icon
التغطية الحية

إدلب.. صور "قيصر" تنكأ جراح ذوي معتقلين لدى النظام السوري | صور

2022.05.19 | 06:41 دمشق

img_4223.jpg
ذوو الشاب عبد الله عبد اللطيف الزين - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

"كانت مجزرة التضامن وأصداء العفو المزعوم دافعاً إضافياً للبحث أكثر عن أي خبر أو مشهد ممكن أن يصلنا بأخ المعتقل منذ أكثر من 9 سنوات"، يقول عدنان عبد اللطيف الزين، أخ المعتقل السابق "عبد الله عبد اللطيف الزين" الذي تعرفت عليه عائلته أخيراً ضمن صور "قيصر" المسرّبة.

ومع تسريب المقطع المصوّر لـ"مجزرة التضامن"، إلى جانب توارد أنباء عن إطلاق سراح معتقلين بموجب "العفو الرئاسي" الأخير، كان "عدنان" منشغلاً إلى جانب ذوي معتقلين من أقاربه بالتدقيق في صور ضحايا "المقطع المسرّب" أو المفرج عنهم على مواقع التواصل، علّهم يجدون معتقليهم المختفين منذ سنوات طويلة.

يعتبر "عدنان"، أنّ "البحث ضمن 55 ألف صور مسرّبة لضحايا كانوا معتقلين وعليهم آثار التعذيب ـ في إشارة لصور قيصر ـ تحدٍ كبير لما له من وقع نفسي"، ويضيف محدثنا، وهو معتقل سابق في أفرع النظام: "لكن بعد مجزرة التضامن والحديث عن العفو بحثت ضمن هذه الصور في قناة على تطبيق تلغرام ووجدت صورة أخي".

ونكّأت صورة "عبد الله " التي وُجدت ضمن صور "قيصر" جراح عائلته بعد انتظار دام أكثر من 9 سنوات، وعلى وجه التحديد أمّه البالغة من العمر 75 عاماً، التي تفحّصت الصورة المروّعة وأقرّت أنها لابنها، وفقاً للعائلة.

عدنان عبد اللطيف الزين شقيق عبد الله - تلفزيون سوريا

وكان تداول أربع صور لـ "ضحايا قيصر" خلال الأيام القليلة الماضية كفيلة في أن يعمّ الحزن والأسى مجدداً على ذويهم المنحدرين جميعاً من عائلة "آل الزين" في بلدة "حزانو" شمالي إدلب، التي صلى أهلها صلاة الغائب على ثلاثةٍ منهم في مسجد "أبي بكر الصديق" عقب صلاة الجمعة الفائتة.

عبد الله.. تفاصيل الاختفاء

اعتقل عبد الله الزين خلال محاولته إخراج أخيه ـ المعتقل حينها ـ "عدنان" (ذاته الذي يتحدث إلينا في هذا التقرير)، عندما استدرجه شخص إلى منطقة "باب شرقي" في العاصمة دمشق، ليتفاجأ بكمين نصبه مجموعة من "شبيحة النظام" بالتواطؤ مع الشخص ذاته.

يروي هذه التفاصيل محمد بهجت الزين، وهو الشخص الذي رافق "عبد الله" إلى الموعد الذي اعتقل فيه، إلا أنّ "محمد" تمكن من الهرب لكونه بقي في السيارة على مسافة قريبة، ولم يُلاحظ وجوده فيها من قبل عناصر "الشبيحة"، وفق تعبيره.

يقول "محمد" لموقع تلفزيون سوريا إنّ "عبد الله تلقى هاتفاً صبيحة يوم 19 من آب 2012 وكان أول أيام عيد الفطر، من شخصٍ يدعي أنه مفرج عنه بموجب عفوٍ صادر عن النظام، واجتمع مع أخيه عدنان في المعتقل، ويود أن يكلمه في موضوع حوله لا يمكن أن يتم عن طريق الهاتف".

ويضيف: "عند الوصول للموقع وبعد انتظار قرابة نصف ساعة وصل الشخص بسيارة سنتافيه حديثة، وعند ركوب عبد الله بجانبه في السيارة طاوقت المكان مجموعة من الشبيحة، نزلت من سيارة من طراز هوندا أفانتي واقتادت عبد الله إلى جهة مجهولة".

ويردف "محمد": "كان دافع الاعتقال بدايةً الحصول على مبلغ مالي كبير من ذوي عبد الله، إذ طلبوا 15 مليون ليرة سورية.. إلا أن الدافع الحقيقي هو انتقامي بلا شكّ".

المعتقل محمد سطّام الزين.. "صدمة مؤلمة"

رغم وصول معلومات إلى عائلة محمد سطام الزين المُغيّب في سجون النظام السوري منذ كانون الثاني عام 2012 - أي بعد انشقاق الضابط "قيصر" بنحو سنتين ـ تفيد بأنّ ابنها حيّ ووصل سجن صيدنايا سيء الصيت محولاً من الفرع 48 في دمشق بعد خضوعه لما يعرف بـ "محكمة الإرهاب الخامسة"، إلا أنّ وقوع صورة بين يديهم أخيراً لشاب يشبه في ملامحه ابنهم المعتقل من صور ضحايا "قيصر"، شكّل صدمةً مؤلمة للعائلة، بحسب "زين سطام الزين" وهو الأخ الأكبر لـ "محمد".

يقول "زين"، الذي يعمل في محل لبيع "إكسسوارات الهواتف النقّالة"، إنّ "الحزن خيّم على العائلة لساعات، إذ إنّ صاحب الصورة ملامحه قريبة جداً من ابنهم المعتقل محمّد، وفي ظل حالة الضياع التي تعيشها العائلة في هذه السنوات كان تصديق الخبر طبيعياً جداً".

زين سطام الزين شقيق محمد - تلفزيون سوريا

وسرعان ما توقّفت مأساة العائلة عند وصول معلومات أوفى حول الصورة التي نكّأت جراحها من جديد، من خلال موقع صحفي نشر تفاصيل عن هذه الصورة التي ظنّت عائلة المعتقل "محمد" أنّها له، يردف "زين": "رجعت الأمور لحالتها الطبيعية بعد أن بدأت أمي بالبكاء، وعدنا لحالة الانتظار ذاتها".

وبحسب المادة الصحفية المنشورة بتاريخ 7 من شباط 2015 فإنّ "الصورة المشتبه بعودتها إلى "محمد سطام" هي للضحية رقم 37 كما وردت في موقع "زمان الوصل"، وتعود لشاب ينحدر من بلدة بريف محافظة القنيطرة، تعرّف إليه محامٍ اجتمع معه في فرع المنطقة 227 في "كفرسوسة".

وأوضح المحامي الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه (لوجود معتقل آخر من ذويه في سجون النظام) أنّ "الصورة تعود لشاب اعتقل على حواجز بلدته في القنيطرة بتهمة التحريض على الثورة رغم أنه لم يشارك فيها".

وبناءً على هذه المادة الصحفية، والمعلومات المذكورة أعلاه، تضاءل حزن العائلة من هول الصورة المسرّبة، وبقيت تنتظر خبراً عن ولدها المغّيب على أمل عودته من جديد.

"اعتقال الشبان الأربعة"

محمد سطام الزين، من مواليد عام 1993، اعتقل في شهر كانون الثاني 2012 من "ساحة سعد الله الجابري" في مدينة حلب، مع ثلاثة آخرين من أبناء عمومته وأقاربه وهم الشبّان "عبد الباسط محمد العلي، ومحمد عبد الله الزين، عمر خالد الزين"، إذ إنّ الاسمين الأخيرين كتب لهما النجاة بعد فترة اعتقال وجيزة قاربت الـ 3 أشهر ونصف، بينما "محمد وعبد الباسط" ما زالا مغيبين في أفرع النظام السوري.

محمد عبد الله الزين يروي تفاصيل الاعتقال لموقع تلفزيون سوريا، إذ إنه كان المرافق لـ "محمد سطام الزين" قبل أن تعتقلهم مجموعة تتبع لما يعرف بـ"اللجان الشعبية" في ساحة "سعد الله الجابري".

يقول "محمد" إنه كان و"محمد سطام الزين" في طريقهما إلى "كراج الانطلاق" في منطقة "باب جنين" في مدينة حلب، وبعدها إلى قريتهما "حزانو" شمالي إدلب، بينما "عبد الباسط محمد العلي وعمر خالد الزين" كانا بانتظارهما في الكراج.

المعتقل السابق محمد عبد الله الزين - تلفزيون سوريا

يقول "عمر خالد الزين" وهو الناجي الثاني لموقع تلفزيون سوريا: "كنا على تواصل مستمر عبر الهاتف لتحديد مواقعنا ونقطة اللقاء هي "الكراج"، كانت الأمور على ما يرام قبل أن يمتنع محمد سطام الزين عن الردّ على الهاتف، كررت الاتصال كثيراً.. في هذه الأثناء كان قد اعتقل هو ومحمد عبد الله الزين".

ويضيف: "استدرجتنا اللجان الشعبية عندما علمت أننا مجموعة شبابية واحدة ونحن بانتظارهما في الكراج.. واعتقلتنا عند ساعة باب الفرج، ونُقلنا إلى ساحة سعد الله الجابري ومن هناك تمّ اقتيادنا نحن الأربعة إلى فرع الأمن العسكري".

ويلخّص محدثنا "عمر خالد" مسار اعتقالهم على الشكل التالي: "الأمن العسكري في حلب ـ الشرطة العسكرية في حلب ـ سجن البالونة في حمص ـ القابون ـ الفرع "215" في منطقة كفرسوسة، وهو المكان الذي افترق فيه "الأصدقاء الأربعة". ويردف "عمر" حول ذلك: "في هذا الفرع أطلق سراحي مع محمد عبد الله الزين قبل أن نتوجّه للقاضي المدني.. حاولت السؤال عن محمد سطام وعبد الباسط لكن كانت الإجابة أنّ قضيتهما مختلفة، هنا كانت الصدمة كبيرة".

عائلة تفجع بـ "الأب والابن"

كان من ضمن صور "قيصر" التي تعرّف إليها أهالٍ من بلدة "حزانو"، صورة تعود لـ"خالد محمد عبدو الزين" وابنه "محمد خالد الزين".

بدأت فاجعة العائلة عندما طاوقت مجموعة تابعة "للأمن العسكري" محلاً تجارياً في شارع "الوكالات" في حي "السكري" في مدينة حلب، واعتقلت "خالد محمد عبدو الزين" في شهر تموز من العام 2012، وبعد أقل من أربعة أشهر اختفى الابن "محمد خالد الزين" في مدينة حلب أيضاً خلال محاولته البحث عن والده المعتقل.

يقول الشاب أحمد خالد الزين المقيم في تركيا لموقع تلفزيون سوريا، تعليقاً على تداول صورة "والده" من ضمن صور "قيصر" المسرّبة: "الصورة باعتقادي تعود لأبي بنسبة يقينية لأن وجه الشبه كبير". يدعم هذه الظنون ما أكده "عدنان عبد اللطيف الزين" الذي اعتقل حينها مع "خالد"، مبيناً في حديث لموقع تلفزيون سوريا أنّ "خالد" قضى في المعتقل تحت التعذيب، بحسب خبر سمعه هناك حينما حاول الاستفسار عنه قبيل إطلاق سراحه.

لكن ما زالت العائلة تحمل الشكوك حول إذا ما كانت الصورة المسرّبة الأخرى تعود لابنها "محمد خالد الزين" المختفي في مدينة حلب منذ مطلع عام 2013، بحسب محدثنا "أحمد خالد الزين".

ويختم "أحمد" بحديثٍ عن "اختلاط المشاعر عليهم خلال السنوات القليلة الماضية، في وقتٍ كانت تتوارد فيه أنباء متضاربة، تؤكد استشهادهما تارةً وبقاءهما على قيد الحياة تارةً أخرى"، إلا أنّ الصور المكتشفة مؤخراً، أطغت مشاعر الألم والحزن على العائلة اللاجئة في تركيا.

تركّزت معظم مطالب ذوي المعتقلين الذين تحدثنا إليهم خلال إعداد التقرير على "أهمية المحاسبة والمساءلة القانونية لرموز النظام والمتورطين في تغييب السوريين في معتقلاته، والعمل بشكلٍ حثيث من قبل المنظمات والجمعيات الدولية على إطلاق سراح باقي المعتقلين".