احتلال حوران: الانتقال إلى مرحلة جديدة من الكفاح السوري

2018.07.06 | 00:07 دمشق

+A
حجم الخط
-A

كل أسباب الثورة السورية، وظروفها وسياقاتها، وخيباتها ونجاحاتها، ونتائجها المرة والحلوة، متضمنة ومكثفة في اللحظة الحالية التي تمرّ بها حوران؛ ومنها أيضا يمكن اشتقاق أفق المستقبل.

استعداد نظام الأسد الدائم، لاقتراف ما فوق الجريمة، من أجل الحفاظ على السلطة.

كشفت حالة درعا عن كون الفئة الوطنية، الحريصة على حرية واستقلال البلاد هي الغالبة في صفوفهم، وصفوف السوريين، ولو جدت القوى الدولية، وعلى رأسها إسرائيل، بين الثوار من يمكن أن تركن لولائه وعمالته، لما سمح للقوات الروسية بمهاجمة حوران.

فساده وإفساد المجتمع السوري، قدرته على إيجاد وخلق الخونة، حتى بين الفئات الأشد تضرراً من جوره. رخص البلاد وكرامتها ومصالح شعبها، واستعداده للتنازل عن أي منها لأي جهة خارجية يمكنها أن تمنحه القدرة على البقاء، براعته في خلق مشاكل لجواره، واستثماره في احتياجهم له، خاصة على صعيد كنزه الاستراتيجي المتمثل بإسرائيل.   

على صعيد الثورة والثوار، كشفت حالة درعا عن كون الفئة الوطنية، الحريصة على حرية واستقلال البلاد هي الغالبة في صفوفهم، وصفوف السوريين، ولو جدت القوى الدولية، وعلى رأسها إسرائيل، بين الثوار من يمكن أن تركن لولائه وعمالته، لما سمح للقوات الروسية بمهاجمة حوران، لإعادة الحارس القديم المجرب، نظام الأسد.  

أيضا كشف الاختبار القاسي في حوران، كما في حلب والغوطة قبل ذلك، خطورة الافتقاد لقيادة موحدة. ليس بإمكان ثورة أن تكرس انتصارها، حتى لو حدث، بدون قيادة مركزية. ولعل بقاء نظام الأسد، كان أولاً بفضل تصلبه وتمركز أركانه حول رأسه.

كان على الثوار أن يفهموا بشكل عميق، وقبل أن تقع الفأس في الرأس، إن البلاد في حالة حرب، وفي الحرب لا أهمية تعلو على أهمية عنصر وحدة القيادة، الذي يؤمن إمكانية الاستجابة والمناورة على المستوى الاستراتيجي، ويمنع العدو من افتراس قواهم بالتقسيط المريح. وإن التباينات والاختلافات في الرأي والمعتقد وحتى الطموحات الفردية، يمكن تأجيلها إلى مرحلة أخرى. وعدم الاقتتال على جلد الثور قبل اصطياده.

كشفت أحداث حوران أيضاً عن قصور في الرؤيا الاستراتيجية، إذ لم يلحظ القائمون عليها البعدين الإقليمي والدولي للثورة السورية. لو كان ثمة رؤيا صحيحة لتم حشد الأصدقاء وفرز الأعداء، على نحو يصبح فيه العالم على شفير حرب عالمية ثالثة، إذا ما حاولت جهة دولية إجهاض الثورة. كنا على الأقل حافظنا على معادلة النظام لا يمكن تعويمه، الثورة لا تفنى.

وكان من أشد الهفوات التي ارتكبت هي مسايرة أو حتى دعم الجهاديين، الذين لم يكونوا فقط ذريعة لمناوئة الثوار وخنقهم، بل كانوا أداة مباشرة في إضعاف هؤلاء الثوار وتدمير قواهم من الداخل. الجهاديون كانوا سيكونون ورقة رابحة بيد الثوار لا سكينا في ظهرهم، لو لعبت بالمهارة التي يتمتع بها النظام، أو حتى حزب العمال الكردستاني.  

المشكلة الخطيرة الأخرى التي كشفت عنها الأحداث الأخيرة، وهي مرتبطة بمشكلتي القيادة والرؤيا،

شوهدت القوات الروسية تدخل قرى وبلدات حوران، بمدرعاتها وطائراتها وجنودها وراياتها، احتلال صريح يجعل المقاومة حق لا غبار على شرعيته، وواجب لا نقاش فيه على كل وطني سوري.

تتعلق بالموارد الذاتية، التي تتيح حداً أدني من الاستقلال وحرية الحركة، على سبيل المثال لو كان لدينا قيادة موحدة ومسؤولة، لوضعت يدها على موارد شرق سوريا التي تم تحريرها باكراً في ٢٠١٢، لتوحيد حركة الثوار وإدامتها، فأصبح الثوار وحركتهم، رهناً لميول الداعمين وأهوائهم ومصالحهم، لا مصالح الثورة.        

لقد شوهدت القوات الروسية تدخل قرى وبلدات حوران، بمدرعاتها وطائراتها وجنودها وراياتها، احتلال صريح يجعل المقاومة حق لا غبار على شرعيته، وواجب لا نقاش فيه على كل وطني سوري.

ومع أنها مرحلة جديدة، لكنها يجب أن تخاض بالاستفادة من دروس السنوات الثماني الماضية، على الصعيد الداخلي في الإطار الجيوبولتيكي، ومن قبل كافة المستويات والفئات، فمعركة التحرير يمكن أن تكون في آن معاً، معركة استعادة الأرض وتوحيد المجتمع، وبناء الدولة الوطنية الحقيقية، وهذا واجب الجميع، ومن أجل الجميع، وفوق الجميع.