إسرائيل تقترب بحذر من الصراع مع حزب الله في لبنان

إسرائيل تقترب بحذر من الصراع مع حزب الله في لبنان

جنود إسرائيليون يقفون بجانب القذائف في الجولان المحتل (رويترز)

تاريخ النشر: 13.09.2019 | 17:09 دمشق

آخر تحديث: 13.09.2019 | 17:42 دمشق

وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا

تزيد الحملة الموسعة التي تشنها إسرائيل بهدف نزع فتيل الخطر الذي تمثله ميليشيا حزب الله -حليفة إيران- ولصدها وإبعادها عن الحدود الإسرائيلية؛ من خطر تورط الطرفين في حرب ثانية.

وذلك لأن إسرائيل أخذت تستهدف مواقع لحزب الله في سوريا على مدار سنوات فيما يعرف في إسرائيل بالحرب بين الحروب، وذلك لمنع طهران من نقل إمداداتها العسكرية لحليفها اللبناني، حيث زادت خلال المرحلة الماضية من خطر الوقوع في نزاع مع توسيعها لجهودها لتصل إلى لبنان والعراق.

وكانت إسرائيل قد وسعت من حملتها مع خوض رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لحرب من أجل التمسك بمنصبه

وقد قامت ميليشيا حزب الله بالرد خلال الأسبوع الماضي عبر ضرب صواريخ مضادة للدبابات على قرية زراعية تقع على الحدود مع لبنان.

وأفاد مسؤولون عسكريون إسرائيليون بأن حزب الله تجاوز الخط المرسوم له عندما استهدف منطقة مدنية بدلاً من استهداف موقع عسكري مغلق، وعلق أحدهم بالقول: "ثمة أماكن لا ينبغي لحزب الله أن يقيم فيها حرباً بين الحروب، وذلك لأن الأمور هناك ستفضي إلى حرب".

وكانت إسرائيل قد وسعت من حملتها مع خوض رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو لحرب من أجل التمسك بمنصبه، حيث واجه محاولة لإعادة الاقتراع يوم الثلاثاء الماضي.

ويتحدث نتنياهو بشكل دوري حول ضرورة محاربة إسرائيل للعدوان الإيراني، بيد أن إسرائيل أقرت ببعض التفاصيل فقط التي تخص حملتها العسكرية.

إذ تعتمد إسرائيل على المراقبة بوسائل تقنية عالية لتعقب ما يسميه مسؤولوها بجهود حزب الله في تصنيع صواريخ موجهة عالية الدقة، وفي إنشاء أنفاق تصل إلى شمال إسرائيل.

وتشمل هذه الحملة على عمليات تعتمد على الحرب النفسية، إذ قامت إسرائيل خلال الأسبوع الفائت بتمثيل عملية إخراج لجندي بدا جريحاً وذلك لتخدع حزب الله وتوهمه بأنه حقق إصابات ضمن صفوف الجنود الإسرائيليين بعد ضربه لمنطقة أبيبم، حيث خلف ذلك الهجوم حفرتين دائريتين عميقتين، وتسبب بحرق مساحة شاسعة من الأعشاب.

وبالقرب من مزارع شبعا، وهو قطاع صغير من الأراضي المتنازع عليها التي تسيطر عليها إسرائيل بالقرب من الحدود اللبنانية ومرتفعات الجولان المحتل لإسرائيل، اعتاد المقاتلون على تبادل إطلاق النار، إذ غدت تلك المنطقة التي تعادل مساحتها تقريباً عشرة أميال مربعة محاطة بشبكات من الصواريخ ومعدات التشويش، إلى جانب وسائل دفاعية أخرى نصبت لتعترض النيران القادمة من ميليشيا حزب الله.

وفي مكان آخر على الحدود بين لبنان وإسرائيل، تستخدم إسرائيل طائرات دون طيار وغيرها من وسائل المراقبة والتخابر وجمع المعلومات لضبط ومراقبة أنشطة حزب الله. وقد تم وضع تماثيل داخل سيارات جيب لإيهام حزب الله وخداعه فيما يتعلق بمواقع القوات الإسرائيلية.

وحتى قبل تفجر الغضب إلى أعلى مستوى خلال الأسبوع الفائت، كانت الأعمال العدائية كثيرة وشديدة، إذ اعتبر الرئيس اللبناني ميشيل عون عملية الهجوم التي نفذتها طائرة دون طيار أواخر شهر آب الماضي في ضاحية بيروت بمثابة إعلان للحرب بشكل يسمح للدولة اللبنانية اللجوء إلى حقها بالدفاع عن سيادتها حسب تعبيره، وهكذا استجار بالولايات المتحدة وفرنسا طالباً منهما التدخل لتهدئة الوضع.

فيما توعد حسن نصر الله زعيم حزب الله يوم الثلاثاء الماضي بضرب المركبات العسكرية الإسرائيلية في حال قيامها بأي هجوم آخر.

ولقد اعترف مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون بأن حملة إسرائيل زادت من التوتر، غير أنهم أعربوا عن أن السيناريو البديل ليس مقبولاً، ألا وهو السماح للعدو بامتلاك تقنيات صواريخ يمكنها تدمير دفاعات إسرائيل والقيام بهجمات مباغتة.

وحول ذلك يعلق ياكوف أميدرور الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إسرائيل بين عامي 2011-2013 ويعمل حالياً لدى معهد القدس للاستراتيجيات والأمن بالقول "إذا لم يكن المرء على استعداد للمخاطرة بأي شيء، عندها لن يكسب أي شيء. وهنا قد نفقد القدرة على الدفاع عن أنفسنا في حال نجحوا بتوسيع وتطوير ما لديهم من إمكانيات".

ولقد استمر السجال خلال هذا الأسبوع عندما أعلن حزب الله يوم الإثنين أنه أسقط طائرة إسرائيلية دون طيار، وبأن ميليشياته المتمركزة في سوريا أطلقت صواريخ على إسرائيل عقب ظهور تقرير ورد فيه مقتل مقاتلين تدعمهم طهران في غارة جوية بالقرب من الحدود السورية-العراقية، في حين أورد مسؤولون إسرائيليون بأن الطائرة سقطت بسبب مشكلة تقنية.

وخاض حزب الله مع إسرائيل حربين كاملتين، آخرها كان في عام 2006، كما تعرضت القوات الإسرائيلية لحرب شوارع دموية لمدة 18 عاماً خلال سيطرتها على منطقة أمنية جنوب لبنان، قبل انسحابها منه عام 2000.

ففي عام 2006، بعدما قام حزب الله بأسر جنديين إسرائيليين في غارة تمت عبر الحدود، شنت إسرائيل هجوماً موسعاً على لبنان، أطلق خلاله حزب الله آلاف الصواريخ على شمال إسرائيل. وتمخضت الحرب التي استمرت لمدة 34 يوماً عن مقتل 165 إسرائيليا ما بين عسكري ومدني، وما لا يقل عن 1100 لبناني ما بين مدني ومقاتل تابع لحزب الله.

ولهذا يرى مسؤولون إسرائيليون بأن حزب الله أخذ منذ ذلك الحين بتوسيع ترسانته وإمكانياته، وبأن هذه المجموعة المسلحة الرديفة للجيش تسعى لتصنيع صواريخ موجهة جديدة عالية الدقة حيث عملت على تحويل 130 صاروخا بسيطا من صواريخها إلى أسلحة أكثر دقة وذلك لاستهداف الجيش الإسرائيلي والمواقع المدنية، بيد أن حزب الله أنكر هذه التهمة.

والحق يقال بأن حزب الله يمتلك عشرات الصواريخ الموجهة التي تتسم بدقة عالية، معظمها تم تهريبه عبر سوريا، بحسب ما أورده مسؤولون إسرائيليون، إذ لم يتمكن حزب الله بعد من إنتاج تلك الصواريخ بأعداد كبيرة.

والحق يقال بأن حزب الله يمتلك عشرات الصواريخ الموجهة التي تتسم بدقة عالية، معظمها تم تهريبه عبر سوريا

ثم إن جهود إسرائيل لمنع تطور حزب الله وحيازته لصواريخ أكثر تطوراً قد أنهت هذا الهدوء الهش الذي تخلل ذلك النزاع، إذ يرى محللون بأن هذا الصراع ممكن أن يندلع في أي لحظة.

وفي هذا السياق يتحدث يعقوب ناجيل وهو رئيس مجلس الأمن القومي لإسرائيل ما بين عامي 2016-2017 وزميل في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات ويقول "لا تلتفتوا إليهم عندما يقولون إنهم يرغبون بتجنب الحرب، فلو قدر لشيء أن يحدث فلن تأتي ردة الفعل بناء على رغبة الطرفين بالحرب أم لا، بل لابد أن تأتي ردة الفعل منسجمة مع مصالحهم العليا".

كما أن هامش الخطأ في الحسابات ضيق بالأصل، ففي مطلع شهر أيلول بالكاد تمكنت مركبة عسكرية إسرائيلية من النجاة بطاقمها المؤلف من خمسة أشخاص من الهجوم الذي استهدفها والذي اعتمد على إطلاق العديد من الصواريخ المضادة للدبابات، وذلك حسب تصريحات أدلى بها مسؤول عسكري إسرائيلي آخر.

وحول ذلك يعلق عموس يالدين وهو رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق، ويعمل اليوم كمدير تنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي لدى جامعة تل أبيب ويقول "كلا الطرفين يقوم بفعل ما، على أمل أن يظل تحت الحد الأدنى لمستوى التصعيد، ولكن يمكن لأحدهما أن يخطئ في حساباته".

 

انضم إلى قائمتنا البريدية ليصلك أحدث المقالات والأخبار