icon
التغطية الحية

أحوال اللاجئين السوريين في الأردن.. عقد من الزمن في بلاد تواجه مشكلات

2022.01.29 | 10:11 دمشق

syrian-refugees-al-mafraq.jpg
عائلة سورية في المفرق على بعد عشرة كيلومترات من مخيم الزعتري (LWF)
بروكينغز - ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

بعد مرور عشر سنوات على بدء الحرب السورية، بات من الصعب الاعتراف بعدد القتلى وحجم الدمار وعدد المتضررين من تلك المأساة الإنسانية، فالحرب ماتزال مستعرة والبلد مايزال مقسماً جغرافياً وسياسياً وإثنياً وطائفياً. فقد وثقت الأمم المتحدة حتى عام 2021 350200 حالة وفاة، ووصفت ذلك العدد بأنه "أقل من العدد الحقيقي للقتلى" بما أن هذا الإحصاء اتبع قواعد صارمة تلتزم بالحصول على الاسم الكامل للشخص المتوفي وتاريخ ومكان الوفاة.

وثمة إحصائية مأساوية أخرى، وهي أن نصف سكان سوريا قبل الحرب أجبروا على النزوح القسري، حيث تحول أكثر من 6.8 ملايين نسمة منهم إلى لاجئين وقرابة 6.7 ملايين نسمة إلى نازحين داخلياً.

إحصائيات وأرقام

يقيم معظم اللاجئين السوريين في دول الجوار، حيث بلغ عددهم في الأردن 670 ألف لاجئ، وفي لبنان 844 ألف لاجئ، وفي تركيا 3.65 ملايين لاجئ، وذلك بالنسبة للاجئين المسجلين رسمياً.

وفي آخر إحصاء لعدد اللاجئين في الأردن بلغ عدد اللاجئين السوريين 1.3 مليون لاجئ، في حين يزعم لبنان إيواءه لنحو مليون ونصف لاجئ سوري. وتستضيف أوروبا أكثر من مليون سوري، معظمهم يقيم في ألمانيا (59%)، والسويد (11%). وماتزال تركيا الدولة الأولى على مستوى العالم بالنسبة لعدد اللاجئين الذين تستضيفهم (أكثر من 4 ملايين لاجئ 92% منهم سوريون).

لكن حسب مقياس عدد اللاجئين مقابل كل مواطن، تتقدم عليها كل من لبنان والأردن حيث تحتل لبنان المرتبة الأولى عالمياً تليها الأردن، بما أن كلتا الدولتين تستضيفان لاجئين من دول أخرى، على رأسها فلسطين، حيث يوجد 200 ألف فلسطيني في المخيمات اللبنانية، ويخضع جميع اللاجئين في لبنان لقيود معينة، فيما يستضيف الأردن مليوني لاجئ فلسطيني حصل معظمهم على الجنسية الأردنية.

ومن بين 672952 لاجئا مسجلا في الأردن، هنالك 19.5% يعيشون في المخيمات (أي 131300 لاجئ) غالبيتهم يعيش في مخيم الزعتري (81 ألف نسمة)، وأزرق (43934 نسمة). أما البقية التي بلغ عددها 542 ألف نسمة فيعيش معظمها في المناطق الحضرية بالأردن، ويتركزون في عمان (26%)، وإربد (18%)، والمفرق (12%). بلغ عدد البالغين منهم 314 ألف نسمة، ينقسمون بالتساوي بين الرجال والنساء، وهنالك 332 ألف طفل، ويشكل من تجاوزوا 65 من العمر (وبلغ عددهم 27 ألف نسمة) 4.1% من تعداد اللاجئين الذي يزداد بصورة شهرية، حيث يبلغ عدد الولادات شهرياً 2000 مولود جديد.

المشكلات التي تعصف بالأردن

إلا أن الأردن مايزال يعاني على المستوى الاقتصادي، فمنذ عام 2011، بلغ متوسط إجمالي الناتج القومي للأردن ونسبة نمو العمالة 2.4% سنوياً، أي إن الأردن لم يستطع اللحاق بركب القوى العاملة الفتية لديه.

وبلغت نسبة البطالة 25% في أوائل 2021 حيث سجلت نسبة البطالة بين صفوف الشباب مستوى قياسياً بعدما بلغت 48.1%. كما تجاوز الدين العام للحكومة 106% من إجمالي الناتج القومي في أواخر عام 2020، أي أعلى بعشر درجات من نسبة إجمالي الناتج القومي قبل سنة فقط.

أي إن الأجواء لم تعد مناسبة لاستقبال عدد كبير من اللاجئين.

إن نحو 80% من اللاجئين السوريين في الأردن هبطوا تحت خط الفقر، وأصبحت 60% من الأسر تعيش في فقر مدقع. وقد زادت تلك الأرقام بسبب الجائحة، وهنا تجدر الإشارة إلى أن 15% فقط من الأردنيين أصبحوا تحت خط الفقر بالرغم من أن عدد هؤلاء قد زاد بفعل الجائحة.

كما تضررت قطاعات يتهافت عليها اللاجئون مثل السياحة والبناء والتجارة وخدمة الزبائن بسبب الجائحة وعمليات الإغلاق المرتبطة بها،  وعانت الأرزاق بسبب ذلك، حيث شهد 68% من اللاجئين انخفاضاً في مداخيلهم بفعل الجائحة، وأصبح الدين ثقيل الوطأة على الكثير من السوريين، بما أن 55% من الديون خصصت لشراء الاحتياجات الأساسية، وتحولت أرباح اللاجئين ومكاسبهم إلى خسائر. كما بقيت مؤشرات الأمن الغذائي تراوح مكانها عند معدلات عام 2014.

إذ بحسب ما ذكرته المفوضية العليا للاجئين، فإن " 2% فقط من الأسر اللاجئة بوسعها تلبية احتياجاتها الأساسية من الغذاء دون الحاجة لاستراتيجيات التكيف السلبية، والتي تشمل تخفيض عدد الوجبات، وإخراج الأطفال من المدارس، والزواج المبكر، وإرسال أحد أفراد الأسرة ليتسول".

تحدي إكمال الدراسة بالنسبة للاجئين

أصبحت الدراسة في المدارس بمثابة تحد، ففي عام 2020 كان هنالك 145 ألف لاجئ سوري في المدارس الأردنية، معظمهم في مدارس تعتمد نظام الدوامين.

وفي عام 2017، تم إخراج أكثر من 40% طفل مسجل من المدارس. ويسلط تقرير نشرته مؤخراً منظمة هيومن رايتس ووتش الضوء على تضاؤل نسبة اللاجئين المسجلين في المدارس، والجاني في ذلك هو الفقر وعدم توفر مواصلات مناسبة، وضعف جودة التعليم، وتدني قيمة إكمال التعليم بما أن فرص توظيف السوريين محدودة، وهنالك عوائق إدارية تقف أمام تسجيلهم في المدارس، ناهيك عن عدم توفر المرافق المخصصة للأطفال الذين يعانون من إعاقة.

يعتبر التعليم الثانوي نقطة ضعف في هذا التحدي، إذ بالنسبة للتعليم الابتدائي، فإن نسبة المسجلين في المدارس الحكومية الأردنية أفضل من نسب التسجيل في بقية دولة العالم والتي تعادل 63% بالنسبة للاجئين. وفي الوقت الذي تدعي فيه الحكومة بأن 30% من الطلاب السوريين المؤهلين قد تم تسجيلهم في المدارس الثانوية، تشير تقارير استقصائية أخرى إلى أن النسبة تتراوح بين 15-21%.

وهذه النسبة بلغت 24% على مستوى العالم، الأمر الذي يؤكد وجود هذا التحدي عالمياً. إذ حتى بالنسبة للمسجلين في المدارس، فإن الجائحة وعمليات الإغلاق المرتبطة بها وأثرها الاقتصادي جعل الوصول إلى عملية التعليم عبر الشابكة أمراً غاية في الصعوبة، ما شجع على تسرب المزيد من الطلاب من المدارس. والنتيجة تمثلت بزيادة الأطفال في سوق العمل وارتفاع نسب الزواج بين صفوف الأطفال، وضعف فرص المستقبل أمام اللاجئين. والفئة الأضعف هنا هي فئة الفتيات اللواتي يزيد احتمال تزويجهن في سن مبكرة ثلاثة أضعاف عما كان عليه عندما كن في سوريا.

الوضع الصحي للاجئين في الأردن

وفي معظم الأحيان يتعرض اللاجئون لمشكلات طبية معقدة تشمل الإصابات الجسدية والصدمة النفسية، وكلها تتفاقم بسبب سوء ظروف العمل والسكن والشروط الصحية. كما أن غالبية السوريين تعاني من أمراض مزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسرطان وغيرها من الأمراض.

وفي عام 2013، أصبح اللاجئون السوريون في الأردن يحصلون بشكل مجاني على الرعاية الصحية الأولية وعلى الطبابة في المشافي.

وبحلول تشرين الثاني من عام 2014، وبسبب الضغوطات التي تعرضت لها الحكومة طلبت من السوريين أن يدفعوا الرسوم التي يدفعها مواطن أردني ليس بحاصل على تأمين.

ثم تم فرض نفقات إضافية في عام 2018 التي تضاعفت مرتين إلى خمس مرات مع بعض النفقات. ولم تقدم المفوضية العليا للاجئين دعماً إضافياً، بل كان تمويلها بمثابة عامل مقيد.

وبالنسبة للقاحات كوفيد-19 تم تأجيل اللاجئين وتأخيرهم عن مضيفيهم، حيث لم يتلق اللقاح سوى 33% من اللاجئين السوريين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 فما فوق يعيشون خارج المخيمات، كما أن نسبة من تلقوا اللقاح في مخيمي الزعتري وأزرق بلغت 55%.

كرر التقرير الصحي الاستقصائي الذي أصدرته الأمم المتحدة في عام 2021 المقارنات المفيدة التي وردت في تقرير عام 2018، إذ انخفض الوعي بتوفر خيارات الرعاية الصحية من 83% في عام 2018 إلى أعلى من 50% بقليل في عام 2021، كما توفرت رعاية الحوامل بشكل كبير في كلا العامين، إلا أن كلفتها كانت التحدي الأكبر.

وارتفعت نسب تلقيح الأطفال في كلا العامين، أما حالات الأمراض المزمنة في عام 2021 فقد زادت ولم يتمكن 87% من تحمل نفقات الأدوية مقابل 52% ممن لم يتمكنوا من دفع نفقات العلاج في عام 2018.

وقامت نسبة كبيرة من اللاجئين بصرف أموالها على خدمات الرعاية الصحية في عام 2021 (77%)، بينما بلغت النسبة 78% في عام 2018. وعملياً كان مجموع ما صرف على الصحة في الشهر متساوياً في كلا العامين حيث بلغ نحو 98 ديناراً أردنياً، وهذا المبلغ استهلك 44% من الدخل الشهري في عام 2021.

وبعيداً عن الهبوط في مستوى الأرزاق والتعليم والصحة، تعاني البرامج التي تمولها جهات ممولة رئيسية مثل برنامج الغذاء العالمي ومنظومة الدعم التي تعتمد على النقد من نقص في التمويل، ففي حزيران من عام 2021، أعلن برنامج الغذاء العالمي بأن 21 ألفاً من اللاجئين لن يحصلوا بعد اليوم على مساعدة مالية بسبب نقص التمويل، وبأن 250 ألف لاجئ قد يتعرض لحالة نقص في المساعدات الغذائية التي كان يحصل عليها.

إلا أن هذه الظواهر ليست دائمة، كما أن السوريين لن يعودوا بأعداد كبيرة إلى بلدهم خلال وقت قريب، فقد عاد 41 ألفاً منهم بشكل طوعي منذ عام 2018، وبعيداً عن الدمار المادي والاجتماعي الذي ألحقته الحرب بالبلاد، فإن الظروف الاقتصادية في سوريا بلغت الحضيض، وبقيت انتهاكات حقوق الإنسان وحشية كما عهدناها، بل إنها أصبحت تطول العائدين وتطالبهم بتصاريح أمنية من جهات سورية. كما لم يعد هنالك وجود لإعادة توطين للاجئين في دولة ثالثة وذلك لأن نسبة المؤهلين لإعادة التوطين لا تتجاوز 1% ولهذا لم تتم إعادة توطين إلا 1396 لاجئا في عام 2020.

تفادى الأردن الكثير من الخطاب القاسي المعادي للاجئين الذي ظهر في لبنان وكذلك السرديات المعادية للهجرة الموجودة في تركيا، إلا أن الأزمة هناك يمكن أن تتطور على حساب اللاجئين في الأردن وذلك في حال لم يتم منع تلك المؤشرات من الهبوط. لذا من المفيد أن يتم تطوير برنامج وجعله يستبق الأمور بدلاً من أن يظهر بعد وقوع الحدث ليتفاعل مع الأزمة بعجالة.

كما أن ترتيبات طويلة الأمد مثل الاتفاق الأوروبي-التركي لمساعدة اللاجئين على مدار سنوات عديدة قد يفيد في هذا السياق.

بالإضافة إلى أن انفتاح سوق العمل الأردني بشكل أكبر على اللاجئين، أو استبقاء المزيد من الأطفال -خاصة الفتيات- في المدارس، مقابل حصول أهاليهم على الدعم قد يفيد أكثر المتضررين من الأردنيين أيضاً.

وفي الوقت الذي لا يرجح أحد فيه أن يجدي قبول الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمزيد من اللاجئين أي نفع في هذه الأيام بالنسبة لأوروبا الحصينة، قد يصبح دعم الدول المضيفة للاجئين خياراً قابلاً للتطبيق بصورة أفضل، خاصة إن ترافق مع برامج فعالة مثل برنامج الدعم النقدي الذي خصصه برنامج الغذاء العالمي للاجئين وبرامج التعليم والصحة المستمرة التي يتم تطبيقها على الأرض بما أنها موجودة بالأصل لكن كل ما تحتاجه هو المزيد من التمويل.

المصدر: بروكينغز