الأسد وزيارة موسكو

2023.03.21 | 06:19 دمشق

الرئيس الروسي فلاديمير يوتين ورئيس النظام بشار الأسد في موسكو- 16 من آذار (رئاسة الجمهورية)
+A
حجم الخط
-A

طُلب من الأسد زيارة موسكو كما هو واضح من طريقة الاستقبال، حيث استُقبل من قبل نائب وزير الخارجية وهو ليس منصباً شرفياً لاستقبال رئيس دولة أجنبية على الإطلاق، فإذا لم يستقبله الرئيس أو رئيس الوزراء، فغالباً ما يفعل ذلك عمدة مدينة موسكو، أما نائب وزير الخارجية فهذا لم يتم أبداً مع أي رئيس دولة أجنبية.

تكرّرت هذه الطريقة في تعامل روسيا مع الأسد وإهانته باستمرار لكن بالنسبة له ليس لديه حلفاء أو أصدقاء أو أية خيارات أخرى، فعليه أن يبلع إهانة كرامته كما يُقال ويكرر أن هذه هي الطريقة الرسمية في الاستقبال.

منذ بدء الحرب في أوكرانيا وروسيا بدت مشغولة جدا وأصبحت سوريا في مرتبة ثانوية، ولذلك حاول "الأسد" إبقاء الاهتمام الروسي بعرضه قواعد عسكرية روسية دائمة في سوريا بهدف حمايته بشكل دائم، لكن يبدو أن روسيا بدأت تشعر أنها تبدد قواها في سوريا وأن لا قيمة عملية كبيرة للقوات هناك في ظل الهزائم والضغوط العسكرية على جنودها في أوكرانيا، ولذلك لم يجد "الأسد" رداً روسيّاً كما توقع ذلك.

تُردد روسيا في أوكرانيا نفس التكتيكات التي استخدمتها في سوريا، وكأنها كانت حقل تجارب فنية وعسكرية لأسلحتها كما رددت ذلك أكثر من مرة، لكنها اليوم توجه بأسلحة حديثة من الناتو وكل روايتها في أوكرانيا بأنها تسعى لنزع النازية عنها تبدو مثيرة للضحك بشكل كبير، وكلام المندوب الروسي في مجلس الأمن تجعل أي مراقب يشعر بالصدمة كيف أن دولة تعتبر نفسها عظمى وتحتل عضواً دائماً في المجلس بناء على ذلك، تردد مجموعة من الأكاذيب التي اختلقتها، ولا تُخضع نفسها أو مسؤوليها لميزان الحقيقة والمصداقية.

وما دامت روسيا عضواً دائماً في مجلس الأمن فمن سينازع عليها مقعدها، وهذا ما حصل عندما كرّر المندوب الروسي مجدداً في عام 2022، الأحداث في أوكرانيا على عكس كل ما يراه العالم من صور قادمة مباشرة من أوكرانيا. إنه تكرار لنفس السيناريو الذي فعلته روسيا من قبل في سوريا.

الصفعة الأقوى التي تلقاها بوتين أتت من المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال بحقه لجرائم ترحيل الأطفال من أوكرانيا إلى روسيا في خطوة جعلت الرئيس الروسي محاصراً بشكل كبير ويبدو أن طريق العودة بالنسبة له أصبح مستحيلاً

لكن الصفعة الأقوى التي تلقاها بوتين أتت من المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرة اعتقال بحقه لجرائم ترحيل الأطفال من أوكرانيا إلى روسيا في خطوة جعلت الرئيس الروسي محاصراً بشكل كبير ويبدو أن طريق العودة بالنسبة له أصبح مستحيلاً، وتبقى مسألة البديل عنه، في ظل التعتيم الإعلامي الكبير بروسيا.

تخاف روسيا من الحقيقة وتخاف أكثر أن يعرف مواطنوها هذه الحقيقة، لذلك تفعل كل ما تستطيع لحجب الحقيقة عن مواطنيها، إنها تهدف إلى إعادة بناء الستار الحديدي أيام الاتحاد السوفييتي، لكن مع عصر منصات التواصل الاجتماعي من المستحيل إعادة بناء هذا الستار مرة أخرى، إذ لابد من انتشار الحقيقة من خلال تلك المنصات.

وبالرغم من أن روسيا تستخدم وسائل التواصل هذه بكثافة من أجل بث دعايتها المسمومة وأخبارها الملفقة فإن إيماننا وإخلاصنا للحقيقة يجب أن يدفعنا دوماً إلى اعتبارها كمبدأ رئيسي خلال نشرنا أو كتابتنا للأخبار، لأنّ الحقيقة دوماً صديق الضحية، والمجرم دوماً يخاف النور كما الحقيقة ويحاول طمسها بكل ما يستطيع، وهو ما لن تستطيع روسيا عليه أبداً مع ملايين المستخدمين من وسائل التواصل الاجتماعي، حتى ولو استغلت أقوى منبر في العالم وهو منصة مجلس الأمن التي من المؤسف أن تصبح منبراً لترديد الأكاذيب والأخبار المزيفة والملفقة.