icon
التغطية الحية

التعليم الحر في تركيا.. فرصة للسوريات المحرومات من التعليم

2022.03.09 | 08:11 دمشق

picture1.jpg
فتيات خارج المنظومة التعليمية (اليونيسيف)
غازي عنتاب - آلاء محمد
+A
حجم الخط
-A

عشر سنوات من حرب النظام على الشعب السوري كانت كفيلة بحرمان آلاف الأطفال من التعليم أو من متابعته، إذ تسربت أعداد كبيرة خلال رحلة النزوح واللجوء.

وفي تركيا تحديدا رغم القوانين الملزمة بتعليم الأطفال، إلا أن أعدادا كبيرة بقيت متسربة ولم تلتحق بالمدارس والمراكز التعليمية، لأسباب عديدة من أهمها، غياب المعيل والظروف المعيشية الصعبة، وصعوبة الاندماج، وأخيرا كورونا والتعليم عن بعد كان سببا إضافيا لتسرب بعض الطلاب.

يافعات يبحثن عن طريقة لإكمال التعليم

رقية، فتاة سورية تقيم في ولايةِ عثمانية، عمرها 20 عاماً، تركت الدراسة في عام 2012 عندما كانت تبلغ عشر سنوات أي أنها كانت في المرحلة الابتدائية "الصف الرابع"، وبدأت رحلة النزوح الداخلي تنقلت بين العديد من المحافظات السورية، حتى لجأت إلى تركيا قبل أربع سنوات.

تقول رقية: "خرجت مع عائلتي في أواخر 2012 وتنقلنا في العديد من المحافظات، والتحقت بمراكز تعليمية إلا أنها غير معترف بها لأنها كانت مبادرات شخصية من بعض المعلمين".

تبحث رقية عن طريقة لتكمل تعليمها، لأنها عندما حاولت الالتحاق بالمدارس في تركيا كان عمرها لا يناسب المرحلة التعليمية التي أرادوا وضعها فيها، وشعرت بالإحراج من أن تكون أكبر طالبة في الصف.

فاطمة، 24 عاما، فتاة سورية من مدينة حلب تسربت من التعليم في الصف التاسع، وذلك من أجل العمل وإعالة عائلتها، تقول: "بدأت العمل في المصانع منذ وصولي إلى تركيا، أخرج قبل شروق الشمس وأعود عند الغروب مقابل راتب لا يتخطى 800 ليرة تركية في أحسن الأحوال".

عانت فاطمة في العمل بالمصانع، وحاولت البحث على عمل آخر، وبالفعل وجدت وظيفة تدعى (كول سنتر) في إحدى المنصات التعليمية.

أرقام صادمة

أكدت المديرية العامة لإدارة الهجرة في تركيا، خلال تصريحات سابقة في 2021، أن أكثر من ثلث الأطفال السوريين اللاجئين في البلاد بعيدون عن المدرسة ولا يذهبون إلى أي مؤسسة تعليمية.

وأوضحت المديرية أنه يوجد في تركيا مليون و247 ألف طفل سوري في سن التعليم، منهم 800 ألف من الأطفال الخاضعين للحماية المؤقتة يذهبون إلى المدرسة، وما يقارب 450 ألفا من هؤلاء الأطفال لا يذهبون إلى أي مؤسسة تعليمية.

إضافة إلى أن الكثير من الطلاب السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة يتسربون من المدارس بعد المرحلة المتوسطة.

وكشفت بيانات المديرية العامة للتعلم مدى الحياة أن مشكلة الوصول إلى التعليم لملايين الأطفال الذين غادروا سوريا وأتوا إلى تركيا بدءاً من عام 2011 لم يتم حلها بعد، على الرغم من ارتفاع معدل تعليم الأطفال الخاضعين للحماية المؤقتة في العامين الماضيين.

الفرصة موجودة.. التعليم الحر في تركيا

تنقسم المراحل المدرسية في تركيا إلى ثلاثة، الابتدائية وهي حتى الصف الرابع، والإعدادية من الصف الخامس حتى الثامن، والثانوية من الصف التاسع حتى الثاني عشر (البكالوريا).

والتعليم المفتوح هو تعليم حر يسمح للطالب أن يدرس في أي من المراحل المدرسية من دون الحاجة إلى الدوام في المدرسة، يكفي فقط ذهابه إلى الامتحانات التي تقام في ثلاث فترات محددة من السنة، ويطالب فيها الطالب بالنجاح ببعض المواد الإجبارية بالإضافة إلى بعض المواد الاختيارية ليجتاز بذلك المرحلة الدراسية وينال شهادتها.

حسن حسون ناشط في المجال الطلابي في تركيا ومسؤول قسم شؤون الطلبة في مؤسسة كايزن للخدمات التعليمية، تحدث عن التعليم الحر وكل ما يهم الطلاب المنقطعين الراغبين باستئناف دراستهم.

وأكد أنه يمكن لجميع السوريين المنقطعين عن دراستهم والراغبين باستكمالها مهما كانت أعمارهم التسجيل في التعليم المفتوح والدراسة فيه ونيل شهادات الإعدادية والثانوية وحتى دخول الجامعة.

 

Picture2_0.jpg
مراكز halk eğitim في غازي عنتاب

 

حيث ينبغي على الراغبين بالتسجيل في الإعدادية الحرة أو الثانوية الحرة (التعليم المفتوح) في تركيا من السوريين التوجه إلى أحد مراكز التعليم الشعبي (Halk Eğitim) والموجودة في كل الولايات والمدن التركية، واصطحاب الأوراق الآتية:

- صورة عن الهوية (الكيملك أو الإقامة)

- صورتين شخصيتين

- دفع مبلغ 50 ليرة تركية في بنك الزراعات أو الوقف أو الهالك

- ورقة تعديل آخِر وثيقة دراسية (جلاء مدرسي أو شهادة) حصل عليها الطالب في سوريا 

وتعديل الوثائق الدراسية السورية يتم عبر خطوتين: الأولى بإرسال الشهادة أو الجلاء إلى مكتب الحكومة السورية المؤقتة في عنتاب ليتم تصديقها، وبعد تصديقها من الحكومة المؤقتة يصطحب الطالب الظرف المختوم الذي يعطى له من قبل الحكومة المؤقتة إلى مركز مديرية التعليم التركية في ولايته وهناك يتم تعديلها.

فاقدو الوثائق

وأشار حسون إلى الحالات التي يكون فيها الطالب فاقدا للوثائق المدرسية، موضحا، أنه يجب عليه التوجه إلى أقرب مركز للتعليم الشعبي (Halk Eğitim) ويطالب هناك بتسجيله في امتحان تحديد المستوى (Seviye Tespit Sınavı).

وهذا الامتحان مخصص للطلاب القادمين من بلاد الحرب والفاقدين لوثائقهم التعليمية، ومن خلال نتيجة الطالب في هذا الامتحان يتم تحديد المستوى التعليمي والصف الدراسي الذي سيبدأ الطالب منه الدراسة في التعليم المفتوح، وفق ما قاله حسون.

ويقام هذا الامتحان في فترات غير محددة إذ يتم إبلاغ الطلاب المسجلين بالموعد عبر الرسائل أو اتصال على الهاتف.

ومن النقاط المهمة التي تحدث عنها حسون، أنه يمكن للسوريين وغيرهم ممن يقيمون في الأراضي التركية بدء التعليم من المرحلة صفر مهما كان العمر، حيث تقدم مراكز التعليم الشعبي دورات محو أمية.

 ويحق للراغبين في البدء بالدراسة التقدم إلى امتحاني الدرجة الأولى والثانية (Kademe Bir، Kademe İki) وفي حال نجاحهم فيهما يمنح الطالب شهادة الابتدائية ويستطيع البدء بدراسة الإعدادية في التعليم المفتوح.

تأثير انقطاع التعليم على السوريات

أحلام النزال، مشرفة فريق بوسعنا لليافعين، تحدثت عن تأثير الانقطاع عن التعليم على حياة هؤلاء الفتيات والشبان، وقالت إن عددا منهم سرقت طفولتهم وحملوا مسؤولية العائلة منذ سن صغيرة، مشيرة إلى حالات عديدة توجهت نحو تعاطي المخدرات وسلوكيات سيئة.

وشرحت أحلام آلية عمل فريق بوسعنا، حيث يعنى بفئتين من اليافعين، الفئة الأولى طلاب يعملون خارج أوقات المدرسة، والأخرى من الطلاب غير العاملين.

وذكرت أحلام، أن الفريق يواجه صعوبة في إعادة دمج الطلاب العاملين المنقطعين مع طلاب المدرسة، حيث يلجؤون إلى برامج خاصة لمساعدة الطلاب على الاندماج، ويرافقهم استشاري في الصحة النفسية في جميع هذه البرامج والأنشطة، وحققت نجاحا بإعادة بعض الطلاب المنقطعين إلى مقاعد الدراسة.

ولفتت إلى أهمية انتشار جلسات التوعية للأهالي عن العمالة وخطرها على الأطفال، وركزت على ضرورة متابعة الأهل لأطفالهم وتوجيههم للتعليم الحر مع العمل في حال كانوا مجبرين عليه.

تم إنتاج هذه المادة الصحفية بدعم من “JHR” صحفيون من أجل حقوق الإنسان.