icon
التغطية الحية

الأدوية المهرّبة إلى الشمال السوري.. نعمة أم نقمة؟

2022.02.06 | 12:35 دمشق

rter.jpg
معبر عون الدادات في ريف حلب (إنترنت)
تلفزيون سوريا - وائل عادل
+A
حجم الخط
-A

احتج أصحاب مستودعات الأدوية في مدينة الباب أمام قصر العدل في مدينة الراعي، شماليّ سوريا، وذلك على خلفية القرار الصادر عن المحكمة والقاضي بمصادرة شحنة أدوية قادمة من مناطق سيطرة النظام إلى ريف حلب، وجاء الاحتجاج هذا بالتزامن مع إضراب لأصحاب المستودعات عن العمل.

ليست المرة الأولى التي تُصادر فيها شحنة أدوية في المنطقة، فقد سبقتها مصادرةٌ بتاريخ 17/09/2021 حينذاك صودرت سيارة أدوية بقيمة 200 ألف دولار، وبتاريخ 27/01/2022 الثانية وذلك بحسب بيان نشره مندوبو مستودعات الأدوية في مدينة الباب، وكان قد بدأ أصحاب المستودعات إضراباً عن بيع الأدوية الجمعة 28/01/2022 بحسب بيان قالوا فيه: "نحن أصحاب مستودعات الأدوية في مناطق الشمال المحرر إدلب وعفرين ودرع الفرات، نعلن عن بداية إضراب عن بيع الأدوية لجميع الصيدليات في المحرر، حتى يأتي من ينصفنا، ويعيد أدويتنا التي تمت مصادرتها من قبل محكمة الراعي ومجلس الباب المحلي لصالح مشفى الباب".

ويقول "محمد علي" لموقع تلفزيون سوريا وهو مندوب أحد مستودعات الأدوية في مدينة الباب: إن الإضراب مستمر حتى تعاد الأدوية لأصحابها.

 

 

معامل الأدوية في الشمال السوري

بعد سيطرة قوات النظام عام 2020 على طريق M5 والمدن المحيطة كـ عندان وحريتان وحيان وكفر حمرة، وغيرها من المناطق، وقعت جميع معامل الأدوية تحت سيطرتها، كمعمل آسيا والذي يعدّ من أكبر معامل الصناعات الدوائية في الشرق الأوسط، وغيرها من المعامل في منطقة المنصورة كمعمل شفا والرازي وابن الهيثم وبركات والسعد وتاميكو وعمريت وغيرها.

في حين تمّ تأسيس معملي أدوية في مناطق سيطرة المعارضة نظراً للحاجة الملحّة، شركة "ريفا فارما" عام 2016 في منطقة الدانا بريف إدلب، ومعمل "سكاي فارما" في ناحية شرّان في ريف عفرين.

وقال الصيدلاني "أنس الحاج حسن" لـ "موقع تلفزيون سوريا" إن هاتين الشركتين الدوائيتين لا تكفيان حاجة السوق، فهما تنتجان عدداً محدداً من الأصناف كالمسكنات وبعض الشرابات الدوائية.

"أنس" الذي لم يغادر صيدليته الواقعة في قرية مريمين في ريف عفرين، يعتقد أنه رغم إضافة رسوم لدى استقدام الأدوية من مناطق سيطرة النظام بنسبة مئة في المئة، فهي أرخص من الأدوية القادمة "ترانزيت" عبر تركيا، أو الأدوية التركية، وفي كثير من الأحيان لا بديل لكثير من الأصناف الدوائية التي لا مصدر لها سوى مناطق سيطرة النظام، من ناحية السعر والنوعية، ويضيف: كل ما يضاف لأسعار الأدوية يدفعه المواطن المضطر لشرائها.

 

فئات الأدوية التي لا تنتج في الشمال السوري

معظم المواد الدوائية المستوردة من مناطق النظام تنتمي للأدوية العقيمة، الفئة (D) وهي أدوية يتم إنتاجها في مكان عقيم جداً وبدقّة متناهية لا يمكن تأمينها في مناطق الشمال، وتحتاج لإمكانات عالية، كمضادات الالتهاب التي تستعمل في العمل الجراحي، أو الشرابات الدوائية العقيمة.

هذا النوع من الدواء يأتي من الهند أو نيوزيلاندا أو من تركيا، وهو مكلف للغاية مقابل استيراده من مناطق سيطرة النظام، وذلك بحسب الصيدلاني "أنس الحاج حسن".

استقدام الدواء من مناطق سيطرة النظام

"ما هو تعريف التهريب؟" هكذا أجاب "محمد علي" وهو مندوب لأحد مستودعات الأدوية في منطقة الباب، لدى سؤالنا له عن القانون الذي يجرّم استقدام الدواء، وأضاف: أصغر طفل في الشمال السوري يعرف أن الأدوية بعد إغلاق جميع المعابر تأتي من مناطق النظام، ولا بديل آخر لعديد من الأصناف، رغم أنها نفس الجودة مقارنة مع الدواء التركي غير أن الأسعار مع إضافة الرسوم والإتاوات المفروضة على شحنات الأدوية القادمة من مناطق قسد والنظام، أرخص بنسبة كبيرة.

وبحسب تاجر مواد غذائية يعمل في مدينة مارع، فضّل عدم ذكر اسمه، فإن هذه الشحنات دخلت من المعابر الرسمية، بعلم الجيش الوطني، ودفعت رسوماً مقابل ذلك، فمن المستحيل مرور شاحنتين عبر طريق ترابي وبين الأشجار وفوق السور، والمعابر تعمل على تصدير واستيراد البضائع بأنواعها، خاصة المازوت الذي يدخل وبوفرة إلى اعزاز، وجرابلس، والباب، وعفرين.

معابر التهريب.. من المسؤول عنها؟!

المعابر الداخلية التي تصل مناطق عمليات "درع الفرات" و "غصن الزيتون" بمناطق النظام وقسد، تعمل وتتوقف بحسب الظروف السياسية، ولهذه المعابر نوعان:

معابر رسمية:

عددها ثلاثة معابر، ويديرها الجيش الوطني وتشرف عليها الحكومة المؤقتة:

 

 

اسم المعبر

الفصيل المسيطر

الموقع

1

عون الدادات

الفيلق الأول "للتجاري" وشرطة جرابلس العسكرية "للمدني"

جرابلس

2

الحمران

الجبهة الشامية

منبج

3

أبو الزندين

السلطان مراد

الباب

 

معابر غير رسمية:

عددها خمسة معابر، وهي معابر تهريب يعود ريع الرسوم التي يتقاضاها العسكريون المسؤولون عنها لفصائلهم:

 

 

المعبر

الفصيل المسيطر

الموقع

1

السكرية

فرقة الحمزة - بقيادة الملقب "يوسف الشبلي" المنحدر من بزاعة.

الباب

2

أناب

الجبهة الشامية - بقيادة "أحمد ندّوم" الملقب بأبو محمد عزيزي، ينحدر من مدينة اعزاز

عفرين

3

براد

فرقة الحمزة - بقيادة "رامي البطران" الملقب بأبو جابر حمزات، ينحدر من الجبول.

عفرين

4

عبلة

أحرار الشام - بقيادة "شادي مشّو" الملقب بأبو دجانة الكردي، ينحدر من قرية طويس.

الباب

5

الساجور

الجبهة الشامية - بقيادة "رامي مخيبر"

منبج

 

وكانت الحكومة السورية المؤقتة قد أصدرت في 18 آذار عام 2020، قراراً يقضي بإغلاق المعابر الداخلية الثلاث (الحمران، وأبو الزندين، وعون الدادات) خشية انتقال فيروس كورونا من مناطق النظام أو (قسد) إلى مناطق شمال غربي سوريا.

وأعيد فتح معبر "عون دادات" المخصص لعبور المدنيين بقرار من الجيش الوطني، وأعيد إغلاقه لأسباب مجهولة في 19/10/2020 بعد أربعة أيام من فتحه، ويعدّ معبر "الحمران" معبراً يختص بعبور المواد التجارية، أمّا عون الدادات فيدخل عبره الأفراد، والبضائع التجارية أيضاً، غير أنه أغلق بشكل كامل في وجه عبور الأفراد وبقيت البضائع التجارية.

معبر أناب يتم تهريب الأدوية عبره بشكل أساسي، وبحسب قائد عسكري في المنطقة رافض لعمليات التهريب فضّل عدم الكشف عن اسمه، صرّح لتلفزيون سوريا أنه يشاهد بأمّ عينه الشاحنات التي تدخل بأنواعها من المعبر، وأضاف أنه لا يدخل عبره الأدوية فقط، بل الأشخاص والبضائع بأنواعها كالغذائية والسلاح والمواد الممنوعة.

وأكد أن تجار السيارات يفضّلون إدخال السيارات عن طريق "رامي مخيبر" قائد خط تهريب الحمران وما حولها، فلديه ضريبة سيارة السنتافيه مئتا دولار، أمّا من معبر الحمران فقد تصل الرسوم إلى 500 دولار.

تواصلنا بدورنا مع المتحدث باسم الجيش الوطني الرائد يوسف حمود، وسألناه عن دور الجيش الوطني في الإشراف على المعابر الداخلية، ودوره في إغلاق المعابر والرسوم التي تتقاضاها، لكنه اعتذر عن الإجابة لأن الموضوع لا يتعلّق برئاسة الأركان، بل تنظيمها يعود للحكومة المؤقتة والمجالس المحلية.

كذلك حاولنا التواصل مع المجلس المحلي لمدينة الباب، ولم نستطع الحصول على ردّ حتى لحظة كتابة المادة.

هل يجرّم القانون المطبّق في الشمال السوري استيراد الأدوية من مناطق النظام؟

يقول المحامي "إبراهيم نجار" لموقع تلفزيون سوريا، إنه لا حجة قانونية تعطي الحق للمحكمة بمصادرة شحنة الأدوية، فتعريف التهريب بحسب القانون السوري ١٩٤٩ وتعديلاته، المطبّق في محاكم الشمال السوري هو: نقل مواد ممنوعة من دولة إلى أخرى، أو استيراد البضائع أو تصديرها خارج مكاتب الجمارك.

في هذه الحالة فنحن إذاً في دولة على الرغم من أنّ المناطق التي جاءت منها الشحنة تخضع لسلطات ميليشيات معادية، غير أنها قانوناً ضمن أراضي سوريا، ولا توجد تعاميم أو قرارات أو قوانين توصّف الشحن التجاري على أنه مُهرَّب، خاصّة بعد تفتيش السيارات من قبل مديرية الأمن العام والتأكّد من أنها لا تحمل مواد ممنوعة وفق الجدول (4) من الجداول المرفقة بقانون مكافحة المخدرات رقم (2)، أي لا توجد في الشحنة أدوية تحتوي مواد مخدّرة كالترامادول والسودافيت.

ويضيف الأستاذ "إبراهيم": قاضي بداية الجزاء في الباب قرر مصادرة البضائع، وتم الطعن في القرار في الاستئناف ومحكمة الاستئناف أيضاً وافقت على المصادرة، ثم تم نقض القرار فأعادته محكمة النقض إلى الاستئناف، التي أعادته للنقض مرة أخرى، وفي المرة الثانية محكمة النقض التي رفضت المصادرة عادت ورفضت النقض.

ويشير المحامي "نجار" إلى أن القرار غير قانوني ولا يخضع للقوانين المطبّقة، فشحنة الأدوية تجارية لا يمكن وضعها في خانة التواصل مع جهات معادية، أضف إلى ذلك أن مستودعات الأدوية مرخّصة من قبل المجالس المحلية، فكيف تعطي رخصة للمستودع وتصادر له بضائعه بحجة أو بأخرى؟