الأسد اللاشرعي

2020.12.19 | 23:01 دمشق

01-copy-2-copy-75.jpg
+A
حجم الخط
-A

عملية ترشيح بشار الأسد لولاية رئاسية في منتصف العام المقبل باتت مفتوحة في صورة رسمية، ودخلت مرحلة تبادل الضغوط بين الأطراف الدولية المعارضة، وبين روسيا وإيران كطرفين راعيين للقضية. وكانت أول مهمة قام بها وزير خارجية النظام الجديد فيصل المقداد هي الحج إلى طهران، لطلب موافقة المرشد علي خامنئي على الأمر. وطرح المقداد خلال اللقاء أن نظام الأسد سيجري انتخابات الرئاسة العام المقبل، معرباً عن أمله في "أن يواصل أصدقاء سوريا وقوفهم إلى جانبنا بقوة". ولم يعد المقداد خالي الوفاض، وصدرت الموافقة خلال وجوده هناك على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني الذي أعرب عن أمله في إجراء "انتخابات عامة في سوريا خلال العام المقبل، ليبدي فيها الشعب وجميع القوى السياسية رأيهم". وحمل المقداد الإجابة الإيرانية وطار بها إلى موسكو في السابع عشر من الشهر الحالي كي يحصل على تصديق الوصي الروسي، ذلك أن المباركة الإيرانية لا تكفي وحدها. وبالفعل لم يتأخر الرد الروسي الذي يتبنى الترشيح بوصف الأسد خيار موسكو الذي لا بديل عنه حتى الآن. لأنه من جهة الضامن لمصالح روسيا في سوريا، وورقة المساومة الروسية مع أميركا من جهة أخرى.

واشنطن ستواصل فرض العقوبات على نظام الأسد والدول الداعمة له لإعاقتهم التقدم في العملية السياسية والتطلعات الشرعية للشعب السوري

الولايات المتحدة لا تفوت فرصة خاصة بسوريا منذ عدة أشهر، من دون أن تثير مسألة ترشح الأسد، وتبدي اعتراضها عليها، وفي كل مرة تؤكد أن الأمر مرفوض، بل أن الانتخابات المزمع تنظيمها في منتصف العام المقبل غير شرعية، وصدرت مواقف بهذا الخصوص من السفير جيمس جيفري مبعوث الولايات المتحدة السابق للشأن السوري ونائبه جويل رايبورن ومن كيلي كرافت السفيرة الأميركية في مجلس الأمن، والتي شددت في آخر جلسة عقدها المجلس حول سوريا الأربعاء الماضي على أن الانتخابات التي يزمع نظام الأسد تنظيمها العام المقبل، هي غير شرعية في عرف الولايات المتحدة والمجتمع الدولي، متوعدة بفرض مزيد من العقوبات على النظام وداعميه. وقالت إن "واشنطن ستواصل فرض العقوبات على نظام الأسد والدول الداعمة له لإعاقتهم التقدم في العملية السياسية والتطلعات الشرعية للشعب السوري"، مشددة أن ذلك "سيتم بالتوافق مع الحفاظ على المساعدات الإنسانية للمحتاجين." وكانت المواقف ذاتها صدرت منذ حوالي شهرين عن سفراء كل من الولايات المتحدة، ألمانيا، فرنسا، وبريطانيا. وأكد هؤلاء أن بلدانهم لن تعترف بالانتخابات الرئاسية في سوريا، وستتعامل مع نتائجها على أنها غير شرعية. وذلك في الوقت الذي تشدد فيه واشنطن العقوبات على الأسد وداعميه حسب قانون قيصر.

معركة الانتخابات الرئاسية وترشح الأسد لولاية رئاسية جديدة، سوف تتحدد ملامحها النهائية حين تستقر الإدارة الأميركية الجديدة وتباشر العمل. ومن المتوقع أن تقف إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بصرامة أكثر ضد إعادة تعويم الأسد من خلال انتخابات رئاسية جديدة. وصدرت تقديرات من أوساط على معرفة بتوجهات فريق الخارجية الأميركية في الإدارة المقبلة تفيد، بأن هناك توجها لإصلاح الأخطاء التي ارتكبتها إدارة الرئيس السابق باراك أوبوما في سوريا، والتي ترتب عليها إطالة أمد معاناة السوريين، والسماح للأسد وروسيا وإيران بمواصلة ارتكاب المجازر وتهجير الشعب السوري وتدمير مرافقه الحيوية بلا محاسبة.

الواضح من سلوك روسيا والنظام أنهم يريدون المماطلة في كتابة أو تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية

ومن المرتقب أن يشهد اجتماع اللجنة الدستورية في دورتها الخامسة، والمقرر أن ينعقد في الخامس والعشرين من الشهر المقبل لمناقشة "المبادئ الأساسية للدستور"، مواجهة حول جملة من القضايا تدور حول الانتخابات الرئاسية. والواضح من سلوك روسيا والنظام أنهم يريدون المماطلة في كتابة أو تعديل الدستور إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وهو الأمر الذي لا يلقى موافقة من المعارضة والولايات المتحدة والدول الأوروبية الرئيسية. ويصر هؤلاء على عدم شرعية ترشح الأسد سواء تم إنجاز الدستور قبل موعد الرئاسية أو بعده، ويسود الاعتقاد أن تتقدم هذه الدول بصيغة إلى الأمم المتحدة من أجل انتخابات رئاسية لا يكون الأسد من بين المرشحين لها، وهذا مرهون بتبني إدارة بايدن للمسألة بقوة.