icon
التغطية الحية

الأدب الحقوقي.. ولادة أدب جديد

2021.09.08 | 06:57 دمشق

hqwq-alansan.jpg
+A
حجم الخط
-A

الحق في حياة كريمة أقرب إلى المثالية، هو ما تنطوي عليه وثيقة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ببنودها الثلاثين، والتي أقرها المجتمع الدولي عام 1948، مراعياً التنوع الثقافي قدْر المستطاع، إلا أن هذا القَدْرَ لم يكن كافياً لمرور الوثيقة إلى فضاءات التنفيذ العملي في كثير من بقاع الأرض، فالالتزام كان انتقائياً ومتفاوتاً من أمة إلى أخرى، وفق قوانينها المحلية وأسلوب حكمها ونظامها السياسي، وأعرافِ مجتمعاتها، وهو الأهم..  

وفي الوقت الذي تجاوزت فيه بعض المجتمعات الأوروبية بنود تلك الوثيقة وما انبثق عنها، ظلت مجتمعات أخرى، في الشرق غالباً، واقفةً عند مطالب الجيل الحقوقي الأول، أي الحقوق السياسية والمدنية، وهو ما ظهر جلياً في آداب تلك الشعوب، التي تحمل تطلعاتها ومطالبها والأمداء التي ترجو بلوغها. 

فبالرغم من تطور المفاهيم الحقوقية على الصعيد العالمي لمسألة حقوق الإنسان، حتى أصبحنا الآن أمام ما يسمى بالجيل الرابع لحقوق الإنسان، والذي يتمثل في الحق في بيئة متوازنة والحق في الحصول على حاجة الإنسان المعلوماتية ونقل التكنولوجيا، والحق في السلام، والحق في احترام الحياة وحقوق الجنين!..

بالرغم من كل هذا التطور الذي طرأ على مفهوم حقوق الإنسان، فإن نشطاء حركة حقوق الإنسان في الوطن العربي لا زالوا يعيشون مفاهيم الجيل الأول (الحقوق المدنية والسياسية)، وربما تطرقوا على استحياء للجيل الثاني (الحقوق الاقتصادية والاجتماعية)، وإن كان لذلك ما يبرره ويفسره (كحدة القمع، وغياب المشاركة، وتكريس الإقصاء، وعدم السماح بحرية الاختلاف)، وفق الباحث الليبي في حقوق الإنسان الدكتور جمعة عتيقة، الذي يؤكد أن ذلك يجب ألا يدفعنا إلى الجمود في المفاهيم، ووقف المواكبة والتطور حتى في هذا الحيز المتعلق (بالقهر السياسي المباشر). وذلك لتصحيح الصورة التي يعمد نشطاء حقوق الإنسان (ومنهم المبدعون والكتاب والأدباء) إلى تكريسها. 

وعلى أنه عرف في الأدب العربي الجديد مصطلح الأدب السياسي (وله جذور في الأدب القديم)، لم يتبلور أدب يمكن أن ندعوه الأدب الحقوقي!. على أنَّ شكلاً منه ظهر بعنادٍ في العقد الأخير، لكنه يتناول حقوق نصف المجتمع!.. وهو الأدب الذي يتناول حقوق المرأة دون غيرها، وعليه اتكأت حركات النسوية الراديكالية وذهبت أبعد المذاهب، في مجتمعات يعاني فيها الرجل والطفل من غياب معظم الحقوق.

لكن المفكر السعودي د. سعد البازعي، يرى أن الظلم وانتهاك الحقوق الأساسية واقع على المرأة أكثر من الرجل، كون الرجل يعد مشاركاً في قمع المرأة والاعتداء على حقوقها في بعض المجتمعات، مع اشتراكهما في الحقوق المنقوصة أساساً.  

أفليس الأجدر والأجدى أن يتخذ الأدب من الفرد/ الإنسان، بغض النظر عن جنسه، موضوعاً وغاية، وأن يتجاوز السياسيَّ إلى ما هو أبعد، مواكباً مستجدات العصر واحتياجاته، فاليومَ نتحدث عن حق المعرفة وحق الوصول إلى المعلومة والحق في التكنولوجيا، وقبل ذلك كله الحقُ في بيئة نظيفة تصلح لبناء كل ما تقدَّم عليها.