icon
التغطية الحية

الثانية في أقل من 48 ساعة.. ماذا تستهدف الغارات الإسرائيلية في سوريا؟

2021.08.20 | 17:51 دمشق

photo_2021-08-19_23-27-15-768x512.jpg
صورة من سماء دمشق أثناء تصدي الدفاعات الجوية السورية لغارة إسرائيلية، 19 آب/أغسطس 2021 (سانا)
إسطنبول - خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

شنت الطائرات الإسرائيلية غارتين جويتين في غضون أقل من يومين على مواقع متفرقة في سوريا، مستهدفة قواعد عسكرية تابعة لـ "حزب الله" والميليشيات الإيرانية في سوريا وأخرى تابعة لقوات النظام، في ظل تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل في الآونة الأخيرة الذي يعتبر امتداداً لـ "حرب الظل" بين طهران وتل أبيب للتنافس الإقليمي في المنطقة على عدة جبهات، منها الممرات المائية للتجارة العالمية والأراضي السورية.

ذكرت وكالة أنباء النظام "سانا" أن طائرات إسرائيلية استهدفت الليلة الماضية بالصواريخ مواقعاً في ريفي دمشق وحمص، وذلك بعد يومين من استهداف غارة إسرائيلية مماثلة على مواقع غربي بلدة حضر شمالي القنيطرة.

ونقلت "سانا" عن مصدر عسكري، في وقت متأخر من مساء أمس، الخميس 19 آب/أغسطس، أن رشقات صاروخية أطلقتها طائرات إسرائيلية في الساعة الحادية عشر و3 دقائق من أجواء جنوب شرقي بيروت استهدفت بعض النقاط في محيطي دمشق وحمص.

لم تحدد الوكالة المواقع المستهدفة، وأكتفت بالقول إن "وسائط الدفاع الجوي تصدت للعدوان وأسقطت معظم صواريخه".

حرب طهران وتل أبيب

كما لم يعلن الجيش الإسرائيلي مسؤوليته، كعادته في معظم هذه العمليات العسكرية، التي يطلق عليها اسم "معركة بين حروب" ضد أهداف إيرانية في سوريا لمنع طهران من تأسيس موضع قدم لها في سوريا ومنع استنساخ تجربة "حزب الله" في الجنوب السوري.

في الشهور الأخيرة، امتدت عمليات "معركة بين حروب" إلى مياه الخليج وبحري الأحمر والمتوسط من خلال استهداف متبادل لناقلات النفط بين طهران وتل أبيب.

ونادراً ما تعلن إسرائيل عن عمليات "معركة بين حروب" وتعتمد "السرية" في تنفيذها لإضفاء نوع من الإرباك والغموض عليها، للتهرب من تحمل المسؤولية القانونية أمام المجتمع الدولي الذي تسعى تل أبيب لتحريكه ضد طموحات إيران النووية ومشاريعها التوسيعية في الشرق الأوسط.

وتأتي الغارة الإسرائيلية الأخيرة بعد ساعات من إعلان الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصر الله، عن إبحار سفينة إيرانية تحمل نفطاً إلى لبنان، محذراً الأميركيين والإسرائيليين من التعرض لها بقوله "إن السفينة تعتبر أرضاً لبنانية".

انفجارات مدوية

بحسب وكالة الأنباء الدولية " أسوشيتد برس"، فإن ما لا يقل عن خمسة انفجارات مدوية هزت المباني في مدينة دمشق، على مدار 15 دقيقة، بالتزامن مع إعلان "سانا" عن غارات إسرائيلية استهدفت مواقع في محيطي حمص والعاصمة من فوق الأجواء اللبنانية.

ومن جانبه ذكر موقع "صوت العاصمة" أن انفجارات "عنيفة" هزّت محيط دمشق، وسط إطلاق مكثف للمضادات الأرضية من ثكنات النظام العسكرية في جبل المانع واللواء 91 التابعين للفرقة الأولى، ومن مطار المزة وجبل قاسيون.

كما أظهر مقطع مصور بثه ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، منتصف ليل الخميس – الجمعة، تصاعد أعمدة اللهب من محيط مدينة قارة بالقلمون الغربي في ريف دمشق، ويتوقع أن المقطع صوّر من إحدى تلال بلدة عرسال اللبنانية المطلة على مدينة قارة.

وأفادت قناة "الجديد" اللبنانية سقوط صاروخين في منطقة القلمون على الحدود اللبنانية السورية، مما تسبب بالذعر والرعب لدى مواطنين في بعلبك بعد سماعهم أصوات الانفجارات.

احتجاج لبناني

أثار استخدام الأجواء اللبنانية لشن هذه الغارة ردود فعل غاضبة من قبل الحكومة اللبنانية، لما سببته من تعطيل جزئي لحركة الطيران المدني في مطار رفيق الحريري جنوبي بيروت.

ونقلت قناة "MTV" اللبنانية عن رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، بأنه طلب من نائبة رئيس الوزراء ووزيرة الدفاع زينة عكر تقديم "شكوى عاجلة" ضد إسرائيل لانتهاكها سيادة لبنان، وتهديد سلامة الطيران المدني وحياة الركاب المدنيين.

وبحسب وكالة رويترز، اضطرت طائرتان مدنيتان كانتا في طريقهما إلى بيروت إلى تحويل مسارهما لفترة وجيزة خلال الغارة الإسرائيلية.

قال المدير العام لهيئة الطيران المدني اللبنانية، فادي الحسن، إنه خلال الضربة الجوية اضطرت طائرة تابعة لشركة طيران الشرق الأوسط اللبنانية (MEA) قادمة من أبو ظبي، وأخرى تابعة لشركة بيغاسوس التركية (Pegasus) إلى البقاء في المجال الجوي السوري لنحو 10 دقائق قبل هبوطهما في بيروت.

ونددت عكر بالهجوم الإسرائيلي بقولها، إنه "انتهاك فاضح" للمجال الجوي عبر التحليق بعلو منخفض، مما تسبب في حالة من الذعر بين المواطنين. وأرسلت الوزيرة اللبنانية رسالة شكوى إلى الأمم المتحدة تدعوها لمنع إسرائيل من استخدام أجواء بلادها لشن هجمات على سوريا.

كما أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية "الوطنية للإعلام"، أن الرئيس اللبناني ميشال عون أبلغ المنسقة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في بيروت جوانا رونيسكا، بأن "اختراق الطائرات الإسرائيلية ليل أمس للأجواء اللبنانية، انتهاك جديد للسيادة اللبنانية وللقرار 1701"، داعياً لتحرك دولي لمنع تكراره.

لم تكن هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها إسرائيل الأجواء اللبنانية لشن غارات داخل الأراضي السورية، وجرت العادة أن تنفذ معظمها من الأجواء الشمالية اللبنانية فوق مدينة طرابلس ومنطقة البقاع قادمة من فوق البحر المتوسط، وأحياناً تشنها من أجواء الجولان السوري المحتل.

الثانية في يومين

وهذه الغارة الإسرائيلية هي الثانية خلال أقل من 48 ساعة، بعد استهداف طائرات إسرائيلية بصاروخين لموقعين غربي بلدة حضر شمالي القنيطرة في مساء الثلاثاء الماضي.

وأشارت تقارير إعلامية أن الغارة على بلدة حضر، القريبة من مجدل شمس في الجولان السوري المحتل، استهدفت موقعين عسكريين أحدهما تابع لـ "حزب الله" والميليشيات الإيرانية والآخر للواء 90 التابع لقوات النظام السوري حيث يقع مكتب قائد اللواء العميد حسين حموش.

وبعد ساعات من تلك الغارة ألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات تحذيرية في المنطقة تحذر جنود النظام من التعاون مع "حزب الله"، وتهدد قوات النظام التي تسمح لعناصر الحزب والميليشيات الإيرانية بالعمل داخل قواعد "اللواء 90".

 

imgid=59512_X.jpeg
منشورات أطلقتها طائرات إسرائيلية على القنيطرة، 17 آب/أغسطس 2021 (قناة كان الإسرائيلية)

 

وحددت المنشورات الإسرائيلية اسم مسؤول "حزب الله" في الجنوب السوري "جواد هاشم"، الذي تتهمه تل أبيب بالعمل على التنسيق بين الميليشيات الإيرانية وقوات النظام لتطوير قدرات المراقبة والرصد في المنطقة.

وحملت المنشورات، التي كتبت باللغة العربية، صورة مضللة لطائر النسر، وهو رمز "فرقة باشان 210" في الجيش الإسرائيلي، وصورة لموقع القحطانية الذي تقول إسرائيل بأنها دمرته في 17 حزيران/يونيو الماضي، بحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل".

لم يتغير شيء

وفي 22 تموز/يوليو الماضي، استهدفت صواريخ إسرائيلية مواقع عسكرية تابعة لـ"حزب الله" في محيط مطار الضبعة بمنطقة القصير غربي حمص، وذلك بعد يومين من هجوم مماثل على جنوبي حلب في منطقة السفيرة.

استهدف الهجوم على السفيرة "مركزاً للأبحاث" بحسب وسائل إعلام النظام و"حزب الله"، في حين تقول التقارير الإسرائيلية إن الهجوم استهدف منشأة لإنتاج الصواريخ الدقيقة وهي جزء من المشروع الإيراني في سوريا لتطوير دقة الصواريخ لمواجهة إسرائيل.

 وتأتي الغارات الإسرائيلية الأخيرة في ظل تقارير إعلامية تتحدث عن تغيير موسكو، حليفة الأسد، استراتيجيتها في التعاطي مع الضربات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، وبأنها ستغلق الأجواء السورية ولن تسمح لتل أبيب بحرية التحرك، بعدما كانت تلتزم الصمت حيال تلك الهجمات.

في 24 تموز/يوليو الماضي، لأول مرة تخرج روسيا من صمتها على الضربات الإسرائيلية وأصدرت وزارة الدفاع الروسية بيانين منفصلين تعليقاً على ضربتين سابقتين، متفاخرة بأن منظومات الدفاع التي استخدمها النظام لإسقاط الصواريخ الإسرائيلية كانت روسية، الأمر الذي قُرئ على أنه "تغيير في قواعد اللعبة" من دون إيضاحات من أي طرف من الأطراف المتشابكة على الأرض السورية.