icon
التغطية الحية

ارتفاع أسعار ورفض التأجير.. البيوت في إسطنبول عبء جديد على السوريين

2021.07.12 | 07:13 دمشق

14929-.jpg
إسطنبول - يامن المغربي
+A
حجم الخط
-A

يعد "حق المسكن" أحد حقوق الإنسان الأساسية وفق الأمم المتحدة، إلا أن هذا الحق تحوّل إلى عبء في عقول السوريين القاطنين في مدينة إسطنبول التركية.

إذ يواجه السوري اليوم في هذه المدينة الضخمة عقبتين أساسيتين قبل الحصول على مسكن له ولأسرته، أولاهما ارتفاع أسعار الإيجارات الكبير في المدينة، وثانيتهما رفض كثير من أصحاب البيوت تأجير المنازل لغير المواطنين الأتراك، سواءً كان سورياً أم غيره من الجنسيات العربية.

"لا تأجير".. حتى لو لم تكن سورياً

"تجاوز عدد المكاتب 25 مكتباً، منها 18 تقريباً رفضوا التأجير لشخص أجنبي بسبب رفض صاحب البيت نفسه".

اضطر سعد لترك منزله بسبب أعطال في مواسير الصرف الصحي منذ منتصف شهر أيار الماضي، ليبدأ رحلة طويلة في البحث عن منزل في عدة مناطق في إسطنبول، منها منطقة الفاتح التي يقطنها مئات السوريين، إلا أن رحلته لم تكن سهلة، إذ إن سعد واجه رفض التأجير لأنه أجنبي، مشيراً إلى زيارته لأكثر من 25 مكتباً عقارياً رفض منهم ما يقارب الـ 18 مكتباً تأجيره أي منزل معروض للإيجار وفق ما قاله سعد لموقع تلفزيون سوريا.

وأضاف سعد أن أصحاب المكاتب لم يخبروه بشكل مباشر أن سبب الرفض بكونه سورياً وإنما الرفض للأجانب عموماً، ليلجأ إلى التطبيقات الإلكترونية ويتصل بما يقارب العشرة أشخاص ويواجه الأمر نفسه مع عرضه دفع إيجار ستة أشهر مقدماً، قبل أن يجد منزلاً أخيراً.

وتوجد في تركيا عدة تطبيقات إلكترونية للبحث عن منازل للايجار والشراء، منها موقع "Sahibinden" وموقع " hurriyet Emlak"، يمكن من خلالها تحديد المنطقة والتواصل مع صاحب المنزل أو المكتب العقاري ومعرفة تفاصيل المنزل كاملة مع صور للأخير.

وليس سعد وحده من عانى من الأمر نفسه، إذ يصف علي تجربة الحصول على منزل في إسطنبول حالياً بالهاجس والقلق، نظراً لصعوبة الحصول على منزل في الوقت الحالي، خاصةً مع الارتفاع الكبير لمبالغ الإيجارات الشهرية في إسطنبول.

وقال علي لموقع تلفزيون سوريا، إن الخروج يعني دفع ما يقارب أربعة شهور من إيجار المنزل في الشهر الأول فقط، بين التأمين وأجرة السمسار وإيجار الشهر الأول.

وكما سعد، واجه علي الرفض، قبل أن يحصل على منزل بعد وساطة من أحد معارفه من قاطني أحد المجمعات السكنية، بالإضافة إلى دفعه مبلغ الإيجار المطلوب كاملاً لعام كامل، مشيراً إلى أن هذا شرط الدفع مقدماً يستخدمه أصحاب المنازل كحجة لعدم التأجير بحسب رأيه، واصفاً الأمر "بالتعجيزي".

وترغب شريحة واسعة من السوريين بالسكن في منطقة "الفاتح" لعدة أسباب أهمها قربها من جميع المناطق المهمة في إسطنبول، مع وجود سكان سوريين كثر وبالتالي توافر الخدمات الأساسية التي يحتاجونها من بقالات ومطاعم ومحلات الاتصالات ومكاتب الخدمات القانونية وغيرها.

لماذا الرفض؟

أهم ما يواجه السوري هو رفض التأجير، والذي يأتي لعدة أسباب مجتمعة.

أهم هذه الأسباب هي عدم الوضوح منذ البداية بين المستأجر وصاحب المنزل، إذ يخبر الأول أن عدد أفراد أسرته عدد معين ومناسب للمنزل، ليتفاجأ صاحب المنزل لاحقاً بوجود أشخاص جدد وكثر، ما يؤدي إلى مشكلات مع الجيران، وفق الوسيطة العقارية التركية أويا ديمير.

وأضافت ديمير لموقع تلفزيون سوريا إن الأصوات العالية التي تصدر من البعض تؤدي إلى تزايد الشكاوى من الجيران لصاحب المنزل، الذي يضطر لتفادي المشكلات، فضلا عن خوفه من التأخير في الدفع أو إلحاق الضرر بالمنزل، خاصةً أن المستأجر، سواء كان سورياً أم من جنسيات أخرى هو أجنبي في النهاية، ولن يكون سهلاً تحصيل الحقوق في النهاية بحسب رأيها.

ويتوافق كلام أويا ديمير مع حمزة، أحد الوسطاء العقاريين السوريين، والذي قال لموقع تلفزيون سوريا إن السبب الأول لرفض التأجير هو العائلة.

وأوضح حمزة أن الأمر يبدأ بعائلة صغيرة ثم يأتي البقية وتكبر العائلة وبالتالي يشتكي الجيران ويتسبب الأمر بمشكلات بين صاحب المنزل والمستأجر الذي يرفض بدوره إخلاء المنزل، ولا يتوقف الأمر هنا على السوريين بل يشمل الجنسيات العربية الأخرى.

السبب الثاني هو أن البعض يريد الخروج من المنزل قبل انتهاء مدة العقد وبالتالي يخاف من عدم استرجاع مبلغ التأمين، فيلجأ لشخص ما من معارفه أو أقاربه ليسكن بدلاً منه ويأخذ التأمين من المستأجر الجديد من دون أن يبلغ صاحب المنزل في بعض الأحيان، مما يضعه في مشكلة كبيرة هو في غنى عنها بالأساس، وتصبح القصة تبديل مستأجرين دون أن يعرف صاحب البيت أصلا، هذه الأسباب تجعل تأجير المنزل للسوريين أمراً صعباً وفق حمزة.

إضافة إلى ما سبق هناك رفع الأجرة السنوية وهو ما لا يقبله المستأجر السوري في بعض الأحيان، وهو ما يصعب الأمر أيضاً، إذ يرفض المستأجر الخروج، وهناك المستأجرون الشباب ممن ترتفع أصواتهم خلال لعب الورق أو الصراخ والضحك، بحسب رأيه.

أزمة الأسعار مستمرة لعام أو عامين

واجه كل من علي وسعد مشكلة ارتفاع الأسعار الكبير في الفترة الأخيرة، إذ إن سعداً الذي استأجر منزله الأول قبل عامين بمقابل ألف و300 ليرة تركية (يتكون المنزل من غرفتين وصالة)، يضطر حالياً لدفع ألفين و700 ليرة للمواصفات نفسها وفي المنطقة نفسها أيضاً.

من جهته دفع علي مبلغ 22 ألف ليرة تركية مقدماً لعام كامل لمنزله المكون من غرفة واحدة وصالة، مشيراً لموقع تلفزيون سوريا إلى أنه في حال قرر تكرار الخطوة نفسها لدى انتهاء عقده فسيضطر لدفع ما يقارب الـ 50 ألف ليرة تركية على الأقل.

ووصف رئيس غرفة إسطنبول للوسطاء العقاريين، نظام الدين آشا في حديث مع صحيفة "Hurriyet" التركية في شهر حزيران الماضي الوضع الحالي "بالخطير"، مرجعاً ارتفاع الأسعار إلى قلة المنازل المعروضة للإيجار أصلاً، خاصةً بعد بيع كثير من المنازل بعد "حملة القروض المخفضة" قبل فترة، مشيراً إلى أن الأزمة ستستمر مع عودة طلاب الجامعات من ساكني المدن الأخرى إلى إسطنبول مع انتهاء التدابير الاحترازية في مواجهة جائحة "كورونا".

كما أن هدم عشرات العمارات السكنية القديمة وبناء أخرى جديدة مكانها أدى لتفاقم الأزمة وفق آشا، خاصةً مع تباطؤ عمليات البناء بسبب الجائحة وارتفاع الأسعار وتراجع الاقتصاد في تركيا عموماً.

وأضاف آشا أن الأزمة الحالية ستنتهي في غضون عام أو عامين بحسب رأيه.

 

 

ورصد موقع تلفزيون سوريا ارتفاع الأسعار عبر عدد من المواقع الإلكترونية المختصة بتأجير البيوت، إذ تصل قيمة الإيجارات في منطقة الفاتح إلى 2500 ليرة تركية وسطياً للمنزل المكون من غرفتين وصالة، بينما كان قبل عامين بمبلغ 1500 إلى 1800 ليرة تقريباً.

ويلعب موقع المنزل وجودته الداخلية وقربه من المواصلات العامة، وعدد سنوات البناء دوراً في تحديد سعر الإيجار.

بينما ترى الوسيطة العقارية أويا ديمير في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن تراجع الاقتصاد التركي عموماً أدى لزيادة الإيجارات، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية والتضخم وتراجع قيمة الليرة التركية أمام الدولار الأميركي.

ووصل سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة التركية إلى 8.68 بحسب موقع "Doviz" المختص بأسعار صرف العملات الأجنبية.