ملخص:
- الانهيار الاقتصادي في مناطق سيطرة النظام السوري أجبر العديد من الطلاب الجامعيين على العمل إلى جانب دراستهم.
- مصروفات الدراسة مثل المواصلات، الكتب، والإيجارات أصبحت تفوق قدرة العائلات على تغطيتها.
- معظم الطلاب يعملون في وظائف لا تتعلق بتخصصاتهم الأكاديمية لتأمين مصاريفهم.
في ظل الأزمات الاقتصادية المتتالية التي تشهدها مناطق سيطرة النظام السوري، لم يعد بإمكان العديد من طلاب الجامعات الاعتماد على الدعم المادي من أسرهم وحده لمواصلة تعليمهم الجامعي.
دفعت الأزمة الاقتصادية المستمرة كثيرا من هؤلاء الطلاب إلى دخول سوق العمل بحثاً عن مصادر دخل إضافية، حيث يعمل معظمهم في وظائف بعيدة كل البعد عن تخصصاتهم الدراسية، بهدف تغطية تكاليف دراستهم ومصاريفهم اليومية.
طالب هندسة عامل في بيع الألبسة
ياسين، طالب في السنة الثالثة من كلية الهندسة الكهربائية، هو أحد هؤلاء الشباب الذين اضطروا لترك دراستهم مؤقتاً بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
ياسين يعمل الآن في محل لبيع الألبسة الرياضية، ويكسب من هذا العمل نحو 200 ألف ليرة سورية أسبوعياً، وهو ما مكنه من استئناف دراسته بعد أن أجبرته الظروف على تأجيلها لمدة عام. بالنسبة له، العمل لا يحقق طموحه المهني ولكنه وسيلة لاستمرار حلمه في إتمام دراسته الهندسية.
مصطفى، طالب الحقوق، يعمل كمحاسب في شركة خاصة لتغطية نفقات دراسته. يقول مصطفى في تصريحات لصحيفة تشرين التابعة للنظام، إن الدراسة أصبحت عبئاً مالياً ثقيلاً لا يمكن تحمله دون مصدر دخل، خاصة مع الارتفاع المستمر في أسعار الكتب الجامعية والمواصلات.
ويؤكد مصطفى أن الجمع بين العمل والدراسة ليس خياراً، بل ضرورة حتمتها الظروف الاقتصادية القاسية.
أما طالبة الأدب العربي، مي، تواجه نفس التحدي، إذ تعمل في مول تجاري وتنظم وقتها بين الدراسة والعمل بهدف تغطية مصاريف الجامعة دون تحميل أسرتها عبئاً إضافياً.
وترى مي أن العمل لا يقتصر على الجانب المالي، بل يساعدها في بناء شخصيتها المستقلة، وتعتبر أن العمل ضروري لكل فتاة لتحقيق طموحاتها وإثبات وجودها في المجتمع.
هديل، طالبة الصيدلة، استطاعت إيجاد عمل في صيدلية، حيث تعمل في المساء بعد انتهاء محاضراتها.
تعتبر هديل أن هذا العمل لا يعينها فقط على تغطية مصاريفها الجامعية، بل يساعدها على اكتساب خبرة عملية في مجال تخصصها، وهو ما تعتقد أنه سيمنحها ميزة إضافية عند دخول سوق العمل بعد التخرج، وفقا لما نقلته "تشرين".
هل يمكن أن تكون الدوافع أكثر من مجرد دخل؟
ترى الباحثة الاجتماعية أسمهان زهيرة أن ظروف الانهيار الاقتصادي في سوريا وضعت طلاب الجامعات في مواجهة مباشرة مع متطلبات الحياة العملية.
تقول زهيرة في تصريحات لصحيفة "تشرين" إن مصاريف الطلاب الجامعيين اليوم تشمل تكاليف متعددة، بدءاً من المواصلات وشراء الكتب والمذكرات الجامعية، وصولاً إلى إيجارات السكن للطلاب الذين يدرسون بعيداً عن منازلهم، مضيفة أنّ هذه المصاريف المتزايدة، في ظل تضخم الأسعار وضعف القدرة الشرائية للعائلات، تجبر الطلاب على العمل لتأمين احتياجاتهم الأساسية.
تضيف زهيرة أن هذه الظاهرة لا ترتبط فقط بالحاجة المادية، بل تعكس أيضاً رغبة الشباب في الاعتماد على أنفسهم وكسب الخبرات العملية التي قد تساعدهم في تأمين مستقبلهم المهني. وفي ظل معدلات البطالة المرتفعة في سوريا، قد يكون العمل في أثناء الدراسة فرصة لتطوير المهارات وبناء شبكة علاقات تساعد في الحصول على فرص عمل لاحقاً.