icon
التغطية الحية

إما سجون الأسد أو رواندا.. قلق وخوف ومناشدات لوقف ترحيل سوريين من الدنمارك

2021.06.10 | 06:38 دمشق

yyyyy.png
اعتصام لطالبي لجوء أمام البرلمان الدنماركي
تلفزيون سوريا - سامي جمعة
+A
حجم الخط
-A

تشعر عواطف محمد زكريا أن آلة الزمن عادت بها إلى 2015، حيث كانت لا تزال تعيش في سوريا، فالخوف والكوابيس عادت لتعكر حياتها من جديد، فبعد أن بدأ هذا الشعور يتبدد ويتلاشى بالتزامن مع وصولها إلى الدنمارك عام 2016، وتنسى ما عانته في سوريا، أعادت قرارات الحكومة الدنماركية الأخيرة بترحيل بعض السوريين مآسٍ قديمة، وفتحت جروحها النفسية التي لم تلتئم وتبرأ بعد.

الدنمارك.. تصويت برلماني على نقل اللاجئين

في يوم الخميس 3 من حزيران الجاري، صوّت البرلمان الدنماركي، لصالح إنشاء مركز لاستقبال اللاجئين في بلد ثالث، من المحتمل أن يكون روندا، حيث وقعت الحكومة الدنماركية مذكرة تفاهم مع الحكومة الرواندية بهذا الخصوص، وهي خطوة أولية نحو نقل دراسة طلبات اللجوء إلى بلدان خارج أوروبا.

ووافق النواب على القانون بغالبية 70 في مقابل 24 صوتاً، في ظل عدم وجود امتناع عن التصويت، وذلك بنقل طالبي اللجوء إلى "دولة ثالثة معنية لغرض الفحص الموضوعي لطلبات اللجوء، وأي حماية لاحقة امتثالاً لالتزامات الدنمارك الدولية".

عواطف وزوجها أحمد مليص وابنتهم مايا، وكذلك معهم أكثر من 900 سوري في الدنمارك أعربوا عن قلقهم من اتخاذ الحكومة الدنماركية خطوة الترحيل إلى بلد ثالث مثل رواندا، بعد إقرار قانون يسمح بفتح مراكز يُرسل إليها طالبو اللجوء طوال فترة معالجة ملفّهم، وحتى بعد ذلك، في دول أخرى مثل رواندا أو إريتريا.

آلام الظهر وعمليات الديسك الفقري لم تمنع عواطف من المشاركة في الاعتصام، كما وجهت عبر موقع تلفزيون سوريا صرخة ونداء للعالم الحر، قائلة "أرجوكم أن تساندونا في محنتنا هذه، عملت على إعداد الطعام للجيش الحر في مدينة قارة في القلمون بريف دمشق، لسنوات، ولم ينتابني الخوف من الموت، لكن اليوم لا تغيب عن مخيلتي صور الضحايا التي سربها قيصر وأن المصير ذاته ينتظرنا فور ترحيلنا".

تنتهج الحكومة الدنماركية الحالية سياسة "صفر طلبات لجوء" وفي عام 2019، أصدرت وزارة الهجرة والاندماج تقريراً بعنوان "سوريا: الوضع الأمني في محافظة دمشق وقضايا تتعلق بالعودة إلى سوريا"، فالتقرير ركّز على الوضع الأمني في دمشق واليرموك، واحتوى معلومات تتعلق بالخدمة العسكرية والدخول إلى سوريا عبر مطار دمشق الدولي، وكان الهدف منه تحديث معلومات متعلقة بطالبي اللجوء من السوريين. وكان بمنزلة توصية، ووثيقة احتجت بها قوى اليمين المتطرف بأن دمشق آمنة.

اعتصام مفتوح أمام البرلمان الدنماركي

 "نريد حقوقنا، لا يمكننا العودة إلى سوريا، سوريا ليست آمنة" تتردد هذه العبارات يوميا في الاعتصام المفتوح الذي ينفذه بعض الناشطين السوريين برفقة ناشطين دنماركيين أمام مبنى البرلمان، منذ 18 من أيار الماضي، وحصل موقع تلفزيون سوريا على بيان صحفي من منظّمي الاعتصام جاء فيه "نطالب الحكومة الدنماركية بالتراجع عن القرارات التي أصدرتها بحق عشرات اللاجئين والتي تنص على سحب الإقامة منهم ومطالبتهم بالعودة إلى ديارهم لأنّ دمشق وريفها آمنة للعودة إليها، وهذا غير صحيح، وسيبقى الاعتصام مستمرا، كما ندعو لتوسيع دائرة المشاركة للضغط بشكل أكبر على الحكومة، للعدول عن قرارها الذي يعرّض حياة ومستقبل اللاجئين وعوائلهم للخطر".

ويبلغ عدد اللاجئين السوريين في الدنمارك نحو 20 ألف لاجئ وفق إحصاءات الأمم المتحدة، من بين 6.7 ملايين لاجئ سوري في 127 بلداً حول العالم. وتفيد أرقام المعهد الوطني للإحصاءات بأن 11% من سكان الدنمارك (5.8 ملايين نسمة) من أصل أجنبي، و58% منهم يتحدرون من بلد "غير غربي".

ومن بين المعتصمين أمام البرلمان الدنماركي، رحاب قاسم وهي مواطنة سورية من أصول فلسطينية في الستينات من عمرها، تم رفض طلبها بتجديد إقامتها، وهي مهددة اليوم بالترحيل وحيدة دون أبنائها الثلاثة المقيمين في الدنمارك، تقول لموقع تلفزيون سوريا "منذ 22 يوما وأنا معتصمة أمام البرلمان، رغم أنني أعاني من أمراض رئة بسبب أنواع الأسلحة التي تعرضنا لها في سوريا، وقرار الترحيل ظالم وغير إنساني، وهو بمنزلة حكم بالموت على من يتم إرجاعه إلى سوريا، أنا عملت داخل سوريا كممرضة وساعدت الجرحى، وكل من يعود إلى سوريا مهدد بالسجن وربما الموت، وبالتأكيد سيتم اقتياده من المطار إلى بيت خالته مباشرة".

كما أكدت ناشطة من داخل الاعتصام -فضّلت عدم الكشف عن هويتها- بأن خيار الانتقال للعيش في دولة أوروبية ثانية غير وارد لأن الدول الأوروبية تنسق مع بعضها بعضاً وفق اتفاقية دبلن التي تحدد مسؤولية دراسة طلبات اللاجئين، وتهدف لمنع تعدد طلبات اللجوء من الشخص الواحد داخل دول الاتحاد الموقعة على الاتفاقية.

 وتنتهج حكومة وسط اليسار الدنماركية حالياً سياسة هجرة هي من الأكثر تشدداً في أوروبا، وبحسب مشروع القانون الذي ندد به قسم من اليسار والمنظمات الدولية، يتم إرسال أي طالب لجوء في الدنمارك بعد تسجيل طلبه إلى مركز إيواء خارج الاتحاد الأوروبي، مع بعض الاستثناءات النادرة مثل المرض الخطر.

ولم يحصل سوى 761 شخصاً على حق اللجوء في 2019، وتراجع هذا العدد إلى 600 في 2020، في مقابل أكثر من عشرة آلاف العام 2015. وهذا يعني أن نسبة استقبال اللاجئين على عدد السكان الإجمالي في الدنمارك، أدنى بعشر مرات منها في ألمانيا والسويد المجاورتين. ومما لا شك فيه أن ما يحصل في الدنمارك لا يثير مخاوف عواطف ورحاب ومن معهم هناك، بل جميع اللاجئين السوريين في أوروبا عموماً وألمانيا على وجه التحديد، وسط تحذيرات من مغبّة أن تسير برلين وعواصم أوروبية أخرى على خطا كوبنهاغن.