icon
التغطية الحية

اختراق استراتيجي ومحاور جديدة.. هل يُمهّد تقدم الفصائل لتحولات ميدانية كبرى؟

2024.11.28 | 16:14 دمشق

آخر تحديث: 28.11.2024 | 17:54 دمشق

636
صورة أرشيفية - إنترنت
تلفزيون سوريا - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- تقدم استراتيجي للمعارضة: شنت فصائل المعارضة هجوماً مفاجئاً في ريف حلب الغربي، مما قرّبها من مدينة حلب وسيطرتها على مواقع استراتيجية مثل الفوج 46، مانحة إياها ميزة في تحصينات النظام.

- أهمية السيطرة على الفوج 46: يُعتبر الفوج 46 نقطة استراتيجية للنظام، والسيطرة عليه تعني فقدان النظام لقاعدة مهمة، مما يتيح للمعارضة التوسع والسيطرة على مناطق جديدة وتأمين عودة النازحين.

- التأثير على الطرق الدولية: سيطرة المعارضة تهدد سيطرة النظام على الطريق الدولي دمشق - حلب (M5)، وتؤدي إلى تشتيت قواته وإعاقة الإمدادات العسكرية، مما يضعف قوة النظام في غربي حلب.

منذ يوم أمس، يشهد الواقع الميداني في شمال غربي سوريا تطورات عسكرية متسارعة، بعدما أطلقت فصائل المعارضة هجوماً مفاجئاً على مواقع تابعة لقوات النظام السوري في ريف حلب الغربي، وذلك بعد رصد حشود لها، وفق "إدارة العمليات العسكرية" التي أطلقت مسمى "ردع العدوان" على المعركة.

وقرّب الهجوم الأخير فصائل المعارضة بشكل ملحوظ من أبواب مدينة حلب الغربية، حيث باتت المسافة الفاصلة بينهما لا تتجاوز 5 كيلومترات، كما سيطرت الفصائل على مواقع استراتيجية، من أبرزها الفوج 46، الذي يشكّل نقطة دفاعية مهمة للنظام.

في تطور آخر، شنّت الفصائل اليوم هجوماً جديداً على محور مختلف في ريف إدلب الشرقي، قرب مدينة سراقب الواقعة على الطريق الدولي دمشق - حلب M5، الذي يُعتبر شرياناً اقتصادياً وعسكرياً هاماً في سوريا.

ويمكن القول إنّ الفصائل حققت خلال عمليتها اختراقاً استراتيجياً في تحصينات مواقع النظام، بعد السيطرة على بلدة خان العسل الواقعة على مشارف مدينة حلب، فضلاً عن السيطرة على بلدات داديخ وكفربطيخ وجوباس على محور سراقب شرقي إدلب.

الفوج 46 في قبضة الفصائل

يقع الفوج 46 شرق مدينة الأتارب في ريف حلب الغربي، ويعد بمنزلة نقطة استراتيجية للنظام لتأمين مواقعه على أطراف مدينة حلب الغربية، ويُعتبر الفوج 46 قاعدة عسكرية مهمة لقوات النظام، تُستخدم لتخزين الأسلحة والذخيرة، بالإضافة إلى كونه مركزاً للقيادة وتوجيه القوات في المواقع المحيطة.

كان النظام يعتمد على الفوج كنقطة انطلاق للعمليات العسكرية ضد مناطق سيطرة المعارضة في ريف حلب الغربي، وقصف بلدات وقرى ريفي حلب الغربي وإدلب الشرقي، عبر الطائرات المسيّرة الملغمة وقذائف المدفعية.

ويتميز الفوج 46 بتحصيناته القوية وموقعه المرتفع نسبياً، ما يمنح القوات المسيطرة عليه ميزة دفاعية وهجومية في آن معاً.

ما أهمية السيطرة على الفوج؟

قال الخبير والمحلل الاستراتيجي العقيد عبد الجبار العكيدي: إنّ "الفوج 46 قلعة حصينة في ريف حلب الغربي، ويطل على مناطق واسعة تقع تحت سيطرة المعارضة، إذ لا يبعد عن معبر باب الهوى الحدودي سوى 17 كيلومتراً تقريباً".

وأضاف العكيدي في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن "الفصائل سيطرت على الفوج بداية الثورة، وتحديداً في عام 2012، قبل أن يعيد النظام بسط سيطرته عليه، وكان مؤذياً جداً كونه يضم قوات خاصة، وتتمركز فيه قوات النظام إلى جانب الميليشيات الإيرانية".

ولفت إلى أن قوات النظام المتمركزة في الفوج، تستهدف منذ سنوات منازل المدنيين، من مدينة الأتارب حتى دارة عزة وصولاً إلى معبر باب الهوى، مضيفاً أن السيطرة عليه بمنزلة نقطة انطلاق للسيطرة على مناطق أخرى، وهو ما جرى بالفعل بالسيطرة على ريف المهندسين الثاني وأورم الكبرى وأورم الصغرى وكفرناها، وخان العسل البعيدة بضع كيلومترات عن أكاديمية الأسد الهندسية العسكرية وبنيامين ومعمل الكرتون باتجاه الراشدين وحلب الجديدة والبحوث العلمية.
 

وأكد العكيدي أن المحور الآخر المتمثل بالشيخ عقيل هو مهم أيضاً، كونه مهّد للسيطرة على مناطق جديدة تعتبر "عمقاً وحاضنة للثورة السورية، مثل قبتان وحور"، بالتالي تأمين عودة مئات آلاف النازحين بعد تأمينها من القصف.

محور جديد

في اليوم الثاني من المعركة، أطلقت قوات "إدارة العمليات العسكرية" هجوماً على قوات النظام في ريف إدلب الشرقي، وتمكنت من السيطرة على مدن وبلدات، منها داديخ وجوباس وكفربطيخ المحاذية لمدينة سراقب.

وقالت الإدارة في بيان: "بفضل الله تواصل قواتنا تقدمها الميداني بثبات لليوم الثاني على التوالي في إطار عملية ردع العدوان، حيث تمكنت وحداتنا من فرض سيطرتها على بسرطون وأرناز والشيخ علي ومعمل الزيت، إضافة إلى ريف المهندسين الثاني الذي يُعد إحدى أهم القواعد العسكرية التابعة للنظام المجرم غرب حلب".

وأردفت: "كما أحرز مقاتلونا تقدماً استراتيجياً في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، بتحرير قرية داديخ وتلتها، مما أدى إلى إرباك واضح في صفوف العدو وتراجع قدرته على التنظيم والرد".

عقدة وصل استراتيجية

وبذلك تصل فصائل المعارضة إلى مناطق قريبة من الطريق الدولي دمشق - حلب، ومن مدينة سراقب الاستراتيجية شرقي إدلب، التي تعتبر عقدة وصل بين طريقي دمشق - حلب (M5) وحلب - اللاذقية (M4).
 

بالنسبة للطريق الدولي "دمشق - حلب" (M5)، كانت فصائل المعارضة تسيطر على أجزاء منه في حماة وإدلب وحلب، لكن النظام تمكّن بدعم روسي من بسط نفوذه على كامل الطريق، بعد السيطرة على مدن رئيسية في إدلب، منها خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب، وتحظى فصائل المعارضة حالياً بإشراف جزئي على الطريق عبر التلال الحاكمة، من دون أي وجود فعلي، ومنذ سيطرة النظام على الطريق في عام 2020، اقتصر عمله على الحركة من وإلى المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام، واستُخدم للحركة التجارية والنقل العسكري.

يُعتبر M5 الطريق الرئيسي للنقل البري بين المناطق الشمالية والجنوبية في سوريا، وكان حيوياً لتدفق البضائع والتجارة بين المدن الرئيسية قبل اندلاع الثورة. لطالما كانت السيطرة عليه بالكامل هدفاً استراتيجياً رئيسياً للنظام وداعميه خلال السنوات الماضية.

أما طريق "حلب - اللاذقية" الدولي (M4)، يخضع جزء كبير منه لسيطرة المعارضة في إدلب التي يمر منها الطريق، وتمتد سيطرة الفصائل على الطريق من ريف جسر الشغور غربي إدلب إلى حدود مدينة سراقب شرقي المحافظة.

وحاول النظام بدعم روسي السيطرة على الطريق إلا أنه لم يفلح بذلك. وفي عام 2020، سيّرت تركيا وروسيا دوريات مشتركة عليه، وكان الطريق نفسه على طاولة التفاهمات بين أردوغان وبوتين في آذار 2020، وقد اتفق الرئيسان على إقامة ممر أمني على بعد ستة كيلومترات شمالي (M4) وستة كيلومترات جنوبه، لكن ذلك لم يحدث، وما زال ملف الطريق مجمّداً منذ ذلك الحين.

قراءة في تقدم الفصائل

أوضح الباحث في الشأن العسكري ضمن مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني، أنه منذ حوالي أكثر من شهرين ومع الدعاية والترويج لتحضير الفصائل لشن عملية على مدينة حلب، زادت خروقات النظام من هذه المنطقة وباستخدام الطائرات المسيّرة ضد مناطق سيطرة المعارضة، وبحسب حوراني، "تشكل المناطق المحررة حديثاً عاملاً من عوامل تخفيف الضغط السكاني في المنطقة بشكل عام، وتتقدم أكثر من مواقع مهمة للنظام وتعمل على تهديده بها".

ورأى حوراني في حديث مع موقع تلفزيون سوريا، أن التقدم نتج عنه السيطرة على جيوب في مناطق سيطرة النظام، هذه الجيوب من شأنها تحقيق ما يلي:

  • التأثير على مرافق استراتيجية يسيطر عليها النظام كما هو الحال بالسيطرة على خان العسل وداديخ، لأن السيطرة عليهما تهدد من جديد الطريق الدولي M5.
  • تشتيت قوات النظام في الدفاع على أطراف هذه الجيوب في وقت يعاني فيه من ضعف قدراته.
  • السيطرة تشكّل إعاقة ولو بشكل جزئي للإمدادات العسكرية واللوجستية.

أما الفوج 46، وهو من الوحدات التي تتبع للقوات الخاصة، كان قبل السيطرة عليه يُعتبر أكبر قاعدة للنظام في المنطقة من حيث ملاكه البشري وتمركز مستودعات السلاح فيه.

وشدد حوراني على أن "الرمايات التي ينفذها الفوج باتجاه المناطق المحررة كانت سبباً من أسباب النزوح والتهجير، وبالسيطرة عليه يفقد النظام هذه القاعدة، وتضعف قوته في منطقة غربي حلب، إضافة إلى سيطرة الفصائل على كميات كبيرة من السلاح من مستودعاته، ويمكن توظيفه من قبل الفصائل ليكون قاعدة انطلاق باتجاه محور جديد".