تم تحديد موعد للأسرة السورية اللاجئة التي توفي ابنها المعاق بسبب الظروف السيئة التي يعيشونها وهم ينتظرون إعادة توطينهم في المملكة المتحدة، وذلك حتى يتم نقلهم إلى بريطانيا، بعدما أثارت صحيفة إندبندنت هذه القضية مرات عديدة ورفعتها برسم وزارة الداخلية البريطانية.
تعتبر قصة فراس، 13 عاماً، واحدة من بين قصص أخرى عديدة حصل فيها اللاجئون على وعود بإعادة توطينهم منذ عام 2018، لكنهم فارقوا الحياة وهم ينتظرون تلك الفرصة، أو شارفوا على الموت، وذلك بسبب فترات التأجيل الطويلة، إذ أعلنت الأمم المتحدة في كانون الأول الماضي بأن أكثر من ألفي لاجئ حصلوا على وعود بإعادة توطينهم في بريطانيا، وامتدت تلك الوعود لأربع سنوات في بعض الحالات، وبقي هؤلاء ينتظرون.
ومن بينهم امرأة سورية عاجزة، باتت على شفا الانتحار اليوم، بعدما أصبحت تعاني من آلام مبرحة من دون وجود من يساعدها في دولة كردستان العراق، كما لم يعد بوسعها دفع ثمن الدواء الذي عليها أن تلتزم به.
دولة لا تطل على بحر
يأتي كل ذلك في خضم الضجة المتزايدة حول طريقة معاملة المملكة المتحدة للاجئين، بعدما وقعت بريطانيا اتفاقية دفعت بموجبها 120 مليون جنيه إسترليني لرواندا، تقضي بإرسال طالبي اللجوء الذين وصلوا إلى المملكة المتحدة عبر قطع بحر المانش بقوارب صغيرة أتوا بها من أوروبا، للعيش في تلك الدولة الأفريقية التي لا تطل على أي بحر.
وقد كان من المزمع يوم الثلاثاء الماضي أن تبدأ الحكومة البريطانية بنقل أول دفعة من هؤلاء الأشخاص بموجب خطة أثارت جدلاً كبيراً، هدفها مكافحة الاتجار بالبشر وتعزيز "الطرق الآمنة والقانونية" للوصول إلى تلك الدولة.
غير أن المفوضية العليا للاجئين وصفت ذلك الإجراء بالـ"كارثي" وغير القانوني، وأضافت بأنه يخل بقواعد اتفاقية اللاجئين، ثم انضم أسقفا كانتربيري ويورك لموجة الانتقادات الحادة التي أطلقتها الأحزاب المعارضة يوم الإثنين الماضي، فوصفا تلك الخطة بأنها: "غير أخلاقية"، وبأنها: "وصمة عار بحق بريطانيا".
بينما أعلنت منظمات حقوقية وكذلك محامون يترافعون لصالح اللاجئين المتضررين بسبب خطة رواندا أو من وعدوا بإعادة توطينهم لكنهم باتوا يعانون بسبب فترات التأجيل الطويلة، بأن الحكومة البريطانية، عملياً، أغلقت الطرق الآمنة والقانونية للوصول إلى بريطانيا "بصورة ممنهجة"، على حد تعبيرهم.
كان فراس، 13 عاماً، يعاني من شلل دماغي، وقد حصل على حق إعادة التوطين برفقة عائلته في عام 2018، لكنه توفي في شباط الماضي في ظل ظروف مريعة عاشها في لبنان بانتظار الانتقال إلى المملكة المتحدة.
أسرة الطفل السوري فراس
إذ بسبب الانهيار الاقتصادي غير المسبوق هناك، اضطر والده للبحث في القمامة عن الطعام لتأمين قوت أسرته، كما لم يعد بوسعه تأمين نفقات الدواء الذي يعيش عليه ابنه.
الانتحار.. خيارٌ
تخبرنا حنا جاندو التي ترافعت عن تلك الأسرة حول ما جرى معها فتقول: "في الوقت الذي سررنا فيه لحدوث تطور أخيراً في ملف عمر بعدما تم تحديد موعد إعادة توطين أسرته في المملكة المتحدة، حيث يمكنهم أن يبدؤوا حياتهم من جديد بعد الخسارة المأساوية التي تعرضوا لها عندما فقدوا ابنهم فراس... يقلقنا أمر التأجيل المستمر لبعض الموكلين الذين نترافع عنهم".
الحي الذي ما تزال أسرة الطفل السوري فراس تقيم فيه في لبنان
وذكرت تلك المحامية بأن شركتهم قلقة حيال أمر سارة، 36 عاماً، وهي سورية "كردية"، بقيت تنتظر إعادة توطينها منذ عام 2020، وعنها تقول: "إننا قلقون حيال عمليات التأجيل المستمرة والمتواصلة بالنسبة لعملية إعادة توطين سارة نظراً لحساسية وضعها الصحي ولأننا نعرف بأنها باتت على شفير الانتحار، فقد تفاقم وضعها بسبب تأجيل إعادة توطينها.. كما يقلقنا عدم أخذ وضعها الطارئ بعين الاعتبار من قبل وزارة الداخلية حتى اليوم، بما أن عليهم أن يحددوا موعداً لإعادة توطينها في المملكة المتحدة"، وذكرت تلك المحامية بأن يأس سارة زاد، وبأنها بدأت تفكر بالانتحار فعلاً.
تقول سارة: "إنني مريضة على الدوام، فأنا أعاني من شلل في إحدى ساقي، وهذا ما يؤثر على عمودي الفقري وعلى رقبتي، ويجبرني على أن أبقى طريحة الفراش... وعندما أمشي قليلاً، أحس بالتعب على الفور، كما أنني أعاني من الصداع دوماً، وذلك بسبب الالتهاب الذي يتسبب في ألم في رأسي وعيني، وفي بعض الأحيان لا أستطيع أن أبصر بشكل جيد".
ذكرت سارة بأن آخر تواصل لها مع السلطات البريطانية حدث خلال الشهر الماضي حيث أخبروها بأنهم قادرون على العثور على بيت لها في المملكة المتحدة، إلا أن الأمور لم تتطور بعد ذلك التاريخ، ولهذا تقول: "لا أعرف ماذا أقول، فأنا يائسة".
بيد أن وزارة الداخلية البريطانية رفضت مناقشة أي حالة من تلك الحالات، إذ ذكر الناطق الرسمي باسمها لصحيفة إندبندنت بأن المملكة المتحدة تتمتع: "بتاريخ طويل في دعم اللاجئين الذين يحتاجون إلى حماية" كما أنها وطنت منذ عام 2015 أكثر من 26 ألف لاجئ أتوها عبر "طريق آمن وقانوني مباشرة من مناطق النزاع أو عدم الاستقرار، أي أن مجموع ما وطنته بريطانيا يفوق عدد من وطنته أي دولة أوروبية أخرى".
وأضاف: "قد نحتاج لبعض الوقت حتى نجد الأماكن المناسبة التي تلبي الاحتياجات الأساسية الخاصة بالأسر المستضعفة، ولكن بمجرد أن تقبل أي سلطة محلية باستقبال أسرة ما، عندها سيجري الترتيب لاستقبال تلك الأسرة ووصولها إلى المملكة المتحدة في أسرع وقت ممكن".
إلا أن منظمة ديتينشن آكشن وهي إحدى المنظمات الخيرية التي طعنت بالقرار القاضي بترحيل اللاجئين إلى رواندا دون أن تصل إلى نتيجة، ذكرت لصحيفة إندبندنت بأن الحكومة "أغلقت وبشكل ممنهج طرق تقديم طلبات اللجوء على مدار السنوات الماضية"، إذ يقول أحد العاملين فيها واسمه غرايم ماكغريغور بأن ذلك "يشمل إغلاق ممرات إعادة التوطين من أفغانستان ومن سوريا، مع عدم تأمين ممرات آمنة للقادمين من دول أخرى يتعرض فيها الناس للاضطهاد والنزاع، ولذلك لم يعد هنالك أي خيار أمام هؤلاء الناس سوى أن يجازفوا بالمضي في تلك الرحلات الخطرة التي تقوم بعبور المانش إن كانوا يرغبون بالوصول إلى المملكة المتحدة"، وذكر بأن الحكومة البريطانية تقوم عوضاً عن ذلك بطرح "سياسة قاسية ومكلفة وملتوية" لمعاقبة من يأتون في تلك الرحلات الخطرة، حيث تعمد من خلالها إلى إرسالهم إلى رواندا.
المصدر: إندبندنت