إلى جبل العرب عائدون!

2020.01.18 | 12:14 دمشق

advance_content_fy_thkr_rhylh_kad_althor_alsory_alkbr_fy_stor_180326152232_b_all.jpg
+A
حجم الخط
-A

هذا المقال للرد على مقال الدكتور رضوان زيادة الذي تم نشره في موقع تلفزيون سوريا بعنوان شكري القوتلي.. القيادة في زمن الأزمة بتاريخ 14-01-2020.

والذي أشار فيه إلى أن الدروز برفقة العلويين قد طلبوا عدم رحيل الاستعمار الفرنسي حتى لا يفقدوا دويلاتهم الخاصة.

إلى جبل العرب عائدون!

هي الجملة الشهيرة التي قالها العلامة عجاج نويهض في شهر أيار من العام 1937 في مهرجان سينما البتراء في حفل وداع سلطان باشا الأطرش قائد الثورة السورية الكبرى وعودته من منفاه الذي تنقل فيه بين الأزرق في الأردن ووادي سرحان في السعودية والعودة إلى الكرك في الأردن ليبقى حوالي سبع سنوات محكوماً بالإعدام ورافضاً تسليم سلاحه للفرنسيين.

 وبالعودة إلى التسمية فقد تبنى سلطان باشا الأطرش تسمية جبل العرب لنسف ما أطلق عليه الفرنسيون جبل الدروز كما هو حال تسمية دولة دمشق ودولة حلب وجبل العلويين.

وعليه بناءً على مقال الدكتور رضوان زيادة بأن العام 1936 شهد اعتراف فرنسا بسوريا موحدة وهو بحسب زيادة ما شكل اعتراضاً للدروز والعلويين الذين أرادوا الحفاظ على دولتهم المستقلة ضمن الإدارة الفرنسية!

وجب التنويه أن لا وثيقة تاريخية تثبت أن الدروز طلبوا أو أشاروا لرغبتهم في استقلالهم ضمن دويلة طائفية، وعليه قمت بالبحث في عدة مراجع على أمل ألا ألقي المعلومات جزافاً أو اعتباطاً بهدف إثبات وجهة نظري أو انتمائي إلى طائفة دون أخرى.

هنا وجب التنويه أن لا وثيقة تاريخية تثبت أن الدروز طلبوا أو أشاروا لرغبتهم في استقلالهم ضمن دويلة طائفية، وعليه قمت بالبحث في عدة مراجع على أمل ألا ألقي المعلومات جزافاً أو اعتباطاً بهدف إثبات وجهة نظري أو انتمائي إلى طائفة دون أخرى، وقد حصلت على أحد المراجع الذي يعود للرحالة حنا أبي راشد والذي قام بزيارة للجنوب السوري في فترة الثورة السورية الكبرى وأصدر كتاب في العام 1926 تحت اسم حوران الدامية، ومن بعض ما جاء في الكتاب والذي يدل على رفض الدروز القاطع لتشكيل دويلة أو الاستمرار بما صنعه الاستعمار الفرنسي:

"التزمت درعا الحياد بعد أن وعدها مستشار درعا الفرنسي ( الكابتان هوكنة) وعداً شريفاً أنه بعد القضاء على قومية الدروز ستعلن فرنسا استقلال حوران وترجع إليها القرى والأراضي الدرزية، وبالمقابل تدور سياسة فرنسية أخرى بزرع الطمع في نفوس بعض زعماء الدروز المسالمين بأراضي حوران الخصبة لأنها بحسب السياسة الفرنسية لا تتم إلا إذا أيد الزعماء الدروز استقلال دولتهم وانفصالها عن سوريا، أما معظم المجاهدين من الدروز فقد فهموا مغزى كل هذه السياسة الخرقاء ورفضوا كل فكرة غير فكرة الوحدة السورية، لأنهم يعتقدون أن التجزئة ضعف ووهن والوحدة قوة ونصر".

وهنا أنا أبحث في اتهام الدكتور زيادة للدروز بالمطالبة بعدم رحيل المستعمر الفرنسي ولن أتطرق لما يخص العلويين والذين كانوا سباقين بمقاومة المستعمر الفرنسي مع المجاهد صالح العلي والذي بدأ مقاومته بعد أن علم بسيطرة الفرنسيين على السواحل السورية عام 1918، وهنا أتكلم عن العلويين كمكون من مكونات الشعب السوري وليس كفئة ورطتها عائلة الأسد في المذبحة السورية الحديثة.

وبالعودة إلى الثورة السورية الكبرى التي بدأها الجبل بأغلبيته الدرزية وقدم أكثر من نصف عدد شهداء سوريا حينها. مع وجود مساهمات كبيرة جداً قبل وأثناء الثورة للمكون المسيحي والسُني ومنهم عقلة القطامي المسيحي من قرية خربا إضافة إلى مشاركة عشيرتي الساردية والسلوط السنيتين في الثورة السورية الكبرى في السويداء بحسب أستاذة علم الأنثروبولوجيا في جامعة أكسفورد، داون تشاتي، وهو ما يعني ابتعاد الدروز وبداية ثورتهم عن التوجه الطائفي.

 ومن ثم امتدت الثورة إلى باقي مناطق سوريا وهو ما يؤكد عليه الرحالة حنا أبي راشد الذي وثق لبداية الثورة السورية الكبرى وامتدادها: "بعد أن سحقت الدروز الحملة الفرنسية المرابطة في الكفر أرسل سلطان باشا الأطرش كتاباً إلى نسيب بك البكري مؤرخ بتاريخ 23 تموز سنة 1925 يستحثه على طلب المعاونة، حملهُ إليه محمد بك كيوان متخفياً، ومن ضمنه كتاب آخر إلى الدكتور عبد الرحمن شهبندر، وعلى أثره اجتمعت العائلة البكرية الخاصة بأولاد المرحوم عطا الله باشا البكري في قريتهم ( القابون) وتقرر بالإجماع اشتراك هذه العائلة بالثورة الدرزية لجعلها ثورة وطنية سورية عامة".

ويتابع أبي راشد:

"أوفد نسيب بك البكري شقيقه إلى الزعيم الدكتور عبد الرحمن شهبندر لتسليمه كتاب سلطان باشا وأخذ رأيه في ذلك. فحضر الدكتور الساعة التاسعة ليلاً وبعد أن اطلع على الكتاب فكر طويلاً ثم قال: بما أن حزب الشعب السوري قد قرر قبل يومين عدم الاشتراك بهذه الثورة وبأي ثورة حربية غير الثورة الفكرية السلمية. لذلك لا يمكن أن أعطي جواباً نهائياً قبل أن أفكر طويلاً بعاقبة الأمر وعلى هذا أطلب رأيكم النهائي بهذا الموضوع، فأجابه آل بكري: نحن مستعدون للموت جميعاً في سبيل رفع منار الأمة والوطن وعلى هذا قررنا الاشتراك بالثورة والالتحاق بجبل الدروز وسنخابر منذ الآن عموم زعماء سوريا لجعل هذه الثورة المحدودة ثورة عامة سورية، فعندها وقف الدكتور وقال: سنجتمع اجتماعا آخر في دمشق".

لماذا الدروز دائماً هم مكسر عصا يا دكتور رضوان؟

كنّا قد اعتدنا على تهميش مقصود ومدروس وإقصاء من قبل عائلة الأسد اعتباراً من وصول حافظ الأسد إلى منصب وزير الدفاع في ستينات القرن الماضي والذي بدوره قتل سليم حاطوم الضابط الدرزي المشارك في انقلاب الأسد وسرح معظم الضباط الدروز من الجيش ولم يسمح لهذه الطائفة بحقائب وزارية سيادية وهو أمر ما زال مستمراً حتى اليوم وكذلك نشر تعميم في العام 1997 يمنع فيه محلات النحاسيات والقش من حفر أو تشكيل صورة سلطان باشا الأطرش على منتجاتهم، ولم يسمح بالاحتفال بذكرى وفاة سلطان باشا الأطرش وهدد بالتوقيف والسجن كل من يفكر في إحياء ذكراه، وكذلك تبرع مغتربو السويداء لبناء نصب لشهداء الثورة السورية الكبرى من جيوبهم الخاصة.

الدروز يا عزيزي تم إفقارهم وتهجيرهم قبل عقود من خروج الناس والهتاف بالحرية، فلا تدخل بيت في السويداء إلا وتجد فيه مغترباً كحد أدنى أو قريباً لمغترب، هل تعلم يا دكتور بأنني فقدت والدي ولم أره لأكثر من 6 سنوات لأنني رفضت أن أتفرج على أهلي السوريين وهم يذبحون.

الدروز يا عزيزي تم إفقارهم وتهجيرهم قبل عقود من خروج الناس والهتاف بالحرية، فلا تدخل بيت في السويداء إلا وتجد فيه مغترباً كحد أدني أو قريباً لمغترب، هل تعلم يا دكتور بأنني فقدت والدي ولم أره لأكثر من 6 سنوات لأنني رفضت أن أتفرج على أهلي السوريين وهم يذبحون، وشاركتهم بكل مراحل ثورتنا حتى أصبح اسمي مدموغاً في كل فروع الأمن داخل سوريا، هل فكرت قبل أن تطلق أحكامك بحق الجماعة التي أخرجت سلطان باشا الأطرش ووحيد البلعوس والعشرات من القادة الوطنيين الذين هتفوا: نحن سوريون قوميون عروبيون؟.

أريد أن تعرف جيداً بأن الدروز قد قاطعوا الخدمة في جيش النظام ليس لترضى أنت أو غيرك عنهم، بل لأنهم وجدوا بأن هناك أزمة ثقة مع جيش يحارب أبناء بلده ولا يجرؤ على رد غارة جوية من العدو الصديق، هذه المقاطعة هي الرابعة بتاريخ جبل الدروز: الأولى بدأها برفض الخدمة ضمن صفوف العثمانيين مروراً بالاستعمار الفرنسي ولا تنسى رفضهم الخدمة في زمن أديب الشيشكلي وماذا حصل بعدها، واليوم هم من العام 2012 يرفضون الالتحاق بصفوف جيش النظام ليس خوفاً كما يدعي النظام فمن حارب قطعان داعش بباردوة عيار 12 ملم للصيد لن يهاب الموت.

واليوم يا دكتور رضوان استغرب كما هم مئات الذين تواصلوا معي من مقالك المنشور على موقع تلفزيون سوريا، هذا التلفزيون الذي تشرفت في إطلاق قسم البرامج فيه مع عدد من الزملاء الأعزاء وعملت فيه مدة تتجاوز السنتين.

وفي النهاية شعب السويداء كما باقي المكونات السورية محاصر منذ العام 2012 وهو المكون الوحيد الذي شُهد له أول اعتصام نقابي في سورية لنقابة المحامين في شهر آذار من العام 2011.

كلمات مفتاحية