icon
التغطية الحية

الاقتصاد أم السياسة.. ماذا سيناقش الوفد الروسي في دمشق؟

2020.09.07 | 13:03 دمشق

1-105-660x330.jpg
إسطنبول - فؤاد عزام
+A
حجم الخط
-A

يبدأ وفد روسي رفيع المستوى برئاسة نائب رئيس الوزراء يوري بوريسوف سلسلة محادثات في دمشق اليوم تتعلق خصوصا بالشأن الاقتصادي وتندرج في إطار استكمال مباحثات اللجنة الاقتصادية المشتركة التي عقدت اجتماعها الثاني عشر في موسكو خلال شهر كانون الأول من العام الماضي بحسب ما أوردته سانا التابعة للنظام.

وكان بوريسوف وصل مطار دمشق الدولي الليلة الماضية، في زيارة وصفها سفير النظام لدى موسكو رياض حداد بأنها تكتسي أهمية خاصة، نظراً للملفات السياسية والاقتصادية التي سيتم بحثها ومن بينها "مكافحة الإرهاب" ونتائج عمل لجنة " مناقشة تعديل " الدستور السوري ومواجهة الحصار الاقتصادي وقانون قيصر. بحسب صحيفة الوطن الموالية.

وقال الموقع الإلكتروني لقناة روسيا اليوم إن الوفد الذي وصل يضم إضافة إلى رئيسه بوريسوف، نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، والمتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا.

 

زيارة الوفد الروسي إلى دمشق اقتصادية أم سياسية؟

وروّجت وسائل إعلام النظام ومن بينها صحيفة الوطن على أن الزيارة تحمل طابعا سياسيا  أكثر منه اقتصاديا بوصفها علاقة بين أصدقاء، إلا أن إسناد  رئاسة الوفد إلى رئيس اللجنة الاقتصادية المشتركة مع النظام، يعكس الأهداف التي تريد موسكو من خلال الزيارة تحقيقها، خاصة أن بوريسوف يعد مسؤول عقود روسيا مع النظام، حيث كان أبرم أهمَّها وهي اتفاقية استئجار ميناء طرطوس لمدة خمسين عاما والاستحواذ على الشركة العامة للأسمدة بمعاملها الثلاثة في حمص، إضافة إلى اتفاقيات التنقيب عن النفط والغاز وخريطة طريق للتعاون في مجال الصناعة.

وتعد زيارة بوريسوف إلى دمشق الخامسة منذ تعيينه رئيسا للجانب الروسي في اللجنة الاقتصادية المشتركة مع النظام، خلفا لنائب رئيس الوزراء السابق ديمتري روغوزين، حيث أعلن في زيارته الأخيرة ولقائه بشار الأسد في 2019-12-17 أنه اطمأنَّ بحسب تعبيره إلى الوضع في ميناء طرطوس المستأجَر، وكذلك بالنسبة لمعامل الأسمدة، وقال إن الأمور تسير على مايرام، مضيفا أنه نقاش بالتفصيل تصدير المنتجات الزراعية السورية إلى روسيا، والقمح الروسي إلى سوريا.

وأضاف أنه سيتم مد خط سكة حديد جديد عبر سوريا والعراق من أجل إنشاء ممر للنقل، يربط البحر الأبيض المتوسط بالخليج، والذي وفقاً لذلك سيزيد من عمليات الشحن عبر ميناء طرطوس التجاري الجديد، إضافة إلى توقيعه اتفاقيات تتعلق بتصدير القمح الروسي إلى سوريا، واتفاقيات التنقيب عن النفط.

وأرفق بوريسوف تصريحه بتحذير من تباطؤ التنفيذ وقال: يجب التصرف بسرعة اعتماداً على التخطيط الأكثر فعاليةً والاستفادة من الفرص المتاحة، بالإضافة إلى إنشاء آليات مالية واقتصادية قادرة على القيام بدورها.

وقبيل زيارة الوفد الروسي الحالية أعلن في موسكو عن اتفاقية لمنح روسيا أراضي ومساحة بحرية إضافية في سوريا بهدف توسيع قاعدة "حميميم" الجوية بمساحة  تُقدَّر بـ 8 هكتارات في محافظة اللاذقية، تضاف إلى العقود التي وقَّعها بوريتسوف وتندرج جميعها في إطار اتفاقيات تعاون شاملة أسس لها سلفه روغوزين صاحب التصريح الشهير: أنّ سوريا بلد غنيّ بلا حدود، وتوجد فيها ثروات باطنية، وهي ذات موقع جغرافيّ فريد، وللشركات الروسية حقّ تطوير مشاريع اقتصادية ضخمة في سوريا، ولا سيما في ظل وجود العسكريين الروس الذين سيبقون في سوريا للحفاظ على السلام والاستقرار. مشيراً إلى أن روسيا لن تدخل الاقتصاد السوري بصفة "فاعل خير" أو "دولة مانحة"، بلا مقابل، وإنها لا تنوي التساهل فيما يخص مصالحها وأرباحها.

 

توقيع عقود جديدة بين النظام وروسيا

ورأى الباحث المختص بالشأن السوري سامر الياس في حديث لموقع تلفزيون سوريا أن  روسيا ستسعى إلى التخفيف من تداعيات قانون قيصر على الاقتصاد؛ لأن روسيا تخشى من انهيار مفاجئ للنظام بسبب الأزمة المعيشية الخانقة نتيجة ضعف الموارد التي يسيطر عليها، وهو ما لا ترغب فيه روسيا، ويرجح أنها ستعمل على الضغط على النظام من أجل تعاون مع ما يسمى مجلس سوريا الديمقراطية شرق الفرات، من أجل تزويد النظام ببعض المحاصيل الاستراتيجية من الجزيرة والنفط والغاز.

وقال الكاتب والمحلل السياسي صبحي دسوقي لموقع تلفزيون سوريا: إن زيارة الوفد الروسي إلى دمشق برئاسة (يوري بوريسوف) تهدف إلى توقيع عقود جديدة لروسيا في الساحل السوري منها إقامة منتجعات ومدن سياحية استكمالا لترسيخ السيطرة الروسية لسوريا، مشيرا إلى أن هذه السيطرة تأتي نتيجة لتوكيل روسيا من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل بتسلم الملف السوري وتدمير المدن السورية وإبرام صفقات مع نظام الأسد تمكن روسيا من البقاء في سوريا لمئة عام قادمة.

وتحدثت مصادر المعارضة بأن ما يجري الآن هو تفكيك للاقتصاد السوري من أجل بيعه للروس والإيرانيين الذين يريدون البلاد سوقاً لتصدير منتجاتهم. وأن روسيا حققت حلمها بالسيطرة على ميناء على البحر المتوسط، ما يعني وصول سلعها ومنتجاتها إلى أوروبا وأفريقيا، في حين أن إدخال شركات إيرانية وروسية وصينية إلى سوريا دون وجود منافسة من الشركات الوطنية، يعني انهياراً للاقتصاد، إذ إنّ عائدات الخدمات بالأساس ومن بينها ميناء طرطوس لم تكن بالأساس تدخل في ميزانية الدولة بل تذهب بالمحاصصة بين أركان النظام.

موضوعان رئيسان يشكلان محور اجتماعات اليوم بين الوفد الروسي الرفيع المستوى والمتعدد الاختصاصات وبشار الأسد، عقود اقتصادية جديدة ، وتفاهم في الإطار السياسي حول المرحلة المقبلة، إلا أن الساعات القليلة التي سيقضيها الوفد الروسي في دمشق، وإن كانت ليست كافية لإجراء نقاشات فإنها تميل أكثر إلى إعطاء تعليمات استندت إلى تحضيرات خلال المدة الماضية، وقد تكشف طبيعتها تطورات القضية السورية خلال الأيام القليلة المقبلة، مع الإشارة إلى أن مراسم وصول بوريسوف خلت من البروتوكول المتداول، إذ نزل من الطائرة بلباس غير رسمي، كما أن نظيره لدى النظام نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وليد المعلم لم يكن على رأس مستقبليه.