
بعد التهافت على المواد الغذائية وفقدان معظمها من الأسواق، وخاصةً السكر والطحين، بدأ سكان العاصمة دمشق يتهافتون لشراء الأدوية، وخاصة أدوية الأمراض المزمنة، خوفاً من انقطاعها، خاصةً وأن نحو 70% من معامل الأدوية السورية توجد في حلب.
لكن سعي كثير من السوريين لتأمين الأدوية وتخزينها باء بالفشل، فخلال انشغالهم بتأمين المواد الغذائية للمنازل خوفاً من توقف مفاجئ للحركة الإنتاجية وتدهور كبير في سعر الصرف ما يرفع الأسعار، توقفت بعض مستودعات الأدوية في دمشق عن توزيع الأدوية بشكل تام، في حين قام بعضها الآخر بتوزيع حصص قليلة للصيدليات بكمية 3 إلى 5 علب فقط من كل نوع، ما ينذر بأزمة قاسية قريباً وفقاً لصيادلة ومستودعات الأدوية.
يقول أحد العاملين في مستودع أدوية بدمشق إن المستودعات مليئة بالأدوية ولا يوجد نقص فيها، لكن تلك الكميات لا تكفي لفترة طويلة، وهناك مخاوف كبيرة من توقف توريد الأدوية من معامل حلب.
ويؤكد العامل أن كميات جديدة من الأدوية لم ترد إليهم من حلب بعد سيطرة "ردع العدوان" عليها، ويضيف أن المستودعات تنتظر لتقييم الحالة بعد أيام، لكن الواضح أن المعارك التي امتدت شيئاً فشيئاً نحو دمشق أعاقت وصول الأدوية، ما دفع بعض المستودعات إلى التقنين بالتوزيع ضمن خطة طوارئ.
ويؤكد عاملون آخرون في مستودعات أن التقنين بالأدوية بدأ قبل سيطرة قوات "ردع العدوان" على حلب، وبمجرد أن انخفضت قيمة الليرة أمام الدولار، أغلقت بعض المستودعات أبوابها، وقامت أخرى بتقنين التوزيع بانتظار استقرار سعر الصرف لتحديد سعر الأدوية الجديد، لكن تصاعد وتيرة المعارك وصعوبة وصول البضائع إلى دمشق أسهم في زيادة مخاوف المستودعات.
وتوجد بعض معامل الأدوية في دمشق، بحسب صيادلة، لكنها قليلة جداً، ومن غير المعروف حتى الآن إن كانت قادرة على تعويض معامل حلب بتنوع أدويتها وطاقتها الإنتاجية لتغطية الحاجة.
ويشير الصيادلة في دمشق إلى أن هناك إقبالاً كثيفاً من المواطنين لتخزين الأدوية، وخاصة أدوية الأمراض المزمنة، ما أسهم في شح الأدوية الهامة بشكل سريع.
كما يؤكد الصيادلة أنهم يطلبون منذ يومين الأدوية من المستودعات في دمشق، لكن بعضها يرسل كميات قليلة من عبوتين إلى خمس في اليوم، وبعض المستودعات الأخرى لا ترد على اتصالاتهم، ما زاد من فزع المرضى ودفعهم نحو البحث في جميع الصيدليات بدمشق.
وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها دمشق أزمة أدوية، لكن الأزمات السابقة خلال سنوات الحرب كانت عامة في جميع المحافظات، وأسبابها دائماً كانت انخفاض قيمة الليرة. فقد كانت الأزمات مفتعلة وفقاً لتصريحات سابقة لمدراء معامل أكدوا أن الإنتاج وفق أسعار بيع الأدوية حينها كان غير مجدٍ ويسبب لهم خسائر، ما دفع حكومة النظام السابق مراراً لحل تلك الأزمات برفع أسعار الأدوية نزولاً عند رغبة المعامل تبعاً لسعر الصرف الجديد.