icon
التغطية الحية

آمال وآلام.. كيف يستقبل النازحون السوريون عيد الأضحى هذا العام؟ | صور

2022.07.08 | 18:18 دمشق

نازح في إدلب
نازح في قرية الحلزون شمالي إدلب - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

وسط خيمة صغيرة في صدر مخيم "سيالة" شمالي إدلب، مدّت السيدة "مريم" لحافاً أبيض وقبضت على أطرافه الأربعة تخيط وفق نظامٍ مستوٍ وسَكينة، لا يتخللها إلا تساقط دموع "خجولة" بين الحين والآخر.

في هذه الخيمة الصغيرة، غابت تجهيزات العيد فلم تجد "مريم" المهجّرة منذ نحو 8 سنوات من قريتها الواقعة بريف حماة الشرقي إلا هذا اللحاف تنسى به هواجسها وخواطرها المؤلمة في وقفة العيد، بحسب ما تقول، لكن  لا تنسى التحديق بـ "الهاتف النقّال" الذي تنتظر منه "مكالمة العيد" مع إخوتها الذين شتت النزوح جمعهم في بلدان مختلفة.

في مخيمات النازحين، تبدو التجهيزات للعيد، رغم إقرار سكّانها بـ "فضيلة هذه الأيام وخاصيتها عند المسلمين"، تبدو "خجولة" لظرف معيشي قاهر يقتصر على دلّة قهوة وبعض الثياب للأطفال التي تؤمّن على مضض إما من فريق إنساني أو أهل الخير، وفي أحسن الأحوال من البازار الشعبي القريب.

تقول "مريم" لموقع تلفزيون سوريا إنّ "الخيمة الصغيرة الحارّة، وغياب المعيل لها ولأمها العجوز التي تقطن معها، أنساني بهجة العيد والتحضير له.. لم يبقَ عيد بعد بيتي في القرية وجمعة أهلي حولي".

ترعى مريم والدتها العجوز منذ أن وصلت المخيم الواقع قرب أوتستراد (باب الهوى ـ إدلب)، وهو ما يخفف من آلام وحدتها، على حدّ تعبيرها، لكنها تتوق في أيام العيد للم شملها بإخوتها وأخواتها اللاجئين في دول عديدة.

"معايدة على الهاتف"

تقول "مريم" إنّها تتنظر مكالمة العيد مع أربعةٍ من إخوتها، ثلاثة منهم في لبنان، وأخت وحيدة في الأردن عبر هاتفها الذي يخذلها في كثير من الأحيان: "هاتفي قديم جداً ويعاني من أعطال لكن هو وسيلتي الوحيدة للتواصل مع ما تبقى لي من هذه الدنيا لذلك أحتفظ به".

ويعتبر تشتت شمل أفراد العائلة "الغصّة الكبرى" لدى السوريين والمهجّرين على وجه التحديد، كما هو الحال لدى "مريم" التي تتمنى لقاء إخوتها قبل موتها إلى جانب والدتها العجوز في مخيم النازحين هذا.

"أريد العودة إلى منزلي وأن نجتمع تحت سقف غرفة من جديد مع إخوتي في العيد لا تحت الخيمة شديدة الحرارة هذه"، تختم "مريم" حديثها دون أن تتمكن من كتمان دموعها.

"نشتري الأهم فالأهم"

أمام خيمة "مريم" وأمها العجوز، وإلى الأمام شرقاً وقفت دراجة نارية لصاحبها "أبو محمد" القاطن في المخيم أيضاً، يسمع آخر ما أوصته به عائلته، فهو في الطريق إلى "بازار باتبو الشعبي".

يقول "أبو محمد" لموقع تلفزيون سوريا: "لا تغتروا بالشراء، فهو مجرّد حذاء للصغير، وكم غرض لا قيمة لهم.. فنحن نشتري الأهم فالأهم في هذا الظرف المعيشي العصيب".

وعلى بعد أقل من 3 كيلو مترات - خط نظر - وفي مخيم "نسيم الشام" في محيط بلدة كللي شمالي إدلب، قرر "عبد السلام المصطفى" عدم شراء ملابس العيد لأطفاله، موضحاً: "رح يرجعوا لملابس عيد الفطر.. احتفظنا بهم في الخزانة لأنّ الغلاء فاحش وكنت أعلم أني لست قادراً على شراء ملابس جديدة هذا العيد".

أما عن "حلويات العيد"، فيعتبر أنّ "سعر كيلو واحد من أنواع حلويات العيد، يمكن أن يطعمني من الخبز لمدة أسبوع.. الخبز أولوية صراحةً".

ويقول لموقع تلفزيون سوريا: "العيد جميعنا يجب أن نفرح به ونتظاهر في الفرح، لأننا تربينا على ذلك، ولن يكون التهجير سبباً في تغيير مبادئنا وما كبرنا عليه.. لكن من المؤكد أن الفرح في المنزل أفضل من الخيمة الحارّة.. هذا الحرّ يزيد قهرنا قهراً إضافياً".

يفتقد "المصطفى" في يوم العيد كل تفصيل في قريته جبالا "شوارعها، مساجدها، مقابرها، حارات الأقارب، أرضي التي أزرعها".

لا يحضر "المصطفى" في العيد إلا "لقاء أخوَيه، العالقين في لبنان بعد أن خرجوا إليها هرباً من قمع النظام وبحثاً عن تأمين لقمة عيش لعوائلهم"، إذ يعتبر أن هذا البُعد تحوّل إلى هاجس لدى عائلته، إذ يأمل أن يتمكن من استقدامهما إليه للإقامة معه في الشمال السوري، في العيد وفي كل الأيام".

ويشير إلى أنّ "حال أخويه المعيشي متدهور جداً نتيجة الظرف الاقتصادي العام في لبنان"، ويردف: "أتمنى لو ظروفي المعيشية أفضل من هذا الواقع كي أتمكن من مساعدتهما في العيد علهم يستطيعون شراء ما يلزمهم وأطفالهم من مأكل ومشرب وملبس".

"نرجع مرفوعي الرأس.. الثورة منتصرة"

بلغت أعداد مرّات النزوح لدى الستيني محمد خالد الأعرج، نحو 18 نزوحاً من مدينته "كفرزيتا" شمالي حماة، على مدار نحو 10 سنوات، إذ إنه اضطر للنزوح أول مرة في تاريخ مبكّر منتصف عام 2012 حين اشتدّ القصف على مدينته.

يعتبر "الأعرج" الذي استقر في قرية "الحلزون" بريف إدلب الشمالي بعد محطّات تهجير كثيرة، أنّ "السلة الغذائية والقصف والنزوح والحاجة وغلاء الأسعار ما هي إلا مجرد إشكاليات ستذهب مع عودتنا إلى مدينتا وأرزاقنا مرفوعي الرأس وبكرامتنا وهذا ما أعقِدُ آمالي وأمنياتي عليه في كل عيد وفي كل يوم".

يتجاوز "الأعرج" في حديثه لموقع تلفزيون سوريا جميع التفاصيل القاسية التي مرّت عليه خلال نزوح بين تركيا وعدة بلدات وقرى بريف إدلب، وما زال يردد: "الثورة منتصرة وسنعود لبلداننا مرفوعي الرأس".

ولا يخفي محدثنا في تتمة حديثه "شوقه لأولاده المشتتين في بلدان اللجوء وأقاربه الذين بعّدت المسافات بينهم"، ويضيف: "أحفادي من حولي وأمل النصر يدفعاني للحياة لانتظار العودة إلى بلدي بكرامة".