للخلايا الأمنية العاملة في مناطق المعارضة، والتي تمارس أنشطتها الإرهابية بالأجرة وتحت مسمى جهادي للتمويه والتخفي، أي أن عناصرها مستعدون لتنفيذ المهام لصالح أي جهة خارج إدلب، المهم لديهم المال.

 

في تصريح خاص لموقع تلفزيون سوريا قال جهاز الأمن العام في تحرير الشام إن "الجهاز تمكن من اعتقال 7 عناصر من سرية ما يسمى أنصار أبي بكر الصديق، ولا يزال البحث والتحقيق جارياً عن باقي العناصر وقائدهم، ونتحفظ عن ذكر تفاصيل التحقيق"

أضاف "ثبت لنا أن هذه السرية مستقلة ولا تتبع لأي جهة تنظيمية، لكن تنسيقهم مع بعض فلول تنظيم الدولة، ويتحركون بطريقة أمنية كما يحاولون مسح جميع الآثار كي لا تتم ملاحقتهم أمنياً، جهاز الأمن العام أخذ على عاتقه حماية المناطق المحررة وضبط الطرق العامة والرئيسية من أي تهديد يهدد الناس جميعاً، ولن نتردد في الضرب بيد من حديد لأي جهة تريد العبث بالمحرر وتهدد سلامة وأمن المنطقة".