إيران تطوق حلب بنقاط مراقبة "خفض التصعيد" وتعزل تركيا

2018.05.29 | 01:05 دمشق

+A
حجم الخط
-A

في ظل القصف الإسرائيلي المستمر على الأهداف العسكرية الإيرانية في سوريا، أعلن رئيس هيئة الأركان العامة الروسية، الفريق سيرغي رودسكوي نشر قوات بلاده 10 نقاط مراقبة، بينما أنشأت إيران 7 نقاط.

وتزامن الإعلان الروسي مع انتهاء تركيا من تثبيت نقطتها الـ 12 في شير مغار جنوب غربي جبل شحشبو، والمطلة على كامل سهل الغاب.

وأكدت هيئة الأركان الروسية، يوم الأربعاء، "وجود تنسيق عسكري بين الدول الضامنة الثلاث يتعلق بتبادل المعلومات عن التطورات وانتهاكات الهدن واتخاذ إجراءات تمنع وقوع الحوادث الأمنية".

وأشار قائد الأركان الروسية إلى أن الوضع في إدلب "يستقر بشكل تدريجي ونستكمل إقامة نقاط المراقبة على طول خطوط التماس من قبل الدول الضامنة في مفاوضات أستانة".

ونشرت وزارة الدفاع الروسية خريطة توزع نقاط المراقبة التابعة لها ولإيران والمرتقب تثبيتها في منطقة خفض التصعيد في إدلب والتي تضم كامل محافظة إدلب إضافة إلى أرياف حماة وحلب واللاذقية.

 

نقاط المراقبة الروسية:

تتوضع نقاط المراقبة الروسية (حسب الخريطة) في كل من حندرات، شمال مدينة حلب وتقابل النقطة التركية السابعة المتركزة في عندان. والنقطة الثانية في أحياء حلب الشرقية التي سيطر عليها النظام بعد استسلام فصائل المعارضة وخروجها من هناك نهاية عام 2016.

وتقابل النقطة الروسية الثالثة في بلدة الحاضر النقطة التركية الرابعة المتمركزة أعلى "تل العيس" في ريف حلب الجنوبي.

وتخصصت النقاط الروسية، الرابعة، الخامسة، السادسة والسابعة بتأمين سكة قطار الحجاز التي تصل مدينة حلب بالعاصمة دمشق مروراً بحمص وحماة. واتخذت النقاط من بلدات، أبو الظهور، الشيخ بركة (جنوب سنجار)، أبو دالي (جميعها في المناطق الإدارية التابعة لمحافظة إدلب) وصوران في ريف حماة الشمالي والتي تعتبر نقطة متقدمة شمالا عن سكة قطار الحجاز في معردس، وتقوم نقطة المراقبة الروسية في صوران إلى جانب حماية سكة قطار الحجاز، بمهمة حماية طريق حماة - حلب الدولي وتقابل النقطة التركية التي انتشرت في مورك. وهي بمثابة نقطة أمنية لمعبر مورك في مناطق النظام، خصوصا مع ترجيح فرضية فتح الطريق الدولي.

واتخذت نقطة المراقبة الثامنة من الضفة الجنوبية لنهر العاصي وهي المنطقة المواجهة للأراضي الزراعية التابعة لبلدة اللطامنة.  وانتشرت النقطة التاسعة جنوب قلعة المضيق التي يسيطر عليها جيش النصر أحد أبرز فصيلين ينضويان تحت لواء الجيش السوري الحر في محافظة حماة.

 وثبتت القوات الروسية نقطتها العاشرة في قرية عين الريحانية جنوب جورين، والواقعة على الطريق الغربي لسهل الغاب، الذي يصل بين جسر الشغور في محافظة إدلب، شمالاً وبلدات جورين وعين الكروم ونهر البارد وصولا إلى مصياف جنوباً. فيما لم تكترث القوات الروسية في كامل غرب إدلب ومحافظة اللاذقية وفضلت عدم انتشارها هناك.

اللافت، في خريطة نقاط مراقبة "خفض التصعيد التي أعلنت عنها وزارة الدفاع الروسية هو وجود نقاط مراقبة إيرانية في "منطقة خفض التصعيد" ولعل مايثير الدهشة أكثر من الإعلان الروسي نفسه، هو صمت المعارضة السورية الرسمية المشغولة بتسمية أعضائها في "لجنة صياغة الدستور" وصمت أعضاء وفد أستانة-9 بسياسييه رجالا ونساء وغياب لردة فعل ممثلي فصائل الورق، حتى من انتقد وجود إيران وصرخ في مسرحية هزلية: " إيران قاتل.. إيران لا توقع"، ظل صامتا بعد أن حضر الجلسة العامة لاجتماع أستانة-9، متستراَ بضخامة جسد أحد قيادي فصيله.

 

 

نقاط المراقبة الإيرانية:

وحسب الإعلان الروسي، ستنشر إيران سبع نقاط مراقبة، تتركز خمس منها في محافظة حلب، بينما اتخذت نقطة في معرزاف في ريف حماة الشمالي ونقطة أخرى في بيت جناورو، أقصى الحدود الشرقية لمحافظة اللاذقية على تخوم محافظة إدلب، بالقرب من بلدة الناجية التي تسيطر عليها الفرقة الساحلية الأولى، على الطريق الدولي الذي يصل بين حلب واللاذقية.

وتتركز أولى النقاط في ريف حلب الشمالي، ولم تنكفئ نقطة المراقبة إلى بلدتي نبل والزهراء الشيعيتين، بل تقدمت إلى آخر مناطق سيطرة النظام في بلدة ماير والتي تقع على الطريق الدولي المغلق والذي يصل بين حلب وغازي عنتاب التركية عبر بلدة اعزاز الحدودية مع تركيا.

ويلاحظ أهمية المواقع الاستراتيجية للنقاط الأربعة الأخرى، نقطة "أكاديمية الهندسة العسكرية" وهي أهم المنشآت التعليمية العسكرية في سوريا على الإطلاق، وتقع على طريق حلب- دمشق الدولي وتعتبر بوابة الدخول الغربية إلى مدينة حلب، وتواجه النقطة التركية في حي "الراشدين الرابعة". وتعتبر نقطة المراقبة الإيرانية في الوضيحي بالغة الأهمية باعتبار البلدة كبرى بلدات ريف حلب الجنوبي وهي محطة تلاقي سكة قطار الحجاز الواصل بين حلب واللاذقية وسكة قطار الساحل السوري- حلب، وترصد طريق حلب الرقة أو الدائري الجنوبي والمدارس العسكرية في حلب والشيخ سعيد ومحطة تحلية مياه حلب في الشيخ سعيد إضافة إلى منطقة الراموسة إحدى أهم المناطق الصناعية في حلب والشمال السوري، وتتحكم بلدة الوضيحي بكل الطرق الواصلة إلى حلب جنوبا. وتعتبر نقطة دفاع متقدمة عن أبرز المواقع العسكرية الإيرانية المتمركزة إلى الشرق منها في جبل عزان وكانت الوضيحي مقتل فصائل المعارضة التي حاولت كسر حصار حلب الشرقية عام 2016 إذ قامت بالهجوم على كتلة المدارس العسكرية دون اكتراث لأهمية الوضيحي وهو ماساعد على الالتفاق على فصائل المعارضة وإفشال مخططها وقت ذاك.

 

وتأتي أهمية نقطة المراقبة الإيرانية الرابعة في شغيدلة بسبب ارتفاعها عن بلدة الحاضر، فهي تشرف على سهول مجرى نهر "قويق" وتساوي ارتفاعاً تل العيس حيث تتركز نقطة المراقبة التركية. وتقع النقطة عمليا في منطقة السد (سد شغيدلة) الذي توقفت عمليات بنائه مع إطلاق الثورة عام 2011 واتخذته المليشيات الإيرانية مقراً لها مع تكثيف نشاطها في ريف حلب الجنوبي عامي 2012 و2013.   وتربط نقطة المراقبة تلك بين الحاضر وجبل عزان وهي أيضاً نقطة دفاع متقدمة عن القاعدة الإيرانية في جبل عزان من جهة الجنوب الغربي.

وتحدد آخر نقاط المراقبة الإيرانية في ريف حلب الجنوبي في تل دلامة وهي آخر النقاط المرتفعة في ريف حلب الجنوبي وتشرف على سهل المطخ غربا ويقع أسفلها القرية التي كني التل باسمها (دلامة) التي تشقها سكة قطار الحجاز، فيما ينبسط شرقها في سهل تل الضمان.

في المقارنة بين نقاط الانتشار الروسية والإيرانية، يمكن تفسير الروسية أن النوايا الروسية تتمحور على مسألتين:

  •  إعطاء الروس أهمية لسكة قطار الحجار بهدف تشغليها لاحقا، وهي المستخدمة لنقل المواد الاستراتيجية كالقمح ومادة الفيول المستخدمة بتوليد الطاقة الكهربائية في المحطات الحرارية. إضافة إلى كونها أكثر أمناً في نقل الركاب بين حلب ودمشق مع تأخر فتح طريق حلب دمشق البري والذي يحتاج إلى تفاهمات سياسية وأمنية مرتبطة بتوحيد الفصائل ووجود فصائل غير منطبطة وتصنفها موسكو على أنها إرهابية حسب اتفاق أستانة. 
  • التركيز على المعابر البرية خصوصا معبر مورك ومعبر قلعة المضيق، فالأول البوابة البرية لمناطق خفض التصعيد التركية باتجاه مدينة حلب والثاني يشكل العمق إلى قرى ريف إدلب الجنوبي وأراضي محافظة حماة في قلعة المضيف وكفرنبودة، وكامل الشطر الشرقي لسهل الغاب، أماكن سيطرة فصائل المعارضة.

ورغم الوجه الاقتصادي الظاهر للانتشار الروسي، إلا أنه من الصحيح تفسيره على أنه مرآة للمسار الروسي لـ “التسوية السياسة" بمعنى أنه إعادة شرايين الحياة بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام وتحسين التبادل التجاري وحركة المشتريات سيدس السم في عسل عودة "مؤسسات الدولة" الخدمية والتعليمية وأمانة السجل المدني وهي الحاجيات الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها ولم تستطع مؤسسات المعارضة او الداعمون إنجاز منظومتها بعد سنوات من طرد النظام من الشمال السوري.

 

الخطير هو انتشار نقاط المراقبة الإيرانية، كما فصلناه أعلاه، مايمكن الانتباه إليه وتسميته مجازاً، خطة تطويق وعزل حلب، الأمر الذي شكل جدار حماية وعزل إيراني ضد الهلال التركي المحيط بحلب والذي بدأ مع صفقة حلب وعملية درع الفرات واكتمل مع اتفاق أستانة وتطور مع "غصن الزيتون" في عفرين ويكاد ينتهي مع انتشار تركيا في إدلب والاتفاق مع أمريكا في منبج.

وتتحكم طهران بكل طرق الإمداد في ريف حلب الشمالي والغربي بعد أن اتخذت لسنوات طويلة من ريف حلب الجنوبي معقلا رئيسا لها في شمال سوريا وبدأت بوضع منظومات دفاع جوية وبدأت بالتصنيع الحربي في معامل السفيرة إلى جانب النظام. وأنشات مقرات قيادة وتحكم ومعسكرات تجنيد لأبناء المنطقة وحسينيات تشييع لأبناء المنطقة، ولعل صور قاسم سليماني المتكررة في بلدة الحاضر أبرز مثال على أهمية المنطقة بالنسبة للحرس الثوري الإيراني.