اجتماع الدوحة.. هل يفتح آفاق الحل السياسي في سوريا؟

2021.03.12 | 05:33 دمشق

20210311_2_47282450_63284143.jpg
+A
حجم الخط
-A

لم تكن جولة وزير الخارجية، و"كاهن" الدبلوماسية الروسية، سيرغي لافروف، في منطقة الخليج العربي لتمر مرور الكرام، لولا الملفات التي تأبّطها وجال فيها على عدد من العواصم الخليجية العربية، باحثا في أروقتها عن تفاهمات بينية مع بعض دول الخليج العربي حول ملفات عربية (سوريا وليبيا واليمن) وغيرها.

فالرجل الذي يحاول إدارة ملفات عدة، منها الملف السوري، وهو ما يهمنا في هذا السياق، يروم البحث عن مخرج لحليفه في دمشق، بشار الأسد، بعد أنهكت العقوبات الدولية وتداعيات قانون قيصر والعقوبات الأميركية الدولية على إيران بسبب ملفها النووي، كلاً من الأسد وحلفائه، وأوصلت المواطن السوري المقيم في مناطق سيطرة النظام إلى حافة المجاعة، بحسب تصريحات أممية متوالية، آخرها ما كشف عنه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، من أن "60 في المئة من السوريين معرضون لخطر الجوع هذا العام". وهي التصريحات التي أدلى بها للصحفيين بمقر الأمم المتحدة في نيويورك تزامنا مع اقتراب الذكرى العاشرة للثورة السورية.

ما من شك أن هناك حاجة لوصول مزيد من المساعدات الإنسانية العابرة للحدود للوصول إلى جميع المحتاجين في سوريا، بحسب المسؤول الأممي، لكن عقدة التحالفات والأقطاب المتصارعة على الأرض السورية، جعلت الملف الإنساني واحدا من أبرز أوراق الضغط الممارس على السوريين على مختلف انتماءاتهم.

إعلان وزراء الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والقطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني والتركي مولود جاويش أوغلو، عن إطلاق عملية تشاورية جديدة بشأن سوريا بين دولهم، بهدف الوصول إلى حل سياسي دائم في سوريا، شكل "مفاجأة" ربما تكون سارة مع اقتراب ذكرى عشرية الثورة السورية، لما للدول الثلاث من تأثير ونفوذ واضح على الملف السوري المتنازع عليه من قبل الفرقاء الدوليين. وإشارة وزير الخارجية الروسي لافروف إلى عدم منافسة المسار الجديد لمسارات أخرى (جنيف، سوتشي، أستانا..) قد يكون المراد منها محاولة امتصاص ردود الفعل الدولية والإقليمية حول التطور الجديد في الملف السوري، وتأمين نجاحه واستمراره بمعزل عن محاولات الإفشال التي قد تضطلع بها دول وجدت نفسها شيئا فشيئا خارج خريطة الجغرافية السورية سياسيا.

التعويل على المسارات المتناسلة لإيجاد حل سلمي أو سياسي في سوريا لا يمكن التعويل أو المراهنة عليه بطبيعة الحال، لكن ما يختلف في قمة الدوحة حول سوريا، هو جمعها لثلاث دول بإمكانها إمساك الخيوط السياسية والإنسانية/ المعيشية في الملف السوري، في ظل رعاية روسيا لنظام الأسد من جهة، ووقوف كل من تركيا وقطر إلى جانب خيارات الشعب السوري في مواجهة جلاده، من جهة أخرى. ما يجعل باب التفاؤل بخصوص الملف السوري مواربا، بالتزامن مع الذكرى العاشرة لانطلاق ثورة شعبها ضد مستبدها، ويفتح آفاقا جديدة يمكن البناء عليها، لا سيما إذا أخذنا بعين الاعتبار انخراط الدول الثلاث بشكل مباشر في الملف السوري، وقدرتها على اجتراح مخرج للانسداد السياسي في سوريا، واستبعاد "العنصر المعطل" والمتفق على مشاغبته سياسيا وعسكريا، والمعني هنا إيران تحديدا، وخروجها من دائرة القوى الفاعلة في الملف السوري بسبب انشغالها بمفاوضات عودتها إلى الاتفاق النووي، واحتمال فقدانها للعديد من الأوراق الإقليمية في سياق مفاوضاتها.

قد يكون الترقب والانتظار لما ستؤول إليه الاجتماعات المقبلة للدول الثلاث والتي تم الاتفاق على عقد الاجتماعين المقبلين في تركيا وروسيا، على التوالي، خيارا متعقلا ومتفهما في الوقت ذاته، بانتظار تكشف الحقائق وتوضح الصورة الكلية، لكن مقدمات الانفراج السياسي تلوح في الأفق، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار إمكانية ربط السلال التفاوضية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية التي يخشى الأسد أن يفقد ما تبقى من نفوذه لدى ما تبقى من الموالين له بحكم ضغوط الحياة المعيشية على السوريين في مناطق سيطرة نظامه، وربما تشهد الأيام المقبلة اجتماعات مفاجئة أخرى للكشف عن نتائج القمة الثلاثية، و"مواجهات" متصاعدة بين موسكو وطهران تحديدا، التي سوف تجد نفسها للمرة الأولى.. وربما الأخيرة، خارج الفضاء السوري!.