الاجتماع الثاني في موسكو.. ماذا بعد؟

2023.04.30 | 05:47 دمشق

آخر تحديث: 30.04.2023 | 05:47 دمشق

الاجتماع الثاني في موسكو.. ماذا بعد؟
+A
حجم الخط
-A

ما هي إلا عدة أشهر فقط مضت على الاجتماع الأول ليعود الفرقاء ليجتمعوا في المكان نفسه وللأسباب نفسها لكن هذه المرة الاجتماع رباعي وليس ثلاثيا بعد انضمام إيران، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على جدية المجتمعين لاستكمال ما بدؤوا به في الاجتماع الأول والإصرار على إيجاد حلول وسط بينهم، فمطالب الطرفين بعيدة ولا تلتقي إلا في نقطة الوجود الأميركي في سوريا.

من الواضح أن كل طرف يتمسك بما لديه حتى تكون مكاسب نتائج المباحثات أكثر لصالحه، فتصريح وزير الخارجية التركي بأن انسحاب الجيش التركي من الشمال السوري والعراقي أمر غير وارد الآن، يأتي وكأنه في سياق الرد على النظام السوري الذي اشترط انسحاب الجيش التركي من الشمال السوري قبل أي مفاوضات، ولعل دمج الشمال العراقي في هذا التصريح يعطي انطباعاً على أن تركيا وكأنها ترسل رسالة بأنها تريد أن تجعل وجودها في الشمال السوري مشابهاً لوجودها في الشمال العراقي وخاصة أن مسببات الوجود العسكري التركي قائمة وبقوة وهي ملاحقة العناصر المدرجين على اللوائح الإرهابية لدى أنقرة، وهم عناصر حزب العمال الكردستاني ومن يواليهم في سوريا وفي العراق إضافة للوضع الأمني الهش في شمالي كلا البلدين مما يجعل أمن الحدود التركية في خطر، علاوة على صراع النفوذ الاستراتيجي بين تركيا وإيران ورفض تركيا لأي وجود ميليشياوي يتبع لإيران قرب أي نقطة من حدودها.

هذا اللقاء الذي تحول من ثلاثي إلى رباعي ومحاولة من تركيا لإقناع الجميع على أن التقارب مع دمشق مهم كما أن الوجود العسكري التركي أيضاً مهم لمنع حدوث أي فراغ يتحول إلى إقليم انفصالي

تصريح لا يقل أهمية عن سابقه للوزير التركي عندما قال إن الولايات المتحدة الأميركية تريد إنشاء دولة إرهابية على حدودنا، وهذا يؤكد ما سبق من أن الوجود العسكري التركي في الشمال السوري لمصلحة كلا الطرفين أنقرة ودمشق، لأن هذا الوجود يمنع حصول الممر الكردي الانفصالي وربما هذه هي النقطة التي جعلت تركيا ترحب بوجود إيران في هذه المباحثات، وهذا اللقاء الذي تحول من ثلاثي إلى رباعي ومحاولة من تركيا لإقناع الجميع على أن التقارب مع دمشق مهم كما أن الوجود العسكري التركي أيضاً مهم لمنع حدوث أي فراغ يتحول إلى إقليم انفصالي سيهدد الأمن القومي التركي والإيراني بكل تأكيد، فالمشكلة الكردية في الداخل الإيراني أكبر مما عليه في باقي الدول الأخرى، ولعل وجود رؤساء الأجهزة الاستخبارية ووزراء الدفاع لهذه الدول يؤكد على أن المسألة مسألة أمن قومي، وهذا يعني أن أي حكومة أو إدارة سياسية في البلاد لن تغير شيئا في مسألة الوجود العسكري التركي ما لم تحصل تفاهمات أمنية عسكرية حقيقية لتتحول بعدها إلى تفاهمات سياسية بين تلك العواصم، وهذا سينعكس على المسارات الدولية التي تريد دمشق فتحها، ولن يتحقق هذا الأمر إلا بعد ترتيبات أمنية وعسكرية واقتصادية فعلية على أرض الميدان لأنه اقتصادياً سيخدم الجميع في حال تأمينه بشكل صحيح وفاعل.

الكل مدرك أن الوجود الأميركي في سوريا باقٍ ما بقيت القوات الروسية موجودة في الأرض السورية، فالاستراتيجية الأميركية في محاصرة واحتواء روسيا في أي مكان من العالم لن تتغير في سوريا، وهذا يعني أن دعمها لقسد قائم، وهذا السبب كافٍ لتوحيد جهود أنقرة ودمشق وطهران وموسكو للتكتل في سوريا ضد واشنطن (دون التحالف ضدها)، أضف إلى ذلك سياسة إبقاء الملف السوري معلقاً هكذا دون خريطة حل سياسي جعل من الدول العربية تعيد قراءتها من جديد للملف السوري وفتح علاقات معه لأن الأضرار الأمنية والسياسية والاقتصادية أصبحت كثيرة ولا يمكن إبقاؤها مفتوحة هكذا دون حلول، وخاصة أن المنطقة شهدت مصالحات مهمة وكبيرة بين دول المنطقة.

هل في حال فوز المعارضة في الانتخابات التركية ستنقلب وتتغير كل المعطيات لصالح النظام السوري الذي لم تنقطع علاقاته يوما معها؟

لكن ماذا بعد هذا الاجتماع هل سنشهد اجتماعاً آخر لزيادة ترتيب الأوراق؟ هل سيبقى رباعياً أم سيزيد هذا العدد؟ هل سنشهد لقاء وزيري خارجية النظام السوري مع وزير خارجية تركيا قبل الانتخابات؟ وهل سيتم هذا اللقاء بسهولة أكثر في حال فوز أردوغان في الانتخابات؟ هل ستقنع أنقرة كلاً من دمشق وموسكو وطهران على ضرورة بقاء قواتها في الشمال السوري أم تتراجع تركيا خطوة للوراء وتقلل من وجودها العسكري؟ وهل في حال فوز المعارضة في الانتخابات التركية ستنقلب وتتغير كل المعطيات لصالح النظام السوري الذي لم تنقطع علاقاته يوما معها؟ ويبقى الملف الأصعب وهو عودة اللاجئين هل ستضمن هذه الدول العودة الآمنة والمستقرة لهم وهل تستطيع دمشق تأمين ظروف اقتصادية تساعد على تطوير ظروف الحياة المعيشية؟ وهذا يحتاج لدعم عربي والذي سيكون على حساب الوجود الإيراني، وهل ستسمح الولايات المتحدة الأميركية بهذا دون عراقيل وما هو الدور القادم للمعارضة السورية المسلحة منها أو السياسية والتي تنتظر بترقب نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في تركيا؟