تمنح "الإدارة الذاتية" عبر ذراعها العسكري"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) عدداً من آبار النفط لمستثمرين (أشخاص يأخذون النفط الخام مقابل اتفاق مع قسد)، لقاء مبلغ شهري أو سنوي يدفعه المستثمر لـ "قسد"، بعد أن يتم تحديد كمية النفط في البئر الممنوح للمستثمر الذي يبيع إلى أصحاب الحراقات البدائية في المنطقة، وكذلك إلى نظام الأسد عبر ميليشيا "القاطرجي".
قائد "مجلس دير الزور العسكري" يحاول الهيمنة على النفط
وتتحكم "قسد" في أسعار النفط وتحديد قيمة الاستثمار، أو تحاول خلق مشكلات، من أجل إنهاء عقد مستثمر ما وإعطاء البئر لشخص آخر مقرب من أحد قياداتها.
ومؤخراً، قام عدد من المستثمرين بتسليم آبار النفط التي استثمروها سابقاً، بعد تدخل قيادات "مجلس دير الزور العسكري"، وإجبارهم على دفع حصة مالية من إنتاج البئر في كل 10 أيام، وفرض مبالغ أكبر من عائدات البئر، وبسبب الخلاف الواقع بين "مجلس دير الزور العسكري" والمستثمرين، قام الأخير بتسليم الآبار إلى "الإدارة الذاتية".
ويقول مصدر خاص في "مجلس دير الزور العسكري" لموقع تلفزيون سوريا "بسبب تدخلات قادة مجلس دير الزور العسكري وعلى رأسهم قائد المجلس أحمد الخبيل (أبو خولة) وفرض مبالغ مالية أكبر من أرباح البئر، اضطر مستثمرو بعض آبار العزبة النفطية في ريف دير الزور الشمالي إلى تسليمها إلى الإدارة الذاتية".
ويتابع المصدر أن ما دفع "أبو خولة" للقيام بذلك هو رغبته في منح عدد من تلك الآبار لأشخاص مقربين منه، وذلك لإخفاء كمية النفط التي تخرج من البئر، وتحقيق مكاسب مالية أكبر، وحصر الفائدة على الدائرة المحيطة به.
وشكل "أبو خولة" "لوبي" داخل المجلس يرأسه من أجل تنفيذ قراراته، وإخراج معارضيه منه، ليكون المتحكم الوحيد بجميع مفاصل المجلس، وفق المصدر، الذي أضاف "كما حاول الفترة الماضية تعيين عديله رئيساً للجنة المالية للتحكم بالجانب الاقتصادي للمجلس، لكن اعتراض المكونات الأخرى ومنها عشيرة الشعيطات التي تتمتع بنفوذ واسع في مناطق سيطرة الإدارة الذاتية، والحملة الإعلامية المضادة له، منعته من تنفيذ مطلبه، وقام بإلغاء القرار بعد إصداره."
استغلال "مجلس دير الزور العسكري" للموارد النفطية
تتركز معظم حقول النفط في شرق سوريا في محافظتي دير الزور والحسكة، حيث يضم حقل الرميلان في الحسكة أكثر من 1322 بئراً، بالإضافة إلى أكثر من 25 بئر غاز، كما يوجد عدد أكبر من الحقول النفطية في بادية دير الزور الشرقية والشمالية، مثل "العمر" و"كونيكو" و"الجفرة" و"الحريجي" و"المالحة" و"العزبة" الذي يضخ نحو 2000 برميل يومياً، وعدد من الحقول الأخرى الموجودة في ريف المحافظة، التي تحولت عقب ذلك إلى قواعد عسكرية، بينما وضعت الآبار تحت سيطرة "الإدارة الذاتية".
ويعد رئيس "مجلس دير الزور العسكري" واجهة وغطاء لعدد من قيادات "قسد"، ويملك بئر "الحمادة"، والعديد من الآبار النفطية الأخرى في مناطق سيطرة "قسد"، ويكلف بعض الأشخاص المقربين منه باستثمارها، ويعمل بشكل مستمر على إجبار المستثمرين على رفع الرسوم ودفع إتاوات لقاء استمرار عقد الاستثمار، ناهيك عن تكفله بتهريب النفط إلى مناطق سيطرة النظام، مع الإشارة إلى أن مستثمري آبار النفط يجبرون على دفع الإتاوات إلى تنظيم "الدولة" من خلال حصة قائد" مجلس دير الزور العسكري" وأرباحه.
سرقة النفط غير الشرعية
تقدر كمية إنتاج آبار النفط الواقعة في مناطق سيطرة "قسد" بـ 85% من إنتاج النفط الكلي في سوريا، وكمية النفط الكبيرة هذه التي تنتجها تلك الآبار والتي تقدر عائداتها بـ 40 مليون دولار سنوياً، يتم بيع معظمها إلى نظام الأسد الذي يعتبر الجهة الأفضل لتصدير تلك الكميات، وذلك لصعوبة تهريبه إلى دول الجوار والمناطق الأخرى.
وفي هذا السياق، قال وزير الاقتصاد في الحكومة السورية المؤقتة، الدكتور عبد الحكيم المصري لموقع تلفزيون سوريا "كون قسد لا تستطيع بيع النفط بشكل مباشر للنظام لإظهار نفسها على أنها معارضة له، تلجأ إلى تجار الحروب، وتمنحهم فرصة استثمار الآبار، وبهذه الحالة تكون استطاعت بيع النفط إلى النظام وتحصيل رسوم تفرضها على الصهاريج الخارجة من مناطقها، وتكسب مبالغ إضافية يدفعها المستثمرون للإدارة الذاتية بشكل دوري. كما أنها تحاول توسيع قاعدتها الشعبية في مناطق سيطرتها من خلال منح مزايا اقتصادية لأكبر وأهم قيادات المنطقة، وزعماء العشائر، والموالين لها."
من جانبه أوضح الدكتور في كلية الاقتصاد في جامعة غازي عنتاب، عبد المنعم حلبي لموقع تلفزيون سوريا أن "الإدارة الذاتية" كيان أمر واقع يستند إلى الدعم الأميركي والغربي من ذريعة ضرورات المواجهة العسكرية مع تنظيم "الدولة".
وكل الإجراءات التي تقوم بها فيما يتعلق بالموارد النفطية السورية، هي إجراءات وأعمال غير قانونية، وينحصر أثرها في المدى الزمني القصير، وتمثل استخداما غير شرعي للموارد الطبيعية العامة للدولة السورية غير القابلة للتصرف".
وبناء على ما سبق يحق لأي سلطة مستقبلية انتقالية أو منتخبة مستقبلاً محاكمة جميع الأطراف المستفيدة بصورة غير شرعية من هذه الموارد، ورد الأموال المتحصلة منها باعتبارها أموالا عامة، والمطالبة بالتعويض من الدول التي تدعم هذه الأعمال، والتي يمكن وسمها بسرقة المال العام، بما فيها الولايات المتحدة، وفق حلبي.