icon
التغطية الحية

يهدد مصدر دخل مئات الصيادين.. ما سبب نفوق مئات الأسماك شرقي حلب؟ |صور

2024.04.28 | 19:53 دمشق

آخر تحديث: 29.04.2024 | 11:05 دمشق

قث
نفوق قرابة 2000 سمكة شرقي حلب - تلفزيون سوريا
حلب ـ حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

تطفو مئات الأسماك الميتة على سطح بحيرة سد الساجور الواقع في ناحية الغندورة في ريف حلب الشرقي منذ مطلع نيسان الجاري، لأسباب مجهولة، ما يهدد الثروة السمكية في الشمال السوري، فضلاً عن تضرر مئات العاملين في مهنة صيد السمك وتجارتها.

تضرر العاملين في مهنة الصيد

تعتمد نسبة كبيرة من الأهالي في الشمال السوري على مهنة صيد الأسماك كمصدر دخل معيشي بغية إعالة أسرهم، حيث تسبب نفوق آلاف الأسماك (غير الطبيعي) في البحيرة ومجرى نهر الساجور في فقدان مصدر دخلهم لأكثر من أسبوعين على التوالي.

وزار موقع "تلفزيون سوريا" بحيرة سد الساجور في ناحية الغندورة، حيث التقى خلال الجولة الميدانية عدداً من صيادي السمك والأهالي والعاملين في رعي الأغنام على ضفاف النهر، ممن أكدوا نفوق مئات الأسماك خلال الأيام القليلة الماضية.

وقال غازي سلو -يعمل صياد سمك على ضفة بحيرة سد الساجور- في بلدة الغندورة لموقع "تلفزيون سوريا": "تعتبر مهنة صيد السمك المصدر الوحيد لإعالة أسرتي المكونة من 14 شخصاً، حيث أجني من عملي في الصيد متوسط دخل شهري يتراوح بين 100 و150 دولاراً أميركياً".

وأضاف: "أن نفوق الأسماك بشكل غير طبيعي في البحيرة تسبب في توقف عمله في صيد السمك لأكثر من 20 يوماً على التوالي، لأن الأسماك التي كان يصطادها تظهر عليها علامات تسمم واضحة، وهذا على غير عادة الأسماك الطبيعية".

وأكد أن الضرر لا يقتصر عليه، لأن مئات الصيادين في المنطقة يعملون في مهنة صيد السمك، بالإضافة إلى عشرات التجار من محال وباعة جوالين يشترون منهم الأسماك لبيعها في أسواق مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي.

أما الشاب محمد رسلان يعمل مياومية (أجر يومي يحصل عليه لقاء العمل في الصيد) مع أحد الصيادين في بحيرة سد الساجور، لكنه الآن يحاول استعادة عمله مجدداً بعد توقف استمر لأكثر من عشرين يوماً على التوالي، إذ أكد نفوق مئات الأسماك التي ظهرت على سطح البحيرة، وعلى ضفاف مجرى نهر الساجور.

وقال خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" إن نفوق الأسماك في بحيرة الساجور ساهم في مضاعفة سوء الأحوال المعيشية، لأنه يتقاضى أجراً يومياً وفي حال توقفه عن العمل فإنه لا يحصل على الأجر، وأضاف أن "أجره اليومي يتراوح بين 75 و100 ليرة تركية، وبالكاد يغطي احتياجات أفراد أسرته المكونة من أربعة أفراد".

وتحتوي بحيرة سد الساجور على نوعين رئيسيين من الأسماك هما الكرب والبوري، وكميات قليلة جداً من نوعي السمك تريس وكرسين، بينما يبلغ سعر الكيلوغرام من البوري (حبة ناعمة ) 30 ليرة تركية، أما سمك البوري (حبة خشنة) 50 ليرة تركية، في المقابل يتراوح سعر الكيلوغرام من سمك الكرب حسب الحجم بين 80 و120 ليرة تركية.

مطالب ومخاوف الأهالي من نفوق الأسماك

طالب الأهالي الجهات الرسمية (المجالس المحلية - الحكومة السورية المؤقتة) بإجراء تحقيقات وتحاليل مخبرية شاملة للمياه والأسماك الميتة بهدف معرفة أسباب نفوقها، بغية اتخاذ إجراءات مناسبة تهدف إلى منع تكرار الحوادث وحماية الثروة المائية والسمكية التي يعتمدون عليها.

وفي أعقاب ذلك، حذر الأهالي في منطقة الغندورة من خطورة أكل الأسماك التي تطفو على ضفاف النهر وسطح مياه البحيرة، خوفاً من احتوائها على مواد سامة، لا سيما أنه مضى على نفوقها عدة أسابيع.

ورجح عدد من الصيادين الذين تحدثنا إليهم أن سبب نفوق الأسماك يعود إلى تلوث مياه النهر والبحيرة نتيجة تفريغ مخلفات مصانع ومعامل في مياه النهر، وهي مواد كيماوية تقلل نسبة الأوكسجين في الماء ما يؤدي إلى اختناق الأسماك.

فيما اعتبر آخرون إلى أن الأسماك مصابة بفيروس أو بكتيريا فطرية، بعدما ظهر عليها آثار غريبة تشير إلى إصابتها بعدوى مرضية، إلا أن الصياد غازي سلو أكد خلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أن موت الأسماك كان فجأة، وبدأ مطلع نيسان الجاري، حيث ظهر على السمك كأنها مخدرة، وبعد أيام بدأت تطفو على سطح البحيرة ميتة كلياً.

كما أوضح أحد رعاة الأغنام (مهجر من مدينة حمص إلى الشمال السوري ويقيم في قرية الفرسان)، أنه بدأ يلاحظ موت الأسماك بأحجام مختلفة قرب ضفاف النهر، منذ ثلاثة أسابيع تقريباً، وهي حالة موت غير طبيعية ولم تحصل سابقاً في المنطقة، حسب مشاهدته.

وزارة الزرعة تكشف أسباب نفوق الأسماك

رافق موقع "تلفزيون سوريا" فريق وزارة الزراعة في حلب التابعة للحكومة السورية المؤقتة، ومكتب الزراعة في المجلس المحلي لبلدة الغندورة، خلال جولة ميدانية تهدف إلى الكشف عن أسباب نفوق مئات الأسماك في بحيرة سد الساجور.

وفي أعقاب الكشف عن حالات الموت غير الطبيعة للأسماك في بحيرة سد الساجور، أجرى فريق وزارة الزراعة جولة على مجرى النهر وصولاً إلى الحدود السورية - التركية، وأخذ الفريق عينات من الأسماك ومياه البحيرة والنهر لإجراء تحاليل مخبرية.

ونفى فريق وزارة الزراعة تعرض الأسماك للأمراض، فيما رجح الفريق خلال الجولة الميدانية أن سبب نفوق الأسماك يعود إلى استخدام الصيادين الكهرباء (الصعق الكهربائي) والذي يضر الكائنات الحية في النهر والبحيرة، ما يؤدي إلى شلل الأسماك، أو تفريغ مخلفات معامل ومصانع في الأراضي التركية ضمن مجرى النهر.

وكشف الفريق (مكون من مهندسين زراعيين وفنيين) بعد عمليات التحليل والتحري عن نقص الأوكسجين في ماء البحيرة والنهر، ما أدى إلى نفوق مئات الأسماك في بحيرة الغندورة، إضافةً إلى نفوق أعداد مماثلة من الأسماك في الأراضي التركية.

وقال المهندس الزراعي في مكتب الزراعة في المجلس المحلي لبلدة الغندور رزق الجدوع خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا" إن السيول والأمطار الغزيرة تسببت في نقص الأوكسجين في ماء بحيرة سد الساجور ما أدى إلى نفوق مئات الأسماك.

وأضاف أن ذروة نفوق الأسماك كانت خلال فترة عيد الفطر التي ترافقت مع منخفضات جوية وأمطار غزيرة.

واتخذ الفريق عدة إجراءات في إطار الحفاظ على الثروة السمكية في ريف حلب الشرقي، تبدأ بالتخلص من الأسماك النافقة، وتوزيع علف للأسماك في البحيرة، حسب مدير مديرية زراعة حلب حسن الحسن.

وقال الحسن خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": "إن وزارة الزراعة بالتعاون مع المجلس المحلي في بلدة الغندورة اتخذت عدة قرارات وهي: منع الصيد من بداية نيسان حتى نهاية تموز من كل عام، إضافةً إلى منع الصيادين من استخدام الكهرباء والسم في الصيد".

وأضاف أنه سيتم توجيه ندوات إرشادية حول أهمية الثروة السمكية وسبل الحفاظ عليها كونها تعد مصدر رزق للعديد من الأسر الفقيرة، فضلاً عن العمل على استزراع أنواع مختلفة من الأسماك في البحيرة، وإجراء جولات دورية لزيارة البحيرة.

أهمية نهر وبحيرة الساجور

ينبع نهر الساجور (يبلغ طوله 108 كم) من الأراضي التركية، ويخترق الحدود السورية عند قرية عرب عزة، ويسير ضمن عدة قرى وبلدات وهي الفرسان، الكنو، قبة التركمان، ليلوة، قنطرة، بلدة الغندورة، حيث يتشكل (سد الساجور) ومنها إلى قرى السويدية، غنمة، عرب حسن، التوخار، قيراطة، وصولاً إلى قرية الهوشرية حيث يصب في نهر الفرات.

تعتبر الهطولات المطرية أساساً في ازدياد وانخفاض منسوب مياه النهر، حيث يفيض خلال فصل الشتاء وتقل نسبة المياه خلال فصل الصيف، ما استدعى إقامة سد الساجور خلال عام 2005، بهدف الاستفادة من المياه في ري المحاصيل الزراعية على جانبي النهر والبحيرة.

تقدر نسبة الأراضي الزراعية المروية من نهر وبحيرة الساجور بنحو ثلاثة آلاف هكتار زراعي، حيث يزرع أهالي المنطقة على ضفاف النهر من الزراعات الشجرية الحور، الصفصاف، السمسم، الزيتون، الفستق الحلبي، الكرمة، إضافةً إلى الذرة الصفراء، والخضروات الشتوية والصيفية، والمحاصيل الزراعية الموسمية مثل القمح والشعير، والبقوليات والحبوب العطرية، وتروى معظمها من خلال استجرار المياه باستخدام مضخات مائية.

وتبلغ مساحة بحيرة سد الساجور قرب بلدة الغندورة نحو 178 هكتارا، ويصل تخزينها الأعظمي من الماء إلى نحو 9 مليون و774 ألفاً و250 مترا مكعبا، وتشكل أبرز مصادر الثروة السمكية في الشمال السوري، وتعتمد نسبة كبيرة من أهالي القرى والبلدات على صيد السمك كمصدر دخل معيشي يعينهم في التغلب على مشاق الحياة اليومية.