أزمة الحسكة.. قتل الجريمة والمجرم ودليل الجرم في آن معا

2022.01.23 | 15:54 دمشق

185998856_313342936921447_4920984250775057251_n_0.jpg
+A
حجم الخط
-A

لا يمكن تأكيد أو نفي تشبيه ما يجري اليوم في الحسكة وسجنها بذلك الذي شهده العراق في أبو غريب والتاجي (عام 2013) قبيل اكتمال العقد لإطلاق تنظيم "الدولة الإسلامية" بعد هجوم قيل إنه أطلق رؤوس التنظيم الذين حولوه من مجرد تنظيم إلى كيان يشبه الدولة.

ففي غويران اليوم يقبع نحو ٥٠٠٠ معتقل غالبيتهم من الجنسيات الأجنبية رفضت دولهم أو تماطل باستعادتهم لأسباب متعددة، فهم في حكم مجرمين عديمي الجنسية موجودين في أرض خارجة عن القانون وتائهة في خناق قتال متعدد لا ينتهي.

كانت قضية معتقلي تنظيم "الدولة" دائمة الحضور من خلال مطالبات وصلت حد التحذيرات، أوضحها ما صدر عن وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن خلال كلمته في مؤتمر روما، في حزيران العام الماضي، حيث أشار بلينكن إلى وجود 10 آلاف من مقاتلي التنظيم، ما زالوا رهن الاحتجاز في معسكرات تديرها قوات سوريا الديمقراطية، "قسد" في شمال شرقي سوريا.

تُحسب التحركات الحالية على أنها منظمة ومخطط لها ويعمل على تنفيذها للوصول إلى المأرب الأخير وهو تصفية جميع المعتقلين وإنهاء هذا الملف إلى غير رجعة فتقتل الجريمة والمجرم ودليل الجرم في آن معا

بلينكن حث الدول، على استعادة مواطنيها الذين انضموا إلى التنظيم، وإعادة تأهيلهم أو محاكمتهم، ونقل عنه الآتي: "هذا الوضع ببساطة لا يمكن الدفاع عنه، ولا يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى".

يمكن تفسير ما حدث في غويران اليوم هو انتهاء هذا الأجل المسمى، إذ جاء وقت التنفيذ فتُحسب التحركات الحالية على أنها منظمة ومخطط لها ويعمل على تنفيذها للوصول إلى المأرب الأخير وهو تصفية جميع المعتقلين وإنهاء هذا الملف إلى غير رجعة فتقتل الجريمة والمجرم ودليل الجرم في آن معا.

وبذلك تقدم واشنطن هديتها الكبيرة لشركائها في التحالف على مشاركتهم العمليات العسكرية وتحثهم على تعزيزها بالدعم المالي والمشاركة في عمليات تأهيل المنطقة لتكون مكانا جيدا يمحو سلسلة الفشل الأميركي في كل مكان تدخلت فيه.

فشل السياسات الأميركية في كل تدخلاتها وليس آخرها أفغانستان التي شهدت انتكاسة جديدة لفكرة الحلفاء المحليين، فهم ظل لا أكثر يختفي مع اختفاء العلم الأميركي، واستمرار النهج في أماكن أخرى إضافية ينعى فكرة حلفاء أميركا وتنتهي مرحلة القطب الأوحد أو الثاني إلى غير رجعة، لذا نرى التصعيد غير المفهوم في أوكرانيا وتغير شكل الانسحاب من العراق من التام إلى الداعم، مع تأكيدات لا تنتهي من جل المسؤولين الأميركيين بأن الانسحاب من سوريا لن يحدث إلا بشروط تعجيزية، فلا إيران ستخرج ولا النظام سيتغير.

وشهد شمال شرقي سوريا في الأشهر الماضية حراكاً أميركياً على الأرض مع زيارات أجرتها وفود عسكرية وسياسية للمجالس المحلية والعشائر في دير الزور لتأمين توافقات مرضية لأهالي هذه المنطقة، يمكن أن تنتج نموذجاً يغيّر تاريخ التخلي عن الحلفاء المحليين وترك الخراب وراءها.

ويمكن النظر إلى هجوم غويران ( بعيداً عن نظرية المؤامرة) على أنه ضربة قاصمة لواشنطن تقدّم دليلاً إضافياً لعدم قدرتها على ضبط المشهد رغم وجودها، وبالتالي خروجها الذي سيكون بمنزلة تفجير كامل للمنطقة، وهي صورة مأساوية سيكون المستفيد منها كُثر على رأسهم موسكو وأنقرة، وبالطبع سيكون لإيران نصيبها وبطبيعة الحال النظام الذي تلقف هذه الزاوية وأصدرت وزارة خارجيته بيان تنديد بما يجري في الحسكة، مطالبة برحيل القوات الأميركية والتركية من سوريا، أمّا روسيا فأبدت خشيتها (كما تزعم) من إلحاق الضرر بالمدنيين نتيجة لتلك العمليات الجارية، أمّا الرد التركي فكان بكثافة نيران غير معتادة على محاور اعتادت أن تشهد مناوشات، لكن مع هذه الأيام نرى ما هو أكثر من تصعيد وأقل من حرب.