icon
التغطية الحية

إذا سيطر الروس على M 4.. ما مصير جبل الزاوية وفصائله المقاتلة؟

2020.03.12 | 12:50 دمشق

20200207_2_40723869_51907908.jpg
آليات عسكرية تركية في إدلب (الأناضول)
تلفزيون سوريا - أحمد إسماعيل عاصي
+A
حجم الخط
-A

ما يزال مصير مساحات واسعة من مناطق المعارضة الممتدة من جبل الزاوية شرقاً إلى تلال الكبانة في الغرب حديث الساعة في ظل قرب تنفيذ بنود اتفاق ملحق سوتشي الأخير، الذي تم الوصول إليه بين الجانبين الروسي والتركي، وإن كان الغموض ما يزال سيد المشهد حيال آلية تنفيذ الاتفاق إلا أنَّ الواضح أن القوات الروسية على أهبة الانتشار على امتداد الطريق الدولي، لتصل مناطق النظام ببعضها من سراقب إلى اللاذقية تحت ذريعة حماية الطريق الدولي.

وإن يكن الاتفاق تجنب ذكر العديد من التفاصيل ولم يأتِ على أهمها وهي فصائل المعارضة التي يعتبر جبل الزاوية واحداً من أهم معاقلها على امتداد الثورة السورية، انطلاقاً من عنصرين أساسيين، الأول نسبة حملة السلاح من أبناء الجبل، والثاني تحول معظم فصائل الثورة إليه وتمركزها فيه نظراً لطبيعته  الصعبة التي ساهمت بالسابق بشكل كبير في رجحان كفة المعارك لصالح المعارضة، ويبدو أن تنفيذ الاتفاق لن يكون من السهولة بمكان في ظل وجود عدد من مقاتلي الجبل يعلنون رفضهم القاطع بحسب ما يرى محمد المصطفى القائد الميداني لمجموعة من أبناء المنطقة.

المصطفى أضاف أنهم على ثقة كبيرة بتركيا ودورها في حماية إدلب والمحافظة عليها، لكنهم يدركون جيدا الموقف المحرج الذي تمر به في مواجهة تحالفات دولية كلها رغبة في النيل من تركيا وإغراقها في المستنقع السوري، وانطلاقا من ذلك فإن المصطفى ورفاقه يدركون أن تركيا تعمل بناء على مصلحتها في حماية إدلب بأقل الخسائر الممكنة، لكن في حال تضارب ذلك مع مصالح المنطقة فسيعتبر الاتفاق مرفوضاً.

ويرى المصطفى أيضاً الاتفاق بشكله الحالي دفناً للثورة في مراحلها الأخيرة ويردف بالقول إن ثقتنا بالروس لا تزيد عن ثقتنا بنظام الأسد فما الذي نستطيع عمله لو أن روسيا نقضت الاتفاق بعد سيطرتها على الطريق سيعني ذلك أننا أمام واحد من خيارين لا ثالث لهما، إما الاستسلام والمصالحة وسقوط المنطقة من جبل الزاوية إلى الكبانة وإما الموت بغارات الطائرات الروسية.

غير أن الغموض المخيم على المشهد يزيد من حيرة العسكريين من أبناء المنطقة ويضعف من إمكانية اتخاذ قرار حاسم حيال الاتفاق القائم، وهو ما أشار إليه قائد ميداني في الجبهة الوطنية مفضلاً عدم ذكر اسمه، وأضاف أيضاً أن بنود الاتفاق لن تنته عند انتشار القوات الروسية على طريق اللاذقية حلب وحسب، بل سيكون هناك انسحاب لقوات النظام والميلشيات الإيرانية إلى خطوط سوتشي المرسومة بنقاط المراقبة التركية على حدود محافظة إدلب.

وأوضح القائد الميداني أن الأتراك جادون إلى أبعد الحدود بانسحاب النظام وميليشياته وقد أكدوا أكثر من مرة من خلال غرفة العمليات المشتركة استعدادهم الكامل لإجبار النظام على الانسحاب إلى حدود سوتشي بالقوة في حال رفض أو فكر بخرق الاتفاق مرة أخرى كما حصل في الاتفاقات السابقة.

وبالعودة إلى ملحق اتفاق سوتشي يظهر بوضوح أن هناك بنوداً أخرى ما زالت طي الكتمان بعد إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو البند الأول المتعلق بطريق حلب اللاذقية الدولي، الذي ينتهي بإنشاء قواعد روسية وتركية على طول الطريق وتسيير دوريات مشتركة بشكل دائم من اللاذقية إلى حلب وتحريك القوافل التجارية الاقتصادية ومنع أي تحركات أو قوافل عسكرية.

غير أن الغموض المخيم على المشهد يزيد من حيرة العسكريين من أبناء المنطقة ويضعف من إمكانية اتخاذ قرار حاسم حيال الاتفاق القائم

المعارضة تحدثت أيضاً عن بندين آخرين سيتم العمل عليهما فيما بعد، أحدهما يتعلق بدمج الجيش الوطني المدعوم من تركيا مع الفرقة 25 مصالحات التابعة لروسيا في كيان واحد، لتشرف الدولتان بذلك على مناطق سيطرة المعارضة المحددة بإدلب وريف حلب وما بقي من ريف اللاذقية، علما أن المعارضة لم توضح إن كانت مناطق درع الفرات وغصن الزيتون مدرجة ضمن هذا البند.

ويبقى البند الأخير مرتبطاً بوقف كامل لإطلاق النار والعمل على تأمين القرى والبلدات وإعادة النازحين إليها في أسرع وقت ممكن.

ويبدو أن الحلقة التي ما زالت مفقودة حتى الآن بين الأطراف جميعها هيئة تحرير الشام التي لم يرد عليها ذكر لا الروس ولا الأتراك ضمن الاتفاق الأخير، وكذلك خبا صوتها وخفت بالآونة الأخيرة وتراجع صخبها وضجيجها، ليظل مصيرها مجهولا على أنها الورقة الأخطر بل وباتت البيدق الأكثر ربحا بيد النظام وحلفائه حيث تؤمن لهم غطاء شرعيا في حرق المناطق وتدميرها تحت ذريعة محاربة الإرهاب، فيما يراها آخرون من أكثر الفصائل ارتباطاً بالمجتمع الدولي وهو ما يبرر بقاءها حتى الآن على الرغم من كل المراحل الخطرة التي مرت فيها منذ تشكلها في سوريا.

 وأثناء الحديث عن الهيئة لا بد أن يأتي الذكر على الدور الكبير الذي لعبته من خلال تفكيك فصائل المعارضة وتحويلها إلى مجموعات مبعثرة بعد أن نفت واعتقلت وقتلت العديد من عناصرها كما حصل مع حركة نور الدين الزنكي بريف حلب الغربي وكذلك حركة أحرار الشام في منطقة الغاب وريفي حماة وإدلب ثم استأثرت بالسلاح الثقيل وتركت بقية المقاتلين بسلاحهم الفردي الذي يكاد لا ينفع بالمعارك الأخيرة،

وبعد أن بدلت الهيئة ثوبها القديم وبدت إلى أبعد الحدود متماهية مع المشهد فإن وجودها في المنطقة  يعني نهاية المطاف تحولها إلى أحد الفيالق التابعة للجيش الوطني بعد تغييب بعض الأسماء الإشكالية فيما يعتقد الكثير من أبناء إدلب أن مجرد بقاء الهيئة كآخر حمالة للإرهاب في المنطقة يشير بشكل واضح إلى أن مرحلة الاستقرار لم يحن وقتها بعد وأن مراحل أخرى يمكن أن يتطور المشهد إليها ولا سيما أن الهيئة تسيطر على مساحات واسعة من المنطقة الممتدة من محاذاة طريق حلب اللاذقية الدولي وصولاً إلى الحدود التركية وكذلك فإنها القوة الأكبر في منطقة تلال الكبانة التي ظلت عصية على النظام وميليشياته حتى الآن.  

كلمات مفتاحية