icon
التغطية الحية

"إدارة التجنيد العسكري" وسيلة هيئة تحرير الشام لإضعاف الجبهة الوطنية للتحرير

2021.09.11 | 06:16 دمشق

vlcsnap-2019-05-14-18h47m04s743.png
إدلب - ثائر المحمد
+A
حجم الخط
-A

تفرض "هيئة تحرير الشام" نفسها حاكمة على محافظة إدلب، وتهيمن على الملفات العسكرية والأمنية والاقتصادية، لكنها في الوقت نفسه تتعاون مع الجبهة الوطنية للتحرير في مجال العسكرة، وتعتبرها شريكاً في تغطية نقاط الرباط، وصد الهجمات المحتملة على إدلب، والرد على مجازر النظام وروسيا المرتكبة بحق المدنيين.

وتسعى "هيئة تحرير الشام" للتحكم بالقرار العسكري والتفرد به، وتعتبر نفسها -حسب قائدها- "صاحبة قرار السلم والحرب"، لكنها لا ترغب أيضاً بالتفرد في إدارة العمليات الميدانية، لذلك عملت على تشكيل مجلس عسكري بالتشارك مع الجبهة الوطنية، وهو ما لم يحقق تطلعاتها وأهدافها بخلق ذاك الجسم الذي يأتمر بأمر شخص واحد، وبتوجيه قيادة عسكرية واحدة.

لا تستطيع "تحرير الشام" القيام بأي تغلّب عسكري في الوقت الراهن لعدة اعتبارات، وهي غير مضطرة لذلك أصلاً، لكنها تريد بالفعل إحكام قبضتها أكثر عسكرياً، ما دفعها للجوء إلى خيارات وأساليب ناعمة، من شأنها أن تعزز قوتها، وترفد صفوفها بمئات المقاتلين، على حساب إضعاف الجبهة الوطنية للتحرير وفصائلها باختلاف مسمياتها، وكانت "إدارة التجنيد العسكري" المُعلن عن تشكيلها في شهر أيار الماضي، إحدى هذه الوسائل.

استقطاب عناصر من الجبهة الوطنية

من المهم التذكير بداية، بأن مصلحة "هيئة تحرير الشام" لا تقتضي تفكيك الجبهة الوطنية أو إنهاء وجودها، لأنها مستفيدة منها سياسياً بالدرجة الأولى، ثم لدورها بتحمل جزء من الأعباء العسكرية الملقاة على عاتق الهيئة، لكن ذلك لا يمنع إضعافها وفق حسابات "الجولاني"، مقابل تحقيق مكاسب لهيئته.

تطلعات "تحرير الشام" في تطويع معظم الفصائل على الصعيد العسكري، دفعها لاستغلال الوضع الاقتصادي الصعب لفصائل الجبهة الوطنية، وضعف الرواتب المقدمة لها، أو انقطاعها لأشهر في بعض الأوقات، من أجل استقطاب عناصرها، وضمّهم إلى صفوفها، مقابل رواتب ثابتة وسلل إغاثية شهرية.

أوكلت الهيئة مهمة استقطاب العناصر، سواء العاملين في الجبهة الوطنية، أو الشبان المستقلين الراغبين بالعمل ضمن إحدى الفصائل، لـ "إدارة التجنيد العسكري" التابعة للهيئة، وذلك عبر فتح فروع لها في مختلف المناطق بإدلب وأريافها، وتخصيص أرقام للتواصل مع كل فرع بشكل منفصل، من أجل تسهيل عملية الانضمام، والرد على الاستفسارات المطروحة من قبل الشبان.

توزعت إدارة التجنيد على ثمان شعب، وهي أطمة، حارم، المنطقة الشمالية، أريحا وجبل الزاوية، المنطقة الوسطى، سرمدا، إدلب، جسر الشغور، وبحسب عضو لجنة متابعة الإدارة التابعة للهيئة، أحمد النايف، فإن عملية التنسيب لم تتوقف عبر هذه الشُعب.

وأفادت ثلاثة مصادر متطابقة لموقع تلفزيون سوريا، بأن هذه الشعب تستقبل العشرات من عناصر الجبهة الوطنية للتحرير شهرياً، ممن اضطروا لترك فصيلهم بسبب ضعف الرواتب، وعجزهم عن دفع تكاليف المعيشة، رغم سكن بعضهم بالخيام.

أحد المصادر ذكر أن العدد التقريبي لعناصر الجبهة الوطنية المنخرطين ضمن الهيئة، يتراوح بين 200 إلى 300 عنصر شهرياً، ويكون الانتقال من معظم الفصائل، ولا يقتصر على تشكيل معين.

ويعتقد المصدر أن دافع "الجولاني" من فتح باب الانضمام لعناصر الجبهة الوطنية إلى فصيله، هو رغبته بإنهاء فكرة الشراكة العسكرية مع الجبهة، والسيطرة المباشرة على الحراك العسكري، مضيفاً أن دافع العناصر الوحيد للخروج، هو الحاجة المالية، خاصة مع انقطاع الدعم من الجانب التركي لعدة أشهر في أكثر من مناسبة.

وعند التواصل مع الناطق باسم الجبهة الوطنية للتحرير، لمعرفة مسببات انضمام بعض العناصر إلى الهيئة، وحقيقة الأعداد، ذكر أنه لا يملك معلومات بهذا الخصوص، كون الجبهة الوطنية عبارة عن عدة فصائل.

إدارة التجنيد في هيئة تحرير الشام

بدأ الترويج لإدارة التجنيد من قبل الإعلام الرسمي والرديف في هيئة تحرير الشام، في شهر أيار الماضي، عبر نشر فيديوهات حماسية تدعو "للنفير والجهاد"، وكذلك نشر لافتات ضخمة في شوارع مدينة إدلب والأماكن العامة تشجع على ذات الأمر.

وفي 10 من أيار، قال القيادي في تحرير الشام، مظهر الويس، إن "انطلاق مشروع إدارة التجنيد العسكري بشعب الانتساب والتطوع في مناطق المحرر خطوة مهمة للارتقاء بالجهد العسكري وتنظيمه، وهي رسالة واضحة أن إرادة القتال مستمرة وأن الحق والمشاريع لا تحمى وتُصان بغير الشوكة وبناء الجيوش والكتائب".

ونشرت مصادر إعلامية مقربة من الهيئة، في 27 من آب الماضي حواراً مع عضو لجنة متابعة إدارة التجنيد في هيئة تحرير الشام، أحمد النايف، لشرح آلية عمل الإدارة، والهدف من تشكيلها، ومراحل التجنيد.

 

162073797947437147.jpg

 

يقول "النايف" إن إدارة التجنيد هي "الجهة التي تقوم على استقبال النافرين إلى الجهاد من رجال المحرر عن طريق شُعبها المنتشرة في المناطق الثمانية وتتابع مراحل إعدادهم وتجهيزهم وفرزهم إلى الألوية والكتائب بكل الاختصاصات".

وأضاف أن أهداف الإدارة تتلخص بتسهيل عملية الانضمام إلى الهيئة، ورفع كفاءة العناصر الجدد شرعياً وعسكرياً، واستقطاب الكوادر وذوي الخبرات العسكرية وتقديم الاستثناءات لهم.

 وهناك خمس مراحل للتجنيد أولها التواصل مع أحد الشعب وتسجيل الاستمارة، ثم المقابلة العسكرية والطبية، ثم الخضوع لدورة شرعية مدتها 25 يوماً، ثم لدورة عسكرية مدتها 30 يوماً تتخللها إجازة للمتزوجين، وختاماً مقابلة الفرز.

وعند سؤال "النايف" عن أعداد العناصر المنتسبين للهيئة، أجاب: "لم تتوقف أعداد المنتسبين لصفوف المجاهدين منذ انتهاء الحملة الأخيرة، وهذا مؤشر إيجابي على وعي الشباب واهتمامهم بقضيتهم الأساسية قضية التمسك بمبادئ الثورة وعلى رأسها تحرير سوريا من الغزاة والمحتلين والدفاع عن الأرض والعرض بقوة السلاح".

ضعف وانقطاع في المنح المالية

بدأت المشكلات المالية لفصائل الجيش الوطني السوري والجبهة الوطنية للتحرير تطفو على السطح بداية العام الحالي، حيث انقطعت الرواتب المقدمة من تركيا لأكثر من 70 يوماً، ما دفع عدة عناصر للتظاهر وتنظيم وقفات احتجاجية للمطالبة بحقوقهم.

وأوضح مسؤول مالي في الجبهة الوطنية للتحرير، لموقع تلفزيون سوريا في نيسان الماضي، أن التأخير الحاصل في وصول الكتل المالية للفيالق والجبهة الوطنية هو الأول من نوعه طوال السنوات الـ 3 الماضية، مشيراً إلى أنه في معظم الأحيان تتأخر الكتل المالية شهرياً بمعدل 10 أيام إلى 15 يوماً، وهي نادراً ما تصل في بداية الشهر.

وأشار إلى أن المخصصات ليست رواتب شهرية، وإنما يتسلّم المقاتل 400 ليرة تركية فقط عن كل 40 يوماً، ما يعني 10 ليرات في اليوم الواحد فقط.

وحينذاك قال عامر حج حسين، وهو مقاتل في صفوف الفيلق الثالث في الجيش الوطني، لموقع تلفزيون سوريا: "الأمر الذي يخفف وطأة الحال بأنه عام على الجميع. لم يكن انتسابنا للجيش الوطني له غاية مادية، ولكن النزوح وصعوبات الحياة تجبرنا على أن نتقاضى مالاً لنعيش، وهذا أمر طبيعي، وفعلياً هناك كثير من المقاتلين يفكرون جدياً بترك الفصائل والتوجه نحو سوق العمل، ولهذا أبعاد سيئة على الثورة والفصائل العسكرية".

بالمقابل يتراوح راتب العنصر العادي في "تحرير الشام" بين 80 إلى 150 دولاراً، وتوزع الرواتب حسب الوضع الاجتماعي للشخص، حيث يفوق راتب المتزوج عن العازب بنحو 40 دولاراً.

تفرد بالقرار العسكري

رغم أنها تقود غرفة عمليات "الفتح المبين"، وتضبط الواقع العسكري من خلالها، يتوقع أن يكون هدف تحرير الشام من استقطاب عناصر الجبهة الوطنية للتحرير، هو التفرد بالقرار العسكري كاملاً، علماً أنه لم يبق لدورها تلك الأهمية، بعد انتشار الجيش التركي في إدلب، عبر عشرات القواعد العسكرية.

وقال الباحث في مركز "جسور" للدراسات، محمد السكري، إن هيئة تحرير الشام تسعى لبسط سيطرتها على المناطق الحيوية والتفرد بالقرار العسكري دون مشاركة أيّ طرف، وقد نجحت في البداية مع حركة أحرار الشام، والآن تركز على الفصائل الأخرى.

ولفت "السكري" في حديث لموقع تلفزيون سوريا، إلى أن الهيئة تعمل بشكل حثيث على إحداث خرق في الفصائل السورية التي تشكل مخاطر وتهديدا عليها، حيث تعوّل على فرض سيطرتها بشكل كامل على الجبهة الوطنية ضمن صراع النفوذ المستمر.

وتابع: "طالما أنّ تبعية الجبهة الوطنية للتحرير لوزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة ستبقى مصدراً للقلق بالنسبة للجولاني، ولعلّ قضية الموارد والكتل المادية قد تكون بالفعل عاملاً مشجعاً لانتقال بعض العناصر من الجبهة إلى الهيئة في الوقت الذي حجّمت به الهيئة معظم منافسيها من الفصائل الجهادية أو المعتدلة كحركة أحرار الشام".

واستدرك بأن "كل هذا لا يعني أن الهيئة لديها الرغبة بإنهاء التحالف مع الجبهة الوطنية للتحرير ضمن المجلس العسكري، بل تريد السيطرة عليه مع إبقاء هذا التحالف ولو شكلياً، فليس من مصلحة الهيئة ضمن السياسة البراغماتية التي تتبعها في الآونة الأخيرة اتباع ذات سياسة المواجهة والعنف، فهي تعمل على تصفير المشكلات وفي التوقيت ذاته تحصيل مكاسب وفرض النفوذ بأدواتها الناعمة".

دعم تشكيلات تنشط عسكرياً

تحظى بعض التشكيلات النشطة عسكرياً في إدلب، بدعم هيئة تحرير الشام، سواء كان مالياً أو إعلامياً، ذلك لعدة أهداف، منها استقطاب الشبان دون أن يضطروا للعمل داخل الهيئة، وأيضاً التنصل من تبعات مفترضة للرد العسكري على روسيا، وأثر ذلك على اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع تركيا.

"سرايا المقاومة الشعبية"، هي إحدى التشكيلات المدعومة من هيئة تحرير الشام، وتعنى بشكل رئيسي بعمليات التحصين على خطوط التماس، وشغل عدد من نقاط الرباط، والتدخل في حال اندلعت مواجهات مع نظام الأسد.

تحظى "سرايا المقاومة" بدعم إعلامي كبير من قبل هيئة تحرير الشام والشخصيات القيادية فيها، وهي بدورها تستغل بعض الأحداث لتوجيه المديح للهيئة، إذ شكرت في أحد بياناتها "جهاز الأمن العام" التابع للهيئة، ووصفت أفراده بـ "الأحرار الساهرين على أمن المحرر، المرخصين أرواحهم فداء لحفظ أهلهم".

واعتبر القيادي في تحرير الشام، جهاد عيسى الشيخ، في منشور له على تويتر أمس الخميس، أن سرايا المقاومة الشعبية، هي "استمرار للثورة وشعلة أمل للثوار وفرصة لكل ثائر حر أن يقوم بواجبه الشرعي بالرباط والجهاد في سبيل الله بعيداً عن الخلافات الداخلية".

ويدعم الإعلام غير الرسمي في الهيئة، كلاً من "الحزب الإسلامي التركستاني"، و"أنصار التوحيد"، حيث يتم نشر أعمالهما على مختلف المنصات الإعلامية، فيما تؤكد مصادر متطابقة وجود تنسيق عسكري بين تحرير الشام وهذين التشكيلين.

ويلاحظ الباحث في الجماعات الجهادية، عرابي عبد الحي عرابي، أن هيئة تحرير الشام تفسح المجال بالفعل لبعض المجموعات مثل الحزب الإسلامي التركستاني وأنصار التوحيد ضمن النطاق العسكري، موضحاً أن "الجولاني" يستفيد من ذلك، كونه يخلي مسؤوليته أمام تركيا أو روسيا من أي هجوم أو قصف يمكن أن يؤثر على وقف إطلاق النار.

وأفاد "عرابي" لموقع تلفزيون سوريا، بأن "الجولاني" يستفيد من وجود مثل هكذا مجموعات ويتركها للاستثمار، سواء أمام الحاضنة الشعبية، أو على المستوى الخارجي.

وفيما يخص فتح هيئة تحرير الشام أبوابها لاستقطاب عناصر من الجبهة الوطنية، ذكر "عرابي" أن "الجولاني" يحاول بذلك تعزيز سلطته، وسحب قوة الجبهة الوطنية، وخلخلة صفوفها، ما يعني تآكل حضورها مستقبلاً مقارنة بحضور تحرير الشام في المنطقة.

مكاسب هيئة تحرير الشام

 يرى المحلل السياسي، مالك الحافظ، أن "الجولاني" يريد زيادة قوة أذرعه العسكرية في محيط مناطق سيطرته، وهو بذلك يسعى لتكريس نفسه كقائد أوحد للمنطقة، على طريق وضع تمركزات جديدة لنفوذه وتوحيد لون السيطرة هناك، وانطلاقاً من هذا المشروع فإنه سيسعى إلى تعزيز سيطرته الأمنية والعسكرية في عموم المنطقة، وينوي كسب الوجود هناك أو في بعض من المناطق المحيطة به دون اقتتالات واسعة النطاق، وإنما دمج العناصر غير المنضوية تحت لوائه بشكل تدريجي مقابل الاستمرار بترويج مشروعه الأساسي القائم على التوسع في المنطقة واندماج كل القوى العسكرية ضمن بوتقة هيئة تحرير الشام، سواء قبل تغيير جلدها أو بقائها على وضعها وهيكليتها الحالية.

وعن احتمالية توجه هيئة تحرير الشام لفك الشراكة العسكرية مع الجبهة الوطنية، ذكر "الحافظ" في حديث لموقع تلفزيون سوريا، أن دخول الجولاني وهيئته في الشراكة داخل المجلس العسكري مع الجبهة الوطنية، كان الغرض منه فتح قنوات تواصل أكثر عمقاً مع أطراف في الجبهة الوطنية، من أجل تفتيت جزئي لقوة هذا الفصيل، الذي يعتبر من أقوى الفصائل في المنطقة، والذي يمكن أن يكون مقابلا لنفوذ الجولاني وطموحه في توسيع سيطرته المطلقة.

وأضاف أن متزعم تحرير الشام ومن خلال شرعييه وقياداته سعى خلال الفترة الماضية لكسب عدة تيارات عسكرية في المنطقة، ومن يقبل من قيادات تلك التيارات التعاون وإمكانية الاندماج لاحقاً، يكون المكسب إضافياً لمصلحته في تعزيز نطاق الهيمنة تمهيداً لإطباق سيطرته العسكرية، أو حصر النفوذ المناوئ له في بقعة جغرافية ضيقة. 

ويؤكد أن الجولاني لن ينسحب من المشهد أو يترك الساحة الميدانية لغيره من الفصائل المعتدلة، بل يريد كسب معادلة القوة والهيمنة، وأن يربح تصنيف الاعتدال لهيئته، وهو بعملية الدمج الطوعية أو الإجبارية وتوسيع نطاق النفوذ يكسب نقاطا إضافية مفترضة وفق مخططه في القبول الشعبي، ويزيد من رصيد حملته التسويقية والإعلامية. 

ويمكن أن يظهر تأثير استقطاب الهيئة لعناصر "الوطنية" على الشراكة العسكرية لاحقاً، ويقول "الحافظ": "إذا توسعت دوائر الانشقاق عن الجبهة الوطنية، يمكن فض الشراكة بينهم كون ذلك المشروع أدى غرضه للجولاني على عكس الجبهة، فالجولاني أراده ليبدأ مرحلة جديدة من مخططه في إحكام السيطرة على مواقع جديدة وتحكمه بأوراق قوة أكثر مع الأطراف الفاعلة في الملف السوري، وهو في مخططه لا يريد شركاء وإنما تابعين".
 وأردف بأن "الجولاني ماض فيما بدأ العمل عليه منذ منتصف العام الماضي بشكل جلي، في الترويج لاسمه وتنظيمه كمتحكمين وحيدين ومسيطرين على أمن المنطقة ونفوذها العسكري، بحيث لا يبقى من ينافسه بشكل منفرد على قيادة المنطقة أو تنفيذ أي أجندة أمنية وعسكرية".

وتابع: "الجولاني أبدى اهتمامه بضرورة اندماج الجيش الوطني مع هيئته، ولا أعتقد أن هناك رأيا غالبا داخل الجيش الوطني حتى الآن بوجوب هذا الخيار، لذا فإن احتمالات التصعيد واردة بين أطراف في الجيش الوطني والهيئة إذا ما استمرت الأمور على المنوال الحالي، ولا بد من وجود صعوبات أمنية وعوائق عسكرية قبل الوصول إلى شكل مختلف في النفوذ مقبلة عليه المنطقة خلال الفترة المقبلة. هذا التغيير لا بد منه وهو ضرورة".

ويستفيد الجولاني من استقلال فصيله اقتصادياً، لتمكين قوته العسكرية، حيث توزع الرواتب على عناصر تحرير الشام من واردات المعابر، سواء باب الهوى الحدودي مع تركيا، أو الغزّاوية الفاصل بين إدلب وشمالي حلب، أو من عائدات الرسوم المفروضة على الأشخاص الراغبين بالدخول إلى تركيا عبر طرق التهريب شمال وغربي إدلب، فضلاً عن احتكار الهيئة لتجارة واستيراد مواد معينة مثل المحروقات، بينما تعاني فصائل الجبهة الوطنية من عجز اقتصادي، بسبب ضعف الوارد المالي المقدم من تركيا، ولكون هذه الفصائل لا تتحكم بالمعابر في إدلب، ولا تفرض ضرائب، مثلما تفعل بعض فصائل الجيش الوطني على حواجزها ومعابرها في ريف حلب الشمالي والشرقي.