icon
التغطية الحية

ابتزاز سياسي أم فرصة للتعافي.. ندوة في دمشق تناقش إعادة تقييم العقوبات على سوريا

2025.01.21 | 13:07 دمشق

آخر تحديث: 21.01.2025 | 15:33 دمشق

645
مخاوف من تحولها إلى أداة ابتزاز سياسي.. ندوة "إعادة تقييم العقوبات على سوريا" في دمشق لتحقيق التوازن بين المساءلة والتعافي
دمشق ـ حنين عمران
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- تأثير العقوبات على سوريا: عقد المنتدى السوري ندوة في دمشق لمناقشة العقوبات المفروضة على سوريا، مع التركيز على تصنيفها ودور الشعب السوري في إعادة تقييمها، وأهمية العقوبات في إضعاف النظام السابق.

- الأثر الاقتصادي للعقوبات: تناولت الندوة أنواع العقوبات مثل القطاعية والفردية، وأثرها السلبي على الاقتصاد السوري، مع التأكيد على ضرورة رفع العقوبات القطاعية لتحسين الوضع الاقتصادي.

- التحديات السياسية والابتزاز: ناقشت الندوة المخاوف من الابتزاز السياسي في سياق رفع العقوبات، وأهمية إعادة النظر في أهداف العقوبات وربطها بالواقع الحالي للسوريين.

عقد المنتدى السوري ندوة بعنوان "إعادة تقييم العقوبات على سوريا: تحقيق التوازن بين المساءلة والتعافي والانتقال السياسي"، في قاعة "إشبيليا" في فندق شيراتون دمشق.

وقاد الندوة، الباحث الاقتصادي كرم الشعار، والباحث في العلوم السياسية جمال منصور، والمحامية زهرة البرازي مدير البرامج في البرنامج السوري للتطوير القانوني.

تضمنت الندوة مناقشة العقوبات على سوريا من حيث تصنيفها ونوعها، ودور الشعب السوري في إعادة تقييم العقوبات أو حتى المساهمة في فرض عقوبات جديدة على بعض الشخصيات المرتبطة بالنظام المخلوع، وأهمية العقوبات التي أسهمت في تهالك النظام المخلوع خلال السنوات الماضية وإعادة تقييمها للتخلص منها بعد سقوطه.

"لدينا القدرة والدافع وعلينا الواجب"

تضمنت الندوة تأكيدات على دور السوريين في المرحلة الحالية كما كان لهم كبير الدور قبل سقوط النظام لفرض العقوبات ولا سيما دورهم في قانون قيصر، أما الآن وبعد سقوط النظام؛ فللسوريين دور كبير في الدفع نحو إعادة تقييم هذه العقوبات والنظر فيها من قبل الولايات المتحدة الأميركية والدول الأجنبية، وبالتالي المطالبة برفعها بأسرع ما يمكن.

أكد الدكتور جمال منصور، على دور المبادرات الفردية ولا سيما بعد زوال حالة القمع التي كان يفرضها النظام على أي مشاركة سياسية للسوريين، كما تحدثت زهرة البرازي عن إمكانية تقديم السوريين للمساعدة في مواقعهم كمواطنين من خلال تقديم معلومات حول الشخصيات المرتبطة بالنظام المخلوع وأماكن إيداع أموالهم وثرواتهم التي جمعوها من خلال ارتباطهم بسلطة الأسد البائدة، كما ذكرت برازي قصصاً عن دور بعض السوريين في المساهمة بإلحاق العقوبات بنظام الأسد عبر المعلومات التي أدلوا بها والوثائق التي قدموها.

كيفية تصنيف العقوبات على سوريا

تحدث الباحث كرم الشعار عن كون العقوبات المفروضة على سوريا تنقسم إلى عقوبات قطاعية أحادية الجانب، وعقوبات مُستهدِفة أو فردية، وبناءً على هذا التقسيم يمكن معرفة آليات رفع هذه العقوبات المشروطة وغير المشروطة.

وعبّر الشعار، في الندوة، عن إيمانه بالرفع غير المشروط للعقوبات ولا سيما العقوبات القطاعية أحادية الجانب، ويتضمن ذلك فهم أن بعض العقوبات المفروضة على مؤسسات أو شركات أو قطاعات كاملة، إنما هي تؤثر سلبياً في القطاع بأكمله وبالتالي زيادة العبء على الاقتصاد وتضرر بعض الاستثمارات.

وتعرّف العقوبات أحادية الجانب بأنها العقوبات التي يتم إقرارها من قبل دولة تجاه أخرى خارج إطار الأمم المتحدة أو مجلس الأمن. 

أما العقوبات القطاعية فهي العقوبات التي تحظر أنشطة معينة مثل البيع والشراء أو التصدير أو المساهمة في صناعات أو قطاعات معينة مثل: التكنولوجيا والاتصالات، النفط والغاز، شبكات الكهرباء.

يُشار إلى أنّ العقوبات الأولية الأميركية التي كانت مفروضة على النظام المخلوع هي الأشد؛ إذ حظرت هذه العقوبات جميع العلاقات التجارية والمالية بين أميركا وسوريا مع استثناء لفئات معينة من المساعدات الإنسانية مثل الغذاء والدواء، إلى جانب حظر استخدام النظام المالي الأميركي من قبل البنوك والشركات الأجنبية لمعالجة المعاملات المتعلقة بسوريا. 

وفي عام 2019 فرضت عقوبات ثانوية بموجب قانون "قيصر" لحظر فئات معينة من التجارة مع دول ثالثة.

النظام المخلوع كان "ميتاً سريرياً"

وصف الباحث كرم الشعار النظام البائد بالميت سريرياً؛ مشيراً إلى دور العقوبات التي فرضت عليه في إهلاكه اقتصادياً وهو عامل مهم في سقوطه. أما السنوات الماضية التي استطاع فيها البقاء في سدة الحكم فكانت بسبب ملء خزائنه من تجارة الممنوعات والعمل الميليشياوي الذي قامت به أجهزته، ولا سيما من خلال تجارة "الكبتاغون". 

يصف الشعار رأس النظام المخلوع برئيس العصابة الكبتاغونية الذي تخلصت منه ومن شرّه الدول المحيطة من دون استثناء، لا السوريين فقط؛ لذا صار من الضروري إعادة النظر في العقوبات المفروضة على سوريا ومحاولة رفعها لكون مسببها ذهب من دون رجعة.

أهمية رفع العقوبات عن القطاع المصرفي

وتشمل العقوبات على سوريا المؤسسات الحكومية ومصرف سوريا المركزي وشركات الاتصالات؛ فالعقوبات القطاعية المفروضة من الاتحاد الأوروبي تمنع استيراد وتصدير وبيع المعدات الإلكترونية والتجهيزات التكنولوجية وتفرض القيود على استيراد وتصدير المعادن الثمينة والذهب، وتجميد الأصول لهيئات مثل مصرف سوريا المركزي. كما تقيّد هذه العقوبات الاستثمارات والتأمين وإعادة التأمين في سوريا، وتحدّ من قدرة البنوك على العمل في الاتحاد الأوروبي.

وقد أوضح الدكتور جمال منصور خطورة بقاء بعض العقوبات القطاعية التي صارت ذات قيمة سلبية في الوقت الحالي بعد سقوط النظام المخلوع لكونها تعرقل عمل قطاعات كاملة ولا سيما تلك المفروضة على القطاع المصرفي. ومن جانبه تحدّث كرم الشعار عن تقييد بعض الاستثمارات ولا سيما الخليجية منها وذلك بسبب العقوبات المفروضة على سوريا، وهنا تكمن أهمية رفع العقوبات القطاعية أحادية الجانب ومنها تلك المفروضة على القطاع المصرفي، بسرعة ومن دون شروط.

مخاوف من الابتزاز السياسي

من المسائل الشائكة التي يتم الحديث عنها عند مناقشة العقوبات على سوريا وآليات دفع عجلة رفعها أو تعليق بعضها إلى الأمام، هي مسألة "الابتزاز السياسي" التي قد تلوّح بها بعض الدول في وجه السوريين، وهي متعلقة باشتراط رفع العقوبات بتنازلات سياسية جسيمة.

يأتي من ضمن الشروط التي تثير قلق السوريين والباحثين الاقتصاديين، بشرط الاعتراف بالوجود الإسرائيلي على الأراضي السورية مقابل نيل رضا إدارة ترامب ومن ثَمَّ قبولها برفع العقوبات، أو الشرط المرتبط بخروج القواعد الروسية من سوريا في مقابل تزمت روسيا، أو شرط الأمن القومي التركي مقابل رفع العقوبات، وبالتالي ترسيخ وجود القوات التركية في الشمال السوري.

وتأتي هذه الشروط من ضمن محاولات بعض الدول الأجنبية "الاستقواء" على السوريين كما وصفها كرم الشعار، الذي نوّه أن العقوبات كانت موجهة لإضعاف نظام وردعه عن استخدام العنف والإبادة ضد شعبه، أما الآن فصار لزاماً إعادة النظر في أهداف العقوبات ومبررات الإبقاء عليها وموجبات رفعها أو تعليقها، بربطها بالواقع الحالي للسوريين.

وتحدّث الشعار بدوره عن كون العلاقة مع الغرب "علاقة إشكالية" وتحمل مآزق أخلاقية للسوريين؛ لسببين أساسيين: أولهما ما خلقه النظام السوري وبعض الكيانات التي نشطت على الأرض السورية من تصورات حول السوريين وطريقة التعامل معهم وحتى كيفية التعاطف معهم. وثاني الأسباب هو كيفية تعاملنا كسوريين مع دول أيدت المجازر بحق الفلسطينيين؛ فكيف يمكن مقاطعة مصالحنا من دون المساس بقدسية القضية الفلسطينية؟ كما أشار الشعار إلى ضرورة الحذر من ابتزازنا بالجولان.

العقوبات المرتبطة بالتشكيلات الإسلامية

فرض مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ما أسماه بـ "إجراءات مكافحة الإرهاب" على بعض الجماعات المسلحة التي نشطت على الأراضي السورية خلال سنوات الحرب، وألزم مجلس الأمن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بالامتثال لهذه الإجراءات التي تشمل تجميد أصول وحظر التمويل ودعم الأنشطة المرتبطة بتلك الجماعات، وتخضع "هيئة تحرير الشام" لهذه الإجراءات.

وفي مداخلة للإعلامي وائل التميمي خلال الندوة، تساءل إذا ما كانت العقوبات المفروضة على هيئة تحرير الشام هي عقوبات تشمل أفراداً أم الكيان بكامله؟ وهل تسقط العقوبات بحلّ الهيئة؟

وقد أجاب الشعار بأن العقوبات مفروضة على هيئة تحرير الشام كمنظمة وعلى أعضائها كعقوبات على الأفراد أيضاً؛ لذلك فإن حلّ الهيئة لا يعني إسقاط العقوبات عن أفرادها.

يشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية أصدرت في السادس من كانون الثاني الجاري إعفاءً من العقوبات على المعاملات مع المؤسسات السورية لمدة 6 أشهر عقب سقوط النظام، لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا. وقد سمي هذا الإعفاء بـ "الترخيص العام" الذي شمل قطاعات الكهرباء والمياه والطاقة والصرف الصحي والمستشفيات والمدارس، ويسمح بإجراء معاملات دولية مع الإدارة الجديدة حتى لو كان أحد أفرادها مصنفاً على لوائح الإرهاب، بشرط ألا تشمل هذه المعاملات وكالات عسكرية أو استخبارية. وأوضحت الخزانة الأميركية أن عقوبات واشنطن على الأسد وهيئة تحرير الشام والكيانات المرتبطة بهما لا تزال مستمرة بغض النظر عن "الترخيص العام" الذي يُعد استثناءً إنسانياً لصالح السوريين في المرحلة الانتقالية.