icon
التغطية الحية

أهداف مستقبلية.. روسيا تتوسع بمناطق النفوذ الإيراني في سوريا

2021.03.15 | 05:48 دمشق

alshrtt-alrwsyt-fy-dyr-alzwr.jpg
إسطنبول - تيم الحاج
+A
حجم الخط
-A

تعكس تحركات تُجريها روسيا في مناطق تحسب على نفوذ إيران بسوريا، محاولة موسكو التمدد هناك على حساب ميليشيات إيران، وتسري أنباء تؤكد عزم روسيا تقليص نفوذ طهران شرقي سوريا ووسطها في منطقة البادية، وقد يكون ذلك باتفاق بين الطرفين، لعدة أهداف على رأسها محاولة إيران الاختباء بالستار الروسي كي يجنبها بعضا من الضربات الجوية التي تشنها إسرائيل وأميركا.

التحرك الروسي في مناطق إيران ليس وليد اللحظة بل هو مستمر منذ عدة شهور ولكن كان بوتيرة متباطئة، لكن ما قام به العسكر الروس خلال شباط وآذار الحالي، لا يمكن وصفه إلا بانتهاء مرحلة التحضير والبدء بمرحلة التغلغل.

في البادية كانت البداية

كان لا فتا أن روسيا تمهّلت كثيرا كي تتدخل لإنقاذ قوات نظام الأسد والميليشيات الإيرانية من هجمات تنظيم "الدولة" في البادية السورية وقرب تدمر.

انتظرت روسيا نحو شهرين حتى بدأت بإرسال تعزيزاتها وأشركت طائراتها المروحية في عمليات البحث عن مخابئ التنظيم التي ينطلق منها كي يشن ضرباته على حواجز ومقار الميليشيات الإيرانية وقوات نظام الأسد.

اقرا أيضا: بضغط روسي.. الميليشيات الإيرانية تخلي مواقعها في مطار تدمر

وبعد عشرات عمليات التمشيط التي سوّق لها الإعلام الروسي، رجحت كفة النظام والميليشيات على حساب خلايا التنظيم الذين كانوا على مقربة من إعلان السيطرة على مدينة السخنة، حينئذ، قررت روسيا التي تمتلك عشرات العناصر من ميليشيا "فاغنر" وميليشيا "لواء القدس" و"الفيلق الخامس" في آثار تدمر ومحيطها أن توسع من نفوذها فعززت قواتها هناك وأرسلت مروحياتها إلى مطار تدمر.

وبناء على فضلها في إبعاد هجمات التنظيم إلى عمق البادية بعد أن كانت تحدث بشكل يومي على طريق تدمر- دمشق، ودير الزور- دمشق، أجبرت القوات الروسية الميليشيات التابعة لـ "الحرس الثوري" الإيراني على إخلاء جميع مواقعها داخل مطار تدمر العسكري، كما طلبت منها مغادرة المنطقة باتجاه مطار "T4"، وبذلك أصبح مطار تدمر العسكري تحت السيطرة الروسية الكاملة، حيث أشرف نهاية شباط الفائت، جنرالات روس على إتمام عملية إخلاء المطار من عناصر ميليشيا "زينبيون" و"فاطميون".

ومنذ مطلع 2021 وحتى الساعة، عززت روسيا وجودها في تدمر ثلاث مرات عبر إرسال تعزيزات ضخمة إلى مطارها العسكري الذي بات شبه قاعدة رئيسية لها، حيث بنت تحصينات عسكرية في محيط المطار على مسافة كيلومتر ونصف من جميع أطرافه، عبر حفر خنادق ورفع سواتر ترابية.

ويكتسب هذا المطار أهمية بالغة كونه محصناً بسلسلة جبلية مكونة من جبال (الطار والهيان) التي تجعله محمياً عند عمليات هبوط وإقلاع الطائرات الحربية والمروحية، إضافة إلى قربه من جبهات مهمة انطلاقاً من السخنة شمالاً والقريتين جنوباً، وتوسطه الطريق ما بين محافظتي حمص ودير الزور.

أما تدمر كمنطقة فلها في نفس الروس مكانة اقتصادية كبيرة، تجلّت في توقيع الشركات الروسية خلال السنوات الأخيرة عقوداً طويلة الأمد في مجالي النفط والغاز في الحقول التي لا تزال بحوزة النظام في المنطقة، كذلك وقعت اتفاقيات لترميم وتطوير المنشآت النفطية، فضلاً عن عقود مماثلة لتنفيذ مشاريع لتوليد الطاقة واستخراج الثروات المعدنية، واستخراج الفوسفات من المنطقة الشرقية الواقعة جنوبي مدينة تدمر.

وتمتد أطماع روسيا في تدمر لتشمل استثمار المطار للأغراض المدنية والسياحية، إذ شرع خبراء روس وتحت حماية من القوات الخاصة الروسية بعمليات البحث والتنقيب عن الآثار في منطقة تدمر الأثرية.

البوكمال ونفطها القليل بقبضة الروس

تحركات روسيا في تدمر مشابهة إلى حد كبير ما تقوم به في البوكمال ودير الزور عامة وحتى بعض المناطق في الرقة، ومؤخرا بسطت روسيا سيطرتها على عدة آبار نفط في كل من البوكمال والرقة كانت الميليشيات الإيرانية تتحكم ببعضها.

أرسلت القوات الروسية خلال اليومين الماضيين، تعزيزات عسكرية إلى مواقع نفطية في محافظتي الرقة ودير الزور.

مصادر خاصة قالت لموقع تلفزيون سوريا إن القوات الروسية أرسلت قبل يومين أكثر من 100 شاحنة عسكرية تحمل معدات ثقيلة (تركسات وحفارات وباكرات) إلى منطقة البلاكوس ببادية البوكمال الجنوبية، التي تحيط بها بعض الآبار النفطية، حيث وصلت القافلة برفقة مروحيات عسكرية روسية، المصادر أكدت أن الرتل لم يدخل مدينة البوكمال وأن المنطقة التي يوجد فيها منطقة عسكرية.

وفي موازاة هذا التحرك، زار وفد ضم خبراء نفط روساً يتبعون لشركتي "ميروكي" و"فيلادا" الروسيتين واللتين حصلتا على عقود من حكومة نظام الأسد للاستثمار في سوريا، زاروا حقلي التيم والورد في ريف دير الزور،

مصدر محلي قال لموقع تلفزيون سوريا، إن الوفد الروسي دخل حقل التيم، برفقة الشرطة العسكرية الروسية، وتفقد الحقل، وتابع طريقه إلى حقل الورد النفطي في ريف مدينة البوكمال القريبة من الحدود مع العراق، مضيفاً، أن الوفد ضم 12 خبيراً نفطياً.

وفي الرقة، وصلت تعزيزات عسكرية روسية إلى حقل الثورة جنوب غربي الرقة بعد انسحاب ميليشيا "الحرس الثوري" الإيراني منه.

التعزيزات ضمت نحو 9 عربات عسكرية، إضافة إلى 4 ناقلات جنود من ميليشيا "الفيلق الخامس"، لتنتهي سيطرة ميليشيا "الحرس الثوري" على الحقل، ويصبح تحت السيطرة الروسية.

تعكس جل هذه التحركات النظرة الروسية لمستقبل المنطقة، فمن يسيطر على مواردها يديرها ويتحكم بها، وهي تقليد فعلي لسياسة الأميركيين الذين يهيمنون على منابع النفط الرئيسية شمال شرقي سوريا.

وروسيا تمتلك في الأساس، عدداً لابأس به من الشرطة العسكرية الروسية في أحياء مدينة دير الزور وفي أريافها كالميادين والبوكمال وفي مطار دير الزور العسكري، حيث يوجد فيه عدد من الجنرالات الروس، الذين جنحوا مؤخراً لعقد لقاءات مكثفة مع وجهاء عشائر في دير الزور ووعدوهم بوقف الفوضى وتقديم الدعم والخدمات، في إشارة إلى نيتها تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة.

أما عن توقع حدوث صدام إيراني- روسي نتيجة تحركات الأخيرة، فتشير التقديرات إلى أن هذه التحركات تأتي ضمن أطر التفاهم أو تبادل المنفعة بين الطرفين، حتى الآن، فإيران تكسب من وجود روسيا بالقرب منها حماية من الغارات الإسرائيلية تحديداً، فآبار النفط التي سيطرت عليها روسيا في منطقة البلاكوس تعج بالميليشيات الإيرانية، لكن هذه التفاهمات والمنفعة المتبادل قد تذهب أدراج الرياح مع أول تفكير روسي في السيطرة أو حرمان إيران من الكاريدور الذي فتحته بين العراق وسوريا ولبنان.