icon
التغطية الحية

الاحتطاب وقطع الأشجار باستهتار يقضي على الغابات في شمال غربي سوريا

2022.09.21 | 16:37 دمشق

سوري يقطع الحطب في مدينة دركوش - التاريخ: 23 كانون الثاني 2013
سوري يقطع الحطب في مدينة دركوش - التاريخ: 23 كانون الثاني 2013
ألمونيتور - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

انتشرت عبر وسائل التواصل الاجتماعي فيديوهات وصور تظهر عملية قطع أشجار مكثفة تجري في غابات ميدانكي وشران بعفرين في ريف حلب الشمالي، وكذلك في أريحا التابعة لإدلب، وذلك في الوقت الذي اتهم فيه ناشطون لواء السلطان مراد بقطع الأشجار في الشمال السوري.

إذ تكشف تلك الصور اليوم عند مقارنتها بصور أخرى لتلك الغابات التقطت قبل ثلاث سنوات حجم الدمار والخسائر الكبيرة التي لحقت بالأشجار.

تفاوت في الأسعار والأرباح

ذكر أحد قياديي الجيش الوطني السوري في عفرين اشترط عدم ذكر اسمه بأن الكثير من فصائل المعارضة المرتبطة بالجيش الوطني تمارس عمليات احتطاب منظمة بموافقة رسمية من قبل القيادة، وأضاف: "يحدد كل فصيل قطعة أرض ليقوم أفراده بقطع الحطب وبيعه في الأسواق المحلية مع بداية كل شتاء. وتقسم الأرباح عندئذ بين أفراد الفصيل، كما يباع جزء من الحطب للأطراف التي تهربه إلى المناطق الواقعة شمال شرقي سوريا حيث تسيطر قوات سوريا الديمقراطية، أو يجري تهريبه إلى إدلب التي تخضع لسيطرة هيئة تحرير الشام. كما يقوم بعض المدنيين بقطع الأخشاب بشكل غير قانوني بغرض التدفئة، إلا أن تلك الكميات لا تذكر مقارنة بعمليات الاحتطاب المنظمة التي تمارسها الجماعات المسلحة التي قامت بإحراق الغابات عمداً على مدار سنوات. ثم إن مؤسسات المعارضة تغض الطرف عن تلك الممارسات نظراً لأنها تستفيد منها".

يتراوح سعر الطن الواحد من الحطب في الأسواق المحلية بشمال غربي سوريا ما بين 100 إلى 140 دولاراً، في حين تقوم الفصائل المسلحة ببيعه مباشرة للمستهلكين بسعر أرخص قليلاً.

مايزال كثير من السوريين غير قادرين على دفع ثمن الحطب مع استمرار ارتفاع الأسعار قبل فصل الشتاء وتدهور قيمة العملة التركية.

وفي بيان صادر عن المجلس الوطني الكردي بتاريخ 2 أيلول، وهو مجلس تابع للائتلاف السوري لقوى المعارضة، تم توجيه الاتهام لفصائل مسلحة بقطع الآلاف من الهكتارات من أشجار الغابات في جنديرس، وفي منطقة بحيرة ميدانكي وفي القرى المحيطة بها، بما أن المعارضة هي التي تسيطر على تلك المناطق. كما دعا ذلك المجلس الدولة التركية لمحاسبة المجرمين وحماية المنطقة.

فيما أوردت منظمة حقوق الإنسان في عفرين من خلال صفحتها على فيس بوك في الأول من أيلول الجاري بأن لواء "الوقاص" وهو فصيل معارض قام بقطع ثلاثة آلاف شجرة ضمن مساحة تعادل 50 هكتاراً في جنديرس، في حين أن مجندين من لواء السلطان مراد قطعوا ما بين 600 إلى 650 ألف شجرة ضمن المنطقة المحيطة بسد بحيرة ميدانكي وغيرها من القرى في عفرين.

وذكر مصطفى سيجري وهو عضو في مجلس قيادة هيئة ثائرون من أجل التحرير، وهو فصيل حديث نسبياً استوعب لواء السلطان مراد، بأن بعض العساكر استغلوا مناصبهم والظروف السيئة في المنطقة ليقوموا بقطع الأشجار، وأشار إلى أن هيئة تاثرون من أجل التحرير أصدرت منشوراً دورياً في مطلع شهر أيلول أعلنت فيه عن إصدارها أوامر تقضي باعتقال الحطابين المخالفين للقانون.

هذا وتعمل وزارة الزراعة في الحكومة المؤقتة على إعادة تحريج الغابات بشمال غربي سوريا، ولا سيما مع ازدياد عمليات الاحتطاب المخالفة للقانون وحرائق الغابات المتعمدة.

مشاريع تعويضية

يخبرنا بسام صالح وهو مدير المديرية العامة للزراعة والري التابعة للمعارضة السورية بأن العديد من المنظمات والمؤسسات أطلقت مشاريع لزراعة الآلاف من الأشجار بينها فصائل نادرة في شمال غربي سوريا، حيث قال: "كان آخرها مشروع أطلقته منظمة تعليم بلا حدود/مداد في شهر آذار لزراعة نصف مليون شجرة مثمرة وغير مثمرة في شمال غربي سوريا بالتعاون مع العديد من الشركاء، وذلك على مدار السنوات الثلاث المقبلة، في محاولة للتعويض عن استنزاف البيئة في سوريا".

أما جميل الخضر، وهو مهندس زراعي يقيم في شمال غربي سوريا، فقد أخبرنا بأن 13% من المناطق التابعة لإدلب هي عبارة عن غابات، وأضاف: "لهذا فهي تشتهر باسم المحافظة الخضراء، إذ تشكل 18% من مناطق الغابات في سوريا مقارنة بنسبة 30% التي تمثلها غابات اللاذقية. وتعتبر هاتان المحافظتان موطناً لما يقارب من نصف مناطق الغابات في سوريا.. استمرت عمليات الاحتطاب غير المشروع لسنوات في ريف حلب وإدلب.. إذ حدث كل ذلك بغياب الحماية القانونية، ما أدى لتدمير مناطق شاسعة، وتهديد الحياة البرية والتنوع الحيوي، وتآكل التربة، وحدوث انهيارات طينية مريعة دمرت البنية التحتية الخاصة بعمليات الري، وقطعت دورة المياه في الطبيعة، وساهمت في زيادة الاحتباس الحراري".

وأشار خضر إلى الدور المهم الذي تلعبه الأشجار في تزويدنا بالأكسجين بالإضافة إلى تنقية الهواء من الملوثات.

وأكد على أهمية رفع الوعي فيما يتصل بالعناية بالأشجار لاسيما بالنسبة للغابات التي تنمو أشجارها ببطء، ودعا لسن قوانين صارمة تحمي الأشجار وتخلق مساحات خضراء يمكن للناس أن يستجموا فيها، إلى جانب إقامة محميات للغابات والأهم من كل ذلك تزويد المواطنين بالوقود حتى يكفوا عن قطع الأشجار بغرض التدفئة.

 المصدر: ألمونيتور