icon
التغطية الحية

"الإدارة الذاتية" ترجئ إغلاق المعاهد الخاصة شهراً

2021.02.18 | 15:29 دمشق

6d11fa36-5fd1-47f6-873e-4b6515fd19e7.jpg
(أ ف ب)
الحسكة - خاص
+A
حجم الخط
-A

تتفاقم "أزمة التعليم" في مناطق سيطرة "الإدارة الذاتية" شمال شرقي سوريا، بعد فشل الأخيرة في فرض منهاجها "الكردي" على المعاهد الخاصة.

ولجأت "الإدارة" إلى اعتقال عشرات المعلمين بتهمة "تدريس منهاج النظام" في المعاهد الخاصة ضمن مدن الدرباسية، عامودا، الرميلان، معبدة.

وضمن موجة الاعتقالات هذه، اعتُقل عدد من طلاب عامودا أيضاً، قبل أن يُعاد ويُطلق سراحهم، في حين لا يزال المعلمون المعتقلون في سجون "الإدارة".

تأجيل موعد الإغلاق

رفعت هيئة التربية في إقليم الجزيرة، في الـ 14 من كانون الأول، دعوة قضائية ضد 18 معهداً يدرسون "منهاجاً عربياً في مدينة القامشلي، وصدر قرار عن "ديوان العدالة الاجتماعية في قامشلو"، في الـ 29 من شهر كانون الأول 2019، متضمناً قراراً بإغلاق تلك المعاهد، واعتقال المسؤولين عنها وتغريمهم بمبلغ مليون ليرة سورية عن كل معهد، مع وقف التنفيذ للعقوبتين الأخيرتين.

وقال مدير أحد المعاهد، فضّل عدم الكشف عن اسمه، لتلفزيون سوريا: "لجأنا إلى الطعن في القرار وفق الأصول القانونية، ومنذ عام ونحن في سجال مع هيئة التربية في محاكم الإدارة الذاتية، لكنني أملك معلومات خاصة حول نية المحكمة إعادة العمل بالقرار القديم، ورفض الطعن، وحينها ستطلب غرفة التنفيذ من الأسايش العودة إلى القرار وتنفيذه"، ما يعني أن المعاهد ستتعرض للإغلاق مجدداً.

وأضاف المصدر أن "القرار" كان من المفترض أن يصدر أمس الأربعاء، إلا أنه أُجّل لشهر آخر، وسط مخاوف من الأهالي وأصحاب المعاهد من إمكانية وقوع هجمات جديدة على المعاهد على غرار ما حصل سابقاً، أو فرض شروط وطلبات تعجيزية جديدة" 

ودهمت دورية من "الأسايش" قبل أيام، ودون إذن مسبق، معاهد "الباز ونيو هورايزون، واليمان"، بغية الضغط عليهم للإغلاق، حسب ما أكد المصدر، الذي أشار إلى أن مديري المعاهد "تلاسنوا" مع العناصر، وطالبوا بقرار المحكمة القاضي بالإغلاق، الذي لم يصدر بعد، الأمر الذي حال دون التنفيذ في ذلك اليوم.

اقرأ أيضاً: ازدواجية المناهج التعليمية معضلة تواجه طلاب المدارس في الحسكة

ويضيف "الغريب أن الإدارة الذاتية لا تمتلك الجرأة والقوة لإغلاق معاهد الأمل، الحكمة، وهانزا" الواقعة ضمن مناطق سيطرة النظام.

وفي وقت سابق، قال الرئيس المشترك لهيئة التربية في إقليم الجزيرة، محمد صالح، إن "معهدي الحكمة والأمل يقعان ضمن مناطق سيطرة النظام السوري، وليس لنا رغبة في تأجيج أي صراع مع النظام".

"مزايا" لثلاث معاهد والامتحانات بعد شهرين 

من جانبه قال مدير أحد المعاهد الخاصة في الحسكة، يدعى فاضل علي، الذي افتتح فرعاً له في القامشلي مؤخراً: "نستقبل سنوياً آلاف الطلاب من أبناء المالكية إلى الدرباسية في المركزين المفتتحين في قامشلي والحسكة، ونصطدم بعائق صعوبة تلقفهم للمعلومة باللغة العربية، نتيجة عدم اطّلاعهم عليها، وهم في مرحلة الشهادتين الثانوية العامة، والكفاءة الإعدادية".

ويتابع: "في حال إغلاق هذه المعاهد، أين سيذهب الطلبة وهم لم يُنهوا المنهاج المقرر بعد، ولم يبقَ للامتحانات سوى أقل من ثلاث أشهر، بحسب ما لدي من معلومات فإنني أعتقد أن القصة المخفية تتعلق برغبة جهات في توجيه الطلاب للتسجيل في المعاهد التي لن تتمكن الإدارة الذاتية من إغلاقها، وبذلك ثمة فائدة متبادلة ما بين الإدارة الذاتية وتلك المعاهد، من حيث الوارد المادي، وعدم ضياع مستقبل أبناء قياداتها الملتحقين بتلك المعاهد الخاصة التي تدرّس مناهج النظام السوري".

وذكر الطالب "شورش محمود"، وهو من أبناء حيّ قناة السويس شرقي القامشلي: "كيف لي أن أكمل تعليمي، لا تتجاوز المسافة بين منزلي والمعهد سوى 10 دقائق فقط، وفي حال إغلاقها سأضطر إلى قطع مسافة تستغرق 30 دقيقة ذهاباً، ومثلها إياباً، في حال لم تكن هناك أزمة مرورية، وسيكلفني ذلك 800 ليرة في اليوم كأجور مواصلات عدا عن الفرق بين رسوم الدورات في المعاهد التي ستغلق والرسوم المرتفعة في باقي المعاهد، مضيفاً: "لم يبقَ سوى شهرين ونصف للامتحانات، يبدو أن الهدف هو أن نرسب". 

المعاهد.. مصدر رزق وحيد

وتؤمّن المعاهد الـ 18 دخلاً شهرياً، يكاد يكون الوحيد، لحوالي 400 معلم، خاصة أن غالبيتهم مفصولون من مدارس النظام، بسبب رفضهم الالتحاق بقواته.

وتقول السيدة "مروة حسن"، زوجة أحد المعلمين، وهي تقطن في حي الهلاليّة غربي القامشلي: "منزلنا آجار، ولدينا طفلان، ونعتمد في معيشتنا على ما يحصل عليه زوجي وهو مدرس لمادة الكيمياء من الدورات الخاصة، كيف سنعيش؟ هل فكرت الإدارة الذاتية بذلك أم إنها فقط تسعى للقضاء على التربية وزيادة رقعة الفقر".

وكنتيجة لانخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار، لا يتجاوز راتب المدرس لدى النظام الـ 20 دولاراً، في حين يتقاضي المدرسون في مناطق "الإدارة الذاتية" قرابة الـ 40.

وفي ظل موجة "غلاء فاحش" وارتفاع "مخيف" لأسعار السلع وآجارات المنازل، فإن بعض المدرسين لجؤوا إلى التدريس في المعاهد الخاصة، كحال المدرس حسام (مستعار)، المشرف على مادة علمية للصف الثالث الثانوي في مناهج الإدارة الذاتية.

اقرأ أيضاً: "أزمة المناهج" تتفاقم بالحسكة ومظاهرات تطالب بالإفراج عن مدرسين

يقول لموقع تلفزيون سوريا: "باختصار أنا وعائلتي جياع، إن كان في البوح عن الحاجة عيبٌ، فإن البقاء دون عمل وما يؤمن حاجيات عائلتي هو العيب الأكبر، أنا مشرف على مادة علمية لطلبة البكالوريا لدى الإدارة الذاتية، ومنذ 3 أعوام أُعطي دورات خصوصية في عدد من المعاهد".

ويتابع: "أعرف أن قرابة النصف من قيادات وموظفي الإدارة الذاتية يرسلون أبناءهم إلى هذه المعاهد، هذا العام أدرس طلاب الشهادة الثانوية والإعدادية من أبناء أحد قيادات الصف الأول في الإدارة الذاتية، يرسلون أبناءهم إلى مدارس النظام، ثم يتهمون الآخرين بمعاداة اللغة الكردية".

مصدر غامض للقرار

مصدر مسؤول في هيئة التعليم  بـ"الإدارة الذاتية" قال لموقع تلفزيون سوريا، إن أحداً لا يعلم من أين وكيف يأتي القرار، "نتفق في نهاية الاجتماعات على إفساح المجال أمام الطالب لاختيار المنهاج الذي يريده، أو على الأقل لهذا العام كي لا يضيع مستقبله، لكن سرعان ما يصدر قرار مخالف في اليوم الثاني، وحين الاستفسار يقال لنا، القرار أتى من فوق"، في إشارة إلى السلطة العليا في "الإدارة".

ويشتكي كثير من موظفي وقيادات الإدارة الذاتية من تدخل كوادر "حزب العمال الكردستاني" في القرارات، وإصدار تعاميم وقرارات غير متفق عليها، كحال قضية التربية.

وحول ذلك بيّن المصدر أنه "لو ترك الأمر لنا نحن السوريين، عرباً وكرداً، لخرجنا بصيغة توافقية ترضي جميع الأطراف، لكن ليس لنا أيُّ صلاحيات بالقرارات التي تصدر".

 وسبق أن اتفق "المجلس الوطني الكردي" مع أحزاب "الوحدة الوطنية" و"قسد" أثناء جولة الحوارات السابقة، على ترك حرية القرار للأهالي والطالب في اختيار المنهاج الذي يريدونه.

وعلى خلفية كل ما سبق، عاد قرابة 1100 طالب من مدارس "الإدارة الذاتية" إلى المدارس الواقعة في مناطق سيطرة النظام، في حين تترقب "الأوساط التربوية" قرارات "الإدارة"، التي يُتوقع لها أن تفضي في نهاية المطاف إلى "كارثة تربوية ومعيشية"، حسب ما يرى مدرسون.