icon
التغطية الحية

أكثر من ربع السوريين ذوو إعاقة.. من يدفع كرسي سوريا المتحرك؟

2022.09.18 | 07:05 دمشق

الأمم المتحدة: 28 في المئة من السوريين في الداخل هم من ذوي الإعاقة
لاجئ سوري في طريقه إلى أوروبا عبر الأراضي التركية ـ رويترز
تلفزيون سوريا ـ سامر القطريب
+A
حجم الخط
-A

أرقام نتصفحها يومياً وقد نستسهل قراءتها، كبيرة كانت أم بنسب مئوية، تختزل هذه الأرقام حيوات كاملة وحكايات يصعب سماعها، ورغم أنها أصبحت روتينا في اليوميات السورية  لكنها ستجفل من يتمعن فيها.

الأمم المتحدة قالت في تقرير لها إن 28 في المئة من السوريين في الداخل هم من ذوي الإعاقة، وتشمل هذه النسبة الإعاقات الذهنية والنفسية والتي نجم معظمها عن الإصابة الجسدية أو نتجت عن ظروف الحرب التي عاشها هؤلاء. الإحصائية الأقدم المتوفرة عن ذوي الإعاقة في سوريا نشرت عام 2009 وتقول إن نسبة ذوي الإعاقة بلغت 10 في المئة من سكان سوريا وأرجعت ذلك إلى عوامل عديدة منها وراثية. واليوم بحسب الإحصائية الأممية فإن الزيادة بلغت 18 في المئة، أي من عام 2009 وحتى عام 2017، عام واحد منها لم يشهد رصاص قناصين أو قصفاً بالبراميل أو صواريخ روسية دكت بيوت السوريين. وبحسب تقرير أممي أيضا سقط شهريا عام 2017، 30 ألف إصابة حرب، أي بعد عامين من التدخل الروسي في سوريا. أما بين اللاجئين في الأردن ولبنان تبلغ نسبة ذوي الإعاقة 22.8٪ في كلا البلدين.

ويشير تقرير لـ "الأوتشا" عام 2020 إلى أن 36 في المئة من النازحين السوريين هم من ذوي الإعاقة، وينحدر النازحون ذوو الإعاقة من المناطق التي شهدت قصفا مكثفا من قوات النظام وحليفه الروسي، ويتوزعون في شمالي شرقي وشمالي غربي سوريا. 

28 في المئة من السوريين من ذوي الإعاقة بينهم 4,200 ملايين هم من الأشد حاجة للمساعدات الإنسانية.؛ وسط صعوبة في الوصول إلى الخدمات اللازمة كالحصول على الأطراف الصناعية والعلاج الطبي والنفسي وإعادة التأهيل، ففي فترة الحرب ينتعش سوق الأطراف الصناعية "العادية والذكية"، وبحسب ما ذكر مصابو حرب تحولوا إلى ذوي إعاقة لموقع تلفزيون سوريا، فإن الأسعار تبدأ من ألفي يورو ولا تنتهي بـ 75 ألفا للطرف الواحد. 

للحلم قدمان

دخلت رصاصة القناص من الرقبة وخرجت من الظهر. لم تستطع الرصاصة سلب الحياة من الشاب السوري هيثم معسعس (30) عاما، لكنها أضافته إلى قائمة ذوي الإعاقة التي لن تغلق إلا بانتهاء الحرب في سوريا.

بعد اشتعال الثورة السورية اعتقل النظام السوري "معسعس" لـ 20 يوما عام 2012، خرج بعدها ليحصل على شهادة بكالوريا في الفرع الأدبي عام 2013، لكن الشهادة لم تحقق طموحه بدراسة الصحافة، وبعد سوء الأوضاع الأمنية في دمشق انتقل بين القلمون ودرعا إلى أن قرر عام 2014 المغادرة إلى تركيا عبر شمالي سوريا، لكن رصاصة قناص من حاجز لقوات النظام أنهت رحلته مبكرا، يقول معسعس لموقع تلفزيون سوريا "تعرضت لطلقة من قناصة حاجز في الطريق أصابت العنق وخرجت من ظهري وسببت لي كسرا في العنق، تم إسعافي إلى المشفى الميداني في درعا الذي حولني إلى مشفى الرمثا في الأردن".

وقع معسعس في غيبوبة كاملة وحوله أطباء بلا حدود إلى مشفى الجزيرة في عمان لكشف مسار الطلقة التي سببت رضا شديدا بالنخاع الشوكي واحتاج إثرها إلى جراحة بالرقبة لتخفيف الضغط عن الفقرات، يتابع "كنت في غيبوبة أصابتني بشلل في الحجاب الحاجز وكان يجب علي أن أصحو لأوافق على قرار العملية لأنني كنت وحيدا من دون ولي أمر، وتقرر إجراء العملية العملية بعد وصولي إلى عمان بأسبوع".

تم تشخيص حالة هيثم بشلل رباعي كامل، عانى خلال 6 أشهر من شلل بالحجاب الحاجز وبقي في العناية المشددة 35 يوما، انخفض بعدها الشلل وعاد التنفس طبيعيا وبدأت الحركة تعود تدريجيا.

المعاناة تتجدد.. بتر الأطراف السفلية

أصيب معسعس لاحقا بتقرحات جلدية في منطقة الورك والمفاصل بسبب الاستلقاء الطويل وقال الأطباء إن علاجها صعب وطويل الأمد، انتقل هيثم إلى مخيم الزعتري وحاول هناك تلقي العلاج لكنه بدلا من ذلك أصيب ببكتيريا في المنطقة المصابة، ولم تعالج بشكل صحيح، يقول لموقع تلفزيون سوريا "نخرت البكتيريا في الورك حتى وصلت إلى العظم بعد سنة كاملة من محاولة العلاج".

بعد سنة وشهرين من الإصابة والتقرحات، جاء وفد طبي من منظمة "سامز" قالوا لي إن العلاج صعب ونحن مضطرون لبتر الأطراف السفلية.. بترت الأطراف السفلية بعد سنة ونصف".

العلاج وإعادة التأهيل

بدأ هيثم التأهيل والعلاج الطبيعي من منتصف عام  2015 وحتى الربع  الأول من 2016 يتابع "تحسنت حالتي وصرت أستخدم الكرسي المتحرك للخروج والدخول لم أعد مقيدا بالحركة، عام 2016 تعرفت إلى شاب وجماعة سوريين يعملون في إعادة التأهيل وعملت معهم لاحقا بفريق لتأهيل مصابي الحرب كنا ننشط في ناد رياضي ونلعب التنس ورفع الحديد إضافة إلى نشاطات مشاركة مجتمعية يومية، وعندها فكرت بالعودة إلى الدراسة".

العودة إلى الحياة

يؤكد معسعس أن الموضوع كان صعبا، ولا بد من معرفة تجارب الآخرين قبل ارتياد الجامعة "حضرت تدريبا مع وكالة جايكا اليابانية لدعم النظراء.. من خلال الدورات تعرفت إلى سوري يدرس بالجامعة الأردنية علم الحاسوب.. ساعدني ومهد لي الطريق.. الجامعة كانت مهيأة ببنية تحتية تتيح لنا إمكانية الوصول.. وقد أخذت على عاتقي التخصص بتأهيل وتدريب ذوي الإعاقة".

المعوقات أمام الطلاب ذوي الإعاقة

الصعوبات الاقتصادية من أبرز ما يعترض طريق ذوي الإعاقة إضافة إلى ارتفاع كلفة الدراسة في الجامعات الخاصة والمنح القليلة، ويشير معسعس إلى تقرير لوزارة التعليم الأردنية كشف أن 11 في المئة فقط من السوريين الناجحين بالثانوية العامة يكملون تعليمهم العالي، ويتساءل قائلا: فما بالك إذاً بذوي الإعاقة؟

ويوضح أن كلفة النقل بالسيارة الخاصة تبلغ 75 في المئة من كلفة الدراسة في الجامعة، يضاف إلى ذلك قصور التأهيل والتدريب للاندماج في التعليم الجامعي والثانوي والمهني كما أن ورشات التدريب والتأهيل تكاد تكون نادرة.

وأضاف أن الأردن افتتح مراكز إيواء للسوريين ذوي الإعاقة حتى بداية 2018، بعدئذ أغلقت وأصبح العلاج والتأهيل في مراكز خاصة وهو غال ويفتقر للاختصاصيين.

الأرقام عن عدد ذوي الإعاقة السوريين تقريبية أو تعتمد على إحصائيات قديمة، لكن معسعس يشير إلى "وجود 19 ألف إصابة حرب في الأردن، منهم تقريبا 10 آلاف إصابة تحولت إلى إعاقة مستديمة".

ويشدد على أن الأدوات المساعدة لهم مثل الكراسي المتحركة والأطراف الصناعية ليست متوفرة وباهظة الثمن، كما أن الجهات الداعمة "نادرة".

هيثم معسعس، هو الطالب الوحيد بين السوريين ذوي الإعاقة الذي استطاع متابعة الدراسات العليا في الأردن، في حين أن أغلب ذوي الإعاقة لم يتجاوزوا الدبلوم المهني، وأتم  20 ـ 25 في المئة منهم التعليم الجامعي ونصفهم فقط تجاوز المرحلة الثانوية.

يتابع معسعس حديثه عن المعوقات قائلا "لم أركب أطرافا صناعية لأن وضعي لا يسمح بذلك.. البتر من منطقة الورك والموجود في حالتي قد يكلف 80 ألف يورو ونجاحه ليس مضمونا، لذلك لم أهتم لانشغالي بدراستي واليوم أصبحت مدربا بدعم النظراء والـ تي أو تي".

من الصعب تحصيل مقعد للدكتوراه بحسب هيثم "في كل تخصص هناك عدد معين، ويوضح أن التربية الأردنية قبلته من أصل 20 مواطنا و10 طلاب دوليين، المعيار يصبح صعبا في الشهر الثالث قبلت ببرنامج الدكتوراه بالجامعة الأدرنية لذوي الإعاقة هو المتعامل فيه دوليا".

حياة بعد 13 رصاصة

خلال عمله كإعلامي في ريف إدلب، أصيب محمد قدور في 14 من أيلول عام 2013 في منطقة المسطومة برصاص قوات النظام، يصف قدور الحادثة لموقع تلفزيون سوريا "كانت المنطقة خطرة.. منطقة تماس مع قوات النظام.. كنا جالسين وفوجئنا بعنصر من النظام يقف أمامنا وبدأ يطلق الرصاص رشاً على المنطقة المحرمة بين الطرفين.. العسكري تفاجأ بوجودنا أيضا، أصبت بـ 13 رصاصة وبقيت على قيد الحياة، في حين قتل صديقي برصاصة واحدة".

بقى محمد صاحيا خلال إسعافه إلى مشفى "أورينت" ثم فقد الوعي، تلقى العلاج 6 أيام أجرى خلالها 5 عمليات في الطرف اليمين، كانت العملية صعبة كما يقول وتم توصيل العصب بطريقة خاطئة بسبب قلة الإمكانيات وصعوبة الحالة. يوضح "دخلت رصاصات متفجرة في طرفي اليمين وهشمت العظام لم يقصر الأطباء معي وقاموا بتحويلي للعلاج في تركيا استمر العلاج من 19 ـ 9 إلى 5 ـ 10 تخرجت بعد البتر في 28 من أيلول".

"إما رجلي وإما حياتي"

"كنت على استعداد لخسارة رجلي مقابل الألم الذي كان موجودا" يذكر محمد الخيار الذي كان أمامه، ويضيف أنه أجرى فترة علاج متقطعة بين الشهر 10 و12 بسبب الكسور في قدمه اليسرى وبعدها أجرى عملا جراحيا أخيرا بالشهر الثالث في إسطنبول".

بعد خروجه من المشفى فاجأه شقيقه بتسجيل اسمه في امتحان البكالوريا، يقول محمد مازحا "خرجت من المشفى إلى قاعة الامتحان من دون دراسة ونجحت.. تكفل بدراستي أفراد وليسوا منظمات ودرست سينما وتلفزيون".

عاني محمد صعوبات في التنقل وفي أشياء بسيطة مثل جلب الطعام، الذي كان صعبا باستخدام العكازات، بعد سنة من الدراسة تم تأمين ثمن الطرف الصناعي لـ محمد عام 2016، وبذلك أصبحت الحياة أسهل على حد قوله، ويتابع "لم أمر في حالة اكتئاب أو غيره.. درست وتخرجت وتزوجت أيضا".

يدان حرتان

بعد انتهاء صلاة الجمعة في مسجد الحسين بدرعا، انفجرت سيارة ملغمة لتقطع مظاهرة أصبحت روتينية تلك الفترة، وعند تجمع المصلين مكان الحادث وقع انفجار ثان بعد ربع ساعة، وكان من بين المصابين بالانفجارين محمد أبو مريم "40 عاما" وهو مدرس في درعا البلد.

يقول لموقع تلفزيون سوريا: أصبت في 18 ـ 1 ـ 2013 في أثناء خروجي من المسجد، انفجرت سيارة أمام مسجد الحسين المعروف بخروج المظاهرات وبارتياده من قبل ناشطين في الثورة، بعد ربع ساعة من الانفجار الأول انفجرت سيارة ثانية، وتبين لاحقا أن السيارتين خرجتا من مقر الأمن العسكري، لم يكن صاحبها يعرف بتلغيمها.. نمرتها حمص وكان عابرا من درعا، ألقى الأمن القبض عليه ولغم سيارته وتركوه يخرج من جهة السرايا بحسب الشهود ومات بسيارته".

بعد إصابته تم نقل "أبو مريم" إلى الأردن، بسبب ارتكاب عمليات قتل للمعارضين في المشفى الوطني إضافة للاعتقال والاختفاء القسري.

أصيب محمد بانقطاع في النخاع الشوكي ما أدى لشلل بالأطراف السفلية، وتم تشخيص حالته بأنها غير قابلة للعلاج. يقول لموقع تلفزيون سوريا "دخلنا بمرحلة إعادة التأهيل لم يكن هناك شيء مخطط كله جهد شخصي.. كنا نبحث عبر اليوتيوب عن مقاطع للعلاج الطبيعي، لم أجد تقدما في مراكز العلاج هنا..".

ويتابع "رأيت أن العمل المهني جيد لمن هم في حالتي وهو أحسن علاج، أرسلت إلي مجموعة للمشاركة بنشاط خاص، لم أكن أعرف ما هو التأهيل كانت مصطلحات جديدة عليّ، تعرفت هناك إلى الفريق السوري.. واطلعت على تجاربهم وخبراتهم.. نشطت معهم في مرحلة التأهيل، قبل ذلك لم أكن قادرا على الخروج وحدي كان الخوف موضوعا نفسيا تغلبت عليه وصرنا نلعب رياضة التنس.. وكنت أنتظر موعد الخروج أسبوعيا كل يوم أحد.. جميل هذا الشعور أردت الخروج كل يوم.. لكنني كنت بحاجة لمساعدة لركوب سيارة تنتظرني في الموعد، لاحقا تمكنت من الخروج بالاعتماد على نفسي عام 2016..".

أدى أبو مريم دورة صيانة لأجهزة الكمبيوتر لكنه لم يجد عملا بسبب وضعه الجديد، لم يستسلم أبو مريم واتجه نحو صيانة الهواتف النقالة، وأيضا لم يوفق في الحصول على عمل لأن الأماكن لم تكن مجهزة لذوي الإعاقة، لذا عاد للبحث عن مهن أخرى، حتى بداية 2018 تغير الحال على أبو مريم يقول: "تلقيت تدريبات مهنية وشكلنا فريقا للعمل برسم اللوحات الفنية.. فريق يمتلك مهارات متعددة بالحجر والفسيفساء والخشب وفويا الجلد وغيرها، أعجبني العمل، أصبحت أستخدم يدي بحرية، عملت بالتصميم الداخلي للبيوت وطورت مهارتي وأصبحت مدربا، وبدأت تدريب سياح أجانب.. أصبحت الأمور جيدة لكن فترة كورونا أصابت العمل بالركود لكننا ما زلنا نحاول".

ذوو الإعاقة في سوريا قبل الحرب

قبل بدء الحرب في سوريا، كانت البيانات الخاصة بالإعاقة محدودة بسبب نقص البحث و"الوصمة الاجتماعية السلبية" بحسب دراسة لـ (مؤسسة سعيد 2009). تم الإبلاغ عن انتشار الإعاقة بنسبة 1 ٪ في عام 1981 و 0.8 ٪ في عام 1993 (منظمة الصحة العالمية 2011). في عام 1993 سجل انتشار الإعاقة في المناطق الريفية بنسبة 0.9٪، مقابل 0.8٪ في المناطق الحضرية. في  كلا المنطقتين  كانت الإعاقة أكثر انتشارا بين الرجال (1.1٪ في المناطق الريفية، و 1٪ في المناطق الحضرية). مقارنة بالنساء (0.6٪ في الريف و 0.6٪ في الحضر). الإعاقة كانت مرتفعة بشكل خاص للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما (1.9 ٪) مقارنة بانتشار الأعمار الأخرى، ويدل ذلك على حساسية الموضوع اجتماعيا والذي وصفه التقرير بـ "الوصمة الاجتماعية السلبية".

عام 2017 بعد سنتين من التدخل الروسي

عام 2017 قالت منظمة الصحة العالمية والمنظمة الدولية للأشخاص ذوي الإعاقة "إن هناك ثلاثين ألف مصاب كل شهر بسبب الحرب في سوريا، وإن الحرب خلّفت مليوناً ونصف المليون مصاب بإعاقة دائمة من أصل ثلاثة ملايين شخص أصيبوا منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من ست سنوات".

وشددت على أن 86 ألف شخص أفضت إصابتهم إلى بتر أطرافهم، مشيرة إلى أن الصراع الدائر هناك يحتدم باستخدام أسلحة متفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، واستمرار المخاطر المرتبطة بارتفاع مستوى التلوث بالمتفجرات ارتفاعاً كبيراً في جميع أرجاء البلاد، وتزايد عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى خدمات التأهيل، التي تقل يوماً بعد يوم.

وكانت منظمتا "سعيد وهانديكاب" قد قدرتا في تقرير عام 2009 عدد الأشخاص ذوي الإعاقة في سوريا بنحو مليوني شخص بينهم أكثر من 700 ألف طفل، مقدرة انتشار الإعاقة بنسبة 10٪ من السكان (مؤسسة سعيد 2009) في حين بلغ اليوم 2022 بحسب البيانات المتوفرة 28 في المئة.

إصابة مستمرة منذ 7 سنوات

عبيدة حسين مصطفى (34 عاماً)، مهجّر من قرية جبالا بريف إدلب الجنوبي، ويقيم في مخيم "نسيم الشام" في محيط بلدة كللي شمالي إدلب، أصيب بقصف جوي روسي على مدينة خان العسل بريف حلب الغربي، ما أدى إلى إصابة في ساقه اليمنى، متزوج ولديه 3 أطفال.

يقول لموقع تلفزيون سوريا: "تعرضت لإصابة في مدينة خان العسل بداية عام 2015، بقصف جوي روسي، ما أدى إلى قصر في الساق اليمنى بقدر 15 سنتمتراً، في بداية الأمر تحدث الأطباء المتابعون لحالتي عن حاجة ساقي لعملية بتر أو السفر إلى تركيا بقصد العلاج، إلى أن وصلت إلى مشفى العظمية في قرية عقربات الحدودية شمالي إدلب، أجريت ثلاث عمليات جراحية تمّ من خلالها تركيب أجهزة تطويل (أسياخ)، واليوم أخضع لعلاج في آخر جهاز مركّب على ساقي، كما ترون، وعلى أمل أن تنتهي فترة العلاج بعد 7 أشهر من الآن".

ويضيف: "خلال فترة إصابتي التي بدأت منذ 7 سنوات، واضطراري للجلوس في المنزل قسراً، حاولت جاهداً البحث عن جهة أو منظمة تكفلني بمرتّب شهري أو مساعدة ثابتة، لأني عجزت عن العمل نهائياً، فساقي لا يمكن حتى طيّها وعضلاتها ضمرت وضعفت جداً بسبب انعدام الحركة فيها.. لكن جميع المحاولات باءت بالفشل باستثناء بعض المساعدات المالية المتقطّعة والشحيحة جداً من أهل الخير والجمعيات، إضافةً إلى سلال غذائية لا تكفي إلا لأيام وغير ثابتة أيضاً".

عبيدة حسين مصطفى

عن آلية العلاج يوضح: "جميع العمليات أجريتها بشكل مجاني، لكن بالنسبة للأدوية فهي على نفقتي الشخصية وتتفاوت من شهر لآخر وبحسب حالتي الصحية، أحياناً أشتري دواء بـ 60 ليرة تركية فقط، وأحياناً أخرى تصل كلفة الأدوية إلى 200 دولار أميركي.. الأمر متفاوت وغير ثابت، لكنها بالمحصلة غير مجانية".

ويلفت مصطفى "الجلوس في المنزل خلال هذه السنوات الطويلة أثر بشكل كبير على مزاجي وحالتي النفسية، صرت أشعر بالضيق إذا مرّ طفل بجانبي أو أحدثَ حركة، إلى جانب مشكلات منزلية متكررة ضمن عائلتي.." ويردف "أحياناً كان أطفالي يطلبون ملابس عيد جديدة مثل جيراني، لكن كنت عاجزاً عن تلبية طلباتهم.. هذه المواقف كانت تؤثر جداً عليّ نفسياً وتعزز شعور العجز والضعف".

ويختم: "أطمح أن أتلقى دعماً يساهم في عودتي لسوق العمل بعد المعافاة والعودة إلى حركتي الطبيعية وكفالة حقيقية خلال هذه الفترة، لأني أعيش ظرفاً معيشياً صعباً في خيمة مهترئة لا تقي برد الشتاء ولا حرّ الصيف".

أما سليمان إبراهيم العلي فسيتحدث بنفسه عن إصابته وحياته في إدلب شمالي سوريا..

سليمان إبراهيم العلي

عبد الله عبود شاب سوري أصيب أيضا بانفجار لغم خلال هربه مع عائلته من القصف الروسي وهذه قصته..

ذوو إعاقة يقفون على قوائم الانتظار

"العدد المسجل على قوائم الانتظار 1815، عدد الأطفال المسجلين 376، أما أسباب الإعاقة فهي القصف والمقذوفات غير المتفجرة ورصاص القناصات المباشر، لكن معظم الإصابات ناتجة عن القصف وهناك حالات ناتجة عن الحوادث وإصابات العمل"، يقول شريف الشيخ المدير التنفيذي لمنظمة خطوات الإرادة لموقع تلفزيون سوريا. 

ويضيف أنهم نفذوا 1300 عملية ما بين تركيب طرف كامل وصيانة لأطراف، منذ بداية المنظمة عام 2013. 

وحول طبيعة الإصابات يشير إلى أنه "بشكل عام كل الحالات التي احتاجت للبتر، أصيبت بحسب توثيق المركز بعد العام 2011 أي عقب تصاعد الأعمال العسكرية، ومعظم الحالات من مناطق الشمال السوري وريفي حلب وإدلب وريف دمشق (الغوطة الغربية والشرقية) وحمص وريفها، وهي أكثر المناطق دمارا من أثر القصف.

ويوضح أنه "هناك تأهيل نفسي لذوي الإعاقة عن طريق اختصاصيين نفسيين في المراكز عن طريق جلسات مباشرة مع المرضى أو عن طريق  اجتماعات افتراضية وجلسات توعية". 

وحول وجود إحصائيات عن ذوي الإعاقة المحتاجون لأطراف صناعية يقول "مع الأسف لا توجد إحصائيات دقيقة حاولت الوصول لجهة قادرة على إعطاء أرقام دقيقة ولكن لم أستطع الحصول على رقم دقيق". 

يشتكي الشيخ من صعوبة تنقل المصابين بين المناطق شمالي سوريا ما يؤخر من عملية صناعة الطرف، ويستطرد "حتى في تركيا إذن السفر للسوريين شكل عائقا لفترة ولكن استطعنا تجاوز العقبة عن طريق بروتوكول مع مديرية الصحة التركية، مكننا من استخراج أذون سفر للمصابين سهلت قدومهم لمراكزنا".

يقول الشيخ إن فترة الانتظار قد تترواح بين الشهرين والستة أشهر كأبعد حد، ويتابع "ولكن نحن على تواصل دوري مع الموجودين على قوائم الانتظار لتحديث حالاتهم، أما الأطراف فهي مقدمة من المنظمة ويتم تصنيعها داخل مراكزنا أيضا ولدينا شراكة مع عدة جهات أوروبية وعربية تقدم دعما للمنظمة". 

الحرب السورية.. إعاقات جسدية ونفسية

في عام 2016، عملت منظمة الصحة العالمية مع 80 من الشركاء الصحيين لتقديم أكثر من 11 مليون علاج عبر سوريا. شاركت منظمة الصحة العالمية في التفاوض والتخطيط والإشراف على عمليات الإجلاء إلى أجزاء من سوريا وتركيا. تم تقديم 31.500 استشارة رعاية صحية للسوريين الفارين من حلب الشرقية التي تعرضت لقصف روسي عنيف.

وتم تدريب 16 ألف عامل صحي على التقييمات الصحية ورعاية الصدمات. وتدريب 300 من الأطباء والممرضات السوريين في تركيا لتقديم الرعاية الصحية للاجئين السوريين (منظمة الصحة العالمية 2017).

وتم تركيب أطراف صناعية لـ 150 مصابا ودعمت منظمة الصحة العالمية العمليات الجراحية وعلاج الرضوض في شمالي سوريا بحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية 2016. وحصل 240 من المهنيين الصحيين على تدريب في مجال الصحة العقلية.

وخلصت النتائج الرئيسية من الدراسة الدولية للمعوقين (2016) إلى:

  • من بين 25  ألف شخص مصاب تم تقييمهم من قبل فرق هانديكاب إنترناشونال، 67٪ أصيبوا بجروح مرتبطة مباشرة بالحرب؛ من بينهم 20٪ نساء و 16٪ من الأطفال و 8٪ من كبار السن.
  • من بين الإصابات التي لحقت نتيجة الأزمة، 53٪ نتيجة استخدام المتفجرات والأسلحة. 17٪ من الضحايا المباشرين المصابين بالأسلحة المتفجرة هم من الأطفال (9 - 17 سنة)، 9٪ من كبار السن (فوق 60 سنة) و 21٪ نساء وفتيات. بين العينة من المصابين بجروح ناجمة عن أسلحة متفجرة:
  •  47 في المئة لديهم كسور أو كسور معقدة، بما في ذلك كسور مفتوحة من أسفل و/أو الأطراف العلوية.
  •  15 في المئة خضعوا للبتر.
  • 10 في المئة يواجهون تلفا في الأعصاب الطرفية.
  • 5 في المئة من ضحايا الأسلحة المتفجرة أصيبوا في النخاع الشوكي مما يؤدي إلى شلل في الأطراف السفلية أو شلل في الأطراف السفلية والعلوية.
  •  89 في المئة من المصابين نتيجة استخدام الأسلحة المتفجرة لديهم إصابات دائمة أو إعاقات جسدية مؤقتة.
  •  80 في المئة من المصابين بأسلحة متفجرة أبدوا علامات عالية لـ ضائقة نفسية. 66٪ منهم لم يتمكنوا من القيام بالأمور الضرورية يوميا بسبب شعورهم بالخوف والغضب والتعب وعدم الاهتمام و اليأس.

في الدراسة التي أجرتها منظمة هانديكاب إنترناشونال (2016)، يمثل الأشخاص المصابون بإصابات 37٪ من إجمالي العينة والأشخاص ذوو الإعاقة يمثلون 36٪. بين المصابين 67٪ أظهروا إصابات جديدة نتيجة الأزمة. 20٪ من المصابين الجدد نساء أو فتيات، 16٪ هم أطفال (0 - 17 سنة) و 8٪ كبار السن (فوق 60 سنة). بالإضافة إلى ذلك، 22٪ من الأشخاص المصابين الإصابات التي غالبا ما تواجه إعاقات دائمة، هم أرباب الأسر، بمتوسط 5.5 من المعالين لكل أسرة.

الصدمات النفسية عند الأطفال السوريين بعد الإصابة

يقول فريق منظمة إنارة لموقع تلفزيون سوريا: نتحدث هنا عن الإصابات الناتجة عن "الحروق والإصابات العينية القرنية" وأيضا الصدمات النفسية الناتجة عن الإصابات وأجواء الحرب واللجوء والنزوح.

استطاعت المنظمة بحسب تقاريرها السنوية الوصول إلى 512 طفلا وهو الرقم الرسمي الصادر عن Communications حتى نهاية عام 2021.

تعنى المنظمة بإعادة تأهيل الأطفال على مستوى العلاج الجسدي والنفسي، ويوضح الفريق أن الأطفال هم أولى ضحايا الحروب وأكثر الفئات تأثرا ويواجهون العديد من الصعوبات والتحديات التي قد ترقى إلى الإصابة باضطرابات نفسية، إذ تظهر لدى هولاء الأطفال الأعراض الآتية: صعوبات بالتكيف الاجتماعي وخجل اجتماعي وعزلة وانسحابية اجتماعية .

وأيضا تظهر لديهم الاضطرابات الناتجة عن الصدمات فيزيائية أو/و نفسية مثل اضطراب القلق: وخاصة لدى الأطفال المراهقين فيما يتعلق بالمستقبل والارتباط وتقبل الجنس الآخر وأقرانهم وقلق بما يتعلق بسوق العمل والقدرة على الاستقلال المادي .

اضطراب الرض التالي للكرب: وهو من أشيع الاضطرابات النفسية في هذا النوع من الحالات ويعاني فيها الطفل من إعادة معايشة الحدث الصادم الذي مر به، وسلوك تجنبي ومشكلات بالانتباه والتركيز وأحيانا عدوانية لدى الأطفال الأصغر سنا.

اضطراب الاكتئاب: وخصوصا لدى الأطفال الذي يواجهون مشكلات التنمر والرفض الاجتماعي وغياب البيئة الأسرية والاجتماعية الداعمة لهم وفي حالة الإصابة بهذا الاضطراب ترتفع احتماليات وجود أفكار أو سلوكيات تتعلق بايذاء الذات و/أو  الآخرين أو الانتحار.

أما عملية التأهيل فيجب أن تكون عملية شمولية تقوم على مقاربة طبية نفسية اجتماعية.

الإعاقة المعمارية في سوريا

يشير مصطلح الإعاقة المعمارية إلى "التمييز المؤسسي" للمباني الذي يضع حواجز في طريق ذوي الإعاقة. لا يشمل ذلك الأشخاص الذين يستخدمون الكراسي المتحركة ولكن أيضا المكفوفين والصم والمعاقين في المشي. ولكن قد يعتبر التفكير في هذه النقطة ترفا في الوضع السوري الراهن، حيث تشير نسبة المدن السورية المدمرة إلى أن البلاد تسير على كرسي متنقل.

آثار القصف على حلب وحمص ودوما بريف دمشق عام 2015

مصدر الصور: الشبكة السورية لحقوق الإنسان وتظهر آثار القصف على حلب وحمص ودوما بريف دمشق عام 2015. 

 

وذكرت دراسة لـ معهد الأمم المتحدة للتدريب والبحث (UNITAR) أن حلب أكبر المدن المتضررة من جراء القصف، حيث وصل عدد المباني المدمرة فيها إلى نحو 36 ألف مبنى، تلتها الغوطة الشرقية بـ 35 ألف مبنى مدمر.

وجاء في المرتبة الثالثة مدينة حمص التي تدمر فيها 13778 بناء، ثم الرقة 12781 بناء مدمراً، ثم حماة 6405 بناء، ودير الزور 6405 أبنية، بالإضافة لمخيم اليرموك 5489 بناء.

ذوو الإعاقة بين اللاجئين السوريين

في تقرير أجرته منظمة IMMAP ورصد ذوي الإعاقة في الأردن ولبنان قال إن 22.8٪ من اللاجئين السوريين في كلا البلدين الذين شملهم الاستطلاع يعانون من إعاقات. هذا يعني أن أكثر من 1 من كل 5 لاجئين لديه إعاقة. كما أن أكثر من 60٪ من أسر اللاجئين السوريين تضم شخصا معاقا، وفقا للمسح الذي استمر في الفترة من 2017-2018.

وبحسب إحصائيات الحكومة اللبنانية، فقد بلغ عدد اللاجئين السوريين على أراضيها نحو 1.8 مليون، منهم قرابة 880 ألفًا مسجلون لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. في حين يوجد نحو 200 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان وفق الإحصائيات الحكومية.

أما الأردن فيستضيف 760 ألف لاجئ وطالب لجوء من المسجلين لدى المفوضية. ومن بين هؤلاء، هناك نحو 670 ألف من سوريا، مما يجعل الأردن ثاني دولة من حيث استضافة اللاجئين السوريين نسبة لعدد السكان على مستوى العالم بعد لبنان.