icon
التغطية الحية

إيران ترد على مزاعم انسحابها من سوريا بتكثيف أنشطتها وانتشارها

2020.05.17 | 14:50 دمشق

mjm_almsbah.jpg
تلفزيون سوريا - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

تواصل الميليشيات الإيرانية في سوريا أنشطتها المتنوعة، الدينية والثقافية والاجتماعية، إلى جانب نشاطها العسكري المتصاعد مؤخراً، وذلك برغم القيود التي فرضتها أزمة فيروس كورونا المستجد، وبرغم الضغط الذي تسببت به الضربات الجوية التي استهدفت مواقعها ومقارها وقادة تشكيلات فيها، وتثبت التحركات والأنشطة التي تقوم بها الميليشيات عدم دقة المعلومات المتداولة حول انسحابها المفترض من مناطق انتشارها في الأراضي السورية.

التطورات الميدانية تشير إلى أن الميليشيات الإيرانية لن تفرط في نفوذها في سوريا والذي عملت لأجله لسنوات طويلة، ولا يقتصر النفوذ المفترض على الجانب العسكري بل يتعداه ليشمل النواحي الاجتماعية والدينية والثقافية والديموغرافيا، فهي اليوم تعيد انتشارها وتعزز مواقعها بمزيد من الأعداد، وتحاول التقليل من الخسائر التي من المفترض أن تترتب على زيادة الضغط والتضييق عليها، في أسوأ الأحوال قد تخسر الميليشيات الإيرانية في سوريا طرقها البرية مع العراق وإيران، والتي تخترق البادية السورية، لكنها ستبقى على اتصال جغرافي بميليشيا "حزب الله" في لبنان، وهي قادرة عموماً على التكيف مع واقع العزل الجغرافي المفترض.

احتفاليات الميليشيات

أقامت ميليشيا "فاطميون" مؤخراً احتفالات في ذكرى تأسيسها السابعة في سوريا، وأقيمت الاحتفالات في مواقع الميليشيا في حلب والميادين بريف دير الزور، وتدمر شرقي حمص، ومنطقة السيدة زينب بريف دمشق، وتضمنت كل احتفالية وليمة إفطار رمضانية، وخطب لمعممين وقادة في الميليشيا وقادة ضيوف من ميليشيات إيرانية أخرى حضروا المناسبة.

 

السيدة زينب - دمشق.jpg
السيدة زينب - دمشق

 

وقدم المكتب الإعلامي في "فاطميون" خلال الاحتفالات عروض فيديو لأبرز القادة الذين قتلوا في سوريا منذ تأسيس الميليشيا، وأهم المعارك التي شاركت فيها "فاطميون" ضد المعارضة السورية على مدى سنوات. أبرزهم، قائد وحدة القناصة، رضا بخشي، القائد العسكري، حسن حسيني، ومحمد أكرم إبراهيمي، وأهمهم على الإطلاق، قائد "فاطميون"، على رضا توسلي، يلقب "أبو حامد"، والقائدان الميدانيان، حج رؤوف، وسيد حكيم.

 

الميادين - كتيبة الامام حسن المجتبا.jpg
الميادين - كتيبة الإمام حسن المجتبى

 

وبدت احتفالات "فاطميون" أكثر تنظيماً في مواقعها بحلب، وحضرها قادة من "لواء الباقر" و "فيلق المدافعين عن حلب" و "حزب الله اللبناني" و "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس الثوري الإيراني"، وممثلون عن مجمعات ومؤسسات دينية وخيرية إيرانية لديها مكاتب في حلب والريفين الجنوبي والشرقي.

 

لواء الامام الحسين التابع لفاطميون في حلب- ذكرى التاسيس.jpg
لواء الإمام الحسين التابع لفاطميون في حلب- ذكرى التأسيس

 

 

لواء الامام رضا - فاطميون في ذكرى التاسيس بحلب.jpg
لواء الإمام رضا - فاطميون في ذكرى التأسيس بحلب

 

وتحدث الخطباء، قادة ومعممين، في احتفالية ذكرى تأسيس "فاطميون"، عن بداية تشكيل الميليشيا، وعن الدفعتين الأولى والثانية التي وصلت إلى سوريا في أيار من العام 2013، المجموعة الأولى مكونة من 22 مقاتلاً، والثانية 15 مقاتلاً، وكلا المجموعتين تتبعان للفيلق المحمدي الأفغاني المدعوم من إيران، وشكلتا معاً بعد وصولهما إلى سوريا "كتيبة الإمام رضا"، وفيما بعد زادت أعداد المقاتلين المنتسبين للفرقة "الفاطمية" وتم تشكل عدة كتائب وألوية، أهمها "وحدة القناصة" و "لواء الإمام الحسين" و "لواء المجتبى" وغيرها، وشاركت "فاطميون" ضد المعارضة في معارك درعا والغوطة الشرقية وجبال اللاذقية والبوكمال وحلب وريف حماة الشمالي وإدلب الجنوبي الشرقي.

 

ذكرى تأسيس فاطميون في حلب.jpg
ذكرى تأسيس فاطميون في حلب

 

احتفالات الميليشيات الإيرانية بالمناسبات الدينية خلال شهر رمضان لهذا العام بدت قليلة بسبب الإجراءات التي فرضها فيروس كورونا المستجد، حيث أقيمت بعض الاحتفاليات في الحسينيات وولائم إفطار أقامها، "لواء الباقر" في حلب، والمربع الثاني التابع لـ "فيلق المدافعين عن حلب"، ومركز البصيرة ومجمع السيدة رقية، ومجمع المصباح وغيرها من المؤسسات الثقافية والدينية المدعومة من المستشارية الثقافية الإيرانية و"الحرس الثوري".

جهاد البناء

تعتبر "جهاد البناء" واحدة من أهم المؤسسات التي يدعمها "الحرس الثوري" في سوريا، ولها انتشار واسع في مختلف مناطق انتشار الميليشيات الإيرانية في سوريا، ومقرها الرئيسي في السيدة زينب بريف دمشق، وكان يتزعمها، الحاج فرهاد دبيريان، والذي اُغتيل من قبل مجهولين ليل 6 آذار/مارس 2020، وضابطٌ في "الحرس الثوري"، وشارك في قيادة العمليات العسكرية في تدمر وحلب ودرعا، ومن ثم نقل ليتزعم مؤسسة "جهاد البناء".

وتمتلك "جهاد البناء" أسطولاً من الآليات الخدمية، من جرافات وشاحنات نقل، ولديها عدد كبير من العاملين، أفغان وعراقيون وباكستانيون وسوريون، ومركز نشاطها الأهم في السيدة زينب، وحجيرة والأحياء المحيطة بها في ريف دمشق، وتكاد تهيمن على مختلف القطاعات الخدمية، ووصف رئيس بلدية تجمع مفرق حجيرة، حسن كنعان، الزعيم السابق للمؤسسة، بأنه "شهيد البناء والإعمار"، وأثنى على الخدمات التي قدمتها المؤسسة في مختلف القطاعات الخدمية، وجهوده في بناء الحسينيات والمساجد والمعاهد الدينية.

وأشرفت "جهاد البناء" مؤخراً على تأهيل حسينية موكب شهداء بصرى الشام في منطقة البحدلية التابعة لبلدية السيدة زينب.

 

حسينية موكب شهداء بصرى الشام.jpg

 

في حلب تمتلك "جهاد البناء" عدة مشروعات سكنية في محيط مساكن هنانو، وتولت المؤسسة ترميم عدد من المقامات، أشهرها، جامع المشهد وسط المدينة، وعدد من الجوامع في المدينة القديمة التي تقع ضمن نفوذ المربع الأول في "المدافعين عن حلب"، وبنت عدداً من الحسينيات في مناطق انتشار الميليشيات الإيرانية في المدينة والريف، وتساهم بشكل كبير في إغاثة ومساعدة أهالي كفريا والفوعة الذين يسكنون عدداً من الأحياء الشرقية.

 

 

لجهاد البناء نشاطات خدمية وإعمار ديني في اللاذقية وحمص وحماة وتدمر ودير الزور، وتتولى المؤسسة دعم عدة جمعيات وحركات، كحركة المرشدات، وكشافة الولاية في ريف دمشق، وعدد من الجمعيات في نبل والزهراء شمالي حلب، حيث قامت المؤسسة بترميم المقابر في البلدتين.

النوادي الطفلية

وسّعت قيادة المربعات الأمنية التابعة لفيلق "المدافعين عن حلب" من أنشطة المراكز الاجتماعية التابعة لها في الأحياء الخاضعة لنفوذها في حلب، وتنقسم مدينة حلب لثلاثة مربعات أمنية، يتزعم المربع الأول، العقيد زهير زهيري، ويقود المربع الثاني، محمد سلطان زيات، والمربع الثالث بزعامة، العقيد شعبان صوماف، وتتضمن الأنشطة التي تقدمها المراكز، ندوات ثقافية ودعوية للنساء، وندوات عن الصحة وتنظيم الأسرة، وتربية الطفل، وأنشطة ثقافية عديدة بالتعاون مع المجمعات العلمية والثقافية التابعة لمكتب ممثل الإمام خامنئي في سوريا، أبو الفضل الطباطبائي الأشكذري.

 

عدد من قادة المربعات والقطاعات الامنية التابعة لفيلق المدافعين عن حلب.jpg
عدد من قادة المربعات والقطاعات الأمنية التابعة لفيلق المدافعين عن حلب

 

النادي الطفلي أحد أهم الأنشطة التي تقدمها مراكز الفيلق في حلب، وتقيم النوادي الصيفية والشتوية أنشطة ترفيهية ودينية وتعليمية للأطفال من الجنسين وفي أعمار مختلفة، وتتوزع النوادي الطفلية في أكثر من حي من أحياء حلب، أكثرها انتشاراً في الأحياء الشرقية والمدينة القديمة، ويتبع لها فرقة الكشافة.

 

النادي الطفلي التابع للفيلق الايراني في حي الصاخور.jpg
النادي الطفلي التابع للفيلق الإيراني في حي الصاخور

 

أنشطة المراكز الاجتماعية التابعة للفيلق تبدو أقل في مربعات الريف، في مربع الحاضر، ومربع السفيرة "فوج السفيرة" ومربع عزان وغيرها، وتقتصر الأنشطة في مربعات الريف على الحراك العسكري وبعض الخدمات التي يقدمها الفيلق للمدارس والبلديات، وإعادة تأهيل المنازل لتسكن فيها عائلات عناصر وقادة الميليشيات الإيرانية.

 

المعاهد الطفلية للمدافعين عن حلب.jpg
المعاهد الطفلية للمدافعين عن حلب

 

ويمتلك "المدافعين عن حلب" أسطولاً من الآليات والجرافات وعدداً كبيراً من العمال المدنيين الموظفين بعقود سنوية، وشارك الفيلق مؤخراً في حملة التعقيم التي ركزت عملياتها في الأحياء الشرقية التي تعتبر منطقة نفوذ الميليشيات الإيرانية عموماً، وتمت الحملة بمشاركة فرع "البعث" في حلب، ومجلس المحافظة.

 

 

وقال الفيلق إن كتائبه "رافقت وفداً للأمم المتحدة زار مناطق ريف حلب الشمالي والضواحي التي سيطرت عليها الميليشيات بداية العام 2020، حريتان وعندان وحيان وآسيا، وكفر حمرة وغيرها، ومن المفترض أن تقدم الأمم المتحدة دعماً لمشروعات إنمائية وإعادة إعمار وتأهيل لبعض المرافق الخدمية العامة" في منطقة نفوذ الميليشيات الإيرانية.

 

جولة وفد اممي مع المليشيا الايرانية في الشمال الحلبي، ححريتان وكفر حمرة.jpg

 

وأضحت مناطق شمالي حلب الواقعة بين حلب المدينة، ونبل والزهراء شمالاً، مربعاً أمنياً يديره "فيلق المدافعين عن حلب" بعد أن استبعدت كتائب تتبع ل"لواء القدس الفلسطيني" وميليشيات روسية أخرى من المنطقة على خلفية الاشتباك الذي حصل بعد مدة قصيرة من خروج المعارضة.

مكتب الإمام

يمثل مرشد النظام الإيراني في سوريا، أبو الفضل الطباطبائي الأشكذري، ومقره في السيدة زينب بدمشق، وأهم الشخصيات الدينية المساعدة، سامر عبيد، والسيد الحيدري، وعلي اللحام، ومحمد عباس، وعبد الله نظام، والشيخ طاهر غرباوي، ويشرف مكتب الإمام على المراقد الدينية في دمشق وعموم سوريا، وعلى عدد كبير من المعاهد والمدارس الدينية، وينتدب المكتب معممين ودعاة لزيادة الميليشيات الإيرانية في مقارها ومناطق انتشارها.

 

 

امتدت أنشطة مكتب الإمام وكشافة الولاية التي يرعاها في ريف دمشق إلى الزبداني ومضايا وبسيمة ووادي بردى ومناطق أخرى بريف دمشق كانت تسيطر عليها المعارضة السورية خلال السنوات الماضية، وللميليشيات الإيرانية في المناطق سابقة الذكر انتشار واسع بحكم قربها من الحدود اللبنانية-السورية.

إعادة الانتشار

خسرت الميليشيات الإيرانية في سوريا مؤخراً عدداً من قادتها البارزين، قتل قيادي كبير في "الحرس الثوري" الإيراني، أبو الفضل سرلك، في مدينة خناصر جنوب شرقي حلب، وقالت وكالة أنباء “فارس” الإيرانية في 12من أيار/مايو، أن عضواً في "الحرس الثوري"، أبو الفضل سرلك، والذي كان يدافع عن مرقد زينب” قتل في مدينة خناصر في أثناء قتال "الإرهابيين التكفيريين"، وقالت وكالة “الأنباء الإيرانية” إن سرلك كان يعمل مستشارًا في "الحرس الثوري".

 

أبو الفضل سرلك- قوات النخبة في الحرس الثوري.jpg
أبو الفضل سرلك- قوات النخبة في الحرس الثوري

 

وفي الغالب قتل إلى جانب سرلك عدد من قادة الميليشيات، حيث أعلن عن مقتل قيادي كبير في حزب الله من نبل، وجرى تشييعه مؤخراً، يدعى، حسن محمد الرحل، وقتل قيادي في "فاطميون"، وهو علي مدد غلامي، ونقل جثمانه مؤخراً إلى إيران. وفي الغالب فقد قتل القادة وعدد آخر من عناصر الميليشيات الإيرانية بالضربات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مواقعهم في بادية حلب.

 

علي مدد غلامي - فاطميون قتل في ريف حلب.jpg
علي مدد غلامي من فاطميون.. قُتل في ريف حلب

 

 

أبو الفضل سرلك2.jpg

 

ووسعت الميليشيات الإيرانية من نطاق انتشارها في مناطق ريف حلب الجنوبي وصولاً إلى الطريق الدولي m5، وفي محيط نقاط المراقبة الإيرانية الخمسة الموجودة في حلب، واحدة في الأحياء الغربية، في حلب الجديدة، وثلاثة في الريف الجنوبي، والخامسة في نبل شمالاً، بالإضافة إلى منطقة التجمع الأكبر في منطقة جبل عزان ومعامل الدفاع، إعادة الانتشار الجديدة تم تنفيذها بعد تقدم قوات النظام على حساب المعارضة خلال الأشهر القليلة الماضية وخسارتها لريف حلب الجنوبي بالكامل. وبالتالي تم ضم مناطق واسعة من ريف حلب الجنوبي إلى منطقة نفوذ مربع الحاضر، والذي تديره شكلياً، "المدافعين عن حلب" وتنتشر فيه أعداد كبيرة من التشكيلات التابعة لإيران.

تعتمد الميليشيات الإيرانية في عمليات إعادة انتشارها الجديدة سياسة توزيع تشكيلاتها المستهدفة في مناطق نفوذ الميليشيات المحلية المدعومة من إيران، مثل "فيلق المدافعين عن حلب" وعناصره في الغالب من العناصر المحلية من حلب وغيرها من المحافظات، وتم تغيير مواقع سكن قادة العمليات وتشكيلات النخبة ونقلها من مناطق مكشوفة إلى مناطق سكنية وأخرى متداخلة مع "جيش النظام"، وتؤمن سياسة الانتشار الجديدة الهدف المطلوب، وهو تفادي الضربات الجوية، والتمويه على أعداد ومناطق انتشار الميليشيات الأجنبية التي تدعمها في سوريا.

وفي منطقة البادية السورية نفذت الميليشيات الإيرانية مؤخراً عمليات إعادة انتشار وتمركز هي الأكبر منذ تأسيسها في سوريا، وتهدف إلى الحفاظ على وجودها العسكري في المنطقة والتصدي لمحاولات إبعادها عن منطقة الحدود العراقية-السورية، أي التمسك بالطرق البرية التي تصل طهران بدمشق وبيروت، شملت عمليات إعادة الانتشار في البادية والبو كمال والميادين وريف دير الزور الجنوبي كلاً من "فاطميون" و "لواء الباقر-فوج دير الزور" و "حزب الله" و "اللواء 313" وغيرها، وتوزعت التشكيلات المنقولة على محطات البادية على جانبي الطريق الذي يصل تدمر بدير الزور، وفي بادية تدمر، ونُقلت أعداد أخرى إلى ريف دمشق والزبداني، وحلب وإدلب شمالاً.