"إيران تطلع برا".. أول المطالب وكلها

2020.08.12 | 00:02 دمشق

ayran.jpg
+A
حجم الخط
-A

في صيحات الشباب اللبناني - الحراك الثوري ومن معهم من المنتفضين والمحتجين في الساحات حزبيّين وغير ذلك - ما يُذكرنا ويعيدنا إلى طلب واحد تكرر في طول الدول المنتفضة وعرضها، هتاف عابر للحدود تبناه جميع المنتفضين، من مظاهرات سوريا الأولى قبل نحو عشر سنوات إلى اليمن فبغداد وعلى الدوام بيروت.. "عواصمنا حرة حرة إيران اطلعي برا".

هل هي صدفة!.. تخاطر ثوري محض!، إطلاقا لا، هو تعريف مكثف لكارثة واحدة تشمل الجميع، وتعريف أيضا لأس مأساة رباعي الدول المنتفضة، وأن ما يواجه محليا من مشاكل هو تجليات فقط، وصور قهر متمثلة بسُلطات كانت حسب كل المنتفضين في دول "هلال إيران المفترض" أنظمة حكم عميلة أو مسيرة وميسرة لمصالح طهران فقط، أو بأحزاب ذوي أذرع مسلحة تفرض أمرا واقعا بقوة سلاحها. ولن يعد ذلك سرا مستترا بعد تصريحات متكررة لا تنقصها الوقاحة من بعض المسؤولين الإيرانيين الحاليين أو السابقين على مدار السنوات الماضية، مفادها أن إيران تحتل دولا عربية أربع. مثلا في العام 2015 قال وزير الاستخبارات الإيراني السابق حيدر مصلحي "إيران تسيطر فعلاً على أربع عواصم عربية "، يقصد دمشق، بيروت، بغداد وصنعاء وعقّبَ بالقول إن "الثورة الإيرانية لا تعرف الحدود"، وهذا غيض من فيض تصريحات بذات السياق، وهذا أيضا لا يدع مجالا للشك بأن المشروع الذي حول إيران من حكم ملكي (حكم الشاه) إلى الجمهورية الإسلامية في إيران كدولة يحكمها الملالي هو المشروع المستمر والذي كانت من أدبياته وأسسه الانتشار في المنطقة وتصدير الثورة وأن عمود الجمهورية التوسع لصالح مركزية حكم آيات الله، التوسع في كل مكان وزمان، وهذا حاصل لكن بواقع أذرع منتشرة تقوى على حساب دولها لتنقض عليها فتبتلعها أو تسخرها لأهدافها.

وهنا نسوق دون تعليق تغريدة للباحث العراقي د. لقاء مكي "يعتقد البعض، أن الحرب مع إيران كان يمكن تجنبها، وتلافي خسائر لا تعوض. من الصعب تقييم افتراضات تاريخية، لكن بديل الحرب رغم قسوتها، كان تصاعد النشاط الإيراني الذي بدأ بالفعل داخل العراق، واحتدام المد الطائفي، وربما تصاعد حملات القمع، وحتى نشوب صراع أهلي".

المشروع إذن، وبعد عقود من الترسيخ في ظل فراغ أحدثته النظم الوظيفية، أصبحت مواجهته حتمية بالاقتلاع حربا، وقد جرب السوريون واليمنيون الاقتلاع وما زالوا يدفعون الثمن من حيواتهم في الحرب، ولم يحيدوا عن الهدف لأنه الخلاص وكذلك يفعل اللبنانيون الآن (ليتهم لا ينزلقون لحرب يجرون إليها) وقبلهم العراقيون، وما يرتجى في هذا المقام أن لا يدفع أحد ثمنا باهظا لاقتلاع الأذرع الإيرانية من العواصم الأربع، رغم أن معطيات الواقع تؤكد أن مشروع الخراب ممتد وللأسف له أنصار يعيشون في كل العواصم يغذونه وينفخون فيه الروح لمصالح دينية مذهبية ومصالح دنيوية سلطوية، وهذا يعني أن الأثمان باهظة، لكن المهم هو تشكل الوعي الراسخ لدى الجمهور في كل هذه الدول بأن مصدر الخراب وعراب استمراره واستمرار هذه الطغم الحاكمة هو إيران. وبالتالي اختصارا للدم والوقت كان هتافا عاليا في بيروت "بيروت حرة حرة إيران طلعي برا" وقبلها دمشق وبغداد وصنعاء.

هل لدينا مشاريع جاهزة وطنية قابلة للحياة، تكون بدائل للمشروع الإيراني؟

الوعي العالي والراسخ بالمشكلة وعلاجها ليس كل شيء فيما لو أردنا أن نحقق الهدف بل هو المرحلة الأولى ومن الجيد أنها بدأت مبكرا وبالتالي يُتلمس الطريق الصحيح مبكرا لكن الأصعب والأهم هو الخطوة التالية التي لا بد أن تكون مبنية على أساس مشروع بديل -وطني مضاد وقابل للحياة- فهل لدينا مشاريع جاهزة وطنية قابلة للحياة، تكون بدائل للمشروع الإيراني؟ للأسف ليس لدينا شيء ناضج في المدى القصير سوى الفوضى وهي محل ترحيب من الأذرع لأنهم يتمتعون بالتنظيم والدعم والعدمية، وهذا لا يتناسب مع الرؤى الحالمة بأوطان حرة كريمة -رؤى غير منظمة ولا تحظى بالدعم وبالضرورة الوجودية- وفي الإقليم لا يوجد بديل، وهذا يحمل النخب المحلية المسؤوليات الكبرى لقيادة الحراك (سوريا واليمن ليستا نماذج مشرقة في ذلك) وعليه فعلى اللبنانين وبقدر ما على العراقيين الاستفادة من الدروس.

هل البديل الوطني ممكن، نعم لكن يحتاج بذلا كثيرا وتضحيات وترفع وعفة ومسؤولية وحكمة وربما زهداً وزاهدين، ونحن ننتظر التجربة اللبنانية الآن المشكلة على وقع كارثة انفجار بيروت، علها تقدم نموذجا نعيد الاستفادة منه في سوريا خاصة وأننا شركاء بالمصاب والدم والموت كشعب (ثلث ضحايا الانفجار سوريون)، والسلطات في البلدين من نفس الفئة المرتبطة بإيران والمشغلة من قبلها ولصالحها وفي البلدين يعمل حزب الله كميليشيا وتعمل قوى الأسد كأدوات قتل وقمع،  تختص بسحق المنتفضين فكما تؤكد عوامل السياسة والجغرافيا والتاريخ ترابط المسارين تؤكد العوامل الحالية والوعي بالمشكلة وحدة المصير والذي نريده مصيرا زاهرا ونعمل لأجل ذلك.

كلمات مفتاحية