icon
التغطية الحية

إسرائيل و"الحرب السرية" على تهريب النفط الإيراني إلى سوريا

2021.03.14 | 05:54 دمشق

922278a2-6860-4f75-9bcc-9604939c8258.jpg
إسطنبول- خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت تفاصيل حول استهداف إسرائيل لناقلات النفط الإيرانية، واصفةً ما يحدث بـ "حرب النفط السرية" لقطع محور تهريب النفط الإيراني إلى سوريا، وتحدثت عن عمليات غسيل الأموال التي تجريها طهران والنظام السوري وحزب الله اللبناني من صفقات النفط المهرب لتجنب العقوبات الدولية المفروضة عليهم.

وقال "رون بن يشاي"، محلل الشؤون الأمنية والسياسية، في تقرير نشرته الصحيفة، أول أمس، الجمعة، إن أموال النفط الإيراني المهرّب إلى سوريا تذهب لتمويل حزب الله اللبناني عبر طريقة "غسيل أموال" لا تطولها يد العقوبات الدولية، حيث يقوم النظام السوري بتسليم ثمن النفط الإيراني لحزب الله مباشرة.

وأوضح المحلل الإسرائيلي أن إيران بهذه الطريقة تضرب "عصفورين بحجر واحد"، أولاً لا تضطر لغسل الأموال بطرق معقدة، من خلال طرف ثالث لا ينتمي إلى المحور الإيراني-الشيعي.

أما الأمر الآخر، توفر طهران على نفسها مشقة البحث عن حلول التفافية لتحويل الأموال عبر المصارف اللبنانية التي تخضع للرقابة المالية دولياً من أجل تمويل وكيلها في المنطقة (حزب الله)، لذلك عندما يسلم الأسد ثمن النفط الإيراني للحزب فهو يسدي خدمة مقابل خدمة، على مبدأ "أنا أربح وأنت تربح"، وفقاً لتقرير "بن يشاي".

سوريا قناة لغسيل الأموال

وفقاً لذلك، فإن إيران التي تستخدم الأرض السورية كممر بري "كاريدور" لنقل الأسلحة والذخائر والصواريخ إلى جنوب لبنان، تستثمر تحالفها مع نظام بشار الأسد لاستغلال سوريا أيضاً كقناة لتحويل الأموال رغم عقوبات "قانون قيصر"، الذي يمنع الصفقات الدولية مع البنوك في لبنان المتواطئة مع البنوك السورية المعاقبة.

ويتابع المحلل الإسرائيلي يتم تسليم الأموال باليد، عبر الحقائب من سوريا إلى جيب حسن نصر الله مباشرة، حيث لا تستغرق الرحلة من دمشق إلى بيروت سوى ساعتين أو أقل.

وأشار التقرير إلى أن عمليات تهريب النفط الإيراني إلى سوريا ليست بالأمر الجديد. وهي قائمة منذ عدة سنوات، حتى قبل أن تفرض إدارة ترامب العقوبات على طهران والنظام السوري.

ولجأ الإيرانيون إلى عقد هذا النوع من الصفقات، بشكل أكبر، بعدما مُنعوا من تحويل الأموال وتلقيها عبر الأنظمة المالية الدولية المعتمدة، اعتباراً من أيار/مايو 2018 ، بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الإدارة الأميركية السابقة عقب الانسحاب من الاتفاق النووي، حيث واجهوا مشكلة في الحصول على عائدات أو مدفوعات النفط الذي قاموا بتهريبه إلى الصين وكوريا الشمالية وسوريا ودول أخرى.

وفي هذا السياق تعتبر صفقة بيع النفط الإيراني إلى سوريا ووصول الأموال إلى حزب الله بمثابة المخرج والحل لمشكلة تحويل الأموال وتمثل نجاحاً للأطراف الثلاثة التي تواجه عقوبات دولية.

وأشار التقرير إلى أن قاسم سليماني هو مهندس هذه الصفقات الثلاثية، ولم تتوقف طهران حتى بعد اغتياله عن تهريب النفط على متن سفن الحرس الثوري لتزويد الاقتصاد السوري المتعطش للنفط وإيصال عائدات الصفقة التي تصل إلى مئات ملايين الدولارات سنوياً إلى حزب الله، في صفقة يستفيد منها النظام السوري وإيران وحزب الله.

خط التهريب تحت المراقبة

بحسب التقرير ينطلق مسار السفن المحملة بالنفط الإيراني من ميناء جزيرة الخرج النفطي أو من جزيرة قشم في الخليج العربي، وفي أقصر طريق عليها عبور مضيق هرمز والدخول عبر مضيق باب المندب إلى البحر الأحمر ومن هناك إلى قناة السويس وبور سعيد باتجاه الساحل السوري، وهناك إما أن ترسوا في وسط البحر ويتم نقل حمولتها إلى ناقلة نفط سورية لإيصال النفط إلى الشاطئ أو تبحر إلى ميناء اللاذقية أو ميناء طرطوس لتفرغ حمولتها مباشرة.

ويدرك الإيرانيون أن هذا المسار بات مكشوفاً وليس خافياً على معظم أجهزة الاستخبارات الغربية بما فيها أميركا وإسرائيل، لذلك حاولوا في عام 2019 تغيير هذا المسار إلى آخر أطول من خلال الإبحار حول القارة الأفريقية والدخول إلى البحر المتوسط عبر مضيق جبل طارق الذي يخضع للتاج البريطاني ويتمتع بحكم ذاتي.

ففي 4 تموز /يوليو 2019 احتجزت بريطانيا ناقلة النفط "غريس 1"، التي تحمل نفطاً إيرانياً، بسبب أدلة على أنها كانت متجهة إلى سوريا، في انتهاك للعقوبات التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، وردا على ذلك استولى الإيرانيون على ناقلة نفط بريطانية في الخليج العربي.

تدل حادثة احتجاز ناقلات النفط هذه على أن عمليات تهريب الحرس الثوري للنفط الإيراني إلى سوريا وعمليات غسيل الأموال التي يستفيد منها حزب الله اللبناني، مكشوفة لأعين المخابرات الدولية والإسرائيلية.

إسرائيل وحرب ناقلات النفط الإيراني

ويقول "بن يشاي" من مصلحة إسرائيل قطع مسار التهريب لتجفيف مصادر تمويل حزب الله، مشيرا إلى أن عقوبات ترامب على طهران أعطت دفعاً إيجابياً ونفوذاً مهماً سواء للمخابرات الأميركية أو الإسرائيلية لملاحقة ناقلات النفط الإيرانية أو السفن التي تحمل نفطاً إيرانياً.

ويرى المحلل الإسرائيلي أن ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، قبل يومين، حول استهداف إسرائيل للسفن التي تنقل نفطاً إيرانياً إلى سوريا، يمثل رغبة مشتركة لجميع الديمقراطيات الغربية في وقف تمويل إرهاب حزب الله.

ويشار إلى أن الجيش الإسرائيلي استهدف بقصف صاروخي سفينة "شهر كرد" الإيرانية، الخميس الماضي، قبالة السواحل السورية، وبحسب تقارير إعلامية يأتي الهجوم الإسرائيلي انتقاماً لهجوم الحرس الثوري الإيراني على السفينة التجارية الإسرائيلية "هليوس راي" في مياه خليج عمان في 26 من فبراير/شباط الماضي.

بالرغم من أن الرد الإسرائيلي في قصف "شهر كرد" لم يلحق أضراراً جسيمة بالسفينة الإيرانية، إلا أنه جاء من باب تسجيل الرد فقط أو الرد السريع والمتناسب مع الفعل ورد الفعل.

وبالرغم من أن الرد الإسرائيلي في قصف "شهر كرد" لم يلحق أضراراً جسيمة بالسفينة الإيرانية، إلا أنه جاء من باب تسجيل الرد فقط أو الرد السريع والمتناسب مع الفعل ورد الفعل.

وفي هذا السياق يذكر تقرير يديعوت أحرونوت أن إسرائيل تمتلك، رسمياً ونظرياً، كثيرا من الطرق والأساليب المتنوعة والمبتكرة لمحاربة تهريب النفط الإيراني إلى سوريا من دون إحداث ضجيج أو اضطرابات.

ويقول "بن يشاي" إن هدف إسرائيل من ذلك هو قطع مصادر التمويل عن حزب الله، لا سيما أن قيمة أي سفينة تحمل مئات الآلاف من براميل النفط تبلغ عشرات الملايين من الدولارات، وأن تأخير مثل هذه السفينة لأيام أو أسابيع أو حتى أشهر، يعتبر ضربة موجعة لحزب الله في وقت ينهار فيه النظام المصرفي اللبناني، كما تشكل ضرراً كبيراً للنظام السوري أيضاً.

"معركة بين حروب"

ويشير المحلل الإسرائيلي إلى أن حرب ناقلات النفط الإيرانية التي تنفذها إسرائيل هو جزء مكمل للضربات الإسرائيلية ضد الوجود الإيراني في سوريا، التي تطلق عليها تل أبيب اسم "معركة بين حروب".

"معركة بين حروب" واختصارها بالعبرية  (م ب م)، هو الاسم الرسمي الذي أطلقه الجيش الإسرائيلي على جميع العمليات العسكرية التي ينفذها في سوريا، والتي بدأت في 2014 لمنع استنساخ حزب الله آخر في الجنوب السوري، ومعظم الأهداف التي حققتها "معركة بين حروب" باتت معلنة ومعروفة للإعلام، أشهرها الضربات الإسرائيلية المتكررة والمنتظمة على الأهداف الإيرانية في سوريا، فيما لا يزال جزء منها سرياً.

ولفت "بن يشاي" إلى أن البحرية الإسرائيلية حصلت في العام الماضي على ثناء وشهادات تقدير رسمية لأدائها في العمليات التي لم يتم الكشف عن تفاصيلها. وهو العام نفسه الذي شهد زيادة كبيرة في عمليات الـ "معركة بين حروب" كان لسلاح البحرية عنصراً مهماً فيها.

وفي سياق متصل، استبعد المحلل الإسرائيلي أن يكون التسرب النفطي من ناقلة نفط إيرانية الذي تسبب بكارثة بيئية قبالة شواطئ إسرائيل وقطاع غزة قبل أسبوعين، عملاً انتقامياً وإنما نتيجة عطل فني ولم تكن عملاً تخريبياً متعمداً.