اتفق أعضاء مجلس الأمن في "خلوة باكاكرا" بجنوب السويد، على تجاوز الخلافات للتوصل إلى حل للقضية السورية، وإعطاء زخم للعملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة، وإيصال المساعدات الإنسانية، والتوصل إلى آلية مستقلة لتحديد المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية.
وكشف دبلوماسي لجريدة "الشرق الأوسط"، أن "التوافق المبدئي" جاء بعد يوم من المشاورات المكثّفة التي أجراها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، وشملت الاتصالات أعضاء مجلس الأمن وأيضاً العواصم، كما عُقدت جلسات خاصة بين أعضاء مجلس الأمن أنفسهم، وبينهم المندوبون الدائمون للدول الخمس الدائمة العضوية الأميركية "نيكي هيلي" والروسي "فاسيلي نيبينزيا" والفرنسي "فرنسوا دولاتر" والبريطانية "كارين بيرس" والصيني "ما جاوتشو".
وأفاد الدبلوماسي، أن "خلوة باكاكرا" -التي انعقدت في مزرعة ريفية جنوب السويد، والمطلة على بحر البلطيق- "سعت إلى إيجاد روح جديدة من التعاون الدولي"، انطلاقاً من "غرس أمل ودينامية وروحية جديدة في العملية السياسية في سوريا".
وعلى أثر ذلك، عقد أعضاء مجلس الأمن اجتماعاً مع غوتيريس والمبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا "ستيفان ديميستورا"، وبعد تبادل وجهات النظر "بشكل عميق ومنفتح"، تمَّ الاتفاق على "إحياء الحوار وتعزيزه، وإيجاد دينامية بناءة في مجلس الأمن"
وشددوا على أن هناك حاجة إلى "إعادة تنشيط العملية السياسية بقيادة الأمم المتحدة"، كما أكدوا على أن "الحل السياسي يجب أن يكون متماشياً مع القرار 2254"، وكذلك الحاجة إلى التطبيق الكامل للقرار 2401.
كما تم الاتفاق على أنَّ استخدام الأسلحة الكيماوية ينتهك القرار 2118، مؤكدين التزامهم "إنشاء آلية نزيهة ومستقلة لتحديد المسؤولية".
وأشار السفير السويدي لدى الأمم المتحدة، "أولوف سكوج"، إلى وجود اتفاق على العودة "بشكل جدي" إلى الحل السياسي، في إطار عملية جنيف التابعة للأمم المتحدة.
وأضاف السفير السويدي، "سنعمل جاهدين للاتفاق على آلية جدية تحدد إذا ما كانت هذه الأسلحة الكيميائية استخدمت، ومن هو المسؤول عن هذا الأمر".
ونوّه السفير "سكوج" إلى التوصل إلى تقارب في وجهات النظر بين السفيرين الروسي "فاسيلي" والأميركية "هيلي"، حيث قال "لقد كنا قلقين جداً إزاء تفاقم النزاع في المنطقة، وبمجرد أن جلس زميلي الروسي والأمريكي حول طاولة واحدة طوال يوم ونصف ،نشأت ثقة، مجلس الأمن بحاجة إليها لتحمّل مسؤولياته".
ومن جهته أشار السفير الفرنسي "فرنسوا دولاتر"، إلى أن هذه الخلوة في مزرعة بالريف السويدي "أتاحت لأعضاء مجلس الأمن التخلي عن عملية التسيير الآلية والدخول في نقاش فعلي ومعمق"، وأضاف "حاولنا البدء في تحديد مناطق التلاقي الممكنة".
وكانت وزيرة الخارجية السويدية "مارغوت فالستروم" قد حذّرت من "المبالغة في تعليق الآمال على حل للقضية السورية برمتها".
وأضافت الوزيرة "قبل كل شيء، نحتاج إلى وقت للتحدث بشأن الدور طويل الأمد لمجلس الأمن والأمم المتحدة في النزاع السوري".
ويعتبر اجتماع "باكاكرا" الأول من نوعه لمجلس الأمن، حيث عادة ما يعقد المجلس جلسته السنوية في نيويورك، لكن هذه السنة دعت السويد، العضو غير الدائم في المجلس، السفراء الـ15 والأمين العام، أنطونيو غوتيريس إلى عقد اجتماعهم في مزرعة تقع جنوب شرقي مقاطعة سكاين السويدية، وتعود لـ "داغ هامرشولد"، الأمين العام الثاني في تاريخ الأمم المتحدة الذي لقي مصرعه في حادث تحطم طائرة في أفريقيا بشكل غامض عام 1961.
وكان الأسبوع الماضي قد شهد نقاشات حادّة داخل أروقة مجلس الأمن في اجتماعاته الستة التي عقدت عقب الهجوم الكيماوي لنظام الأسد على مدينة دوما في الغوطة الشرقية بريف دمشق في السابع من الشهر الجاري.
وشنت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا هجوماً صاروخياً على مواقع لقوات النظام في سوريا في 14 من الشهر الجاري، رداً على الهجوم الكيماوي على مدينة دوما.