قوة "اللوبي السوري" في أميركا

2023.05.19 | 06:07 دمشق

الكونغرس الأميركي
+A
حجم الخط
-A

أثار قرار جامعة الدول العربية بتسليم مقعد سوريا إلى نظام الأسد حفيظة السوريين في الداخل والخارج، فلا يجب أن يكافأ الأسد على إجرامه بإعادة الاعتبار إليه وإعطائه شرعية الحديث باسم السوريين مجددا داخل أروقة الجامعة العربية.

للأسف لم تبد الدول العربية ممانعة كافية لمنع هذا من الحدوث بدل أن تدعم نظام الأسد رغم إدراكها أن ذلك لن يسهم في حل أزمة السوريين أو إعادة اللاجئين الذين يخافون التعذيب والقتل على يد نظام الأسد في حال قرروا العودة. فالأسد هو المشكلة وليس الحل بأي شكل من الأشكال، وقد أظهر هذا بشكل واضح فشل جامعة الدول العربية كمؤسسة إقليمية في حل المسألة السورية وإنما إعادتها إلى الأسد الذي يزيدها خرابا وتخريبا.

للأسف، الصوت الوحيد الذي ظهر في معارضته لهذه الخطوات لم يأت من الإدارة الأميركية وإنما من الكونغرس الأميركي ذاته وذلك بفضل جهود الجالية الأميركية السورية وعلى رأسها التّحالف الأميركي لأجل سوريا— وهو مِظلّةٌ انضوت تحتها عشر منظّمات أميركية مختصّة بالشّأن السّوريّ وناشطة في العاصمة الأميركية واشنطن.

حيث استطاع هذا التحالف البناء على جهود سنوات من التنظيم واللوبي في واشنطن في تقديم مشروع "قانون محاربة التطبيع مع نظام ‫الأسد لعام 2023" إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النوّاب حيث تم تمرير القرار بأغلبيّة ساحقة للمشروع الذي طُرِح قبل ثلاثة أيام فقط وجاء صوّت واحد فقط معترضاً على القواعد الإجرائيّة لا على نصّ القانون.

لقد مثل مرور تشريع قانون تجريم التطبيع مع الأسد مثل ذروة عمل اللوبي السوري في أميركا وكشف قوة هذا اللوبي الذي استند إلى عقد كامل من الخبرة في واشنطن ونجح في تمرير قانونين خلال أقل من خمس سنوات في الكونغرس هما قانون قيصر ومن ثم قانون الكبتاغون الذي يعاقب الأسد على تحويل سوريا إلى دولة لتجارة المخدرات.

وهو ما يعتبر بالمعايير الأميركية "لوبي" قوياً وفعالاً تماما كما اللوبي الكوبي في ميامي كما يطلق عليه الذي يعارض إعادة العلاقات مع النظام الشيوعي في كوبا، وقد خسر الحزب الديمقراطي ولاية فلوريدا بسبب دعم إدارة أوباما تصحيح العلاقات مع نظام كاسترو مما كلف كلينتون الرئاسة في عام 2016 في أحد تحليلات خسارة كلينتون أمام المرشح ترامب في تلك الفترة.

ينص التشريع الجديد على تمديد قانون قيصر لثماني سنوات أخرى حتّى عام 2023، واحتفظ النصّ بالعقوبات الإلزاميّة على من يقدّم دعماً ماديّاً لنظام الأسد وشركائه، مع منح الرئيس الأميركي صلاحيات جديدة لمعاقبة من يشترك في الاستيلاء على ممتلكات السوريين أو من يقوم بسرقة المساعدات، ولمعاقبة أقربائهم المشتركين معهم في هذه الجرائم. إن تحويل جزء من العقوبات الثانوية من إلزامي إلى صلاحيات للإدارة من شأنه حماية المدنيين السوريين الأبرياء من الوقوع في شَرَكِ العقوبات لا سيما وأن العقوبات تطول أقارب مقدّمي الدّعم للأسد لا مقدّمي الدعم فقط، وذلك لأنّهم عادة ما يسجّلون ثرواتهم بأسماء أقاربهم للتهرّب من العقوبات، وتعطي التعديلات البنودَ المتعلّقة بالأمانة السورية للتنمية التي ترأسها أسماء الأسد وتستولي على كثير من المساعدات الدّوليّة عبرها قوّةً إضافيّة عن طريق تطبيق المرسوم الرّئاسيّ رقم EO13894 وكلّ قوانين العقوبات الأخرى المتعلّقة بسوريا لا بتطبيق قانون قيصر فقط.كما تم تعديل "العقوبات الماليّة" الممنوع تقديمها إلى النظام إلى "المساعدات الماليّة المصرفيّة" وتعريف ذلك بأنّه التعامل مع أي مصرف رأس ماله السّوقي أكثر من 5 ملايين دولار، وذلك لحماية المؤسسات الصغيرة وعدم عرقلة الحوالات المالية الصغيرة التي يرسلها السوريون إلى الداخل.

الخطوة التالية الآن عرض مشروع القانون على مجلس النواب وهناك فرصة كبيرة طبعا لتمريره داخل مجلس النواب لا سيما مع الدعم الكبير الذي حصل عليه القانون بين الحزبين فقد دعم قانون نظام الأسد لمكافحة التطبيع لعام 2023 كل من الجمهوري جو. ويلسون من ولاية ساوث كارلينا والديمقراطي فيسنتي غونزاليس من ولاية تكساس والجمهوري مايك ماكوول من تكساس والديمقراطي بويل من بنسلفانيا .

وقد مثل تمرير القانون في لجنة الشؤون الخارجية رسالة واضحة لجامعة الدول العربية والدول العربية التي قررت إعادة التطبيع مع نظام الأسد فالقانون ينص صراحة على معارضة قاطعة للاعتراف بأي حكومة سورية بقيادة بشار الأسد والتطبيع مع نظام الأسد. كما أنه يكرس في القانون أن نظام الأسد غير شرعي ويجب محاسبته، ويفرض تقارير واستراتيجيات حول تلاعب الأسد بالمساعدات الإنسانية والأمم المتحدة، ويعزز قانون قيصر ويوسع نطاقه لاستهداف أعضاء بشار الأسد. البرلمان وكبار قادة حزب البعث.

فالقانون يمثل قمة جهد اللوبي السوري في أميركا ويعكس قوة هذا اللوبي الذي سيكون له تداعيات كبيرة في المستقبل.