icon
التغطية الحية

الأب معتقل سابق بتهمة "العمالة".. الدنمارك تعتزم ترحيل عائلة سورية

2021.11.25 | 17:53 دمشق

182565.jpg
الدنمارك - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

لا تزال القصص المؤلمة للاجئين السوريين المهددين بالترحيل من الدنمارك إلى وطنهم تتوالى، وسط إصرار الحكومة الدنماركية على تنفيذ قراراتها ضدهم رغم الانتقادات التي تتعرض لها من قبل المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة.

اللاجئة السورية رشا عمر (41 عاماً) المقيمة في مدينة (هيلسنيور) قرب العاصمة كوبنهاغن، هي إحدى ضحايا تلك القرارات الظالمة، حيث أفادت لموقع تلفزيون سوريا بأنها كانت تعمل كمعلمة في إحدى مدارس ريف دمشق، بالإضافة إلى عملها مع إحدى المنظمات الخيرية التي كانت تقدّم المساعدات للمحاصرين في المنطقة.

رشا تحدثت عن الأوضاع الصعبة التي عاشتها في سوريا في أثناء الحصار الذي تعرضت له منطقتها، وأضافت أن أختها أصيبت في قصف لنظام الأسد، وأولادها لا يزالون يعانون حتى الآن من اضطرابات بسبب الرعب الذي عاشوه.

هربت رشا في عام 2014 إلى لبنان عن طريق التهريب بعد أن علمت بأن هناك خطراً على حياتها من قبل النظام ثم سافرت من لبنان إلى تركيا بغية الوصول إلى أوروبا، ودفعت خلال تلك الرحلات مبالغ مالية كبيرة.

الدنمارك.jpg

 

اعتقال و"عمالة للموساد"!

وأوضحت رشا أنه "بعد يومين من مغادرتها سوريا في شهر آب 2014 اعتقلت المخابرات التابعة للنظام زوجها وعدداً من أصدقائه بتهمة التعامل مع (الموساد الإسرائيلي)، وفي أثناء اعتقاله سألته المخابرات عن زوجته".

ووصلت إلى الدنمارك في أواخر عام 2014 وحصلت على الإقامة سنة 2015 وقدمت طلب لم شمل لابنيها من دون زوجها الجزائري الأصل بعد أن وصلها خبر بأنه توفي تحت التعذيب في السجن.

تقول رشا "بعد أن قدمت طلب لم شمل لأولادي خرج زوجي من السجن بعد أن قضى أكثر من عام فيه، فأخبرت السلطات الدنماركية التي قامت حينئذ بتسريع إجراءات لم شمل أولادي وزوجي، وأرسلت سيارة من الصليب الأحمر لاصطحاب زوجي وولديّ إلى لبنان ثم إلى الدنمارك". مشيرةً إلى أن زوجها خضع لعلاج نفسي لأكثر من عامين بسبب التعذيب الذي تعرض له في سجون النظام.

ورغم كل القصص المؤلمة التي روتها لموظفي إدارة الهجرة والتجنيس في أثناء إجراءات التحقيق معها فإنهم منحوها وعائلتها تصريح "إقامة إنسانية"، مبينةً أن المترجمة لم تترجم حينذاك ما قالته "بشكل دقيق".

وفي تشرين الأول 2020 تلقت رشا التي تدرس حالياً في السنة الأخيرة بقسم "أصول التربية" بجامعة كوبنهاغن، رسالة من الهجرة والتجنيس لاستدعائها لحضور مقابلة لإعادة تقييم وضعها، وبناء على ذلك لم يتم تجديد الإقامة لها.

وأكدت أن "موظفي الهجرة والتجنيس عرضوا عليها تقارير من بينها كلام لأحد ضباط النظام يقول إن دمشق آمنة". مضيفةً "قلت لهم كيف نعود إلى دمشق إذا كان النظام الذي هربنا منه لا يزال موجوداً في السلطة؟".

وتنتهي إقامة رشا وابنتها في الشهر الأول من العام المقبل، أما زوجها وابنها فتصريح إقامتهما منتهٍ منذ ما يقارب الثلاثة أعوام ولا يزال ملفهما "قيد المعالجة".

اندماج ودعم

وتدرس رشا في الجامعة وتعمل كمتطوعة في أكثر من منظمة، كما تشارك بالكثير من الأنشطة والفعاليات في المنطقة التي تعيش فيها، وزوجها يعمل منذ أكثر من أربعة أعوام كشيف في مطعم، وابنها سمير (22عاماً) يدرس في الثانوية (البكالوريا) ويعمل في مطعم كمتدرب، أما ابنتها سيلينا (19 عاماً) فهي بالصف العاشر وتعمل في بوتيك لأدوات التجميل.

وأشارت رشا إلى أنها تلقت دعماً كبيراً لقضيتها من جيرانها وأصدقائها الدنماركيين إضافة إلى الأحزاب السياسية الداعمة للاجئين.

وكانت العائلة السورية حصلت على قرار "رفض أولي" لتجديد الإقامة من دائرة الهجرة والتجنيس وستذهب رشا إلى محكمة "التظلم" وفي حال حصلت على قرار رفض ثانٍ فسيتم ترحيلها إلى "كامب الترحيل" بهدف الضغط على العائلة للعودة إلى سوريا حيث الموت المحتم أو الاعتقال بحسب ما تقول.

وخلال الأيام القليلة الماضية، بدأت السلطات الدنماركية بإجبار بعض اللاجئين السوريين الذين تم سحب إقامتهم على مغادرة منازلهم والسكن في كامب "الترحيل" بهدف الضغط عليهم للعودة إلى سوريا.

ومنذ نهاية حزيران 2020، بدأت الدنمارك عملية واسعة النطاق لإعادة النظر في ملفات عدد من السوريين القادمين من محافظة دمشق وريفها على اعتبار أن "الوضع الراهن في دمشق لم يعد من شأنه تبرير (منح) تصريح إقامة أو تمديده"، بحسب السلطات الدنماركية.

وبحسب وسائل إعلام فقد سحبت تصاريح الإقامة من أكثر من ألف لاجئ سوري من أصل 30 ألفاً يقيمون في الدنمارك ويتخوفون أيضاً من قرارات قد تطولهم في المستقبل في حال اعتبار مدن سورية أخرى "آمنة".

وخلال الأيام الماضية تظاهر مئات السوريين والدنماركيين في العاصمة كوبنهاغن، ضد قرارات الحكومة التي تهدف إلى إعادة السوريين القادمين من دمشق إلى وطنهم، وشاركت في التظاهرات منظمات مجتمع مدني دنماركية.

وتعرضت السلطات الدنماركية لانتقادات على خلفية حرمانها لاجئين سوريين من تصاريح إقامة لاعتبار الوضع "آمناً" في دمشق، حيث قالت الأمم المتحدة إن ذلك "يفتقر إلى المبرر".

كما انتقدت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إزالة الدنمارك تدابير الحماية للاجئين السوريين القادمين من دمشق وريفها، وشددت على أن "التقارير الخاطئة الخاصة ببلد اللاجئين الأصلي تؤدي إلى سياسات خاطئة بشأن اللاجئين".

وتتبع الدنمارك سياسة استقبال متشددة بهدف تحقيق "صفر طالب لجوء" ولم تصدر سوى تصاريح إقامة مؤقتة منذ عام 2015.