icon
التغطية الحية

أسوشيتد برس: بايدن يفكر بنهج لسوريا وخصومه يبحثون عن مكاسب

2021.03.24 | 16:03 دمشق

جو بايدن
أسوشيتد برس- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تدرس إدارة بايدن الدور الأميركي في سوريا، إذ في الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة أن تبتعد عن الحروب التي تدور في الشرق الأوسط، ينشغل كبير دبلوماسيي فلاديمير بوتين بمجريات الأحداث على الأرض، ولهذا يحاول أن يكسب التأييد والدعم لإقامة نهج في سوريا يساعد روسيا على أن تتحول إلى وسيط في نشر الأمن وتوسيع نفوذها ضمن هذه المنطقة.

ولذلك يتعين على الإدارة الأميركية الجديدة أن تعلن عن طريقتها في التخطيط لمعالجة الملف السوري، بعد تشتت سوريا بين ستة جيوش، بينها الجيش الأميركي، وذلك بسبب الحرب التي قتلت وشردت الملايين. فقد انخرطت في هذه الحرب فروع تابعة لتنظيم القاعدة، وقوات تنظيم الدولة الإسلامية وغيرها من المجموعات الجهادية الساعية لتحويل سوريا إلى قاعدة لها.

وقد تدخلت روسيا وإيران لمنع سقوط بشار الأسد الذي شن هجمات كيماوية واستخدم البراميل المتفجرة، ناهيك عن تجويع شعبه لسحق الحركة التي بدأت بثورة سلمية.

إن التعامل مع الحرب السورية يعدّ اختباراً لمدى تصميم إدارة بايدن وسعيها للتركيز على آسيا وليس على الشرق الأوسط، فإذا قلصت الولايات المتحدة من وجودها، عندئذ لا بد أن لروسيا وغيرها من القوى المنافسة المعادية للولايات المتحدة أن تتدخل في المشهد، كما ستعزز من مكانتها الإقليمية ومواردها في المنطقة.

ولهذا السبب أتت جولة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في الشرق الأوسط خلال هذا الشهر.

حيث وقف لافروف كوزير أجنبي بجانب دولة خليجية تربطها علاقات ودية عموماً بواشنطن، ألا وهي دولة الإمارات، لينقل رسالة تتناغم مع موقف موسكو وهي أن العقوبات الأميركية المفروضة على النظام في سوريا الذي تدعمه روسيا تعيق الجهود الدولية لإعادة إعمار سوريا، ولهذا أعلن الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان بأن الوقت قد حان لإعادة سوريا إلى حضن الدول العربية.

وبمعنى آخر، أتت رسالة روسيا لتقول بأن الحرب في سوريا انتهت، وبأن الأسد انتصر وسيبقى في السلطة طالما بقي يتنفس الأوكسجين، بحسب تعبير فريدريك هوف الذي شغل منصب المستشار الأميركي في الملف السوري والمبعوث الخاص لسوريا لدى إدارة أوباما.

إذ أعلن السيد هوف بأن هنالك جزءا لم يصرح عنه من تلك الرسالة، وهو أن روسيا تخطط لأن تكون موجودة لحين إعمار سوريا ونهوضها من الرماد، وذلك حتى تستفيد من موارد إعادة الإعمار الدولية التي ستغدق على سوريا، ولتنصب نفسها وسيطاً بالنسبة لإدارة التهديدات الأمنية التي تشكلها سوريا في تلك المنطقة.

وهكذا يرى هوف وجيمس جيفري الذي عمل كدبلوماسي لدى الإدارتين الجمهورية والديمقراطية، حيث شغل منصب المبعوث الخاص لسوريا في إدارة ترامب، بأنه لا بد للولايات المتحدة أن تبقي على وجود كبير لها في سوريا، ويستشهد كلاهما في هذا السياق بطموحات روسيا وأطماعها في هذه المنطقة، حيث يحذر جيفري من ذلك بالقول: "إذا كان هذا مستقبل الأمن بالنسبة للشرق الأوسط، فإننا سنصبح في ورطة، وهذا ما يدفع كلا من بوتين ولافروف باتجاهه".

سوريا مشكلة أمن قومي

وهنا تدرس إدارة بايدن ما إذا كان يتعين عليها التفكير بأمر سوريا على أنها إحدى أهم مشكلات الأمن القومي بالنسبة للولايات المتحدة.

لكنها لم تبد حتى الآن ما يشير على قيامها بذلك. والجدير بالذكر هنا بأن الرئيس جو بايدن صرح بأن بعض المشكلات الأخرى التي تتصل بالشرق الأوسط تعد أولويات بالنسبة لإدارته ويشمل ذلك الحرب في اليمن والبرنامج النووي الإيراني، حيث عين بايدن مبعوثين لهذين الملفين، إلا أنه هو والمسؤولون العاملون لديه لم يصرحوا بشكل علني سوى بالنزر اليسير حول الملف السوري.

أما في الكونغرس، فيمثل الملف السوري قلب الجدل بين أعضاء الكونغرس وذلك بالنسبة للحد من السلطات الممنوحة للرئيس أو إنهائها بشكل كامل فيما يتصل بالقيام بضربات عسكرية عقب هجمات 11 سبتمبر.

بيد أن الحرب السورية هي من ألهبت هذا الجدل، إذ كان الرئيس الأسبق باراك أوباما أول من فكر بالقيام بضربات عسكرية على سوريا، بحسب ما ذكر النائب خواكين كاسترو من الحزب الديمقراطي في تكساس، وهو عضو أيضاً في لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ، حيث يقول: "لقد همش الكونغرس نفسه بالنسبة لبعض أهم القرارات التي اتخذتها البلاد".

أما آخر التصريحات العلنية القليلة لبايدن منذ أن تولى السلطة، فقد أتت خلال الأسبوع الماضي، وذلك عندما أخذ يعدد المشكلات الدولية التي يتعين على مجلس الأمن الدولي أن يبذل مزيداً من الجهود حيالها.

وبالتزامن مع إحياء الذكرى العاشرة لبداية الحرب السورية خلال الأسبوع المنصرم، أكد وزير الخارجية الأميركي أنطوني بلينكن في تصريح له أمام نظرائه الأوروبيين حاجة المدنيين السوريين للمساعدات الإنسانية وعلى ضرورة محاسبة نظام الأسد.

يذكر أن القوات الأميركية تعمل على حماية جيب تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، ضمن منطقة تشتمل على النفط والغاز الطبيعي. وخلال الحملة الانتخابية لبايدن في العام الماضي، حدد بلينكن الدور العسكري لأميركا بأنه عبارة عن: "نقطة نفوذ" وذلك ضمن المفاوضات حول معالجة الملف السوري دولياً، بدلاً من استمرار استخدام القوة.

من الشرق الأوسط إلى آسيا

غير أن الناطقين باسم مجلس الأمن القومي ووزارة الخارجية الأميركية رفضوا الإجابة عن أسئلة محددة تتصل بسياسة بايدن في سوريا، وتشمل السؤال: هل ستعدّ الإدارة الأميركية النزاع السوري تهديداً كبيراً بالنسبة للأمن القومي؟ وهل تخطط لتعيين مبعوث إلى سوريا؟

يذكر أن بايدن تابع مسيرة أوباما وترامب في السعي للحد من الدور العسكري الأميركي في الشرق الأوسط مع تحويل تركيز السياسة الخارجية الأميركية نحو آسيا، حيث تتزايد عدوانية الصين شيئاً فشيئاً.

غير أن النزاعات القائمة في الشرق الأوسط والخطط الاستراتيجية الخاصة بالولايات المتحدة تنحو باتجاه سحب القوات الأميركية من هناك، إذ خلال الشهر الماضي، أصبح بايدن سادس رئيس أميركي على التوالي يقوم بقصف أهداف في الشرق الأوسط، وذلك عندما استهدف إحدى الميليشيات المتحالفة مع إيران في سوريا سبق لها أن هاجمت أحد الأميركيين والعاملين لديه في دولة العراق المجاورة.

ويرى دبلوماسيون أميركيون مختصون بشؤون الشرق الأوسط في السابق وفي الوقت الراهن بأن سوريا لا تمثل تهديداً أمنياً كبيراً بالنسبة للولايات المتحدة.

فقد خلص روبرت فورد، وهو سفير إدارة أوباما إلى سوريا وله باع طويل في الدبلوماسية ضمن تلك المنطقة، في مقالة كتبها في مجلة فورين أفيرز خلال العام المنصرم بأنه يتعين على واشنطن أن تواصل سحب جنودها من شمال شرقي سوريا، وأن تهيئ الأمور أمام روسيا وغيرها للتعامل مع المقاتلين الجهاديين، وأن تخصص الأموال الأميركية لمساعدة اللاجئين بسبب الحرب.

في حين أعلن هوف وجيفري، وكلاهما تعامل مع الملف السوري في ظل الإدارتين السابقتين، عن معارضتهما لذلك الانسحاب، إذ يقول هوف: "لو كنت أحد قادة تنظيم الدولة فسأسعى جاهداً اليوم لتنظيم تمرد من أجل العودة إلى سوريا، وآمل أن تؤخذ هذه النصيحة بعين الاعتبار". إذ بالنسبة لتنظيم الدولة الإسلامية: "لن تجد أعداء أفضل من النظام الأسدي وإيران وروسيا".

ثمة اختبار يلوح في الأفق أمام نيّات إدارة بايدن، بما أن روسيا تسعى لاستغلال موقعها في مجلس الأمن الدولي لتقوم بإغلاق ممر المساعدات الإنسانية التي تصل إلى جزء من سوريا لا يخضع لنظام الأسد المدعوم روسياً، بحسب ما أشارت إليه منى يعقوبيان، وهي مستشارة رفيعة في الملف السوري لدى مركز أبحاث أميركي يعرف باسم: معهد من أجل السلام.

إذ ترى منى بأن الاحتفاظ بالوجود الأميركي أو تعزيزه في سوريا يعد أمراً غاية في الأهمية، إذ لن يمثل ذلك نفوذاً ضمن المفاوضات السياسية فحسب، بل أيضاً سيحدد قواعد اللعبة بالنسبة للوجود الروسي في الشرق الأوسط. وهنا يظل أمامنا أهداف مباشرة أخرى بالنسبة للمجتمع الدولي وهي: "جعل الحياة هناك قابلة للإدارة بشكل أكبر، وأقل تعاسة بالنسبة للشعب السوري".

المصدر: أسوشيتد برس