"أيام التطهير".. هل اقترب الصراع في فلسطين من نهايته؟

2021.05.31 | 06:24 دمشق

20210521_2_48401218_65383685.jpg
+A
حجم الخط
-A

"أطلقوا الوحوش"، عبارة تصف سنيناً من الأحداث الدموية التي شهدتها المنطقة من سوريا وصولا إلى العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة والجرائم التي كثف من ارتكابها المستوطنون المتطرفون في حي الشيخ جراح بالقدس والضفة.

هذه العبارة كانت فكرة سلسة أفلام "التطهير" الأميركية، التي عرض أول جزء منها عام 2013، ومن المُقرّر إصدار الجزء الخامس والأخير بعنوان "التطهير إلى الأبد" في 9 من حزيران 2021.

سلسلة أفلام التطهير تروي قصّة عائلة تختبئُ في منزلها خوفاً من جرائمِ القتلِ التي تُصبحُ قانونيّةً لمُدّة اثنتي عَشرة ساعة في 21 من آذار من كُلّ عام في الولايات المتحدة، والهدف من ذلك تخفيض معدلات الجريمة في بقية أيام السنة، ليعم الرخاء المجتمع الأميركي، لكن كان لابد من طقوس "التطهير" لتنظيف النفس البشرية بحسب ما يروي الفيلم.

في المستقبلِ القريب عام 2022، تُصبحُ معدّلات الجرائم في الولايات المتحدة في أدنى مستوياتها، ويرجع ذلك إلى أنّ الحكومةَ في ليلة 21 من آذار من كُلّ عام وضعتْ قانوناً أن تكونَ تلك الليلة لمدة 12 ساعة جميع الأفعال المشينةَ فيها قانونيّة (بما في ذلك القتل، والسرقة، والاغتصاب) وذلكَ للتنفيس عن غَضبِ الشعب، ومسموح في تلك الليلة استخدام جميع أنواع الأسلحة -عدا أسلحة الدمار الشامل- ومسموح القتل والتعذيب بشتّى الأساليب والطرق.

وفي هذه اللية لن تعمل أقسام الشرطة، وسوف تغلق المشافي أبوابها، كذلك فإن أرقام الطوارئ والنجدة ستكون مغلقة أمام الضحايا، الذين ستبث وسائل الإعلام قصص موتهم وانتهاك حقوقهم بعد انتهاء عملية "التطهير".

الليلة نفسها عاشتها الأراضي الفلسطينية المحتلة على مدى 11 يوما في غزة والمدن المختلطة، عندما تركت إسرائيل المستوطنين المتطرفين يطلقون "وحوشهم" للتعدي على الفلسطينيين في القدس وعدد من البلدات والمدن الفلسطينية، دون أن تتخذ الولايات المتحدة موقفا ضد عمليات أعمال العنف التي بدأها المستوطنون، وانبرت دول ووسائل إعلام كبيرة للحديث عن قصف متبادل بين حركة "حماس" وجيش الاحتلال. 

المثير في فيلم "التطهير" هو طبيعة الجرائم التي سترتكب في هذا اليوم، معظمها جرائم عرقية وعنصرية وطبقية أيضا، ما يشير إلى فشل النظرية التي وضعها "المؤسسون الجدد" في تطهير البلاد بشكل كامل من الصراعات، وعكست طبيعة القضايا التي يهتم بها الغرب، حيث جاء التضامن مع الفلسطينيين بسبب تعرضهم لانتهاكات من دولة "الفصل العنصري" وليس من قوة احتلال وهو جانب من الصراع مع الفلسطينيين.

المستوطنون يطلقون وحوشهم

في 1956 قتل فدائيون فلسطينيون جنديا إسرائيليا من سكان مستعمرة كيبوتس ناحل عوز ،التي أقيمت على أنقاض قرية خربة الوحيدي الفلسطينية، يدعى روعي روتنبيرغ (23 عاما) ضمن عملية فدائية شهدتها تلك الفترة ضد أهداف إسرائيلية.

الإذاعة الإسرائيلية خلال العدوان الأخير أعادت بث كلمة الرثاء التي قالها قائد الجيش الإسرائيلي ووزير الأمن وقتها موشيه ديان: "بالأمس قتل روعي. سكينة الصباح الربيعي بهرت عينيه فلم ير المتربصين بروحه على حد التلم في الحقل. فلا نكيلن التهم اليوم للقتلة. كيف لنا أن نشكو كراهيتهم الشديدة لنا؟ ثماني سنوات وهم يقيمون داخل مخيمات اللاجئين داخل قطاع غزة وقبالة عيونهم نحوّل أراضيهم وبلداتهم التي سكنوها وأجدادهم إلى مزارع لنا نزرعها ونحصدها وهم يروننا من خلف السياج. علينا أن نطالب بدم روعي من أنفسنا لا من العرب في غزة. كيف أغمضنا عيوننا ولم نحدق مباشرة بمصيرنا لنرى وعد زماننا بكل قسوته؟ هل ننسى أن مجموعة الشباب هنا في كيبوتس “ناحل عوز” تحمل على أكتافها بوابات غزة الثقيلة، بوابات تزدحم خلفها مئات آلاف العيون والأيدي المبتهلة من أجل ضعفنا، كي يتمكنوا من الظفر بنا ويمزقونا إربا إربا.. هل نسينا؟ إننا نعلم أنه من أجل أن يخفت الأمل بإبادتنا علينا أن نكون مسلحين وعلى أهبة الاستعداد صباح مساء. إننا جيل الاستيطان وبدون صلابة الفولاذ وقوة المدافع لن يكون بوسعنا أن نغرس شجرة وأن نبني بيتاً".

ومع شن العداون على غزة وبدء هبة شعبية تنذر بانتفاضة، منحت الشرطة الإسرائيلية حرية للمستوطنين المتطرفين الذين دخلوا المدن المختلطة مثل اللد والرملة وحيفا ويافا وعكا، إلى حد أن بلدية اللد فتحت أبوابها لاجتماعات لهم لكي يخططوا كيفية الدخول للبيوت العربية حسب ما نشر صحفيون وناشطون فلسطينيون على وسائل التواصل الاجتماعي، عدا ذلك كانت هناك أيام حاسمة باللد، كان فيها العرب تحت الاعتقال المنزلي والحجر، نتيجة لوضع الطوارئ الذي تم إعلانه بالمدينة في حين كان المستوطنون المتطرفون  يتجولون بحرية".

وفي مشاهد غابت لسنوات، هاجمت قوات كبيرة من الشرطة عشرات آلاف المواطنين العرب الذين خرجوا إلى الشوارع للاحتجاج على الاعتداءات الإسرائيلية على القدس، والعدوان على غزة.

غير أن الصورة في المدن المختلطة، التي يسكنها يهود وعرب، كانت أشد صعوبة حيث قاد مستوطنون قدموا من الضفة الغربية هجمات عنيفة، كانت دموية أحيانا، على مواطنين عرب.

ومن بين أبرز المدن المختلطة "اللد والرملة وحيفا ويافا وعكا"، والتي تشير تقديرات إلى أن 20% من مجمل المواطنين العرب يسكنونها.

وأطلقت الشرطة الإسرائيلية حملة اعتقالات طالت المئات من الفلسطينيين، الذين تتهمهم بالمشاركة في الاحتجاجات التي شهدتها المدن والبلدات العربية خلال الأسابيع الأخيرة.

ويقول حسن جبارين، المحامي والمدير العام لمركز "عدالة" الحقوقي، لوكالة الأناضول إن حملة الاعتقالات طالت 1550 شخصا، وهناك 170 لائحة اتهام منها 15 ضد مواطنين يهود بمعنى أن نسبة اليهود المتهمين 9% فقط".

وأضاف "الحملة التي قامت بها الشرطة كانت غير قانونية وتعسفية، تهدف للاعتقال من أجل الردع والتخويف واستدرك جبارين أنه لا يوجد في القانون الجنائي اعتقال من أجل الردع، فالاعتقال يجب أن يكون وفقا لجنحة قام بها شخص، ويجب التحقيق معه بشكل شخصي.

غير أن جبارين أشار إلى أن "الاعتقال جاء ضمن حملة عنصرية فيها جانب لعقاب جماعي في حين أن القانون الجنائي مبني على الاعتقال الفردي وليس الجماعي".

وأضاف "لذا فإننا نرى أن هذه الحملة غير قانونية وعنصرية وتتماشى مع مقولة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي قال للشرطة في بداية الأحداث بألا يخافوا من القانون ومن التحقيق".

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، قال إن "تقاعس المجتمع الدولي عن مساءلة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه يشجعه على مواصلتها".

وأضاف المالكي أن "إسرائيل قوة احتلال وعليها واجبات، ونرفض الحجج الواهية والمساواة بين الضحية والجلاد".

كذلك قالت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشيل باشليت، إن الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة قد تشكل "جرائم حرب".

وأوضحت المسؤولة الأممية أنه "في حال تبين أن هذه الهجمات استهدفت بطريقة عشوائية وغير متناسبة مدنيين، وأهدافا مدنية، فإنها قد تشكل جرائم حرب".

وأضافت باشيليت أن "مثل هذه الضربات تثير مخاوف جدية بشأن التزام إسرائيل بمبادئ التمييز والتناسب بموجب القانون الإنساني الدولي".

أميركا.. الصراع الفلسطيني الإسرائيلي اقترب من نهايته

في فجر 21 من أيار الجاري، بدأ سريان وقف إطلاق نار بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل، بعد 11 يوما. وأسفر العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية إجمالا، عن 288 قتيلا بينهم 69 طفلا و40 سيدة و17 مسنا، بجانب أكثر من 8900 مصاب، بينهم 90 إصاباتهم "شديدة الخطورة".

وعقب إعلان وقف إطلاق النار قالت مندوبة واشنطن الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، إن وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ فجر الجمعة الماضية في قطاع غزة، حال استمراره سيقرب نهاية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وأضافت غرينفيلد، في تصريحات للصحفيين"الآن يجب أن نحول تركيزنا نحو تحقيق تقدم ملموس أكثر نحو سلام دائم".

هل يسبق نهاية الصراع في فلسطين، كما تقول واشنطن، إطلاق عمليات "التطهير" إلى حدود غير مسبوقة؟، إسرائيل قوة احتلال قبل أن تكون "دولة فصل عنصري" كما يراها بعض المتضامنين الغربيين مع فلسطين، تجاهل الأول ليس جيدا للقضية، أليس الوعي السياسي بفلسطين أهم من الوعي الحقوقي الذي يتحدث عن الإثنية وثنائية مسلمون ويهود وأبيض وأسود والرأسمالية العرقية؟ أم أن ما يجري عبارة عن أعراق وأديان تتصارع؟.