icon
التغطية الحية

التصعيد بين النظام و "قسد" في حلب والحسكة.. خلفيات الصراع ودوافعه

2022.04.14 | 06:43 دمشق

alfrqt_alrabt_hajz_almntqt_alhrt_shmal_hlb.jpg
حاجز للفرقة الرابعة في المنطقة الحرة شمالي مدينة حلب
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

تواصل "قوى الأمن الداخلي" (الأسايش) التابعة لـ "الإدارة الذاتية" منذ 7 أيام حصارها على قوات النظام في المربع الأمني بمدينتي الحسكة والقامشلي شمال شرقي سوريا، وذلك رداً على حصار النظام لحي الشيخ مقصود في حلب.

وأفاد مصدر من "الأسايش" لموقع تلفزيون سوريا، بأن "الطوق الذي فُرض على مربع النظام الأمني في مدينة الحسكة تسبب بتوقف مخبز الحسكة الأول (المساكن)، ومخبزي شتو والسوري الخاصين، ما يجعل الأحياء الواقعة تحت سيطرة النظام بلا خبز في ظل غياب البدائل نظراً لانقطاع الطحين".

كما باتت تلك الأحياء بلا كهرباء منذ 48 ساعة، بسبب انقطاع مادة المازوت عن مولدات الأمبيرات التي تمد هذه الأحياء بالتيار الكهربائي، وفقاً للمصدر.

وفشل اجتماع جرى، ليل الثلاثاء - الأربعاء، بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وقوات النظام السوري، في مطار القامشلي بريف الحسكة.

وعُقد الاجتماع بوساطة القوات الروسية بعد رفض قوات النظام تزويد حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، بكميات إضافية من الطحين والسماح بإدخال محروقات ومواد غذائية ولوجستية، ما دفع "قسد" التي تسيطر على الحيين، إلى إغلاق جميع الطرق الواصلة إلى مربّع النظام الأمني في الحسكة والقامشلي، وتشديد الحصار عليه.

وكشف المتحدث باسم تيار المستقبل الكردي في سوريا علي تمي لموقع "تلفزيون سوريا" عن جانب من أسباب زيادة التوتر والتصعيد والحصار المتبادل بين نظام الأسد وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) أن الأخيرة رفضت طلباً روسياً بإرسال مقاتلين إلى أوكرانيا للقتال إلى جانب الجيش الروسي، وعرقلتها عمليات تجنيد المرتزقة لصالح النظام وروسيا في مناطق سيطرتها وذلك التزاماً منها بالخطوط الحمراء التي وضعتها القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة.

وأوضح تمي أن "الحديث عن وساطة روسية لتخفيف التوتر بين قسد والنظام لا يبدو حقيقياً، فالقوات الروسية عملت خلال اليومين الماضيين على سحب قسم كبير من قواتها في نقاطها العسكرية المنتشرة بمنطقة عين عيسى القريبة من خطوط التماس مع الفصائل المعارضة شمالي الرقة، وتغض الطرف عن تصاعد القصف البري والجوي الذي يستهدف معاقل قسد، وهذه التحركات وردود الفعل الروسية بمثابة رسائل تصعيدية تهدف للضغط على قسد".

وأشار تمي خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" إلى أن " هناك تغييرات في الموقف الروسي اتجاه قسد وهذا له علاقة بتطورات وتعثر الغزو الروسي لأوكرانيا، وبتصاعد الخلافات الروسية الأميركية، وسيتم ابتزاز قسد في عدة ملفات ومن بينها الورقة التركية مجدداً، وغالباً سيستمر التوتر بين النظام وقسد، فالروس لن يقبلوا بعد اليوم بأن يبقوا مجرد شرطي مرور لتسيير الدوريات مع الأتراك أو حماية خطوط تماس مناطق سيطرة قسد".

وأضاف تمي: "الأميركيون عقدوا مؤخراً سلسلة لقاءات مع سلطات الأمر الواقع في مناطق شرقي الفرات، وعلى ما يبدو أن هناك مخططا جديدا للمنطقة والذي سيكون له أثار تصعيدية مع النظام وحليفته روسيا".

زيارة إلهام أحمد.. الشرارة الأولى وشد الأحزمة

يبدو أن زيارة الرئيسة المشتركة لمجلس سوريا الديمقراطية (مسد) إلهام أحمد في آذار الماضي لمناطق سيطرة قسد ولقاءها بمسؤولي حزب الاتحاد الديمقراطي pyd وأذرعه العسكرية في حلب المدينة وما يسمى بـ "مقاطعة الشهباء" في ريفها الشمالي كان بهدف إبلاغ القيادات بضرورة شد الأحزمة استعداداً لمرحلة متوقعة من التصعيد مع النظام، وإطلاعهم على مستجدات العلاقة.

ونجحت أحمد حينذاك بالوصول إلى حلب وشمالها قادمة من منبج بعد أن وعدت مسؤولي النظام والمخابرات بالسماح للسكان في "مناطق الشهباء" بالوصول إلى مركز التسوية الذي افتتحه النظام في بلدة حيان وقد جهّز له النظام في وقت مبكر من آذار.

لكن بعد رحيل أحمد عن المنطقة قامت قسد بمنع مرور أي شخص نحو مركز التسوية في حيان، وهذا الإجراء كان بمثابة الشرارة الأولى التي زادت التوتر بين الجانبين.

وقد تولت الفرقة الرابعة التابعة لنظام الأسد مهمة معاقبة قسد التي انقلبت على تعهداتها، حيث أضافت الرابعة المزيد من المواد والسلع الضرورية على قائمة المنع، ومن بينها طحين الخبز والغاز المنزلي والمواد الأولية الخاصة بورش الخياطة والورش الصناعية الصغيرة والمتوسطة.

ولم تكتف الفرقة الرابعة بالتصعيد في حواجزها حول مناطق سيطرة قسد شمالي حلب، بل وصل التضييق إلى أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب.

قسد تتاجر بالأزمة الإنسانية 

قالت مصادر متطابقة في ريف حلب الشمالي لموقع تلفزيون سوريا أن حواجز الفرقة الرابعة تسمح بمرور كميات محدودة من السلع وتفرض ضرائب مرتفعة، وهو ما أثّر بشكلي فعلي على الأسعار في مناطق سيطرة قسد في ريف حلب الشمالي، ووصل سعر أسطوانة الغاز إلى 150 ألف ليرة سورية، هذا إن توفرت، وباقي السلع من خضراوات وفاكهة ومواد تموينية زادت أسعارها لأكثر من 10 أضعاف خلال الأيام القليلة وهي نادرة الوجود في أسواق فافين وأحرص والأحداث وغيرها من بلدات المنطقة".

حواجز النظام المحاصرة لمناطق سيطرة قسد في حلب

ينطبق الأمر ذاته على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب والتي شهدت خروج تظاهرات حاشدة طالبت النظام بفك الحصار، وطالب المتظاهرون أيضاَ بلدية الشعب التابعة للإدارة الذاتية بالتدخل وخفض الأسعار التي وصلت لحدود قياسية مؤخراً، وزاد معدل انقطاع الكهرباء بعد أن خفضت المولدات من مدة تشغيلها اليومية بسبب تأخر شحنات المحروقات القادمة من منبج والتي تعرقل الفرقة الرابعة وصولها أيضاَ، وبسبب ارتفاع أسعار المحروقات بما فيها الغاز القادم من مناطق النظام والذي تسمح بمروره الرابعة بكميات محدودة وبأسعار مضاعفة جداً.

 

 

ويؤكد الصحفي زانا خليل بأن "التصعيد بين النظام وقسد في حلب قد بدأ قبل أيام بعد أن أقدم عناصر من قسد على قتل عنصرين من قوات النظام، وغالباً ينتمون إلى الفرقة الرابعة، والأخيرة طالبت بتسليم الفاعلين لكن قسد رفضت وهو ما أدى إلى تصاعد التوتر، وأثار غضب قيادة الفرقة الرابعة بحلب والتي عملت جدياً على تضييق الخناق على مناطق سيطرة قسد في المدينة والريف الشمالي".

وحول دواعي التصعيد بين الجانبين قال خليل خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا إن "هذه ليست المرة الأولى للطرفين، سمعنا كثيرا عن تصاعد الخلافات والحصارات المتبادلة خلال السنوات الأخيرة، وأعتقد أن ما يجري هو عبارة عن مسرحية سعت لتنفيذها قسد للتغطية على انتهاكاتها، وإشغال الشارع الغاضب بعد حملات التجنيد المكثفة والتي نفذتها بحلب خاصة وفي مناطق الشهباء شمالاً مستهدفة الأطفال والمراهقين، أي الفئات العمرية التي عملت على تغذيتها بالأفكار المشوهة الخاصة بالحزب".

ويذكر خليل بمعاناة أكثر من 200 ألف مدني يعيشون في أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب ومثلهم في مناطق ريف حلب الشمالي تتاجر بهم قسد، وتستثمر في معاناتهم وتجويعهم لأغراض تخدم مشروعها وسياساتها الأمنية والعسكرية والسياسية، وبحسب خليل، يعيش الناس في مناطق قسد حالة استياء متصاعدة بسبب الحصار المزدوج الذي يعيشونه، وحملات التجنيد التي تلاحق أطفالهم.

تدعم الوقائع الميدانية رواية الصحفي خليل أيضاَ، حيث تزامن مقتل عناصر قوات النظام على يد عناصر من قسد مع تفجير شهدته قرية الأحداث القريبة من المنطقة الحرة ومعمل الإسمنت وحاجز الفرقة الرابعة، وتسبب التفجير حينذاك بمقتل عدد من قيادات قسد، بينهم إبراهيم بلال وهيفين حسن، واللذان جرى تشييعهما مؤخراً في فافين، كما قتل في الانفجار عدد من المدنيين، ولم توضح قسد حينذاك سبب الانفجار، وقالت مواقع محلية مقربة منها أن السبب انفجار أسطوانة غاز، ولكن معلومات حصل عليها موقع تلفزيون سوريا تفيد بأن التفجير من تدبير الفرقة الرابعة التي يبدو أنها ثأرت لمقتل عناصرها.

 

 

احتمالية الصدام العسكري

يرى الباحث السوري محمد السكري أنه في حال تصاعد التوتر بين النظام وقسد والذي من الممكن أن يصل للمواجهة السكرية ففي الغالب سيتحول الدور الروسي لوسيط كما تفعل في العادة، فليس من مصلحتها الآن أن يتطور الأمر لصدام عسكري ما قد يحدث تغييرا كبيرا على الأرض بين القوى التي تقوم بدعمها.

يضيف السكري خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا: "الجيوب التي تسيطر عليها قسد في المناطق التي تقبع تحت سيطرة النظام في حالة أمنية غير جيدة، ومثالها حلب، وذلك يعود في الغالب لتضارب مصالح القوى المحلية الفاعلة في تلك المنطقة، ومن الصعب أن تصمد التوافقات التي في الغالب تديرها روسيا على المدى البعيد، فالخلافات تندرج في إطار حرب المافيات التي تُفرض بشكل مستمر من قبل النظام".

ويرجّح السكري بأن يكون "النظام وراء التصعيد الأخير، فهو يرى أن سوريا يجب أن تعود كاملة لتحت سيطرته وهذا الدافع الأساسي، وربما انشغال روسيا الحالي بحرب أوكرانيا ساعد النظام على تضييق الخناق وحصار مناطق في حلب، وهذا الحصار فرض ردة فعل مشابهة في مناطق لا يمتلك بها النظام سوى مربعات وجيوب أمنية مثل القامشلي، وكررت قسد ما فعلته مطلع العام 2021 عندما حاصرت قوات النظام، لذا تبقى الخطوات المتخذة من قبل الأخير غير قابلة للتحقيق بسبب امتلاك قسد ملفات يمكن استخدامها في إطار كبح جماح النظام".