أنماط الحياة والهويات في تركيا واستخدامها كأداة سياسية

2022.08.30 | 06:32 دمشق

أنماط الحياة والهويات في تركيا واستخدامها كأداة سياسية
+A
حجم الخط
-A

كثرت في الآونة الأخيرة النقاشات في تركيا حول نمط الحياة بين المحافظين والليبراليين، وقد أدت بعض الأحداث إلى زيادة تسليط الضوء على هذه النقاشات.

ومن هذه الأحداث إلغاء الحكومة لبعض الحفلات الموسيقية، وانتشار مقطع لأحد المشاهير الأتراك قال فيه إن المحجبات لا يمكن أن يكن عالمات نفس أو مختصات بالعلاج النفسي، وكذلك حادثة إلقاء القبض على المطربة التركية غولشان التي قالت خلال إحدى حفلاتها "إن سبب انحرافها هو أنها درست في مدارس الأئمة والخطباء سابقا" وقد اعتبر تصريحها تحريضا على الكراهية ضد المنتسبين إلى هذه المدارس، واعتبر  كثير من المعلقين أنه إحياء للصراع والتجاذب حول نمط الحياة.

وقد استنكر كثيرون ما صرحت به المطربة التي أثارت الجدل سابقا من خلال رفعها لعلم المثلية في إحدى حفلاتها. كما أن كثيرا من المحافظين انتقدوا في الأسابيع الماضية اللباس الذي ترتديه المطربة خلال حفلاتها من قبيل أنه غير لائق.

يرى بعض الأكاديميين أنه لن يكون مفاجئا أن تفتح انتخابات 2023 التي تقف على الأبواب كافة قضايا الحياة السياسية في تركيا ومن بينها نمط الحياة

وبالطبع بما أن تركيا تتحضر لانتخابات حاسمة بعد عدة أشهر فقد تحول إلى سجال سياسي خاصة أن زعيم حزب الشعب الجمهوري طالب بالإفراج عن المغنية دون أن يعلق على تصريحاتها حول مدارس الأئمة والخطباء وربط الدراسة بها بالانحراف. وبالطبع انتقدت المعارضة عملية الاعتقال واعتبرت أنها غير قانونية واتهمت الحكومة بالاستبداد وقد قام بعض المعارضين الذين انتقدوا اعتقال المطربة باتهام الحكومة بمحاربة الثقافة واستخدموا مصطلحات من قبيل الفاشية الإسلامية، وحصلت ردود من مسؤولي حزب العدالة والتنمية.

ويرى بعض الأكاديميين أنه لن يكون مفاجئا أن تفتح انتخابات 2023 التي تقف على الأبواب كافة قضايا الحياة السياسية في تركيا ومن بينها نمط الحياة، ولذلك يتوقع أن تثار مسألة الهوية وكذلك حقوق الأقليات والتجمعات من علويين وأكراد ومتدينين وعلمانيين وغيرهم.

وبالطبع يحذر كثير من العقلاء من إثارة مسألة نمط الحياة والصراع الهوياتي في تركيا من خلال الاستخدام السياسي من الأحزاب المتنافسة على الانتخابات، وأن هذا الأمر سيكون ضررا على تركيا ولن يكون مفيدا لأي حزب من الأحزاب.

ويرى بعض الكتاب المؤيدين لحزب العدالة والتنمية أن حزب العدالة والتنمية الحاكم خلال 20 عاما مضت قام بتلبية مطالب العديد من الهويات فهناك تلبية لمطالب الهوية الإسلامية المحافظة من الحجاب إلى التعليم الديني وهناك أيضا توسع في انتشار الممارسات العلمانية. وأن الصراع السياسي بين النخب المتنافسة لا ينبغي أن يتجاهل التنوع الاجتماعي.

ويرون أن هناك خطرا على تجربة العيش المشترك الموجودة بين كافة الفئات المختلفة، وبالفعل يمكن لأي شخص يعيش في تركيا أو أقام فيها أن يدرك هذا التنوع حتى في داخل الحي الواحد، وأن الحكومة وفرت متطلبات نمط الحياة لمجموعات هوياتية متنوعة، وأن هذا مصدر قوة وابتكار وحيوية لتركيا وليس العكس ولذلك فإن خلق التوترات وعمل فجوات بين الفئات الاجتماعية من هذا الباب سوف يفتح الأمور على مشكلات كبيرة.

وأن خوض الانتخابات القادمة لابد أن يتم من كافة الأطراف على قاعدة ضرورة ترسيخ فهم العيش المشترك وتجنب تأجيج التوترات الاجتماعية عبر الصراع الثقافي والهوياتي.

بالطبع هناك علامات استفهام حول نشر تصريحات المطربة غولشان عن مدارس الأئمة والخطباء علما أنها ألقتها في حفل موسيقي في شهر إبريل الماضي وليس خلال الأيام القليلة الماضية.

تتهم أطراف محسوبة على المعارضة الحكومة بإثارة هذه المقاطع للتغطية على مشكلات الاقتصاد وما تسميه استيلاء اللاجئين على البلد

وفي هذا السياق من الجيد أن نشير إلى أن بعضا من الصحفيين الموالين من الحكومة أومؤوا إلى أنه كان من الضروري تجنب اعتقال المطربة مع انتقادهم لما قالته وكانوا يفضلون ترك الحكم للمجتمع ليعاقب المطربة على ما صرحت به دون اعتقالها. وذلك إدراك منهم لضروة منع هذا الأمر من التفاقم.

وفي ذات السياق تتهم أطراف محسوبة على المعارضة الحكومة بإثارة هذه المقاطع للتغطية على مشكلات الاقتصاد وما تسميه استيلاء اللاجئين على البلد.

من الواضح أن الخلاف الهوياتي والثقافي سيتصاعد خلال الفترة القادمة وصولا للانتخابات ولذلك من المهم على اللاجئين والأجانب المقيمين بتركيا نزع أي ذريعة وتجنب إعطاء أي فرصة لأن يكونوا ضحية أو يستخدموا في هذا السجال.