إنهم يسرقون النفط السوري

2020.08.05 | 00:02 دمشق

216d33f68ca5bc816521645d.jpg
+A
حجم الخط
-A

اتفاق الإدارة الذاتية الكردية وشركة نفط أميركية في نهاية الأسبوع الماضي محطة جديدة من فصول سرقة النفط السوري. وكشف موقع المونيتور الأميركي عن صفقة تمت بين قائد قوات قسد مظلوم عبدي وشركة نفط أميركية (Delta Crescent Energy L L C) بعلم البيت الأبيض، وبوساطة من السيناتور ليندسي غراهام المقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وقال الموقع إن الاتفاق ينص على إعادة تأهيل آبار النفط في منطقة الجزيرة وتسويق الإنتاج. وذكرت مصادر في واشنطن أن الشركة هي فرع من شركة إماراتية، وهي متعددة الجنسيات ولها فروع في عدد من الدول الأجنبية، وتنشط في إقليم كردستان العراق، وقام عبدي بزيارة إلى هناك بهدف الاطلاع على أعمالها.

من المعروف أن النظام السوري سلم حقول رميلان عام 2011 إلى حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، مخافة أن تقع في يد فصائل المعارضة.

ومن المعروف أن النظام السوري سلم حقول رميلان عام 2011 إلى حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي، مخافة أن تقع في يد فصائل المعارضة بعد أن تراجعت سلطاته بفضل الحراك الشعبي. وفضلت دمشق أن يؤول النفط إلى جهة غير المعارضة، ووفق حسابات رأس النظام بشار الأسد، فإن هذا الإجراء يحرم أعداءه من مصدر تمويل رئيسي. ومنذ ذلك الحين ليس هناك أي معلومات غير المتداولة، وهي أن داعش استغلت بعض حقول النفط والغاز، والقسم الآخر استغلته قسد التي صارت تسيطر على مجمل الثروة النفطية والغازية بعد رحيل داعش. وسرت معلومات أن قسد تصدر قسما من الإنتاج إلى الخارج مباشرة، والقسم الباقي تقوم بإرساله إلى مناطق سيطرة النظام من أجل تكريره، وهذا القسم يتم اقتسامه بين الطرفين. وتتولى عملية النقل بواسطة الصهاريج شركة القاطرجي الموالية للنظام.

وتتضارب الروايات والأرقام حول كمية الإنتاج والعائدات التي تؤول للإدارة الذاتية في الوقت الراهن، ولكنها في جميع الأحوال لا تصل إلى نفس الكمية التي كان يتم إنتاجها قبل الثورة وتتراوح بين 300 ألف إلى 350 ألف برميل يوميا. والسبب في ذلك الأضرار التي لحقت ببعض الآبار والحقول من جراء الحرب والاستغلال التعسفي والبدائي الذي ألحق ضررا كبيرا بالبيئة والصحة العامة.

والسؤال الأساسي اليوم هو، هل يحق للإدارة الذاتية أن تتصرف بجزء من الثروات السيادية السورية، والتعاقد مع شركات على استغلال النفط حتى لو أمنت لها إدارة ترامب الغطاء؟ وفي جميع الأحوال يبقى الغطاء الأميركي ليس رسميا، وهو مرتبط بالإدارة الحالية، ويمكن له أن يرحل معها في حال خسرت الانتخابات القادمة في تشرين الثاني المقبل. ومن المتداول أن عمليات تحديث واستثمار حقول النفط قد بدأت بشكل مبكر، ولكن إدارة ترامب لم تنخرط فيها، ولولا التأثير الذي مارسه غراهام على ترامب ما كان لها أن تتم، وهناك معلومات من مصادر في واشنطن تقول إن غراهام هو من أقنع ترامب بإبقاء القوات الأميركية من أجل حراسة حقول النفط، الأمر الذي يمكن أن تلغيه السلطات التشريعية الأميركية، عندما تتيقن بأنه ليس هناك مصلحة اقتصادية أو سياسية للولايات المتحدة.

كانت واشنطن تعمل جاهدة لمنع وقوع حقول النفط تحت سيطرة النظام والروس، وها هي تساند عملية استغلاله من طرف قسد، وهذا أمر غير مفهوم.

كانت واشنطن تعمل جاهدة لمنع وقوع حقول النفط تحت سيطرة النظام والروس، وها هي تساند عملية استغلاله من طرف قسد، وهذا أمر غير مفهوم خصوصا أنه ليس هناك أي أرقام معلنة عن كمية النفط التي صدرتها وأين ذهبت عائداتها؟ وما يضاعف من خطورة المسألة أنها تأتي في ظل إصرار الإدارة الأميركية على تطبيق قانون قيصر. وهناك مسألة تثار منذ استيلاء الإدارة الذاتية على النفط وهي مسألة صرف العائدات. ويشكو أهل الجزيرة من تراجع الخدمات والبنى التحتية. وثمة اتهامات توجه للإدارة بأنها تسخر القسم الأكبر من العائدات من أجل دعم حزب العمال الكردستاني.

تبدو الأوراق مختلطة، إلا أنه من الواضح أن الثروة النفطية السورية منهوبة ولا يستفيد منها الشعب السوري، مثلما كان عليه الحال في فترة حكم حافظ الأسد، ومن بعدها نجله الذي اكتفى بإصدار بيان هزيل، ولم يصدر عنه موقف على مستوى الحدث، ما يطرح أسئلة كثيرة حول السبب ودوره وحصته من الصفقة.