icon
التغطية الحية

الأمراض الناجمة عن التلوث تزيد معاناة أهالي اللاذقية

2021.03.24 | 05:57 دمشق

thumbnail_whatsapp_image_2021-03-20_at_2.59.55_pm.jpg
اللاذقية - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

لا تقتصر معاناة أهالي الساحل السوري هذه الآونة على الوضع المعيشي المتردي الذي يخنق السكان وتفاصيل الحياة اليومية المرهقة التي يتنقلون خلالها من طابور إلى آخر، لتأتي مشكلة تلوث المياه التي ضربت عشرات القرى في ريف اللاذقية مؤخرا لتزيد من تعاستهم.

في اللاذقية التي لطالما كانت جبالها مقصدا للسياح، ومتنفسا للاستجمام بطبيعتها الساحرة وتذوق مياهها العذبة، أفسدت حكومة النظام بإهمالها هذه الميزة، حيث تؤكد مصادر في اللاذقية لموقع تلفزيون سوريا تكرر حالات الإصابة بوباء التهاب الكبد الوبائي A في عدة قرى خلال الشهرين الماضيين.

وخلال الأسابيع الأخيرة أعلنت وزارة الصحة التابعة للنظام عن تسجيل 38 إصابة في قرى حمام القراحلة وكفردبيل وجيبول بريف جبلة، وأشارت إلى أن معظم الإصابات كانت لطلاب مدارس وأطفال صغار، وطلبت من الأهالي غلي مياه الينابيع قبل استخدامها.

 

والتهاب الكبد الإنتاني A هو تسمم للجهاز الهضمي يرافقه ألم شديد في المعدة، وإقياءات ووهن عام ونقص شهية، وفي مرحلة لاحقة يلاحظ الاصفرار في العيون والجلد وتحول لون البول للون غامق.

من بين المصابين كان إلياس ذو 14 عاما، فقد الطفل كما يؤكد أحد أقربائه في مدينة جبلة وعيه في المدرسة وبقي ملازما الفراش لأكثر من أسبوعين، هذا عدا عن معاناته مع التحاليل التي كان يجريها كل أسبوع مرة لمدة شهرين للتأكد من حالته الصحية.

يؤكد قريب المريض الذي فضّل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية، أن عدداً كبيراً من الأهالي باتوا يربطون على حنفياتهم قطعاً من القماش ظنا منهم أنها قادرة على إيصال مياه صحية، مضيفاً: "المرض لم يعد شيئا طارئا إن لم يكن التهاب الكبد فهناك اليرقان الذي يلتهم أمعاءنا".

ورغم تأكيد وزارة الصحة حدوث حالات تسمم نتيجة تلوث المياه في بعض الينابيع إلا أن مؤسسة مياه الشرب في اللاذقية نفت هذا الأمر عبر وسائل الإعلام الموالية في اللاذقية، وأكدت أنها أجرت عينات وخلصت إلى مطابقة المياه في الينابيع المزودة للأهالي بالمواصفات المعتمدة.

وفي ظل التناقض بين الجهتين حول أسباب المرض كشف طبيب في مدينة جبلة (فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية) أن انتشار الإصابات بشكل موسع في منطقة واحدة وامتداده إلى عدة قرى يؤكد وجود تلوث في المياه، مضيفاً أن عدد الحالات المصابة أعلى بكثير مما ذكر.

thumbnail_WhatsApp Image 2021-03-20 at 2.59.55 PM (2).jpg

وأوضح الطبيب أن التهاب الكبد A ليس مرضا يمكن الاستهانة به أبدا، لاسيما عند ضعاف المناعة، وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة، مشيراً إلى أنه في مثل هذه الحالات ينصح سكان المنطقة بغلي المياه جيدا، واستخدام أغراض خاصة للمريض والابتعاد عن ملامسة أشيائه.

ولفت الطبيب أن الأعراض قد لا تظهر فجأة وتتراوح أحيانا بين أسبوعين إلى ستة وهو الأمر الذي أدى لاستمرار ظهور الإصابات إلى اليوم، مضيفا أن بعض المصابين من المرض يعانون من تكرار ظهور الأعراض خلال ستة أشهر بعد الإصابة الأولى.

ما هي أسباب التلوث؟

وحول أسباب انتشار حوادث تلوث المياه خلال الفترة الأخيرة قال المتحدث باسم لجان التنسيق المحلية في مدينة جبلة أبو يوسف جبلاوي إن بعض الينابيع تلوثت مؤخراً بسبب حفريات الصرف الصحي وسوء تخطيط مؤسسة المياه.

وأوضح "جبلاوي" في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن الفترة الماضية شهدت مناطق اللاذقية شحاً كبيرا في وصول المياه إلى منازل الأهالي رغم غنى المنطقة بالمياه، وفي بعض المناطق كانت تقطع المياه لأكثر من 15 يوماً، ما أجبر مؤسسة مياه اللاذقية على ترميم الشبكات وإجراء إصلاحات كانت هذه بعض نتائجها.

من جانب آخر لفت مصدر طبي يعمل في مشفى مدينة جبلة أن عمليات التسمم الأخيرة لم تؤد إلى أي وفيات، وأكد في الوقت ذاته أن المياه الملوثة هي سبب المشكلة، داعياً الأهالي للابتعاد عن شرب مياه الخزانات وإفراغها والاعتماد على شراء مياه الصحة لفترة من الوقت.

وأشار المصدر إلى أنه من الصعب تحديد سبب تلوث المياه ويرتبط هذا الأمر بفحوص العينات المخبرية المأخوذة إلا أن المرجح بحسب رأيه هو قصور في خدمات الصرف الصحي و التخلص من مخلفاته.

النفايات في شوارع اللاذقية:

لا تتوقف مصائب أهالي اللاذقية هذه الأيام على تلوث مياه الشرب فحسب، إذ يلفت مظاهر النفايات ومكبات القمامة التي تنتشر في شوارع وأماكن رئيسية في اللاذقية الأنظار.

وفي هذا السياق يوضح أحمد وهو طالب جامعي في اللاذقية أن مناطق مثل قنينص والرمل الجنوبي والصليبة تشهد انتشارا واسعا للنفايات، من دون أي تحرك من مجلس المحافظة لحل هذه المشكلة المزمنة.

ويؤكد أحمد في حديثه لموقع تلفزيون سوريا أن الأمر ليس جديدا وهو محصلة سنوات من الإهمال وتعاقب الفساد في مجالس المحافظات إلا أن الحال الذي وصلت به الحال في بعض المناطق الشعبية خاصة بات يهدد حياة سكان هذه المنطقة لاسيما مع انتشار أوبئة لم يعرفها الأهالي سابقا مثل اللاشمانيا الجلدية.

هذا الأمر تناولته أيضا بعض وسائل إعلام النظام ومنها إذاعة" سوريانا إف إم" مؤخرا التي عرضت في برنامج "عالمكشوف" صورا لمكب نفايات "قيروط" الذي يقع وسط منازل مدنيين، وتمتلئ ساحته بالنفايات وبقايا الخضار والفاكهة، وسط شكاوى سكان المنطقة المتكرر من هذه الظاهرة دون أي نتيجة.

 

 

 

يشار إلى أن ظاهرة تلوث المياه خلال الأشهر الأخيرة تكررت بشكل لافت في مناطق أخرى تقع تحت سيطرة النظام، حيث أكدت مصادر إعلامية في نهاية الشهر الماضي أيضا تسجيل200 حالة تسمم بسبب شرب المياه الملوثة في كل من بلدات كناكر وسعسع والقليعة.

ويقدّر برنامج "الأمم المتحدة الإنمائي" أن 70% من السكان السوريين لا يحصلون على مياه الشرب "المأمونة" بصورة منتظمة، بسبب دمار البنى الأساسية، وانقطاع المياه بشكل متزايد.

ووفقًا لبيانات "الأمم المتحدة"، فإن حوالي 15 مليون شخص في مختلف أنحاء البلاد بحاجة إلى المساعدة للحصول على المياه، حيث تنفق الأسر ما يصل إلى 25% من دخلها لتلبية احتياجاتها اليومية من المياه.