icon
التغطية الحية

ألمانيا توجه تهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية لضابطين من النظام

2019.10.30 | 16:24 دمشق

tnnn_0.jpg
سجن تدمر قبل تدميره من قبل تنظيم الدولة (أرشيف)
الغارديان - ترجمة وتحرير تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

أعلنت النيابة الفيدرالية في ألمانيا عن توجيه اتهامات لضابطين سابقين في مخابرات نظام الأسد بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، في خطوة ضمن مسار الجهود الدولية الساعية لإحقاق العدالة بالنسبة للفظائع التي ارتكبت خلال فترة الحرب.

وعليه تم اعتقال أنور رسلان وإياد غريب في شهر شباط ضمن عملية تم خلالها التنسيق بين جهازي الشرطة الألماني والفرنسي.

حيث ورد بأن رسلان ترأس وحدة تحقيق إلى جانب السجن التابع لها والذي يعرف بالفرع 251، والذي يقع بالقرب من العاصمة دمشق. وذكرت النيابة العامة بأنه تعرض ما لا يقل عن أربعة آلاف شخص للتعذيب على يد أعوان هذا الشخص أثناء التحقيقات وذلك خلال الفترة الواقعة ما بين نيسان 2011 وحتى 2012، حيث استخدم السجانون القضبان والكابلات والسياط لضرب السجناء أثناء عمليات الاستجواب.

بينما تعرض بعض السجناء لصعقات كهربائية، وتم تعليق آخرين بالسقف من معاصمهم، في الوقت الذي كانت فيه أصابع أقدامهم فقط تلامس الأرض، وذلك بحسب ما ورد في بيان صادر عن النيابة العامة الألمانية.

وبالنتيجة توفي كثيرون من جراء هذا التعذيب، وتم توجيه الاتهام لرسلان بارتكاب 59 جريمة قتل، بالإضافة إلى عملية اغتصاب واعتداء جنسي مكثف.

ورد في هذا البيان ما يلي:

"بوصفه رئيساً لوحدة التحقيق، كان المتهم أنور ر. يتخذ القرارات ويشرف على ما يحدث في السجن ويشمل ذلك التعذيب الممنهج والاستخدام الوحشي للتعذيب، وكان على علم ودراية بأن السجناء كانوا يموتون نتيجة لاستخدام العنف المفرط".

أما غريب فكان يرفع التقارير لرسلان، ويقوم باعتقال المتظاهرين وتسليمهم لسجن الفرع 251، ولهذا اتهم بضلوعه في اختطاف وتعذيب ما لا يقل عن 30 شخصاً خلال خريف العام 2011.

وقد غادر رسلان وغريب سوريا عام 2013 ودخل أولهما ألمانيا كطالب لجوء في تموز/يوليو من العام 2014 والثاني في شهر آب/أغسطس من العام 2018.

ولقد التفتت أنظار المحققين الألمان لأنور رسلان بعدما قام عدد من ضحاياه بالتعرف عليه في برلين وأبلغوا عن مشاهدته للسلطات.

وبعد سنوات طويلة من موت كثير من المدنيين وتعرض آخرين للمعاناة على أيدي العديد من الأطراف خلال فترة الحرب في سوريا؛ تحركت أولى الجهود التي اتسمت بالبطء والرامية لمحاكمة مرتكبي الجرائم بشكل عادل ولمنعهم من الإفلات من العقاب لتصل إلى المحاكم الوطنية في العديد من الدول.

وجميع هذه الدعاوى تحركت على يد ناجين سوريين أو أقاربهم أو ناشطين أو محامين قاموا بجمع الأدلة مع رفع دعاوى جنائية في مختلف البلاد كألمانيا والنمسا والسويد.

وتشمل الجرائم التي تم توثيقها استخدام الأسلحة الكيماوية والتعذيب والإعدامات الجماعية وقيام تنظيم الدولة الإسلامية باختطاف نساء إيزيديات واستعبادهن جنسياً، والقصف الذي استهدف المشافي وغيرها من المنشآت المدنية.

إلا أنه ليس ثمة جهود دولية مشتركة تم بذلها في هذا السياق وذلك لأن سوريا ليست عضواً في اتفاقية تأسيس المحكمة الجنائية الدولية، كما أن روسيا والصين صوتتا ضد الجهود التي تسعى إلى تفويض المحكمة الجنائية الدولية بإنشاء محكمة خاصة بسوريا.

ترحيب حقوقي

هذا وقد رحبت مجموعات حقوقية بجهود النيابة العامة في ألمانيا حيث ذكرت بلقيس جراح وهي كبيرة الاستشاريين لدى منظمة هيومان رايتس ووتش ما يلي: "بدأنا نحصد ثمار الدفعة القوية التي قام بها الضحايا وغيرهم لإحقاق العدالة. إذ تعتبر القضايا الجنائية في ألمانيا وغيرها من الدول في أوروبا بمثابة خطوة أولى مهمة لتقويض بيئة الإفلات من العقاب التي ابتليت بها سوريا ردحاً من الزمن. وعلى الجناة أن يعوا بأنه قد تم جمع كم غير مسبوق من المعلومات بهدف ضمان وصولهم إلى العدالة مهما مر من الزمن".

في حين ذكر المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان والذي يساعد الضحايا الذين تعرضوا لانتهاكات في سوريا وغيرها من الدول والذي اتخذ مقراً له في مدينة برلين بأن سبعة سوريين سيمثلون أمام المحكمة كمدعين في تلك القضية، وفقاً للقانون الألماني.

وحول ذلك يعلق فولفغانغ كاليك من هذا المركز بالقول: "إن هذه الاتهامات ترسل رسالة مهمة للناجين من نظام التعذيب لدى الأسد. وإننا سنواصل العمل لضمان مقاضاة الجناة الرئيسيين في التعذيب الذي مارسته الدولة خلال حكم الأسد ومثولهم أمام العدالة، سواء في ألمانيا أو غيرها من الدول".

وعليه ستكون المحاكمة التي من المفترض أن تبدأ في 2020 أول حالة ادعاء على تعذيب مولته ومارسته الدولة في سوريا، وقد وصفت تلك المجموعة هذه المحاكمة بأنها: "خطوة مهمة في الصراع ضد الإفلات من العقاب"، وأوردت على لسان أحد الناجين من الفرع 251 دون أن تفصح عن اسمه قوله بأن هذه العملية القضائية باتت مصدراً للأمل، وذلك عندما قال: "إن هذه العملية التي تحدث في ألمانيا تبعث على الأمل، إذ حتى لو استغرق كل شيء وقتاً طويلاً دون أن يحدث أي شيء غداً، أو حتى بعد غد، إلا أن حقيقة استمرار ومواصلة تلك العملية يبعث فينا -نحن الناجين- الأمل بتحقيق العدالة، وأنا على استعداد للإدلاء بشهادتي".

هذا ولقد قامت السلطات الألمانية بالتعامل مع تلك القضايا بموجب المبدأ القانوني القائل بالولاية القضائية العالمية، والتي تسمح بمقاضاة مرتكبي الجرائم في دولة واحدة حتى لو وقعت في مكان آخر.