أشياء مهمة افتقدها السوريون هذا العام

2020.04.28 | 00:14 دمشق

mkhymat.jpg
+A
حجم الخط
-A

يطل رمضان على المسلمين في أنحاء العالم إطلالة مختلفة، تخلو المساجد من أهلها، ويُفرض حظر التجوال في الشوارع قبل ساعات من الأذان، تبدو الحركة غير معتادة، والروح الرمضانية التي تعج بالحركة والحيوية تبهت فجأة، يلجأ كل إلى بيته، يؤدّي عباداته ويحاول القيام بعاداته الرمضانية مع أسرته، محاولاً التكيف مع هذه التغيرات كلها، هذا ما يحدث في دول العالم، ولكن الواقع في سورية يختلف تماماً، فهناك تغيرات جوهرية حدثت وتحدث في رمضان لا يعرفها إلا السوريون، تمرّ في ذاكرتهم حاملة مشاعر مختلفة، وتتزاحم عبر صور شتى، لعل من أبرزها:

صوت المدافع:

افتقد السوريون غير آسفين في رمضان الحالي أصوات المدافع، وليس القصد هنا مدافع الإفطار التي يسعد بها المسلمون في أنحاء المعمورة، وإنما مدافع الأسد التي اعتاد أن يقصف بها الأبرياء في لحظات الإفطار، فيحول تلك اللحظات إلى مآسٍ ومراسم عزاء ويُتم وقهر، فتاريخ السنوات التي مضت يشهد له بذلك، وكل سوريّ تقبع في ذاكرته مع كل إفطار غصّة ذلك القصف، ومشاهده الأليمة والدماء التي اختلطت بمائدة الإفطار الأمر الذي يستحيل نسيانه.

ومما افتقده السوريون أيضاً وبكل سعادة في رمضان، الدعاء للأسد وجنده ونظامه في صلوات الجمعة والتراويح

الدعاء للأسد:

ومما افتقده السوريون أيضاً وبكل سعادة في رمضان، الدعاء للأسد وجنده ونظامه في صلوات الجمعة والتراويح، فلم يعد هناك منابر تصدح بالدعاء له، والحناجر المسمومة الزائفة صمتت عن التقديس له وعن تمجيده، وارتاح السوريون من الاستماع إلى العبارات المكررة المملة عن مناقب بشار وبطولاته، وعن مآثر والده في تحرير الجولان، وعن المقاومة والممانعة، الأمر الذي يدفع إلى كثير من الراحة النفسية التي تشهد لها مآذن المساجد وجدرانها، تماماً كما يشهد لها الشعب المقهور الذي يتوق شوقاً لعهد جديد، لا يشعر فيه بأن المسجد وقدسيته تتناقض فيه رسالته مع ما وجد لأجله.

التقارير الأمنية:

لاشك وأن التقارير الأمنية تغدو رائجة بشكل فعال أكثر في مواسم كشهر رمضان المبارك، حيث يتجمهر المخبرون على هيئة باعة أو مصلين في المساجد وخارجها، يرصدون كل حركة وسكنة ونفس، ويبذلون ما بوسعهم لكتابة تقارير دسمة لفروع الأمن، فهي أهم مصادر الرزق في بلد محتل بعناصر المخابرات، والمساجد كانت منذ بداية الثورة مصدر رعب، وذاكرة الثورة في رمضان مليئة بالحراك والنشاط بسبب تلك التجمعات الحافلة بالحياة، ولذلك فهذا الموسم الرمضاني سيء لهذه الفئة بشكل كبير.

صلاة العيد:

بما أن الجائحة لم تنته بعد، ومع أننا جميعاً نرجو أن تزول ويهنأ كوكب الأرض ومن فيه من الأبرياء بالعافية، إلا أن المؤشرات الحالية تشير بضرورة استمرار حالة الاحتياط بسبب استمرار انتشار الفيروس وعدم توقفه، ولذلك فقد لا تكون هناك صلاة للعيد وقاية للناس من العدوى، ولن يعيش الأسد أمجاده السنوية بالتلويح العفوي للمصلين العفويين القادمين مصادفة لصلاة العيد الذي اختار الصلاة فيه، ولن يتمكن من الاستعراض كفاية باختيار مدن هُجّر أهلها قسرياً ودمّرت، ليزورها في العيد ويؤكد للعالم كله أن سورية بخير، ومن ناحية أخرى فلن تقوم المعارضة بنشر ذات الشائعة السنوية باستهداف موكبه قبل أو بعد صلاة العيد، الأمر الذي يخفف من حدة التوتر العام وأبعاده.

 الليرة السورية:

مع هبوط أسعار النفط والتغيرات الضخمة الطارئة في الاقتصاد العالمي، تبقى الليرة السورية في صراعاتها مع البقاء، وتتهاوى بشكل أقل سرعة من السابق، وتتوقف معها الحملات التي تحشد لها، وتجمع الجماهير كأمثال " ليرتنا عزتنا" فلا وقت في هذه الكوارث للالتفات إلى هذا الجانب، ولعل غض البصر عنه أولى وكل ما عليها أن تتهاوى بهدوء وصمت تجنباً لإزعاج المعنيين.

وبالرغم من حالة الفقد الإيجابي هذه، فإن وسم المعاناة يطغى، ويظلل المشهد بكثير من الغصة والحزن، تمتلئ القلوب قهراً، كما تمتلئ رجاءً بسقوط النظام المجرم، وأن يكون آخر رمضان يحكم فيه أرض سورية الطاهرة، وأن تهدأ قلوب الثكالى، وتكون الحرية للمعتقلين، ويعود المهجرون إلى أرضهم بحرية وعزّة وكرامة.