icon
التغطية الحية

"الأرض الأخيرة": الوحشية بفلسطين خلّفت البربرية في سوريا والعراق

2020.11.20 | 14:35 دمشق

thyblaa.jpg
الغلاف الأصلي للكتاب مع صورة المؤلف رمزي بارود
إسطنبول- تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

رغم مرور أكثر من سنتين على صدور ترجمته، إلا أن كتاب "الأرض الأخيرة.. قصة فلسطينية" للكاتب الفلسطيني "رمزي بارود" يستحقّ العودة والتذكير به، لخصوصيته ولما شكّله من تميّز واختلاف في توثيق التاريخ الاجتماعي لفلسطين ضمن صياغة أدبية، وذلك من خلال قصص وحَكايا الفلسطينيين العاديين الذين عايشوا مرحلة مهمّة من المراحل الفلسطينية.

اقرأ أيضاً: أفضل 5 كتب عن الثورة السورية برأي "نيكولاس فان دام"

القصص التي يرويها الكتاب، وأبطالها ثماني شخصيات فلسطينية عاصروا مرحلة النكبة (1948) وما بعدها، لم يحدث أن رويت في مكان آخر؛ قصص واقعية، عاطفية، إنسانية، عن حياة الفلسطينيين في المدن والقرى والمخيمات والسجون، داخل فلسطين وفي المنافي.

ويحاول "بارود" في منهجه هذا، استعادة التاريخ الفلسطيني، بقديمه وحديثه، عبر قصص وتجارب أشخاصه، ليواجه بها ما يروى من الإسرائيليين ويدحض رواياتهم.

مقدّمة الكتاب لمؤرخ "إسرائيلي"

من خصوصيات الكتاب المهمّة، أنه اعتمد على مقدّمة كتبها المؤرخ الإسرائيلي "إيلان بابيه"، وهو أستاذ التاريخ، ويشغل منصب مدير المركز الأوروبي للدراسات الفلسطينية في جامعة (إكستر) البريطانية.

ويتحدث بابيه بواقعية تاريخية قلما يتحدث بها "يهودي/ إسرائيلي" أكاديمي، فيقول: "النكبة المستمرة هي حتى الآن المرجع الفلسطيني العام إلى العمر والزمن الذي كانوا يعيشون فيه خلال السنوات السبعين الأخيرة".

ويضيف موضحاً: "هذا يعني أن الفصول المنفصلة في تاريخ الفلسطينيين، مثل كارثة 1948، هي ليست أحداثاً في الماضي، بل بالأحرى هي جزء من فصل تاريخي معاصر. ولا نزال في هذه المرحلة المحددة، وبالتالي عندما نكتب تاريخ لحظات تاريخية محددة، مثل النكبة، فإننا نكتب عن القضايا المعاصرة بقدر ما نكتب عن الأحداث الماضية".

من خلال التفاصيل الصغيرة في القصص الشخصية التي انتشرت بين أجيال فلسطينية، يؤكّد بابيه أنه "بإمكان المرء أن يفهم تماماً التأثير الكامل الذي يمكن أن تخلفه مثل هذه التجربة متعددة الأوجه على الفرد الفلسطيني، وكذلك الروح الجمعية للفلسطينيين بشكل عام، وعلى اللاجئين الفلسطينيين بشكل خاص".

شاهد: روجآفا خديعة الأسد الكبرى. توثيق يوميات السوريين الكرد تحت حكمpyd

ويلفت إلى أن هذه السردية "تنقل الإحساس بقوة عن نقطة زمنية متجانسة وصحية يعيش فيها الفلسطينيون، وفيها تحدث وقائع وجودية عارضة. ومع المرحلة الحالية في حياة فلسطين والفلسطينيين، أخذ القمع والإيذاء أشكالاً مختلفة وفقاً لظروف الزمان والمكان".

ففي عام 1948، يتابع بابيه في مقدمته، "واجه الفلسطينيون المجازر والتطهير العرقي. وأولئك الذين عاشوا بعد ذلك في إسرائيل كأقلية، كانوا تحت الحكم العسكري الذي انتهك حقوقهم الإنسانية في كل مرحلة من مراحل حياتهم تقريباً. في غضون ذلك، أنكر على اللاجئين حقهم في العودة وانضموا إلى موجة أخرى من الفلسطينيين المقتلعين من أراضيهم في أعقاب حرب 1967".

ويضيف "بمعاينة تاريخ الحركة الصهيونية في فلسطين، يتضح بجلاء أن المشروع الاستعماري الاستيطاني الذي بدأ في أواخر القرن التاسع عشر لم ينته بعد، كما أن النضال ضده لم ينته بعد. وهذا المفهوم لكارثة مستمرة والنضال ضدها اختزل في محن وتجارب أبطال وبطلات هذا الكتاب الذي ينتمون لأجيال فلسطينية مختلفة وينحدرون من مواقع جغرافية مختلفة".

اقرأ أيضاً: فواز حداد: شكراً رياض الريس، أستاذي وأخي وصديقي

الوحشية ضد الفلسطينيين خلقت البربرية في سوريا والعراق وباقي الدول

ويختم بابيه مقدمته بالقول: "إن الوحشية التي ابتلعت الفلسطينيين أكثر من مرة أثرت أيضاً في الملايين في المنطقة. فالبربرية في سوريا والعراق وليبيا واليمن تستحق انتباهنا واستنكارنا".

وينوّه إلى أن "هذا النوع من الوحشية السائدة في فلسطين خلال أكثر من قرن واللامبالاة العالمية تجاهها، وفي الواقع المدعومة في كثير من الأحيان، تعد واحدة من الأسباب الرئيسة التي يشعر بها الغرب ويبقى عاجزاً في ضوء المجزرة الحالية. فقط من خلال دفع انتباهنا إلى الدور الغربي في عملية انتزاع أراضي الفلسطينيين، والتي بدأت قبل مئة سنة مع وعد بلفور، نلاحظ بشكل كامل مسؤولية الغرب عن الفوضى في الشرق الأوسط".

خريطة الكتاب

ترجم الكتاب إلى العربية "نضال إبراهيم". ويقع، بعد المقدمة، في تسعة أقسام موزعة على 280 صفحة من القطع المتوسط. والأقسام هي: نهر القرف، أبو صندل، روح الحقل، إشعار الموت، مسيح بيت جالا، رسائل إلى هبة، حيّ في غزة، السماء الأخيرة، الفجر. وينتهي الكتاب بخاتمة أطلق عليها الكاتب "أصداء التاريخ".

تلك الأقسام تضمّ قصصاً لثماني شخصيات فلسطينية تعكس واقع المجتمع الفلسطيني في المناطق التي لجؤوا إليها، كما وتبين مدة التشابه في أحزانهم وآلامهم، من بينها قصة شاب اسمه خالد الذي هرب من "مخيم اليرموك" بدمشق أثناء قصف النظام والاشتباكات، وقصة امرأتين فلسطينيتين في سجن إسرائيلي، وامرأتين اجتمعتا في حقل من حقول غزة بعد هربهما من قسوة الحرب وبؤسها، وآخرين غيرهم.

تلك القصص تمثّل بصورة أو بأخرى وثيقة نادرة عن تاريخ الشعب الفلسطيني، وإن جاءت بإطار سردي، تختلف عن جميع ما طُرح وما رُوي عن التاريخ الفلسطيني.

سيرة

رمزي بارود، صحفي ومستشار إعلامي ومؤلف، وباحث غير مقيم في مركز (أورفاليا) للدراسات العالمية والدولية، جامعة (كاليفورنيا سانتا باربرا).

كما حصل بارود على درجة الدكتوراه في الدراسات الفلسطينية من جامعة (إكستر) 2015. وهو معلق سياسي في وسائل الإعلام ومتحدث في المؤتمرات والمحاضرات العالمية، وترجمت أعماله حول القضية الفلسطينية إلى العديد من اللغات.

ومن أبرز مؤلفاته: "أبي.. ذلك المناضل: قصة غزة التي لم تروَ بعد" (2009).