icon
التغطية الحية

إيران تنقل اجتماعاتها السرية من دمشق إلى بيروت خوفاً من الاستهداف الإسرائيلي

2023.04.14 | 11:19 دمشق

غارة إسرائيلية على دمشق
غارات إسرائيلية على مواقع للنظام وإيران في دمشق
تلفزيون سوريا ـ ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

أفادت مصادر خاصة لتلفزيون سوريا أن ميليشيا فيلق القدس عمدت مؤخراً إلى نقل مقر اجتماعاتها السرية التي يعقدها بشكل دوري من دمشق إلى بيروت عقب تصاعد الهجمات الإسرائيلية ضد إيران في سوريا.

وأضافت المصادر أن الاجتماعات تهدف لتنسيق الجهود مع الوكلاء المحليين والعمل على وضع خطة لتوحيد ما يعرف بـ "ساحات المقاومة" بهدف الرد على الغارات الإسرائيلية المستمرة.

ويأتي قرار نقل مكان الاجتماعات السرية إلى بيروت بعد الاستهداف الإسرائيلي العنيف لمقر إيراني في كفرسوسة في 19 شباط الماضي، والتعطيل المتعمد لمطار حلب الدولي مرتين خلال شهر آذار الماضي.

وتفيد المعلومات بأن دمشق وأحياءها لم تعد مكاناً آمناً لعقد اجتماعات "محور المقاومة" الذي يقوده إسماعيل قاآني، قائد فيلق القدس، بالتنسيق مع قيادات بارزة في حزب الله، بعد الاستهداف الإسرائيلي الدقيق لمبنى يتبع للوحدة 840 في فيلق القدس في حي كفرسوسة الدمشقي.

وكان موقع إنتلي تايمز الإسرائيلي والمهتم بالقضايا الاستخباراتية قد نشر مقطع فيديو في كانون الأول 2021 يظهر تفاصيل عملية سرية نفذها "جهاز غربي" لاقتحام شقة سكنية (مقر الوحدة 840) في ذات الحي قبل أربعة أشهر من انتشار الفيديو.

وبحسب المصادر، تعززت القناعة لدى قاآني أن إيران مكشوفة استخباراتياً في سوريا بعد سقوط قرابة ثلاث من نخبة خبراء وضباط قوات المشاة في فيلق القدس كانت إيران قد أعلنت مؤخراً مصرعهم في سوريا نتيجة الغارات الإسرائيلية خلال أقل من شهر واحد فقط.

وتقول المعلومات إن المطارات السورية لم تعد آمنة لهبوط الطائرات الإيرانية الخاصة التي تنقل شخصيات أمنية وعسكرية إيرانية حساسة لا تتحمل إيران عبء خسارتها الحساسة بالاستهداف الإسرائيلي في سوريا.

اقرأ أيضا: عقب ضرب إيران في سوريا.. نتنياهو: نكبد الأنظمة الداعمة للإرهاب ثمناً باهظاً

لذلك عملت قوة القدس على التخطيط لنقل مقر اجتماعاتها مع وكلائها المحليين إلى بيروت بدلاً من دمشق مؤخراً، وذلك باستخدام طريقة احتيالية لا تلفت الانتباه من خلال الاعتماد على نقل هذه الشخصيات باستخدام طائرات تجارية غير إيرانية كأجنحة الشام على مرحلتين (مطار خميني أو مهر اباد - مطار دمشق أو حلب - مطار بيروت كوجهة نهائية).

وقارن تلفزيون سوريا المعلومات الخاصة التي وصلته مؤخراً مع بيانات المصادر المفتوحة ومختصي تتبع حركة الطيران، ليجد أن  طائرات أجنحة الشام (a320 yk-bae & a320 yk-bag) كانت تقضي فترات طويلة (أكثر من خمس ساعات في بعض الأحيان) في مطار بيروت، خلافاً لجداول رحلاتها المعهودة، بعد يوم واحد فقط من زيارتها السريعة لطهران.

مراجعة للخلفيات الأمنية

شكلت كارثة الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا في 6 شباط هدية ثمينة لفيلق القدس استغلها بشكل جيد. بحسب ما رصده تلفزيون سوريا من مصادر مفتوحة، نقلت عشرات الطائرات الإيرانية والسورية (ماهان إير، قشم، القوات الجوية الإيرانية، السورية للطيران، وأجنحة الشام) أطنانا من الحمولات المشبوهة إلى سوريا تحت أغطية المساعدات الإنسانية.

وفي يوم واحد فقط (9 شباط)، هبطت أكثر من أربع طائرات إيرانية في مطاري حلب ودمشق.

كان شهر شباط المدمر والفترة الذي تلته مساحة شعرت فيها إيران بارتياح شديد لنقل مختلف العناصر التي تراها إسرائيل تهديداً مباشراً لأمنها القومي. وبدت حينها الساحة السورية شبه فارغة بالنسبة لإيران بعد تنفسها الصعداء بتوقيع اتفاقها الأخير لخفض التصعيد مع السعودية، وانشغال الفاعلين الدوليين في سوريا بقضايا احتلت أولوياتهم القصوى، كالحرب الأوكرانية وتداعيات الزلزال، لكن كل هذه المعطيات الخطيرة تغيرت بعد غارة كفرسوسة والاستهداف المتتالي لمطار حلب الدولي.

بحسب المصادر، شهدت الفترة التي تلت ضرب مطار حلب الدولي للمرة الثانية في آذار الماضي انخفاضاً كبيراً في رحلات الطائرات الإيرانية إلى سوريا، وبقيت الرحلات التي تقودها شركة أجنحة الشام تسير وفق الرحلات المجدولة.

كيف يتنقل قادات فيلق القدس الإيراني؟

تتقصد الطائرات الإيرانية المشبوهة إطفاء راداراتها في أثناء التحليق على مسار طهران - دمشق، لكن الظروف تجبرها في بعض الأحيان على تشغيل نداء الطيارة قبل عملية الصعود والهبوط في المطار، أو في أثناء تجاوزها الحدود الدولية على هذا المسار. وهذا ما يجعل من تتبع هذه الطائرات أمراً في متناول اليد، خاصة إذا ما كانت هذه الطائرات لها تاريخ معروف بنقل قيادات الحرس الثوري وكبار ضباط فيلق القدس الإيراني.

بعد مقتل قاسم سليماني، قائد فيلق القدس السابق، في غارة نفذتها الولايات المتحدة بطائرة مسيرة قرب مطار بغداد، بدأ نشاط فيلق القدس في المنطقة، خاصة في سوريا، يتجه رويداً رويداً نحو الظل، كما كان منذ بداية عهد سليماني في قيادة هذه القوة الإرهابية.

خلافاً لسلفه المقتول، لم يزر قاآني سوريا سوى مرات قليلة يمكن عدها على أصابع اليد الواحد منذ توليه قيادة قوة القدس عام 2020.

وفي حين أعلنت مواقع إيرانية بالصور وصول قائد فيلق القدس لحلب في زيارته الأولى لسوريا منذ ديسمبر 2022، مستغلاً الظروف الإنسانية التي خلقها الزلزال المدمر في 6 شباط الماضي، اكتفت المنصات الإيرانية بالإعلان عن زيارته الثانية بعد أيام قليلة من دون نشر أي صور أو تفاصيل أخرى عن موقع وحيثيات الزيارة.

بينما لا تكترث إيران بكبر خسائرها من الوكلاء المحليين الرخيصين أو المعدات العسكرية، مهما كان حجم هذه الخسائر، يكمن القلق الإيراني الحقيقي من سقوط قياداتها المفصلية الحساسة وغير القابلة للتعويض.

أصبح من الواضح أكثر من أي وقت مضى أن إسرائيل تتعمد اصطياد نخبة المدربين والقوات البرية في فيلق القدس في سوريا.

إلى جانب استراتيجيتها السابقة باستهداف الخبراء الفنيين الثمينين.

في ثالث استهداف إسرائيلي مؤكد، أعلنت القنوات التابعة للحرس الثوري الإيراني في 11 نيسان مقتل جواد أمير زاده، أحد ضباط القوات البرية للحرس الثوري، "بشكل مفاجئ"، بعد أيام فقط من الإعلان عن مقتل ميلاد حيدي ومقداد مهقاني في غارة إسرائيلية حول حي  الميدان الدمشقي في 31 آذار.

وبحسب المصادر، تثير هذه الاستهدافات الإسرائيلية المؤلمة والرادعة، والتي نادراً ما تشهدها الساحة السورية، حساسية لدى الإدارة الإيرانية قد تدفعها للرد بأشكال مختلفة.

"توحيد ساحات المقاومة" ونظام الأسد في موقف محرج مع زحمة حركات التطبيع

بحسب المعلومات، خططت إيران منذ منتصف مارس الماضي لتفعيل استراتيجية جديدة تقوم على توحيد ساحات الرد على الغارات الاسرائيلية في محاولة لتخفيف الضغط المتزايد عنها في سوريا، وهي اليوم تسعى لمزيد من التصعيد انطلاقاً من عدة ساحات مع اقتراب يوم القدس المقرر عقده غداً في 14 نيسان.

وتهدف استراتيجية توحيد الساحات بالدرجة الأولى لسد الثغرة الإعلامية التي تعاني منها إيران منذ قرابة عقد من الزمن نتيجة الغارات الإسرائيلية والخسائر التي تكبدتها مؤخراً على صعيد القيادات ذات الجنسية الإيرانية في حي كفرسوسة والميدان.

ويرى فيلق القدس أن الاستراتيجية الجديدة، التي سترفع معنويات الوكلاء المحليين حتماً وتظهر قدرة إيران على الرد ولو بشكل متحفظ ومدروس، يمكن أن تشتت الجهود الإسرائيلية في مقاومة المشاريع الإيرانية الطموحة والحثيثة، وتسهم في تخفيف الضغط الإسرائيلي بشكل جزئي على الساحة السورية.

في جولة التوترات الأخيرة التي شهدت بشكل شبه متزامن إطلاق صواريخ تكتيكية انطلاقاً من غزة والأراضي اللبنانية والجنوب السوري، اكتفت إسرائيل بالرد على مصادر النيران والالتزام بقواعد الاشتباك المعهودة على الساحة الفلسطينية واللبنانية، مع محاولة تحييد حزب الله عن دائرة الصراع.

على الجانب الآخر، ذهب الرد الإسرائيلي على الساحة السورية أبعد من ذلك لاستهداف مواقع عسكرية للنظام السوري ومقار القيادة والسيطرة التابعة للفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد، شقيق الدكتاتور السوري، فيما اعتبره الكثير من المراقبين أقرب تهديد غير مسبوق لحياته جاء على شكل رسالة إسرائيلية تحذيرية شديدة اللهجة.

في ساحة مستباحة من قبل الطائرات الإسرائيلية منذ قرابة عقد من الزمن، لا يمكن تصور بشكل دقيق طبيعة الخسائر البشرية والمادية التي يمكن أن يتلقاها نظام الأسد نتيجة الردود الإسرائيلية على الاستراتيجية الإيرانية الأخيرة.

لا يبدو أن إيران تظهر أي مؤشرات بالتراجع عن استراتيجيتها الأخيرة، رغم التصعيد الكبير الذي شهدته مختلف الساحات. ومن المرجح أن تتمخض الاجتماعات السرية عن نتائج فعلية على أرض الواقع، ونشهد المزيد من التصعيد انطلاقاً من الجنوب السوري، وهو ما سيضع نظام الأسد هذه المرة في موقف محرج للغاية، ويعرض كبار قاداته ورؤوسه للخطر الشديد.